الفنان منذر نوح ددو لمجلة الإبداع السرياني
- انتمي إلى المدرسة والواقعية لأني اشعر بأنني أعيشها فعلا ً بكل ما فيها بعيدا عن الخيال والتصور والرمزية. - كان من شجعني على المسير في طريق الفن هو الأب العراقي اندراوس سفر حيث كان كاهنا ً متقاعداً يعيش في دير الشرفة بلبنان حيث كنت ادرس هناك. - أنجزت في عام 1959 عن طريق النحت تمثال نصفي من المرمر الموصلي للزعيم الراحل عبد الكريم قاسم. - أتذكر دائما لوحة كبيرة للزعيم عبد الكريم قاسم والتي ُحملت ورُفعت فيما بعد في مسيرة عيد العمال العالمي في 1 أيار 1959 في قره قوش. - أتمنى أن تتاح لي فرصة لإقامة معرض فني شخصي حيث يوجد لديّ الآن ما يقارب من ثمانين لوحة فنية وفي مختلف المواضيع .
حاوره الدكتور بهنام عطالله رئيس التحرير
سطور ذاتية منذر نوح منصور ددو من مواليد عام 1940 / بخديدا – قره قوش. درس في مدارس البلدة الابتدائية، ثم رحل إلى دير مار بهنام عام 1951 وبعد تأهله الدورة الخاصة في الدير ونجاحه فيها سافر إلى لبنان ودخل دير الشرفة / حريصا عام 1957.ثم ما لبث أن عاد إلى العراق بعد سنوات . متزوج وله سبعة أولاد وست بنات اغلبهم حصلوا على شهادات جامعية.
نقاط واضاءات بالرغم من كونه فناناً فطريا ً لأنه لم يتعلم أو يدرس الفن أكاديميا، كونه كان قد ترك العراق مبكراً إلى دير مار بهنام الشهيد ومن ثم إلى لبنان، رغبة منه في الدراسة الدينية هناك حيث تاقت نفسه ليكون ُ خادما للرب، إلا انه أبدع العديد من اللوحات الفنية المهمة. فمنذ صغره مارس الرسم بقلم الرصاص والطباشير والحبر الصيني فنمت موهبته مع مرور الأيام، وبدأ يرسم لوحات فنية جميلة بالألوان الزيتية، وأذكر هنا وأنا في الصف الرابع الابتدائي عندما كنت ازور الموصل خلال العطلة الصيفية، لوحة زيتية كبيرة معلقة في غرفة الاستقبال في بيته الموصلي القديم، وكانت تمثل الرعاة المجوس واحدهم راكبا الجمل وهم متجهون إلى المكان الذي ولد فيه الطفل يسوع (له المجد)، بهّدي النجم الذي ظهر من الشرق ليرشدهم إلى مكان ولادة الطفل المعجزة.كما يتذكر البعض صورة كبيرة وملونة للزعيم الراحل عبد الكريم قاسم وهي محمولة على الأكتاف في احد المناسبات الوطنية في شوارع قره قوش / بخديدا عام 1959.
يطالع متوا عمايا
لقد تركت ميوله الماركسية آنذاك أثرها الكبير على أعماله الفنية الأولى، فأبدع لوحات كثيرة اغلبها ضاعت مع الزمن، إلا أن ضيفنا ما لبث أن انتقل إلى جانب آخر قريب من الفن وهو فن النجارة، فغدا من الذين يشار إليهم بالبنان في المحافظة، لذوقه الرفيع واللمسات الجمالية التي ينقشها على القطعة الخشبية، وكان محله (نجارة الجنائن) مشجبا للفن الخشبي الموصلي وخير شاهد على ما نقول ، ثم عاد مرة أخرى بعد غياب طويل عن الفن فأبدع العديد من اللوحات الفنية، وبعد أن شاهدت هيئة التحرير إبداعاته في مجال الرسم والنقش على الخشب والنجارة وبعد تجوالها بين أمكنة عدة لرصد حياته الفنية والعملية، ارتأت تسلط الضوء عليه وتعريف القارئ الكريم به فحاوره رئيس التحرير ففتح له قلبه وأجاب عن أسئلته مشكوراً:
* نريد أن يعرف القارئ وكأي سؤال تبدأ به مثل هذه اللقاءات عن البدايات الأولى لنمو موهبتك في فن الرسم؟ - اكتشفتُ موهبتي منذ الطفولة ومن ثم الدراسة الابتدائية، حيث كنت أنا وأطفال الحي نعمل من الطين والخشب تماثيل جميلة ونرسم على الجدران صور للحيوانات والأشخاص.
