بمناسبة صدور وثيقة العمل لسينودس الأساقفة استعدادا لانعقاد الجمعية العامة في ختام السنة القربانية ( الاجهاض والمناولة المقدسة ) القس : يوسف عبا تورنتو ـ كندا الافخارستيا : ينبوع وذروة الحياة المسيحية بمناسبة السنة القربانية وصدور وثيقة عمل من قبل سينودس اساقفة الكنيسة الكاثوليكية بعنوان : الافخارستيا : " ينبوع وذروة حياة ورسالة الكنيسة " . قال يسوع لتلاميذه في العشاء السرّي هذه الكلمات عن الخبز والخمر الذي حولّهما لجسده ودمه: « خُذُوا، كُلُوا: هَذَا هُوَ جَسَدِي!» ثُمَّ أَخَذَ الْكَأْسَ، وَشَكَرَ، وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: «اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ. فَإِنَّ هَذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ وَالَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا. » (متى: 26-28) القديس غريغوريوس النصيصي يقول :"السقوط أدخل إلى طبيعتنا الإنسانية بذار الموت . المسيح أخذ على عاتقه الإنسانية الساقطة وأدخل إليها بذار الحياة "المعمودية" وقوة الحياة "الافخارستيا " للانتصار على الموت وتأسيس مبدأ توحيدها وعدم فسادها . المسيح بإعطائنا جسده على يد الكاهن ، يعطينا الحياة ويصل بنا مجدداً إلى الله الآب ، بجعلنا خليقة جديدة ، (2قرنتس: 5/16) تشاركه بالخلق والخلاص. وهو يُجدد فينا الحياة الروحية ، وبالتالي الحياة الجسدية لأن الإنسان جسد وروح . سر القربان : سر عظيم ذكرى موت المسيح وقيامته ، هو سر التقوى وعلامة الوحدة ورباط المحبة الذي هو ايضا وليمة فصحية تفيض علينا بالنعمة وتعطينا عربون المجد الالهي . يسوع الاله هو الانسان معنا في سر المحبة ينتظرنا ويسرّ بلقائنا اثناء الليل واطراف النهار هو الخبز الحي الذي يغذي نفوسنا ، نطلب منه احتياجاتنا ونشترك في ذكرى آلامه . والبقاء معه ليس تضييع الوقت بل فرصة مباركة لمزيد من التامل لاستمداد القوة والانوار ولاستمرار البركات من قلبه الكريم . هذا هو جسدي ... يعطينا حياته الالهية لنقوى على الشر والسير في هذه الحياة الصعبة . هناك آفات معدية في عالمنا تكسر هذه الوحدة مع يسوع وتقدّم لنا سموما تقتل حياتنا .. يسوع يعطينا الحياة الأبدية . بينما العلمانية الجديدة التي يتغنّى بها عالمنا اليوم ليست الا لتحطيم حياة الانسان وتفكيك الاسرة وفساد الاخلاق وتدمير صحة الانسان . من يعطي حبوب الإجهاض ، ومنع الحمل الاصطناعية ، يعطي السم والموت ويفصل مجدداً الإنسان عن خالقه وعن شريكة حبه ، كما فصلتنا الخطيئة الأصلية عن الله على يد آدم وحواء في بداية الكون (تك: 3) . هكذا يحصل اليوم . تفصل طرق منع الحمل الاصطناعية الأزواج عن بعضهم البعض ، وتغيب العدالة الأصلية . فمن يعطي طرق منع الحمل الاصطناعية وحبوب الإجهاض ، يُجمّد بالنتيجة قدرة المشاركة بالخلق ، لأنها تُقَتل الحياة ، وتطرَدْ إرادة الله خارج الأزواج والبيت . فكما طَرَدَ الله الإنسان من الفردوس هكذا طرق منع الحمل وحبوب الإجهاض تَطرد الله خارج غرف النوم ، والعائلة ، وإنَها تَخلُقْ حضارة جديدة أساسها الفساد والخطيئة . وكما كان موت الإنسان الأول بالأكل ، هكذا يكون تدمير قدرة الإنجاب ، وموت الحياة بالإنسان الحاضر بأكل حبوب منع الحمل الاصطناعية ، والحبوب المجهضة . فالمسيح يريد أن ينتشلنا من الخطيئة ، ومن يعطي حبوب منع الحبل الاصطناعية يريد أن يغرّقنا بالخطيئة من جديد . حبوب منع الحمل الاصطناعية تجمّد قدرة المشاركة بالخلق ، بينما حبوب الإجهاض تدمر الحياة مباشرةً. (حبوب منع الحبل الاصطناعية هي "باب للإجهاض") من الناحية الأخلاقية ، هما شران مختلفان