في طُرق السعادة
أمراة ارملة وفقيرة تسكن بجانب عائلة مرموقة ومقتدره جدا، لهذه الامراة الفقيرة ابن وحيد يعمل اعمالا متعبه لعدة ساعات يوميا كيما يتمكن من الحصول على لقمة العيش له ولوالدته. هذه الامراة تلتقي كل يوم بجيرانها ولها علاقة طيبه بجميعهم ذلك لقلبها الطيب والكبير ونفسها المرحة. الكل يحبها لانها كانت تخدمهم جميعا وتخدم ايضا العائلة الغنيه التي هي بجنب بيتها، كان الكل يريد ان يتحدث معها لان احاديثها كانت جميلة ورقيقة وطبعها مفرح، كانت لا تتردد حينما يطلبون منها المساعدة في اي شيء أخر. اما هي فلم تطلب شيئا من احد قط!! اثارت الفضوليه في امراة الرجل الغني في معرفة هذا السر، فقالت لها: منذ سنين طويلة وانت تخدمين الجميع وتخدمينني ايضا وتلبين لي طلباتي كلما طلبت منك خدمة، أما انت فلم تطلبي مني اي شيء بالرغم من انك تعرفين جيدا بانه بامكاني مساعدتك وبامكاني ايضا ان اجد عملا افضل لابنك. فلماذا لم تفعلي ذلك؟ فانا اليوم اريد ان تطلبي مني اي مساعدة تحتاجين اليها. أو ان تبوحي لي بهذا السر، اي لماذا انت لم تطلبي اي شيئا من احد ولا مني؟ قالت المراة الفقيرة وبكل فرح والابتسامة تغمر وجهها: اشكرك جدا على اهتمامك بي، ليس في حياتي سرا ما، فانا لم انتبه يوما ما الى نفسي ولم اشعر يوما ما انني بضيق او بحاجة الى مساعدة، فلو كنت احتجت الى شيء لكنت اتيت اليك بالحال وطلبت. ان الرب منح لي نعمة كبيرة واشعر بسعادة كبيرة حينما اخدم واساعد الاخرين. فلا اريد ان اخسر هذه النعمة عندما ابدأ بطلب شيء من الاخرين.
انها قصة حقيقية وكم من قصص تشبهها. انها قصة كل انسان له قناعة فيما له، وقصة كل انسان يعرف ان يميز النعم الالهيه التي منحها الرب له. فلكل انسان نعمة من الرب ان يعرف ماهي وان يكتشفها. ان يسخرها من اجل الاخرين وان يعيش دوره في الحياة وان ياخذ موقعه في المجتمع. فالانسان الفقير والوحيد قد يكون له دورا اكثر فاعلية من اكبر الاغنياء.
انها لخسارة كبيرة للانسان عندما يتعلم ان يأخذ باستمرار وينسى بان العطاء هو المصدر الحقيقي لسعادته. انها لخسارة كبيرة للانسان الذي يفقد اهم المقومات الايمانيه في حياته وبالاخص فضيلة القناعة. فالحياة المسيحية تعلمنا ماهي القناعة وكيف يمكن الوصول الى درجة القداسة من خلال هذه الفضيلة التي لها درو كبير في بناء ايماننا حيث ان: القناعة تجعلنا نكتشف الله. القناعه تجعلنا نحب الاخرين لانه يسقط في داخلنا مفهوم الحسد. القناعة تجعلنا نشعر باننا اكثر الناس غناً. القناعة تجعلنا ان نعطي اكثر مما نأخذ. ان نعطي ونخدم ونحب مجانا.
الرب يسوع في الصلاة الربانية علمنا ان نقول: اعطنا خبزنا كفاف يومنا! انها السعادة الحقيقة عندما يكتفي الانسان بما له وبخبزه اليومي. اما الاسى والقلق فيصيب الانسان الذي لا يعرف ان يضع حدودا لرغباته وتطلباته. الانسان الذي يتعلم ان يعطي يتعلم بسهولة ان يكون قنوعا، اما الانسان الذي يريد ان يأخذ ويريد ان يملك فهذا لا يمكنه ان يكون قنوعا، اي انه لم يكتشف الله بعد، ولم يتذوق طعم السعادة ولم يعرفها بعد!
|