رعية مار يوسف للسريان الكاثوليك .. تورنتو ـ كندا الأب يوسف عبا
زيارة السفير العراقي د. عبد الرحمن حامد الحسيني لكنيسة مار يوسف للسريان كاثوليك تورنتو – كندا في 17 تشرين الأول 2010 --------------------- يوم الأحد المصادف 17 تشرين الأول 2010 وفي الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر الأحد وبعد القداس مباشرة استقبلت رعيتنا وبحفاوة بالغة الضيف الكريم الدكتور عبد الرحمن الحسيني سفير جمهورية العراق الجديد في كندا وكان في استقباله عند مدخل الكنيسة الخوراسقف يوسف عبا كاهن الرعية واعضاء المجلس وعدد كبير من ابناء الجالية العراقية في تورنتو وتغيّب عن الحضور الأب ثائر عبا لذهابه الى مدينة كامبرج لأقامة القداس لأبناء الرعية هناك . وبعد أن رحبّ رئيس مجلس الرعية الدكتور باسل بهنام بالضيف الكبير القى الأب الخوري يوسف عبا كلمة قيّمة ترحيبية بالزائر العزيز هذا نصّها
سعادة سفير جمهورية العراق الدكتورعبد الرحمن الحسيني المحترم أيتها السيدات والسادة المحترمون
باسمي وبالنيابة عن ابناء وبنات هذه الرعية المباركة ، نهنئك اولا بتعيينك سفيرا جديدا لجمهورية العراق في كندا ونقول لك أهلا وسهلا بين اهلك واحبائك العراقيين في رعية مار يوسف للسريان الكاثوليك متمنيين لك ولعائلتك طيب الاقامة ليعطيك الرب الصحة والعافية لادارة شؤون العراقيين في هذا البلد. نحييك من الأعماق ايها الاستاذ العزيز يا رمز العراق الشامخ ونشكر لك زيارتك التاريخية لكنيستنا التي تعبّر عن سمو محبتك وقلبك الطيّب الوسيع للتعرف على كل الجالية العراقية في كندا بكل اطيافها وطوائفها وقومياتها لتأمين حاجاتها ومتطلباتها .
سعادة السفيرالدكتور الأستاذ عبد الرحمن الحسيني رعية مار يوسف للسريان الكاثوليك التي انت اليوم بين حناياها تتكون من ابناء شعبك العراقي ابناء وأحفاد سكان ارض الرافدين الأصليين والذين كانوا في اساس وجود الشرق منذ ما قبل الاسلام وهم جزء لا يتجزأ من التكوين الثقافي والأدبي والعلمي للحضارة الاسلامية وروّاد النهضة العربية الحديثة الذين حافظوا على لغتها . نعم أصحاب الحضارة الذين ساهموا ومنذ القرن الأول للميلاد ببناء العراق حضاريا واجتماعيا وثقافيا والذين كانوا دوما وعلى مدى العصور صفا واحدا مع اخوانهم العرب والمسلمين يدافعون عن كرامة العراق وسيادته واستقلاله ضد الأعداء والطامعين .
