اهتم الأتراك بتنظيم أحوال البريد اهتماماً كبيراً ، نظراً
لاهميته في نقل الأخبار وايصال المعلومات بسرعة . لقد كانت
الموصل في عهد الاحتلال العثماني للعراق مرتبطة باستنبول
بواسطة البريد ، وكان للبريد أمكنة خاصة فيها موظفون يتسلمون
ما يرسل إليهم من رزم ورسائل يوزعونها حسب جهاتها ، وعندهم
(بغال) يعني بعلفها وراحتها ناقل البريد –
التتر- وكل موقع من المواقع التي يستريح فيها حامل البريد
يسمى " منزلخانة " ويسمى البريد " بوسطة " وهكذا كانت تتم
المراسلات بين جهات البلاد العثمانية كافة .
أما الطريق الذي يسلكه البريد فكان له محطات خاصة به
، فمثلاً إذا خرج البريد من الموصل قاصداً بغداد ، فأول محطة
له هو في قرية " قره قوش " فيستلمونه منه ويسرع به من كان
يترقبه ، وهكذا تستمر الرحلات بسرعة فيوصل إلى بغداد .
نستدل من ذلك إن قره قوش كانت أولى المحطات البريدية
التي ينقل البريد منها إلى بغداد ، حيث كان ناقل البريد يتخذ
الساحل الأيسر من نهر دجلة طريقاً سهلاً للبريد ، لانه يمر
على السناجق التي تتبع ولاية الموصل ، فضلاً عن كونه صالحاً
للمسير اكثر من الجانب الأيمن ، وتكون المحطات متقاربة
ويتوفر فيه الماء طوال أيام السنة ، حيث يسلك ناقل البريد
طريق ديار بكر ومنها إلى استنبول.
وبالنظر للموقع الجغرافي المهم لقره قوش (بخديدا)
فقد اضطلعت بدور كبير ولفترات طويلة كمحطة للبريد خلال فترة
الحكم العثماني للعراق ، وقد أكد ذلك العديد من المؤرخين
والرحالة ، فيذكر المؤرخ ياسين العمري في كون قر قوش محطة
للبريد العثماني على مرحلة من الموصل ، وانها مدينة كبيرة ،
أهلها نصارى ، فيها خيل البريد وهي مرحلة عن الموصل . حيث
كانت مركزاً مهماً لنقل البريد بين الموصل وغيرها من المدن
العراقية ، واستمرت في إدارة بريد المنطقة حتى بداية القرن
التاسع عشر .
كما أكد جمس بكنغهام الرحالة حيث كتب خلال زيارته
لقره قوش في 7 تموز عام 1816 انه كان في استقباله محافظ خيول
البريد (سروجي باش) ، وهو الذي تحفظ خيول البريد عنده .
وقد كان توزيع البريد في دائرة البوسطة ، حيث كان
الناس يترقبون وصول ساعي البريد في أوقات يعرفونها ، فإذا
وصل الساعي لوح بعصاه الطويلة ، ونادى بأعلى صوته (تتر
كالدي) أي جاء ساعي البريد ثم بعد ذلك يذهبون إلى دائرة
البوسطة فيجدون الرسائل في سلة ، فيأخذ كل شخص ما يخصه منها
.
ولعل من أهم الخديديين الذين عملوا بنقل البريد هو الأب توما
بن بولس متي الباخديدي - الذي اصبح مطراناً فيما بعد باسم
قورلس بهنام بني عام 1862 في ماردين –
يتقن اللغة التركية ، حيث كان ساعياً للبريد قبل رسامته
كاهناً ، وكان ينقل البريد من بلد إلى آخر عام 1837م . ويؤكد
افرام نقاشة انه منذ انتصار الحاج حسين باشا الجليلي حاكم
الموصل على طهماسب الفارسي ، أعطى السلطان العثماني رسوم
بخديدا لحاكمه مكافأة له ، حيث كانت بخديدا مركزاً لنقل
البريد منها إلى اربيل ومنها إلى الموصل على ظهر خيول
الخديديين .
كما يذكر بأن حاكم الموصل كان يعتمد على جمع عشر
غلات أهالي بخديدا كل سنة ، وبهم وبدوابهم يرتب إدارة البريد
حيث كان يوجد فيها ( منزلخانة) أي محطة البوسطة (البريد).
وقد اشتهرت في مهنة البريد عائلة قر قوشية تدعى (
تتر) وكلمة تتر تركية الأصل ومعناها (المسرع) أي الذي يأتي
مسرعاَ ، وكانت هذه الصفة هي التي تلحق بمن يعمل في نقل
البريد آنذاك .
المصــادر
1. عبد المسيح بهنام المدرس ، قره قوش في كفة
التاريخ ، مطبعة الأديب ، بغداد ، 1962 .
2. ياسين العمري ، منية
الأدباء
في تاريخ الموصل الحدباء ، الموصل ، 1951.
