نشـوان قريــو بحّــو  فنّان مِن بلادي

الفن المسيحي مصدر إلهام

أوردَت الأنباء المنشورة على صفحات موقع عنكاوا عن الإحتفال الكبير الذي شهدتْه مدينة الموصل عند تكريس كنيسة جديدة للكلدان، مع نبذة تاريخية عن مراحل هذا الصُرح الفخم، جاء فيها إسم المهندس المعماري الذي قام بتصميمه، مع إشارة إلى أنه يقيم في نيوزيلندا

تُرى مَن يكون؟

وهكذا كان التحرُّك نحو المهندس المعماري نشوان قريو بحّو، وهو أساساً من أعضاء جماعة كنيسة مار أدَّي الرسول في مدينة أوكلند، لاستطلاع أبعادَه الفنيَّة والكشف عنها.

إنه المهندس المعماري نشوان قريو بحّو

نشوان قريو بحّو: يقدِّم نفسه

نشوان قريو بحّو: الإلهام المسيحي

ولج نشوان بوَّابة الكنيسة من أوسع مجالاتها، فاستقبلَته وإحتضَنته ليفجِّرَ من معينها نبعاً سيَّالاً لا ينضُب. وهكذا كانت الأعمال الكبيرة التي أنجزها في فترة ممارساته الفنية الأولى؛ نترك الحديث له، ليعرِّفنا على أعماله التي لم يُسلَّط عليها الضوء بما يليق بها.

 في العراق

تصميم كنيسة الروح القدس للكلدان في الموصل 1997

 تصميم مطرانية الكلدان في الموصل وتطوير الفضاءات الخارجية وبرج (العذراء سيدة دجلة) لكنيسة الطاهرة القديمة في حي الشفاء.

 بداية العمل مع مطرانية الكلدان

 في أواخرعام 1991 طلب مني الاستشاري والمهندس المدني الاستاذ الكبير فريد مطلوب وهو من مؤسسي كلية الهندسة في جامعة الموصل ومن اقدم اساتذتها حيث كنا نعمل في نفس المكتب أن أرافقه لزيارة (المثلث الرحمه المطران كوركيس كرمو) حيث أنه بصدد إنشاء مطرانية جديدة  للكلدان؛ وفعلاً إلتقينا المطران في المطرانية القديمة في الساعة في مكتبه الصغير في الطابق العلوي. وبعد النقاش طلب مني المطران والاستاذ فريد ان اقدِّم تصميماً ضمن موقع المطرانية الحالي. وأثناء النقاش طرحتُ فكرة إنشاء المطرانية في الاحياء الجديدة .

 ولعدم توفر الامكانية في حينها لشراء أرض جديدة كان الموقع الحالي هو المقترح وجاء التصميم على شكل حرف (ل L :) بالانكليزية ليحيط بالكنيسة والغرف المحيطة بها مع الأخذ بنظر الاعتبار أنْ يتم الربط مستقبلاً بين الكنيسة القديمة والمطرانية الجديدة، حيث الغرف التي تفصل الكنيسة عن المطرانية، من الجص "وعمرها ليس بالقِدَم لكي تعتبر تالايخية أو تراثية بالاضافة الى خلوِّها من عناصر معمارية تراثية أو تاريخية متميزة"، بعكس الكنيسة القديمة والتي تم المحافظة عليها وتم صيانتها حسب الإمكانات الفنية المتاحة فنياً، وإلحاق أروِقة جديدة بها وربطها مع المطرانية بصرياً. لاتاحة المجال للزوار وخاصة أثناء المناسبات باستخدام الاروقة وسطحها.

وأثناء المباشرة بالحفر إعتذر الاستاذ فريد عن إكمال العمل لظروفه الصحية الخاصة، وتم الإستعانة بالاستاذ القدير الدكتور المهندس طلال عبد الرحيم جرجيس وهو من اكفأ اساتذة  الهندسة المدنية في جامعة الموصل وتم إنجاز العمل وكان مفخرةً بشهادة الكثيرين من ذوي الاختصاص في الهندسة المعمارية والأختصاصات الفنية ذات الصلة بالعمل؛ وهنا لايسعني إلا ان أذكر الشماس طالب افرام الذي كان يتابع العمل ويُشرف على التنفيذ بكل تفاني وإخلاص.