إختلافاً نوعياً : فالأول ينافي حقيقة الفعل الجنسي ، بوصفه تعبيراً عن الحب الزوجي ، بينما الآخر يدمّر حياة كائن بشري . الأول ينافي فضيلة العفة الزوجية ، بينما الآخر يناقض فضيلة العدالة وينتهك مباشرة الوصية الإلهية " لا تقتل ". النساء اللواتي يأكلنّ حبوب الإجهاض ومنع الحمل ، يدّعونّ قبل تناولها "هذا هو جسدي" لا أحد يخصه بي This is my life. فهذه كذبة جديدة ، فالمرأة تأكل سم لا لتقتل نفسها ، ولكن الحياة في ضمنها أو تعقيم قدرتها على المشاركة بإعطاء حياة جديدة . بينما المسيح يقول :"هذا هو جسدي" فيعطينا الحياة وثمارها… فيسوع بالأفخارستيا هو الصلة بين الأزواج ، وبين الله ، بينما حبوب الإجهاض ، ومنع الحمل الاصطناعية هي الفاصل بين الأزواج وبين الله . فسرّ الزواج هو سرّ من أسرار الكنيسة السبعة وديمومته تتغذى من سرّ الأفخارستيا . تشريع استعمال حبوب منع الحمل ، هو رخصة للفساد والفحش الجنسي. المسيح في سرّ الأفخارستيا يعطي الحياة بجسده للكنيسة ، ويوحّدها بحضارة الحياة والمحبة ، وبذل النفس . بينما حبوب الإجهاض ، ومنع الحمل الاصطناعية تدفع الإنسان إلى الأنانية ، والتجزئة . فتغيّرت كل الحضارات الشرقية والغربية على السواء لحضارة واحدة ، وهي حضارة الفساد والفحش الجنسي وبالنتيجة الموت (الإجهاض، الكيماوي والجراحي…) ونلاحظ ذلك في الأغاني الحديثة بينما القديمة كان كلامها محتشم ، وتقي ، وبريء ، وكان الغزل بالعواطف بين الحبيب والحبيبة من أهم علامة على ذلك . بينما بالأغاني الجديدة مات فيها كل ذلك فهي تدعو إلى عيش الحياة الجنسية قبل الزواج وخارج الزواج ، وليس هنالك أي عائق بالتعبير عن الشعور إن كان صحيح أم غير صحيح . شاذ أو غير شاذ مستقيم أو غير مستقيم . فحبوب الإجهاض وطرق منع الحبل الاصطناعية هي الجواب لمثل هكذا شعور، وأي شيء غير ذلك فهو شيءٌ من القديم . بغض النظر عن ما هو خير للشخص الآخر وما هو مشرف للأخلاق وما هو ممجّد لله خالق الجميع . فكما كانت بداية الخطيئة المميتة بأكل المرأة أولاً وكان تغافل آدم أو إهماله أصبح موت حواء بالأكل ، كذلك إهمال رجال اليوم موت الحياة بالنساء ، باستعمالهنّ حبوب الإجهاض ، وطرق منع الحبل الاصطناعية ، هو عودة إلى الخطيئة الأصلية والفساد والموت من جديد . وتتطرقت وثيقة العمل لسينودس الأساقفة الى ما اسمته " بالظلال " المحدقة بسر القربان المقدس والتي تجرح في الصميم الشركة الكنسية ومن بين هذه الظلال ، انخفاض عدد المشاركين في قداس يوم الأحد لانعدام معرفتهم بمحتوى ومعنى سر القربان ، ولتفشي اللامبالاة الدينية ، خصوصا في البلدان التي اجتاحتها علمانية متوحشة حوّلت يوم الأحد كسواه من ايام الاسبوع العادية ، وحذّرت الوثيقة من ضعف تنامي الجماعات المصلّية والمتأمّلة والعابدة للسرّ الافخارستـي ، بالاضافة الى تفشي مخاطر تهدّد حقيقة العقيدة الكاثوليكية الثابتة بشأن تحوّل الخبز والخمر الى جسد ودم يسوع المسيح ، ناهيك عن الانفصام الحاصل بين الايمان المعبّر عنه بممارسة الاسرار والبعد الاخلاقي على الصعيدين الشخصي و الثقافي والاجتماعي . وتتضمّن الوثيقة تحذيرا قاسيا للمؤمنين الكاثوليك ، وهو أن كل كاثوليكي يسير علانية بخيارات اخلاقية كالاجهاض مثلا يكون في حالة الخطيئة المميتة الدائمة ولا يمكنه التقدّم من تناول القربان المقدس أثناء الذبيحة الالهية ، كما وتوصي الوثيقة جميع الكاثوليك بعدم انتخاب السياسيين الذين يدعمون علانية الاجهاض أو ما يهدّد الحياة البشرية والعدالة والسلام ، أو الرازحين تحت وطأة الفساد والتباين التام مع تعاليم الكنيسة الكاثوليكية . القس يوسف عب تورنتو 11 تموز 2005
|