بهنام عطاالله
فصول المكائد
المجموعة الشعرية الأولى للشاعر بهنام عطاالله ، صدرت عام 1996 عن سلسة نون الأدبية التي كان يصدرها الاتحاد العام للأدباء والكتاب فرع نينوى . ضمت المجوعة (27) نصاً كان قد كتبها الشاعر منذ عام 1977 لغاية 1996 . من قصائد المجموعة : حقل الفجيعة ، رياح الاسئلة ، المساءات تغادر أمانيها ، مسالك شائكة ، خرائب الشهرة ، رماد القصيدة ، مشاجب التعقل ، المزمور الاخير ، حكمة الفصول ، سفر الطفولة ، كتاب العشق ، أناشيد الحبور وغيرها . كتب مقدمة المجوعة الشاعر العراقي المعروف معد الجبوري تحت عنوان (هكذا يأتون) ، ومما جاء فيها :( هكذا … دون زعيقٍ أو جعجعةٍ ، دون عكازات ، دون تسمياتٍ فارغة زائلةٍ .. يأتي بهنام عطاالله إلى القارئ .. يأتي بهدوء وبراءة ، مثل زملائه في الشعر والقصة والمسرح والحياة .. أولئك الفتية الذين القيت بينهم جمرة الكلمة ، ونشرت خيمة المحبة ، قبل ربع قرن ، أيام كنت‘ مدرساً في بلدتهم الطيبة الأصيلة " قره قوش " ..انهم طلابي الطيبون ، ثم أصدقائي المبدعون ، الذين ظلت أعماقهم مثل وجوههم ..صافية نقية ، وظل الوفاء وعشق الابداع وشيجة الروح بيني وبينهم .. لقد ركن الشاعر بهنام عطاالله ، على الرف ، الكثير مما كتب خلال أعوام طويلة ، واختار آخر محاولاته في قصيدة النثر، ليطل من خلالها على المتلقي .. وحسناٍ فعل ، فقد جاءت نصوصه الأخيرة خلاصة لتجربة ناضجة ، لها نكهتها الخاصة .ونصوص بهنام عطاالله ، تقوم على بناء لغوي سليم ورشيق، لا يشغل المتلقي- وهو يوغل في أجوائها – بمطبات او عوائق او زلاتٍ ، متأتية عن " فوضى " الصياغة أو التركيب ، بل يفتح أمامه فضاءاً للتأمل في طقس ينشد الإيصال ، عبر انسيابية تتسربل بغموض شفيف ، وتكتظ بمفردات من الموروث الديني والشعب ، يجهد الشاعر أن يمنحها دلالات أخري معاصرة. انه طقس حكيم مجهول " يقضم فحولته بأنيابه " وهو يرسل خطابه بكلمات موجزة توحي ولا تفصح ، تمور بأنفاس حارة ، ورؤى تشف وراء غلالة لا تهتك الأسرار ..وهو طقس ينطوي على تمرد وعنفوان ، وانحياز للجديد المغاير .. ولا تكمن شعريته في حدود خلخلة الجملة أو المفردة في لعبة لغوية شكلية .. بل تنبث في ثنايا نص ٍ يسعي إلى أن تندغم بنية أدائه بما يحمل في مجراه من خطاب إنساني ملتاع إلى الذات والآخرين الموصل18/1/1996 |
حقل الفجيعة
بهنام عطاالله
نشوتك المبتذلة عنوان توهجي ارتقي فوق مراسي اليقين ، لأرى .. آلهة مجهولة تسرد زلاتي .. تسرق بوصلتي .. تضيع مجساتي اتيه مع الرؤيا … مرايا تعكس صخبي تسقط اوراق غزواتي هائمة بترانيم الذنوب * * * إنها الطبيعة فائقة التكوين وهاماتها اناشيد مهيبة تدق مسامير الخديعة بأضلعنا …ترتج تخيلاتنا الشفافة تحت وقع التأمل … عندها أرى … الحصادون يرمقون السنابل فوق الشهوات العشابون يلتقطون الدغل من حقل الفجيعة فادخل مملكة الرب ، وقد القيت قناعي معانقاً فراشاتي الجميلة * * * عقول تحمل رائحة الحكمة ولكي نسافر نحو نهاياتها تعاكسنا ثم تتلاشى بهشيم الابخرة حينها تزيح اصابعنا الضوء الساقط امام رغباتها
|
مسالك شائكة
بهنام عطاالله
اليوم .. سأعلن عن بهجتي واستل موروثاتك في صدري أنثر البخور فوق هيئات التشطيب حيث المنحدرات .. ترسم درجاتها الحرجة والبحار تتذمر من مناسيبها وهي تظلل مساحات شطآنها بالحصى .. الغابات … مديات تمشط شعرها الخريفي وهي تعلن عن اعترافاتها المخبوءة في موائد الصحراء
* * *