*هل درست الرسم فيما بعد أم كانت موهبتك عن طريق الفطرة ؟ - لم ادرس الرسم كدراسة أكاديمية ولم ادخل أي معهد فني لكوني سافرت منذ الصغر إلى دير مار بهنام الشهيد ومن ثم إلى لبنان / دير الشرفة، بل كانت هذه موهبة إلهية وهبني إياها الله، فضلا ً عن اطلاعي على روائع الفن العراقي والعربي والعالمي في مجال الرسم.
دير الشرفة .. لبنان
* في بداياتك الأولى بمن تأثرت من الفنانين ؟ - في الحقيقة لم أتأثر بداية بأي من الفنانين ولكن فيما بعد اطلعتُ على المدرسة العراقية في الفن في فترة الخمسينيات من القرن المنصرم وتأثرت بالعيد من الفنانين العراقيين اذكر منهم جواد سليم، فائق حسن، عبد الغني حكمت.
* إلى أي مدرسة فنية تنتمي؟ - إني انتمي إلى المدرسة والواقعية لأني اشعر بأنني أعيشها فعلا ً بكل ما فيها بعيدا عن الخيال والتصور والرمزية وأيضا أميل إلى المدرسة الكلاسيكية .
* هل هناك انعطافات في مسيرتك الفنية بحيث إنها كانت إنتقالة كبيرة في نمو حبك لفن الرسم أو الفن عموماً ؟ وهل تذكر أول لوحة فنية رسمتها ؟ - نعم كان هناك محطات في حياتي أدت بي إلى الالتصاق بفن الرسم، وبخاصة عندما درست في دير الشرفة في لبنان، لما يتمتع به هذا البلد الجميل كالمناظر الطبيعة الخلابة فكنت اتأمل الطبيعة لساعات طويلة، وخاصة في العطلة الصيفية وكنا نتجول في ربوع لبنان بين تلك الأديرة الجميلة والغابات والجبال والمناظر الخلابة، فإنطبعت تلك المشاهد في ذاكرتي، وهنا اذكر إن من شجعني على المسير في طريق الفن كان الأب العراقي اندراوس سفر حيث كان كاهنا ً متقاعداً يعيش في الدير، واذكر أن أول صورة رسمتها في عام 1956 وكانت واجهة لدير الشرفة الجديد في لبنان حيث كانوا يشيدونه آنذاك، وقد رسمت الصورة بالحبر الصيني فنالت إعجاب الجميع مما حدا بإدارة الدير توفير لوازم الرسم لي حيث كنت ارسم بالباستيل والحبر الصيني.
* نعرف انك بعد فترة عدت إلى العراق من لبنان وبالتحديد عام 1957 هل حافظت على موهبتك وقمت بإنمائها أم اتجهت اتجاهاً آخر؟ - عدت إلى العراق سنة 1957 وبدأت برسم اللوحات الفنية، ولكن الحالة المعاشية في ذلك الوقت كانت صعبة جدا ً بحيث كانت لا تساعد على امتهان الفن، حيث كنت اسكن وأهلي مدينة الموصل فاضطررت الى ترك الفن وبدأت العمل لمساعدة عائلتي. وعندما قامت ثورة تموز الخالدة سنة 1958 التحقت بالخدمة الإلزامية، ثم تزوجت عام 1959 وعندما تسرحتُ من الجيش كانت على عاتقي مسؤولية إعاشة عائلتي وأطفالي مما جعلني امتهن مهنة أخرى توفر لي ولعائلتي العيش الكريم وكان ذلك بالتحديد عام 1963 حيث امتهنت النجارة كحرفة وفن، لأنني احمل بذور الفن والذوق الجمالي في نفسي فأصبحت فيما بعد من الاوسطوات المعدودين في الموصل من خلال محلي في شارع النبي جرجيس (نجارة الجنائن).
* هل كانت لك مشاركات فنية في معارض، وكما نعرف انك تركت الفن لسنوات طويلة وعدت عام 2009 إليه ما سبب ذلك؟ - لم أشارك في إي معرض فني . وكما سبق ذكره أنني تركت الرسم فترة طويلة بسبب امتهاني النجارة، وبسبب الأحداث المؤلمة التي حدثت في مدينة الموصل من خطف وقتل وابتزاز أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري، ُعدتُ إلى مسقط رأسي قره قوش وتركت النجارة، فحصل في حياتي متسعا ً من الوقت مما أدى بي إلى التفكير بالرجوع إلى الفن مرة ثانية، وبالفعل فتحت لي مرسماً وبدأت أمارس الرسم.