سعادة السفير المحترم المسيحيون في العراق وطنيون ينتمون الى قوميات عربية وسريانية ، عاشوا بوحدة مترابطة منذ عصور سحيقة ، دانوا بالمسيحية في بداية القرن الأول الميلادي وامتزجوا بين العرب في العراق وفي مدنه ، البصرة وميسان والحيرة والمدائن والأنبار وعاقول والموصل وغيرها وبين قبائله العربية : العباديين والمناذرة وعلى راسهم الملك النعمان بن المنذر ، وبني عجيل ومنهم حنظلة بن ثعلبة بن سيّار العجلي الذي قادهم في ذي قار مع باقي القبائل المسيحية مثل بكر بن وائل والأياديين وبني لخم والتغالبة وبني النمير وطي وغيرهم . ظل المسيحيون العرب والسريان وحدة موحّدة تجمعهم مفريانية تكريت او جثلقة ساليق حتى الفتح العربي الاسلامي لبلاد ما بين النهرين حيث استقبل مسيحيو المنطقة بحماس وتفاؤل العرب الفاتحين وذلك لاستياء المسيحيين من ظلم الروم وتدخل الحكام في شؤونهم الخاصة حتى الدينية منها فاعتبروا العرب الفاتحين ، ساميين مثلهم ، محررين لا غازين وفتحوا لهم مدنهم في تكريت والموصل . ولنا في هذا الصدد شهادة قيّمة لميخائيل الكبير البطريرك السرياني حيث يقول : عندما راى الله شرور الروم الذين لجاؤا الى القوة فنهبوا كنائسنا وسلبوا اديارنا وانزلوا بنا العقاب في غير رقة ولا شفقة ارسل ابناء اسماعيل من بلاد الجنوب ليخلصونا من قبضة الروم ، وكذلك شهادة البطريرك ايشوعياب الحديابي اذ يقول: ان العرب الذين مكنهم الرب من السيطرة على العالم يعاملوننا كما تعرفون : انهم ليسوا باعداء النصرانية بل يمتدحون ملّتنا ويوقرون قسيسينا وقديسينا ويمدون يد العون الى كنائسنا وأديرتنا. على اساس هذه الثقة حاربت القبائل العربية المسيحية جنبا الى جنب مع الفاتحين وهذا التعاون هو الذي اثر في الواقع على المسلمين في اتخاذ موقف ايجابي مشرّف من المسيحيين . وهكذا فان التفاعل الحضاري بعد الفتح العربي حيث لم تقف الكنائس الشرقية المختلفة متفرجة ، سجينة ماض ولّى ، بل راحت تعمل جاهدة للتعبير عن ذاتها وفق الظروف الجديدة ، فدخلت اللغة العربية تدريجيا في مجالات حياتها الطقسية والفكرية والتداول اليومي . كما ولم يكتف المسيحيون باتخاذ اللغة العربية كأداة تعبير في طقوسهم وثقافتهم ومعاملاتهم اليومية بل تعدّوا ذلك الى الاهتمام بالشأن الثقافي والحضاري العام ، فأسهموا اسهاما فعالا سواء عن طريق الترجمة أو التأليف في خلق صيغة رفيعة للتعاون الحضاري مع اخوانهم المسلمين ، ممّا يعتبر نموذجا حضاريا جديرا بالفخر وصورة من الصور المشرقة للتعايش المشترك . وقد ادّى هذا التعاون الى قيام حضارة عربية اصيلة مدّت الثقافة الانسانية بديناميتها وغناها بقرون عديدة مرورا بالعصور الاسلامية الثلاثة : الراشدي والأموي والعباسي التي تبوأ فيها المسيحيون مناصب مهمة في الدولة فكان منهم : وزراء وكتّاب وولاة وأطباء وأساتذة وفلاسفة وأمناء مكتبات ولنا في هذه المجالات قائمة طويلة من الأسماء المضيئة في التاريخ العربي أمثال آل بختيشوع أطباء دار الخلافة والخلفاء ، وحنين ابن اسحاق وابنه ، وأولاد ماسويه يوحنا وميخائيل ، وابن الطيّب وابن التلميذ وقسطا بن لوقا وصاعد بن توما وابن بطلان ويحي بن عدي التكريتي وغيرهم . أما في عصر النهضة الحديثة فكان المسيحيون اسوة باخوتهم المسلمين من رواد تلك النهضة الثقافية والسياسية في الوطن العربي عامة وفي العراق خاصة . والتي ما نزال ننهل من معينها حتى اليوم . ومن صور هذا التاريخ القريب صورة الالتحام الوطني في مقاومة الاستعمار والاحتلال الأجنبي . وتمر أمامنا قافلة من رواد الثقافة والفكر بدءا من المطران يوسف داؤد رائد المدرسة العراقية المنهجية الحديثة بالموصل والبطريرك بهنام بني الذي فضح دسائس القناصل الأجانب في اثارة الفتنة بين ابناء الوطن الواحد ، والبطريرك افرام رحماني والبطريرك افرام