الآراء ... حلبات للجليد الضال حيث الراؤون يرتشون نظراتهم بدهاء التأنيب يغتنمون بدفاتر (الصكوك) مودتنا وهم يحملون ركام الأنباء القلقة أما قصائدي .. فمسالك شائكة لقوانين المدى تقيم حول حواسي غشاوة الارتباك ومملكة مملوءة بالرعونة حين ترتب نوافذي خواءها بسبابتي فاتحة فاها معلنة إنزياح هيئاتها تقطر دمعة من رماد أسمالها الناضجة
|
مشاجب التعقل
بهنام عطااللّه
أعمدة الرخام منتصبة كالنخل برغوة الرمال وانثناءات التواريخ القديمة ، تواريخ مشطورة بين يقظتي والحلم ، مشطورة على هيئة أقانيمَ تمد‘ ذبالاتها .. محتسية بشمس الحضارات ، مكدساً رخامها المرمري بالأزميل فوق متاهات اللذة .. إنها تسخر أبواب الجحيم بالفجائع ، لتفتح مغاليق النشوة .. وتنِفض‘ عنها غبار الحروب والغزوات ، حيث انفتاحِ السيوفِ من أغمادها .. لامعة من زيف البراءة .. آهٍ .. يا شوقنا المكتوم بالتراتيل والنهود الطرية ، حيث الخديعة محشوة‘ بتعاويذِ الخريف وطرائد‘ البقِ تقنن أحلامها المبعثرة ، في ظلام الدهاليز وتفرعاتها / ريح السراديب ونتانتها.. يا لبراءتنا الرائجة في (سوق العطارين) [1].. إنها سواقي عمرنا المترنح بين الهواجس / مغموسة بالنوائح / مهرولة نحو أعماق أعماقنا / ملتاعة تضطجع في أحشائِنا .. ترحل عنا رياح الأسئلة ، تفتح مشاجب التعقل في امتحان الحياة .. إنها الأصوات المبعثرة .. تجرجر ذاكرتي لحظة الانفراج .. والبراءة / تمزق مثاباتها / تتثاءب‘ كسلى عند امتداد الشط والمنحنى ، حيث المزاريب‘ تعيد تنظيمها الأبدي ، وحيث مياه الغيوم / ثقيلة / مأسورة من فوقِ السطوح والفتحات ، وهي تهرول في ليل الشتاء البغيض نحو السواقي مشدوهةً بالشروخ ، تنهمر حتى الشطوط .. يا سنوات القلق وملاعب طفولتنا المتأخرة في (الميدان) [2] حيث الصباحات المتخمات بالعقيق والكوثر واللبن الرائب .. وحيث (السالوب‘) [3] يطلق بخريره سيمفونية الزوال .. وهو يبكي على حبور العصافير المهاجرة نحو القرى .. مرتلة‘ نشيد الغمامةِ : (استيقظي يا ريح الشمال ، وتعالي يا ريح الجنوب ، هبي على جنتي فتقطر اطيابها ، ليأت حبيبي إلى جنته ويأكل ثمره‘ النفيس ..) [4] فيا أيتها الطيبات/ المثمرات/ المبعثرات‘ أنفاسهنَ في البوم صورنا العتيقة.. الداحسات أصباغ شفاهِهنَ في ملازم الدراسة .. يا محنتنا يوم الامتحان .. حيث عبق الأسئلة الممزوجة بعشق التفرد وأوراق العشب في (حديقة الشهداء) ..[5] بنمائم الأشقياء .. وهي ‘تلقي الطرائد في وحل التندرِ انه العوسج‘ المبعثر‘ في أزمنة الطفولة .
1 سوق شعبي في مدينة الموصل . 2 حي قديم من أحياء الموصل ، يجاور نهر دجلة ويمتاز ببنائه التراثي القديم . 3 يطلق على مجرى المياه الخارجة من البيوت باتجاه نهر دجلة . 4 المقطع من سفر نشيد الإنشاد / الإصحاح الرابع . 5حديقة قديمة معروفة في مدينة الموصل تحتوي على رفاة بعض الشهداء . |
الخرائط .. الخرائط
بهنام عطاالله
موشاة بالغبطة .. مكتظة بالشهوات مبللة بالغيوم ويقظة العناصر معبأة بالقلوب .. حيث المساحون يقتفون خطوط الدلالة باتجاه النوايا .. يزحزحون الضجيج النهم بمباضع المساطر لتعلن للخطوط ملامح ارتعاشاتها انهم يقيمون رسماً لأنظمة التعقل ثقال هي الأباطيل .. خفاف هي الدموع .. وأصوات المدى تقتنص بركاتنا المتيقظة بزخم الانفعال .. إنها الفخامة تتقيأ عند مدارج الإخفاق فأين يكمن قوس احداثياتنا المستهجنة فوق خرائط الترقب ؟ أين تكمن اتجاهاتنا .. أقاليمنا .. خطوطنا المتشابكة ؟ وهي تتلاشى عبر انفعال التدفق في مقاييس الرسم أو على مناضد التخطيط فأفرحي أيتها الخطوب .. افرحي أيتها الرتابة ، لان المتخيلين يثبون فوق حوافر الأميرة وهم يزرعون اللون بين الحقول ويفركون الزهو بالأجنة وان المجدليات رحلن آخر الليل وهن يعلقن مشاعل الشهوات فوق أردانهن نحو مثابة الندم
|