* ما عدد اللوحات الفنية التي رسمتها إلى الآن وهل تفكر بالمشاركة في معرض شخصي لك؟ - رسمت إلى الآن ما يقارب من 80 لوحة فنية في مجالات الحياة كافة من مناظر طبيعية وطبيعة صامتة وبورتريت ولوحات تراثية ودينية وغيرها . وأنا مستعد لإقامة مثل هذا المعرض ليطلع ابناء شعبنا في سهل نينوى على أعمالي الفنية.
*هل ترسم بالزيت فقط ؟ أم أن هناك أعمال أخرى لك في التخريم والنحت على الخشب أو على الزجاج؟ - ارسم دائماً بالزيت، كما عندي إلمام في النحت على المرمر والخشب فضلاً عن عملي الجميل بفن النجارة كمهنة وعلى سبيل المثال قمت في عام 1959 بنحت تمثال نصفي من المرمر الموصلي للزعيم الراحل عبد الكريم قاسم.
* هل كان لإهتمامك بالرسم والفن عموما تأثيرا على امتهانك النجارة، وهل هناك تأثير يطرح نفسه على هذا العمل من خلال اللمسات الفنية باعتبار إن النجارة ايضا فن وذوق؟
- نعم الفن له اثر كبير في ممارسة مهنة النجارة، فالنجار الذي ليس له حس وذوق فني فإن عمله سيكون بلا روح، وأنا كنت اعمل دائما على إدخال الذوق الفني والجمالي على كل قطعة أثاث اصنعها، وقد اخذ مني أولادي نفس الطريقة في العمل.
ما هي اللوحة الفنية التي تعتز بها دائما وما زالت متعلقة في ذاكرتك إلى الآن؟ - إني اعتز بكل لوحة رسمتها وسأرسمها مستقبلا ً لأنها عصارة جهدي وذهني. إلا أنني أتذكر دائما لوحة كبيرة للزعيم الراحل عبد الكريم قاسم والتي رسمتها عام 1959 على ضوء الفانوس، وكانت بالألوان الزيتية رسمتها خصيصا ً آنذاك لدائرة بريد وبرق الحمدانية في قره قوش لترفع فيما بعد في المسيرة العمالية في عيد العمال العالمي في 1 أيار 1959 في قره قوش.
* علمنا أن بين يديك الآن لوحة فنية قد شغلتك كثيراً وأخذت من وقتك وتعمل على إتمامها تكلم عنها قليلاً . - نعم أنا الآن مشغول في رسم صورة كبيرة طولها 2م وعرضها متر ونصف المتر وهي لوحة تمثل العشاء السري رسمتها بالألوان الزيتية سوف أكمل رسمها قريبا إن شاء الله.
*ما هو الشيء تريد أن تقوله في ختام اللقاء؟ - الشيء الذي أريد أن أقوله للمسؤولين في الجانب الفني سواء في المدارس أو للنقابات الفنية أو منظمات المجتمع المدني التي تهتم بالطفل والشباب هو: شجعوا ونموا مواهب هؤلاء لأنهم قادة المستقبل وفناني الأجيال القادمة. كما أطالب بتشجع الهواة وأصحاب المواهب غير الأكاديمية أي (الفنانين بالفطرة)، لأن لهم قدرة خلاقة وإبداع متجدد ولان الفنانين الفراعنة والآشوريين والبابليين وغيرهم من الحضارات، لم يكن لهم كليات ولا معاهد، لكنهم أبدعوا في فن النحت والرسم والتصميم والبناء وبقية الفنون. وأتمنى أن تتاح لي فرصة لإقامة معرض فني شخصي لأنه يوجد لديّ الآن ما يقارب من ثمانين لوحة فنية وفي مختلف المواضيع . كما لا يسعني إلا أن اشكر مجلة (الإبداع السرياني) الغراء والمبدعة فعلا ً، بكل كوادرها ومحرريها . فبعد اطلاعي على أعدادها السابقة، اشد على يد أسرة التحرير وخاصة رئيس التحرير لجهوده في إنجاح هذا اللقاء وتجشمه عناء الانتقال إلى أكثر من مكان لرصد سيرتي الذاتية ولوحاتي . وهنا استطيع أن أقول بأن مجلتكم هذه تضاهي بلا شك الكثير من الإصدارات التي تصدر في محافظة نينوى مادة وتصميما ً وإخراجا ً ً أتمنى لها النجاح والموفقية والازدهار
اكبس هنا للانتقال الى الصفحة الرئيسية للدكتور بهنام عطاالله
|