وعملتُ مع الدكتور طلال والشماس طالب في تنفيذ دير راهبات بنات مريم في كرمليس. وعملتُ مع الدكتور طلال في عدد من المشاريع بعد إكمال المطرانية، منها تنفيذ قاعة للمناسبات في بعشيقة ومركز بيث عابي في كنيسة العذراء في الدركزلية ومشروع مقترَحٌ لمركز التعليم المسيحي في كنيسة الآثوريين في حي النور ومركز مار يوسف في كرمليس.

 وفي عام 1997 وبعد إكمال الاروقة المحيطة بالكنيسة وهيكل البرج كلفت باعداد تصاميم تغليف البرج. وبعد تقديم المخطَّط الاولي تم االاتفاق أن يكون في أعلى البرج تمثال للعذراء مع اربع تماثيل برؤوس الحيوانات في الزوايا الاربع في مكان تخصُّر البرج أسفل القمة، تمثل الانجيليين الاربعة، مع نحت جداري في الواجهة المقابلة للشارع.  وتم في حينها تكليف النحات ثابت حنا من قره قوش لاكمال نحت تمثال العذراء والفنان سامي يونس من كرمليس لاكمال التماثيل الاربعة. أما الجدارية فقام بنحتها نحات من بعشيقة للاسف لا أتذكر إسمه. وإطارها الحجري الاخ سمير يلدا. وكان المطران قد زوَّدنا برموز الجدارية وقمتُ بتصميمها مع الرسام مازن ابلحد.

  تصميم مركز بيث عابي للتعليم المسيحي في كنيسة العذراء في الدركزلية.

 تصميم قاعة للمناسبات في كنيسة العذراء في بعشيقة.

 تصميم مركز مار يوسف الثقافي في كرمليس.

 تصميم إكساء الجدران الخارجية لكنيسة الطاهرة للسريان الارثودكس مشاركة مع المهندس المعماري ريان خليل.

 تصميم مقترح لمركز التعليم المسيحي لكنيسة العذراء مريم للاثوريين – حي النور – الموصل.

 فكرة تصميمية مقترحة لانشاء مطرانية وقاعة للمناسبات في ألقوش /1999-2000.

 تصميم الفكرة المعمارية لنصب شهداء الحرب العراقية الايرانية في كرمليس، والنحت أنجز من قبل الفنانيين الكرمليسيين زياد داؤد وأزهر يونس.

 تصميم مقترح لمزار العذراء في كنيسة مار قرداغ في ألقوش.

 تنفيذ دير راهبات بنات مريم للكلدان في كرمليس مع بعض الاضافات المعمارية على التصميم الاساسي للمهندس المعماري ريان خليل.

 تصميم عدد من الدور السكنية.

 في الأردن

إعادة تصميم الواجهات المعمارية والمد خل الرئيس والاشراف المعماري لفيلاّ فخمة في منطقة الجبيهة في عمان/ الاردن. المخطط الاساس من تصميم المهندس المعماري عصام شابا وأختير كتصميم متميز وتم وضعه في كتاب نقابة المهندسين الاردنيين لعام 2001.

تصميم والاشراف على تنفيذ جناح إحدى الشركات بالمعرض الدولي للهندسة المعمارية والتجهيزات الصناعية والانشائية 2000 في المركز الثقافي الملكي في عمان / الاردن.

التطوير المعماري لعدد من الفِلَل والمباني والفنادق في عمان.

 في سلطنة عُمان والإمارات العربية

الاشراف على تنفيذ تصاميم الرخام والكرانيت والحجر لعدد من الابنية في سلطنة عمان والامارات العربية بالاضافة إلى بعض الاعمال التصميمية في نفس المجال.

في نيوزيلندا

التصميم المعماري واعمال الرسم والاشراف لعدد من الابنية والدور السكنية.

دار سكنية في نيوزيلاند

نشوان قريو بحّو : يحدِّثنا عن

الفكرة التصميمية لكنيسة الروح القدس للكلدان في الموصل

 في عام 1997 وكنت حينها في الاردن  طلب مني ( المثلث الرحمه المطران كوركيس كرمو) تقديم تصميم جديد  لكنيسة باسم الروح القدس وبعد عودتي كرر الطلب. وإعتمد التصميم على عدد من المفاهيم المسيحية واللاهوتية للخلاص.

