هل قداسة البابا خليفة القديس بطرس الكنيسة والسلطة *
إنَّ الباب الخامس عشر من القانون الكنسي يتعرَّض لموضوع سُلطان التعليم الكنسي ورسالتها التي تنبع وتتأسس على إرادة مؤسِّسها السيد المسيح، الذي أنشأها ليواصل من خلالها عمله الخلاصي. وفي ذلك تكمن عظمة الكنيسة، هذه العظمة التي لا تنبع مِن استحقاقاتها البشرية ولكن من غِنى نعمة مؤسسها. هذه النعمة التي تتجاوز أي تقصير وتتخطى أي ضعفٍ بشري. ولهذا فالكنيسة، بحسب وعد المسيح لهامة الرُسُل القديس بطرس وللرُسل مجتمعين، ستظل قائمة وشامخة حتى إنتهاء الدُهور ولن تقوى عليها أبواب الجحيم: "قالَ لَه يَسوعُ: هَنيئًاً لَكَ، يا سِمْعانُ بنَ يُونا! ما كشَفَ لكَ هذِهِ الحَقيقةَ أحدٌ مِنَ البشَرِ، بل أبي الَّذي في السَّماواتِ. وأنا أقولُ لكَ: أنتَ صَخرٌ، وعلى هذا الصَّخرِ سأبني كَنيسَتي، وقوّاتُ الموتِ لنْ تَقوى علَيها. وسأُعْطيَكَ مفاتيحَ مَلكوتِ السَّماواتِ، فما تَربُطُهُ في الأرضِ يكونُ مَربوطًا في السَّماءِ، وما تحُلٌّهُ في الأرضِ يكونُ مَحلولاً في السَّماءِ"(مت16/17-19، وأيضا يو 21/15-19). وقد أكَّد المسيح بعد قيامته رسالة الكنيسة وسلطانها التعليمي بقوله: "نِلتُ كُلَّ سُلطانٍ في السَّماءِ والأرضِ. فاَذهبوا وتَلْمِذوا جميعَ الأُمَمِ، وعَمَّدوهُم بإسمِ الآبِ ولابنِ والرٌّوحِ القُدُسِ، وعلَّموهُم أن يَعمَلوا بِكُلٌ ما أوصَيْتُكُم بِه، وها أنا مَعكُم طَوالَ الأيّامِ، إلى اَنقِضاءِ الدَّهرِ" (مت28/ 18-20)
وهنا تجدر الإشارة إلى أن أي سلطة في الكنيسة تُعاش لا على أساس أنَّها امتياز تسلُّطي بل على كونها خدمة للجميع وبالأخص للأكثر إحتياجاً، تمثُّلاً بالمسيح الذي لم يأتِ ليُخدم بل ليَخدم، والذي بعد أن غسل أرجلَ تلاميذه قال لهم: "أنتُم تَدعونَني مُعَلِّمًا وسيِّدًا، وحسَنًا تَفعَلونَ لأنِّي هكذا أنا. وإذا كُنتُ أنا السيِّدُ والمُعَلِّمُ غَسَلتُ أرجُلَكُم، فيَجِبُ علَيكُم أنتُم أيضًا أنْ يَغسِلَ بَعضُكُم أرجُلَ بَعضٍ. وأنا أعطيتُكُم ما تَقتَدُونَ بِه، فتَعمَلوا ما عَمِلتُهُ لكُم. الحقَ الحقَ أقولُ لكُم: ما كانَ خادِمٌ أعظَمَ مِنْ سيِّدِهِ، ولا كانَ رَسولٌ أعظَمَ مِنَ الذي أرسَلَهُ. والآنَ عَرَفْتُم هذِهِ الحَقيقَةَ، فهَنيئًا لكُم إذا عَمِلْتُم بِها" (يو13/ 13 - 17). والكنيسة التي تسلَّمت من المسيح سلطانَ التعليم، وسلطان التبشير، وسلطان التقديس، تَعتبِر أنَّ رسالتها الأساسية هي التعليم، وأنها من خلال التعليم تحيا التبشير والتقديس: "أذهبوا وعلِّموا..." (مر10/5). وهي عقيدة تنبع من الإيمان وهي أنَّ أسقف روما هو خليفة القديس بطرس هامة الرسل ومؤسِّس كنيسة روما, والبابا (كأي إنسان) يخطئ ويمارس سرَّ التوبة ويعترف بخطاياه.
حنان باسم بطرس
أوكلند – نيوزيلندا (أيّار 2008) * الموضوع في الأصل باللغة الإنكليزية، وتكرَّم السيد شوكت زيَّا من رعيَّّة مار أدَّي الرسول في نيوزيلندا، بترجمته إلى العربية مشكوراً.
|