برصوم اللذان شرحا باسهاب القضية العربية ودافعا عنها بصلابة في مؤتمر باريس والبطريرك عمانوئيل الذي وقف موقفا وطنيا صلبا ممّا حمل القائد البريطاني لجمن أن يصدر امرا بنفيه عن الموصل بعد الاحتلال مباشرة . ومن الصور القريبة جدا موقف المسيحيين عامة من مسالة الموصل بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى والتي اثارتها الحكومة التركية . كيف ان المسيحيين أصرّوا على الارتباط بالحكم الوطني العراقي وهم ينادون بلسان رؤسائهم الدينيين والروحيين أيام استقبالهم الملك فيصل والأمير زيد : قائلين " ان الموصل هي رأس العراق والرأس لا ينفصل عن الجسم " هذا الشعار ظل المطران جرجس قندلا وكان يومئذ كاهنا ومعلما في مدرسة الطاهرة للسريان الكاثوليك بالموصل ، ظلّ يكتبه يوميا وبخط عريض على لوحة الاعلانات الى حين اعلان عراقية الموصل الأصيلة . بناء على ما تقدّم يخبرنا التاريخ بأن المسيحيين كانوا ولا يزالون يمتازون بالولاء والأمانة والوفاء والاخلاص والانتماء الأصيل لبلدهم العراق العظيم لا يطلبون فيه غير المساواة والعيش المشترك. غير أن ما يحّز في نفسنا أن نجد اليوم من اصحاب النفوس الضعيفة الذين جاؤا من خارج الحدود وزرعوا الفتنة والانقسام بين ابناء الشعب العراقي الواحد وكان نصيب المسيحيين منهم القتل والاضطهاد والاستيلاء على ممتلكاتهم مما اضطرّهم مرغمين الى الهجرة والتشتت في بلاد الاغتراب . باسمي وباسم أبناء وبنات هذه الرعية نعلن ولاءنا وحبنا وانشدادنا لوطننا الأم العراق العظيم ونقف صفا واحد مع كل الخيرين والطيبين لرفع اسم العراق عاليا في مجتمعاتنا الجديدة ونشجب بشدة جميع المحاولات الأجنبية التي تهدف الى تقسيم بلدنا العراق الى فئات وطوائف على اساس العرق والدين والقومية واللغة ونقول اننا نحن المسيحيين كما هو الحال عن المسلمين، الذين نشانا على ارض العراق الطيبة ونعمنا بخيراتها الوفيرة كنا ولا زلنا جزءا عضويا أصيلا من هذا الوطن الواحد واننا عراقيون قبل اي اعتبار آخر مهما ابتعدنا عنه . نسأل الله عزّ وجل من اجل الرؤساء والقادة السياسيين والدينيين ليوفقهم الله ويدعوهم للمصالحة الحقيقية ونناشدهم للعمل المشترك لبناء عراق ديمقراطي حر وللمحافظة على وحدته وأمنه واستقلاله وتشكيل حكومة شراكة وطنية باسرع وقت ممكن تشارك فيها كل الشرائح والأطياف والقوميات والمذاهب والأحزاب لينعموا بالمحبة والأخوة والسلام ليبقى العراق رمزا للتعايش السلمي المشترك للجميع عربا واكرادا واقليات لما فيه خير الوطن والمواطنين. نشكركم سعادة السفير الدكتور عبد الرحمن الحسيني مرة اخرى لسعة صدرك ومحبتك وتكريسك من وقتك الثمين للاجتماع بنا في هذه الزيارة التاريخية الميمونة والذي كان سلفك الأستاذ هاوارد زياد قد زارنا وحضر مشكورا افتتاح كنيستنا هذه عام 2005 . فاهلا وسهلا باستاذنا العزيز الدكتور عبد الرحمن الحسيني سفير جمهورية العراق بين اخوانك وابناء شعبك متمنين لك كل الموفقية في عملك الجديد الى ما فيه خير المواطنيين العراقيين في هذا البلد . الخوراسقف يوسف عبا خوري الرعية
وقد استمع سعادته الى بعض مشاكل الجالية بخصوص تأخير المعاملات وصعوبة الحصول على الوثائق العراقية ، فقد وعدهم خيرا بالعمل على حلها ، وان باب السفارة مفتوحا لكم جميعاً للتداول في انجع السبل في حلها . فبالنسبة لعملية صدور الجواز العراقي الجديد فقد استطاع سعادته استحصال موافقة الجانب الكندي على تنصيب المنظومة الالكترونية في مقر السفارة في اوتاوا والتي في حالة اتمام تثبيت المعدات اللازمة لها ، سيكون بامكان اصدار الجواز العراقي بايام معدودة ومن دون تأخير كما تطرق الى المشاكل التي يعاني منها العراقيون وخاصة استحصال الكفالات واجراء معاملات التقاعد وغيرها ووعد بتنفيذ ومساعدة الجميع في احتياجاتهم .
|