 حيث صممت الكنيسة على شكل سفينة ترمز الى سفينة الخلاص التي يقودها يسوع المسيح والتي قادها في العهد القديم أبونا نوح, والمحور الطولي للسفينة واقع على محور الشرق غرب وهو المحور الاساس لكنائسنا الشرقية مع قليل من الانحراف للضرورة المعمارية( لضيق مساحه الارض المخصصه لبناء الكنيسه)، ومقدَّمة السفينة متجهة إلى الشرق، رمزاً لشروق نور الخلاص المسيحي على العالم. وتحمل مقدمة السفينة نحتا مجسما لحمامة السلام تحمل بين منقاريها غصنَ الزيتون رمزاً للسلام وبشرى الخلاص.

  وعلى المؤمنين الدخول إلى سفينة الخلاص من الغرب ويتجهوا نحو النور، ولهذا جاء المدخل في الجهة الخلفية للسفينة.

والسفينة ترتفع عن منسوب الارض الطبيعية بارتفاع قامة الانسان لتذكر المؤمنين بوجود الحياة العليا السامية  فوق حياة الانسان الارضية، والسبيل إليها هو سفينة المسيح، وتذكرالمؤمنين أثناء بداية الدخول إليها وتوحي لهم بان الخلاص يتطلب الصعود الى المسيح والتجرد عن ما هو أرضي وزائل. وقاعدة الكنيسة محاطة بجدار مغلف بالحجر على شكل امواج البحر للدلالة على ان سفينة المسيح تعوم على بحور الارض باتجاه الخلاص .

ويعلو السفينة قبة كبيرة بشكل مضلع متكون من اثني عشر ضلع تتكسر ثلاث مرات نحو اعلى مركز القبة وهي تغطي قاعة الكنيسة بالكامل وتستند على جدرانها التي يختلف سمكها حسب الشكل التصميمي حيث شكل جدران القاعة دائري من الخارج ومضلعة باثني عشر ضلع من الداخل والرقم اثني عشر يدل على عدد تلاميذ يسوع المسيح ويعلو القبة نحت افقي لحمامة الروح القدس للدلالة على انتشار الروح فوق المذبح عند تقديس الافخارستيا.

ويعلو الجهة الشرقيه من القبة وفوق مكان المذبح ويغطي جزء من القبة برج ثلاثي الاضلاع والشكل المثلث يدل على تكامل الله الواحد في الثالوث. ويعلو البرج  فوق القبة بانسيابية الشراع بارتفاع 33 متر فوق منسوب الارض وكل وحدة ارتفاع ترمز الى سنة من سنوات عمر المسيح على الارض ويعلو قمة البرج قاعدة مثلثة تحمل نحت عمودي لحمامة ترمز الى الروح القدس شفيع الكنيسة (وللاسف تنفيذ البرج لم ياتي كما هو مصمم لقلة الامكانات الفنية المتاحة وانشاء الله يتم اصلاحه يوما ما).

وتعلو الجهة الخلفية من سطح الكنيسة وفوق المدخل الرئيسي ثلاث قباب صغيرة بالنسبة الى القبة الكبيرة مرتبة على زوايا مثلث وهمي  تعلوها ثلاث صلبان واحدى القبب زجاجية تسمح للنور بالدخول الى المدخل والقباب الثلاثة رمز الثالوث المقدس الذي ينور المسيحي منذ دخوله الى الكنيسة  وفي كل حياته نحوالخلاص

 وتحت فضاء المدخل من الجهة الخلفية للسفينة يمكن للمؤمن الدخول الى القاعة الرئيسية للكنيسة او النزول عبر درج نصف دائري الى منسوب السرداب ويحوي القاعة الثقافية وهي بنفس مساحة وشكل قاعة الكنيسة الرئيسية ويحيط بها من الغرب والشرق ملحقات خدمية للقاعة.

واخذ بنظر الاعتبارفي التصميم الاساسي ان ياتي التصميم الداخلي  للقاعة والكنيسة بتكوينات توحي للجالس بالفخامة والخشوع ممزوجة بالروحية الشرقية لكنائسنا.

