الكتكوت ومغارة العذراء وما أحلى الصدفة حين تُبدِع حدَثاً!
قبل أيامٍ، جاءت قُبَّرةٌ سوداء لتحومَ حولَ شجرةٍ في ركن حديقة البيت الأمامية، وتنشِئ لها {عِِشَّاً } بين الأغصان. وأخذنا بمراقبة حركتها المنتظمة وهي تختلس نظَرها يمنةً وشمالاً، لتتأكَّد من خلو المكان من الآخرين. وبعد أيام، وبينما نقوم بتقليم الأشجار، وهي كلُّها حديثة عهد، وإذا بعِشٍّ يتربَّع بين أغصان تلك الشجرة القائمة في زاوية الحديقة؛ فكان طبيعياً ترك الشجرة بدون عملية تقليم. ووجدَنا بيضَ القُبَّرةٌ موضوعاً بعناية داخل العِش؛ قلنا إذاً حلَّت الولادة بزوجٍ من الكتاكيت،
مع زقزقاتها الناعمة، والقبَّرة الوالدة، تحوم حوالي موقع الشجرة وهي تنبِّش في أرض الحديقة لتلتقط دودة أرضٍ طعاماً لفَرخَيها الوليدين. وبعد أيامٍ هبَّت الريحُ بسرعة قوية، فإنخلع العش بمَن فيه بقوة الريح، ليسقط أرضاً: وبقي كتكوت واحدٌ فقط ولا ندري ما حلَّ بالآخر. وأخذنا نفتِّش عنه دون جدوى. وإذا به بعد يومين، وقد نما عودُه وريشه، يلتجئ إلى أحضان العذراء في موقعها داخل مغارة البيت! وكأنه يردد النشيد الخالد:
في ظِلِّ حمايتِك نلتجئ يا مريم
ومنذ ذلك الوقت، نجد الوالدة { الحنون } تقضّي ليلها ونهارها بالقرب من وليدها، لتأتيه بكل حنان بما يسد عنه رمقه.
وهاهو كتكوتُنا يتربَّع على صحنٍ برتقالي اللون مركون إلى اليمين من تمثال العذراء المباركة، وكأنه يريد توجيه الشكر لها وهو يصغي إليها بما تهمس له!
إن ما أورده هنا ليس من قبيل سيناريو الخيال، ولا هَوَس الإنفعال. وهذه صورٌ تم إلتقاطها اليوم، الخامس عشر من تشرين الأول 2006.
باسم حنا بطرس
|