الدخول من بوابة الحلم
(إلى سركون بولص حتما ً)
" من أضحى بلا وطن ِ فليتخذ من الكتابة مكانا ً للعيش" (ثيودور ادورنو)
د. بهنام عطاالله
من ْ يقرأ سفر الأسماء وقواميس اللغة ؟ من ْ َيتـَطلع ُ عبر مخاضات الحلم ؟ انه الشاعر ... يرسم مجد الكون ُيعمده بدم الأشياء يحرق صمت الأبجديات يؤثثها بالحرف ِ والحرف ُ بالكلمة والكلمة بالعبارة ِ والعبارة ُ بالقصيدة ِ هوامش ٌ ومتن ٌ كثيرة مبثوثة ٌ بين .. بين خيوله تركض مسرجة في ساحة الشعر ما بين أمكنة الخراب و( َحمّال ُ الكلمات) يتدلى – سركون - بهيئته البهية تهرول القلوب منفلقة تحتضن بريق السموات يفهرس أبجدياته التالية واللاحقة وما سيأتي ... بعناوين ومتون ٍ وأبهة
*** (لا شيء منذ ادم غير ملحمة التراب) يكتب عنوانها فوق غيمة تائهة يركب سفنا ً تتجه نحو نجمة لتلقي بإتونها في مهب الريح وحشرجات الجراح في متون الدواوين استعارات شائخة روزنامات تخضر فيها السنابك تتطلع نحو حوافرها وهذيانات مثاباتها ... ُتسرج أكمّتها بألوان الربيع في بلاد مليئة بالجداريات والمتاحف والتماثيل وعيون الخرائط
***
منذ كركوك ... ومن ثم بيروت ... عبر الموانىء القصية كل ما ورثه كان الشعر فطم على الأقاويل ومنذ أن نشب الحلم بين ثناياه تظاهرت القلوب وسط الجموع غادرها الحلم (قرب الأكروبول) نحو صفصافة تطل على خرائب الصحو ومراثي النشيد المدرسي وحيث المساءات تنزاح نحو المغيب ها قد أعلن رقم الرحلة المتجهة نحو المجهول ... نحو أرصفة ملأها السأم وغطتها رياح التمدن كتل الكونكريت بنايات تعانق النجوم بالقبل تخوم تحرسها القابلات جنود ترمم تجاعيد الحروب رموز باركتها آلهة الجمال والمحيطات الخمسة
*** من يشتري الصمت من أفواه الشعراء ؟ من يرتق المتاهة على حبال الكلام ؟ كل ما قاله الشاعر: (عظمة أخرى لكلب القبيلة) انه يندرج تحت فهرست الظنون في لجج البحار وأرخبيلاتها أو في ثياب العذارى وخيام الجاهلية فهو وحده كان يهادن الوطن ويمور بالصلوات خشية من كلب القبيلة يرسم النهرين فوق خرائط الزمن كل ما قاله الشاعر : (أكتب كلمة واحدة في دفتري وأغلقه .. حركة تكفي لكي تتغير الدنيا) *** يمد الشاعر كفه من نافذة الكون يدخل من بوابة الحلم وثقب الكلمات ينعس كتاب الحب يتشظى ببكاء طفولي أجش لم يرث إلا دموعا ً ثكلى أنهكها التأرجح بين المواسم فالعظمة أمست لكلب القبيلة والقبيلة ما انفكت بصمتها التتري تقبض الريح خلف بوابة الظنون هو الشاعر وحده ... يتلو مزامير التحدي ويجر خيولا ً من الكلمات في (غرفة ٍ مهجورة) يهرول .. يتسلق هواء الدهشة يحتضن سومر وأكد وبابل يرمم أصابع الموتى التي أدمنها الحزن في زمن القطيعة فهو على مقربة فرسخين ما زال يحث الخطى ويرتب الكبوات كبوة ... كبوة ... وفي فمه ملعقة من الكلمات يقذفها على أرصفة الجراح شواهد متخمة برائحة التراب وهي تستغيث من دبق الحروب (أساطير وغبار) تسرج النشيج تلقي به على وسائد العانسات منذ أن جاء هذا السومري باحثا عن ضوء الكلمة بين خبايا المكائد وموائد الدهاء والعويل (حاملا فانوسه في ليل الذئاب) بدت ْ خلفة أرتال من القصائد تتدثر بحنين الأبجديات وهو يتأمل ضجيج الشوارع (هكذا الشاعر ، هو المطوق بصيحات القبيلة حين يجول الخرائب ويرثي أبناء مدينته) يلقي بمراراته حلما ً ودموعا ً شجية تقذفها السنين ببريق النبض وفهرست الحياة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ احالات : - ما بين الأقواس تضمين لثريا مجاميع شعرية أو عناوين قصائد أو مقاطع شعرية للشاعر الراحل سركون بولص. - عدت هذه القصيدة من أجمل القصائد المشاركة في مسابقة شمشا الأدبية لعام 2009 الذي تقيمه موقع عنكاوا كوم وعلى الرابط الآتي :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=361910.0
اكبس هنا للانتقال الى الصفحة الرئيسية للدكتور بهنام عطاالله
|