بيان عن مجلس اساقفة نينوى
انطلقت في الأيام الاخيرة تهديدات طالت عدداً من أبنائنا المسيحيين في بعض المناطق من الموصل، فزرعت الخوف والهلع في قلوبهم، لا سيما بعد أن ذهب ضحيتها عدد من الأبرياء، مما حمل عدداً من العوائل المسيحية على ترك بيوتها ووظائفها واعمالها باتجاه القرى والقصبات المجاورة تحسُّباً وهربا من الخطر المحدق ـ وتلك ظاهرة تلازم الاقليات التي حين تستشعر بالخطر لأقل تحرش أو تجاوز تهرع إلى الهجرة. حين كثرت الاشاعات الخاطئة والمغرضة وغير الدقيقة التي كان مروّجوها يهدفون من ورائها إلى تهويل الأمور والمبالغة في حجمها ووضعها على المستوى الديني... وهكذا تحول الخوف إلى حالة مَرَضية ذهبت بالحكمة والفطنة والتريّث... ففيما ندعو ابناءنا المسيحيين من كافة الطوائف إلى التزام جانب التعقل والهدوء، نناشد اولاً وسائل الاعلام كافة إلى الكف عن كل ما يؤجج الخوف ويزرع الفتنة بين ابناء الوطن الواحد، من مسلمين ومسيحيين ومن سائر الديانات. كما ندعو اخوتنا علماء الدين المسلمين الأفاضل وكل الحكماء من ابناء الموصل الغيارى إلى مضاعفة الجهود لتهدئة الوضع ومناشدة شرائح المجتمع كافة إلى احترام مبادئ الحرية الدينية وتقييم الخصوصية التي يتمتع بها المنتمون إلى الديانات الموحِّدة الذين يجمعهم إيمان واحد بالله الواحد وتربطهم اواصر انسانية ووطنية وتاريخية وحضارية وروحية لا يمكن ان تتزعزع. نحن لا نجهل الاسباب القريبة والبعيدة التي كانت وراء التحرشات والتهديدات وعمليات الخطف والقتل التي طالت عدداً من ابنائنا، وهي تُوهِم بان هناك عداءً تجاه المسيحية والمسيحيين، او حرباً على المسيحية والمسيحيين. لذا نستنكر كل ما يقال ويُشاع في هذا الاتجاه الخطِر الذي يريد ان يذهب باربعة عشر جيلاً من الاخوّة والتعايش بين المسيحيين والمسلمين في عراقنا الحبيب، وفي هذه المدينة العريقة بالتحديد حيث كان للمسيحيين مكانة مرموقة وعلى اكثر من صعيد... ونحن رؤساء الطوائف المسيحية في الموصل، لم ولن نرتضي بأية محاولة لتجزئة العراق وشعب العراق، ولا بأية محاولة لتفكيك اواصر الوحدة الوطنية بين ابنائه من كافة الديانات والقوميات، مؤكدين على ضرورة العيش المشترك بين كل الاطياف دون أية اعتبارات للدين او المذهب او الطائفة، راجين ان يبقى العراقيون جميعاً ـ والموصليون منهم بنوع خاص ـ قادرين على العيش جنباً إلى جنب في تآخٍ وتضامن والتحام ولا سيما في الموصل الحدباء التي كانت دوماً منارةً للايمان والحضارة. وفيما ندعو ابناءَنا الذين غادروا تحت تأثير الخوف الجارف، ان يخلدوا إلى الطمأنينة حتى تزول المحنة بعون الله، نغفر لكل من كان وراء هذه الحملة المفتعلة التي هزت ابناء الموصل من مسلمين ومسيحيين، وكلنا على يقين من ان ابناء ام الربيعين جميعاً اخوة وسيبقون اخوة، مهما سعت المصالح إلى زعزعة هذه الاخوّة؛ وستبقى هذه الاخوّة قائمةً بالرغم من كل الغيوم التي شاءت ان تعكّر صفاء سماء الموصل، داعين الله عز وجل ان يلهمنا جميعاً، كلّ من موقعه، غلى بناء مجتمع يقوم على اسس العدل والسلام والمساواة والتضامن. رؤساء الطوائف المسيحية في الموصل ـ 11/ 10/ 2008
نداء من سينودس أساقفة طائفة السريان الكاثوليك المنعقد في دير الشرفة .. لبنان نظرًا للأنباء المقلقة والأوضاع المؤلمة السائدة في العراق وبنوع خاص في مدينة الموصل لما يتعرض له المسيحيون من أعمال العنف المختلفة، يتوجّه آباء السينودس إلى الحكومة العراقية، وإلى جميع المؤمنين بالله وذوي الإرادة الصالحة مناشدين إياهم بالعمل الحثيث لوقف أعمال العنف والقتل والخطف والتهديد والتهجير التي تطال المواطنين الآمنين، مما يعكّر صفو السلام والعلاقات الأخوية بين أبناء الوطن الواحد، ويثير البغضاء والكراهية في النفوس. كما نهيب بأبنائنا المعرضين لأعمال العنف المختلفة أن يتمسكوا بأهداب الإيمان والثقة بالله الذي يجعل للأزمة مخرجًا. نسأل الله أن يمنّ على هذا الوطن الحبيب الجريح بنعمة السلام ويبارك جميع العاملين لنشر روح المحبة والأخوّة والاحترام المتبادل، ليتعاونوا في بنائه ورفع شأنه وازدهاره، وطوبى لفاعلي السلام.
عن ديـر الشـرفة في 10/10/2008
|