وانظر ايضاً سيرة القديسة شموني وكنيستها في قره قوش ، سهيل
قاشا ، مطبعة شفيق ، بغداد ، 1980.
3. د. بهنام سوني (الأب) بغديدا ، روما ، 1998 .
4. افرام نقاشة ، عناية الرحمان في هداية السريان ،
حلب ، 1910 .
5. كونراد برويسر ، المباني الأثرية في شمال بلاد
الرافدين في العصور المسيحية القديمة والإسلامية ، ترجمة علي
يحي منصور ، بغداد ، 1981 .
5. سعيد الديوه جي ، تاريخ الموصل ج2 ، دار الكتب للطباعة
والنشر/جامعة الموصل ، 2001 .
لقد كانت الموصل مرتبطة باستنبول بواسطة البريد ، وكان
للبريد منازل خاصة فيها موظفون يتسلمون ما يرسل اليهم من رزم
ومكاتيب يوزعونها حسب جهاتها ، وعندهم بغال يعني بعلفها
وراحتها ناقل البريد
–
التتر- تسلموا منه ما معه ، واخذه شخص اخر وسار به على البغل
الى الجهة التي يرسل اليها ، وكل موقع منها يسمى " منزلخانة
" ويسمى البريد " بوسطة " وهكذا تتم المراسلات بين البلاد
العثمانية في اختلاف الجهات .ص152
والطريق الذي يسلكه البريد فيه منازل خاصة به ،
فمثلاً اذا خرج البريد من الموصل قاصداً بغداد ، فاول منزل
له هو في قرية " قره قوش " فيستلمونه منه ويسرع به من كان
يترقبه ، وهكذا تستمر الرحلات بسرعة فيوصل الى بغداد . ص152
نستدل من ذلك ان قره قوش كانت اولى المحطان البريدية
التي ينقل البريد منها الى بغداد ، حيث كان ناقل البريد يتخذ
الساحل الايسر من نهر دجلة كطريقاً للبريد ، لانه يمر على
السناجق التي تتبع ولاية الموصل ، فضلاً عن كونه معموراً
اكثر من الجانب الايمن ، وتكون المنازل متقاربة ويتوفر فيه
الماء ايام السنة حيث يسلك ناقل البريد طريق ديار بكر ومنها
الى استنبول.ص152
وتوزيع البريد يكون في دائرة البوسطة ، حيث كان
الناس يترقبون وصول ساعي البريد في اوقات يعرفونها ،فإذا وصل
الساعي لوح بعصاه الطويلة التي في نهايتها سير ، ونادى بأعلى
صوته " تتر كالدي " أي جاء ساعي البريد ثم بعد ذلك يذهبون
الى دائرة البوسطة فيجدون المكاتيب في سلة ، فيأخذ كل شخص ما
يخصه منها .
نقل البريد : وكان للبريد محطات ما بين الموصل وبغداد ، تكون
في الجانب الشرقي منها ، لتوفر الماء في هذا الطريق ، وتسمى
المحطة " قاطر خانة " أي محل البغال ، ولها مشرف على ما فيها
من بغال ، وبعضهم كان يرافق البريد
–
البوسطة
– اذ كان يريد السرعة في سفره ، وكان بعضهم يتعهد بنقل البريد ما بين بلاد
معينة .
الساعي : وكان في البلد سعاة معروفون بسرعة الركض ،
فكان احدهم ان اراد ارسال كتاب الى بلد ما بسرعة ، يؤجر احد
هؤلاء السعاة لقاء مبلغ على ان يوصل الكتاب بوقت معين ، فكان
هذا يسبق البريد في سعيه ، ( أي ما يسمى اليوم بالبريد
السريع ) ص152
اما البرق- التلغراف
–
كما كانوا يسمونه فقد كان مع البريد ، وتعطى البرقيات به من
قبل الحكومة والاهالي
–
كما هو عليه اليوم
–
وكان في قرية سميل التابعة لقضاء دهوك
–اذ
ذاك
–
دائرة اخرى ، فكانوا اذا ما ارادوا ان يقدموا شكوى ضد الوالي
او احد المتنفذين فانهم كانوا يبرقونها من محطة " سميل "
ص153
…………………………….
عبد المسيح بهنام المدرس ، قره قوش في كفة التاريخ ،
مطبعة الاديب ، بغداد ، 1962 .
ياسين العمري ، منية الادباء في تاريخ الموصل
الحدباء ، الموصل ،
بهنام سوني (الاب) بغديدا ، روما ، 1998 .
افرام نقاشة ، عناية الرحمان في هداية السريان ، حلب
، 1910 .
كونراد برويسر ، المباني الاثرية في شمال بلاد
الرافدين في العصور المسيحية القديمة والاسلامية ، ترجمة علي
يحي منصور ، بغداد ، 1981 .