اما شكل قاعة الكنيسة من الداخل فهو كما اسلفنا مضلع من 12 ضلع وبطابقين مدرجين بشكل خفيف  باتجاه المذبح ليسمح برؤية سهلة للمذبح وبطريقة اقل من تدرج قاعات المسارح للحفاظ على الخشوع داخل الكنيسة. والمدرجات جزء من اقواس دائرية مركزها المذبح، تسمح للمؤمن الجالس بمواجهة مركز المذبح مباشرة والتصميم مستوحى من كون الذبيحة هي مركز الاسرار والطقوس التي تقام على المذبح، وهي الوليمة التي يلتم حولها المؤمنين ويشاركون بها مع المحافظة على أن يكون المذبح في مقدمة القاعة للحفاظ على قدسية المذبح في المقدمة بالاضافة إلى كونه المركز الاساسي لجميع المقاعد داخل الكنيسة.

ولابد من الاشادة والتحية للمطران مار بولس فرج رحو الجزيل الاحترام لجهوده لاكمال الكنيسة وإنْ شاء الله تشهد أبرشية الموصل المزيد من المشاريع الثقافية والاعمارية التي تخدم وتبني مستقبلا مشرقا للكنيسة في العراق. وكذلك جهود الاستاذ الدكتور طلال عبد الرحيم والشماس طالب المتواصلة لانجاز المشروع كما مخطط له وتحية لكل من ساهم بانجاز وإصال مراحل البناء إلى ما هي عليه الان.

 وفي النهاية لايسعني إلا أن اقدم شكري وامتناني إلى كل من قدم لي العون والمساعدة منذ طفولتي وأذكر هنا عائلتي والدي واخواني واخواتي ومن بعدهم زوجتي وجميع اقاربي؛ ولابد من الذكر هنا  بالتحية والعرفان بالجميل إلى جميع الذين درستُ على أيديهم من معلمين ومدرِّسين من كرمليس وقره قوش وبرطلة والموصل ومن بعدهم أساتذة الجامعة ومعلمي المدرسة الصيفية في كرمليس. وليس لي إلاّ أن أذكر هنا الاب يوسف شمعون والاب سالم كني للتشجيع الذي كانا يقدمانه لي منذ طفولتي. وكذلك أذكر العم والاستاذ غانم كني الذي لم ألتقِ به وجهاً لوجه لحد الان، لتشجيعه للطلاب الذي كان يرسل هدايا للطلبة المتفوقين من الكويت حيث كان مقيماً هناك،  وكان لي حصة منها أنا وأختي بيداء، وكنا نستلمها عن طريق الاب سالم كني. وأحيي وأشكر جميع الأصدقاء الذين ساندوني أثناء الدراسة والعمل وعلى سبيل الذكر لا الحصرالاستاذ المرحوم يوسف ابراهيم النجار والاخ عادل ابلحد والاخ ازهر يونس والدكتور أنيس أبلحد والاخوة جميل عبوش وسمير يلدا وحبيب يونس والمهندسين المعماريين عامر عزّو وريان خليل وعصام شابا والى جميع الاصدقاء الذين لم  يتسع المجال لذكرهم شخصيا هنا.

نشوان قريو بحّو: ختامها مِسْــك

 وفي النهاية أوجه نداءً إلى كل المطارين والاباء المشرفين على تطوير وبناء كنائس العراق (ولان الكنائس ملك الجميع) بالاستعانة بالمهندسين المعماريين وهم والحمد لله كثر بين أبناء طوائفنا المسيحية، وكذلك بالمهندسين من الاختصاصات الاخرى؛ لان النتاج المعماري للابنية العامة كالكنائس هو مقياس من مقاييس التطور الحضاري للشعوب. وأدعوهم إلى عدم الارتجال والتعجل بدون دراسة مسبقة والتي هي سر تطوُّر البلدان المتقدمة في كل المجالات.

 وأقدِّم شكري وامتناني الى كل من قدم لي العون والمساعدة منذ طفولتي واذكر هنا وجدي المرحوم هرمز يوسف جمعة الذي كان له الاثر الكبير في حياتي بصورة عامة وبدراستي؛ وأشكرعائلتي بدءاً بوالدي وأخوتي وأخواتي ومن بعدهم زوجتي وجميع أقاربي .

وفي النهاية المعذرة لكل من لم تسعفني الذاكرة لذكره

ومسك الختام  تحية وشكر للاستاذ الكبير الموسيقار باسم بطرس لاهتمامه باجراء هذا اللقاء.

نشوان قريو بحّو 

 الصور: من موقع عنكاوا، لكنيسة الروح القدس في الموصل. بقية الصور للمهندس نشوان قريو بحو.