قراءة روحية من مار نرساي (+ 502) بمناسبة الجمعة العظيمة الموتُ والصليب
في وَسَطِ اللِّصَينِ صلبوهُ مثل فاعلِ شرٍّ، وإذ لم يُريدوا، خَتَموا على الامثالِ النبويةِ. اللِّصُ الذي عن اليمينِ قادهُ العجبُ الى التوبَةِ، فوبَّخَ رفيقَهُ بأن يتوقفَ عن التجديفِ. بأقوالٍ مَملوءَةٍ حُزناً توسّل اللِّصُ، فسأل الغُفرانَ لِيَجِدَ الرحمةَ في بيتِ الدين. بعينِ الوجدانِ الخفيةِ، رأى الملكوتَ الآتي، والى ربِّنا قال: "أهلني لأرى ملكوتك"! يا لَعَجبٍ! في لصٍ يُكَلِّمُ الارضيينَ: فالمصلوبُ مِنَ المصلوبِ معهُ يسألُ الملكوت. ما تَنكّرَ مُحيي الكُلّ، لأجرٍ سأله اللِّص، فاجابَ ووهَبَ لَهُ الجزاء: الملكوتَ من اجلِ اعترافه. بالفعلِ تَمَّمَ تُجاهَهُ الوعدَ الذي وَعَدَ بِهِ، فأدخَلَهُ مَعَهُ بِنَفسهِ إلى الفردوسِ في وقتِ الموت. يا للعجب على الجُلجُلةِ: بالمائِتِ كانَ كلام. فالجسدُ الذي ثُبِّتَ على الصليبِ رَسَمَ الطريقَ الى عدن. يا لَميتٍ موتُهُ نادى بِحياةٍ مِنَ الموتِ للراقدين! يا لَمعَلَّقٍ على رأسِ الخشبَةِ فكَّ قيودَ الخطيئة! بالآمِ الموتِ تألَمَ جسدٌ لَبِسَهُ الوحيد، فلَمْ يَترُكْهُ ولَمْ يَتَخَلَّ عنه حتى في وقتِ اتضاعِهِ. له أودعَ نَفسَهُ، المائِتُ وهو حزين: "في يديكَ أضَعُ نفسي، فأعِدْها الى مَسكِنِها بسلام" حَنَى رأسَهُ على الصليبِ وأسلَمَ نفسَهُ الروح
الاخت امال الدومنيكية
|