وبعدُ، فتَقوُّوا في الرَّبِّ وفي قُدرتِهِ العزيزة رحلة حَجٍّ على الكرسي المتحرِّك
كيف يستكشف المرء ذاته؟ أيبقى خاضعاً لمواضَعات الحياة، بكل رتابتها أو إعاقاتها؟ أينضَوي في سبات الأحلام التي قد لا تتحقق؟ هكذا كان التحدي للعَوَق، لتجتاز خطوتها الأولى جواً عبر بحر طاسمان، فيستقبلها شقيقها قصي، في مطار سيدني الذي عمل على تهيئة كل المستلزمات: سيارة نقل الكرسي المتحرك، مصاعد في البيت، الرعاية الخدمية... ما كان الأمر سهل التنفيذ: فالمتطلبات كثيرة ومتنوعة ومتعددة المصادر، وباهظة. كانت تُعلن البشرى إلى كل الناس وفي كل مكان: في أوكلند، في الأسواق، في الزيارات، بالتلفون: سأذهب لملاقاة البابا! في الطائرة، بالتلفون لكل معارفنا من الأقارب والأصدقاء في مختلف بلدان العالم. أرقبها عن كثب. ترى: هل تصميمها مغالى فيه، للتباهي، أو ماذا؟ كان أهم يوم لديها أن تحضر القداس الختامي للبابا المقام على أرض ساحة سباق الخيل: هذا الأمر إقتضى عدم إضاعة الوقت. فكان الإستيقاظ في الخامسة فجراً، حضور الرعاية الخدمية في نفس الوقت، الكلُّ في البيت مجنَّد لهذا اليوم. وبعد أن تم كل شيء، أخذتنا السيارة إلى محطة القطار الذي نقلنا إلى مركز المدينة حيث موقع الإحتفال. وسرنا في الشوارع المكتظة بفصائل الشباب من كل حدب وصوب، هذه المجموعة تغني، والأخرى تنشد الهالليلويا، ووقع الطبول يحث السير.. والشوارع مخصصة لسير الراجلة، حتى بلوغنا محطة الباصات المخصصة لنقل الحجاج إلى الموقع. فصعدت بكرسيها المتحرك إلى الباص. الساحات مكتظة بالآلاف المؤلفة من الشباب، والأفواج ما تزال تحث السير نحو أماكنها،،، ليدخل الجميع كل حسب مكانه في منصّات الجلوس. وكانت منصَّة جلوس ذوي الكراسي المتحركة بالقرب من بوابات الملعب.. في موقع جلوسنا، كانت الخبرة والعبرة: فهناك عشرات المعاقين حركياً، مع مرافقيهم، فأخذت حنان تتنقل بينهم وتحدثهم عن الحدث الكبير لهذا اليوم: حلول الروح القدس ليملأ الجميع.. كنتُ أراقب الآخرين، عبر المنظار، أو أثناء تجوّلي بينهم؛ الكل جاء ليعلن عن الفرح. يسيرون ويلوِّحون بالرايات والأعلام وقرع الطبول والزغردة كل على طريقته التقليدية. وهكذا حققَت أمنيتَها بالكامل، لتعود إلى أوكلند ممتلئة بالكامل بنفحات الحج، أكثر قوةً وأشدَّ عزيمة، ولقد عاشت حنان لحظات نصرها العظيم، بتحقيق ما كانت تصبو إليه. وها هي ذي ترتقي سلَّم مجد الحياة بقوة وعزيمة وإيمان. تنظر إلى الأبعد: إلى اللقاء المقبل في العاصمة الإسبانية!
شهادة معايشة: باسم حنا بطرس من الإرشيف الشخصي
اكبس هنا للأنتقال الى الصفحة الرئيسية للأستاذ باسم حنا بطرس
|