Museum

متحف

فنانونا السريان

فن

رياضة

أدب

أعلام

أرشيف الاخبار

منتديات السريان

منتديات بخديدا

موارد السريان

السريان

الحياة الروحية

نجد في كثير من الاحيان صعوبة في التوصل الى معرفة وادراك معنى الحياة الروحية بشكل متكامل. السبب في ذلك بسيط جدا؛ لانه ليس بالامكان ادراك ذلك عن طريق المعرفة والمنطق البشري ونحن غالبا ما نريد الوصول الى الحقائق وادراكها من خلال العقل فقط. لكن في حقيقة الانسان يتواجد بعد آخر وهو البعد الروحي الذي يمتلك تمام الاستقلالية عن البعد العقلي. فالعقل البشري وحده لايكفي في اعطاء مفهوما للروح اطلاقا.

احاول وبأسلوب بسيط تقديم هذا الشرح المختصر حول سر حياة الانسان الروحية، والذي يمكننا اعتباره السر الوحيد الذي تقوم من خلاله علاقة كل انسان مع الله.

ماهو الانسان وما هي مكوناته وابعاده؟ لم يكن مفهوم الانسان واضحا في القديم حيث كان عبارة عن كائن يولد، ينشأ ويتربى ثم الشيخوخة والموت. الانسان بحاجة الى الطعام والشراب والنوم وان يجّد في البحث عن طعام له... فالبشرية لم تكن تعرف اين هو الاختلاف بين هذا الكائن، اي الانسان، عن باقي الحيوانات. لان الطبيعة البايولوجية لكل منهما هي واحدة.

حاول الفيلسوف افلاطون لاول مرة في تقديم تعرفا للانسان مستخدما المنطق والفلسفة البشرية حيث قال؛ بان ما يختلف به الانسان عن الحيوان هو العقل. يدرك الفيلسوف كل الادراك بان لا اختلاف من الجانب البايولوجي بين الانسان وباقي الحيوانات لكن يضيف الصفة الوحيدة التي تميزه عن باقي الحيوانات الاخرى ألا وهي صفة العاقل!! اي التفكير والمنطق. فالعقل والمنطق يجعل الانسان يفكر ثم يقرر، اي يمتلك ارادة. وهذا يعني بان الانسان ليس عليه ان يبقى تحت حكم الغريزة وانما تحت حكم العقل. وهذا كان السبب في اعتقاده ايضا بان الانسان يتكون من المادة والروح، المادة تموت واما الروح لا تموت وانما تتحرر بعد موت الجسد.

لم تقف الفلسفة على تعريف الانسان بهذه السهولة وانما اعطت تعاريف كثيرة (لايمكنني ان اذكرها في مقاله واحدة) وستبقى تعطي اكثر من ذلك مادامت تعاريفها للانسان مستنبطة من العقل البشري المحدد سوف لن تفلح باعطاء معنأ متكاملا لهذا الكائن الغريب مهما سعوا في ذلك ومها تطورت الحياة.

من هو اذا القادر على اعطاء المعنى الصحيح لهذا المخلوق العجيب؟

ان الشيء الوحيد الذي يمكن من خلاله التوصل الى هذه الحقيقة هو الايمان! ابانا نوح وابراهيم واسحق ويعقوب و..... سمعوا صوتا يتحدث اليهم، صوتا اليه يجب الاصغاء، صوتا من العلى، صوتا ليس مثل باقي الاصوات. انما صوتا رقيقا يكلم الروح قبل الاذن ويدخل القلب قبل العقل ويجعل الانسان بحركة قبل التفكير. ذلك الصوت الذي يدخل الحياة ويصبح جزأ منها. صوت مسموع فقط لمن يجعل من اذانه صاغيه.

نقرأ في الكتاب المقدس بان الله خلق الانسان على صورته ومثاله. فلماذا خلقه على صورته ومثاله؟ من دون شك لانه اراد ان يتكلم معه ويفهمه، يقيم معه علاقة ويبادلها، كي يتخاطبا ويسمعا بعضا لبعض. هذه الصورة التي اراد ان يفسرها الانبياء واراد ان يفسرها العهد القديم للبشرية لكنهم لم يتمكنوا من ايصالها بحقيقتها الكاملة ولا الناس تمكنوا من ادراكها بالصورة المطلوبه. لكن بمجيء يسوع المسيح، الصورة الحقيقية التي جمعت في شخص واحد الانسانية والالوهية. هذا الانسان الاله الذي بموته وقيامته اعطى معنا للبشرية، انقذها وفداها كي لا تصبح تائهة في معرفة ذاتها. فقد عرفت معناها وادركت بانه ليس بالادراك وحده تستطيع ان ترى نفسها وصورتها وانما فقط من خلال اتحادها بالله يتكامل معناها، ويبقى الانسان هو الروح والجسد، يعمل وفق العقل والايمان، وفق المنطق والالهام.

فالحياة الروحية اذا تعني شمول الوجود الانساني في علاقة مع الله الخالق. الوجود الالهي في حياة الانسان، حيث لايعني ذلك اهمال المادة وانما تكاملها في اتحادها مع الروح الالهيه. اي بمعنى آخر؛ الحياة الروحيه هي الخضوع البشري المادي تحت السلطة الروحية الالهيه والتي تجعل الانسان ان يعيش ويتصرف وفقا لما يريده الروح (الروح القدس). 

فالانسان الذي لايشعر بانه في علاقة مع الله يبقى باحثا عن تلك القوة الروحية من دون ان يجدها. و يبقى حائرا في اعطاء تعريفا له وتعليلا لوجوده.

الاب باسم شوني