براءة اللـه من موت الانسان! صباح جولاغ من المشاكل الحيوية والتي نعاني منها نحن ـ المتاوربين ـ المقيمون في اوربا، هذا الصراع الداخلي بين ما كنا عليه وبين ما يجب ان نكون، بين ما تعلمناه من قيم ومبادئ ، كنا قبل حين نتباهى بها، وبين الاحساس بالعجز وعدم القدرة على مسايرة الحياة ومتطلباتها، ليس لكوننا اغبياء، حاشى، ولكن بسب ثقل هذا الموروث حينا، ولعدم جدواه احيانا فتولد لديناحالة من الياس والانكسار ومن ثـم الضياع! ومن جملة هذا الموروث الذي يثقل كاهلنا حقا نظرتنا للموت ما هو الموت، ومن المسؤول عنه الارض ام السماء؟ في الغرب واوربا على وجه الخصوص، ليس من السهل التحدث عن الموت دون مناسبة، واذا اقتضى الامر ذلك،يحتاج المرء اما الى الحجة او الى الحدث،لا لان هذه الشعوب والامم لا تموت، لكن لانها منهمكة بالحياة وكيفية تطويرها، وانها حقا تفهم وتعشق الحياة. لذا فان لفظة الموت لا توجد في قاموس حياتهم اليومية الا في حالتين، الاولى حوادث الطرق، والثانية تقدم العمر،الشيخوخة، وحتى في هذه الحالة يكون المسن قد فكــر بالامر مسبقا وهيا كل شئ، فتقوم شركة التامين باللازم. اما نحن، فان الشرطين اعلاه ـ الحدث او الحجة ـ وللاسف الشديد متوفران معا، فلقد اصبح الموت في العراق مفردة من مفردات الحياة اليومية، حيث تتساقط العشرات من الضحايا ضحايا القتل والتفجير والذبح وقطع الرؤوس والاغتيالات وغيرها من فنون القتل إإإوانني وبالرغم من اقامتي في اوربا، فانني اعيش في العراق والعراق يعيش في اللـه اله الحياة فقط!!! لان الله ـ اب ـ يحب اولاده، خليقته، ولان الله واهب الحياة، ولان الله ـ محبة ـ والمحبة لا تعرف غير العطاء،فمن الخـطا ان نتصور ولو للحظة بان الله سيرد يوما ما عطيته هذه، فالاب لا يقتل ولا يميت اولاده، بل بالعكس ضحى بابنه الوحيد،الحي، لاجلهم،المؤمنيـن به. خلق الله الانسان على صورته ـ الكتاب المقدس، سفر التكوين ـ صورة الله تجاه الانسان ليست الهيئة وانما الجوهر الازلي، بمعنى ان روح الانسان هي ازلية ايضـا، اما الجسد ـ صنيعة الانسان بارادة الله ـ لكونه مادة فانه محدود وزائل يعامـل بلغة الارقام، بدءا بلحظة الصيرورة، التكوين اي الحمل، فتبدا عملية العد، عدد الشهور والاسابيع والايام وحتى الساعات واللحظات، فيتم تدوين وحفظ هذا التاريخ، وفيه يطل المولود، كائن متكامل من الروح ومن الجسد،ومنذ هذه اللحظة وبدون علم وفهم نقوم بفصل الروح عن الجسد او ينصب جل اهتمامنا على الجسد المرئي، اشباعا لانانيتنا وارضاءا لاهوائنا السخصية، ونسميه الاسم الذي يحلو لنا، ونلبسه ونغذيه كما نرغب نحن ـ تحت ستار الحب ـ وليس كما يجب! وهكذا نرتكب خطا فادحا، حيث نتعامل مع هذا الكائن الكامل بالمناصفة وكانه ملكنا نحن فقط،حتى لا يتم ذكر اسم خالقه سوى بكلمة الشكر على سلامة الولادة.وهكذا يكبر تعلقنا بـه حبنا له، حب الامتلاك ـ الانانية ـ الى ان تاتي لحظة الرحيل! تقوم القيامة، نبكي ونحزن، وقد تكون هناك ردود افعال كثيرة وكبيرة،كمن لا امل لهم، ومن حالة العجز الاني في ملء الفراغ الذي يتركه في ذاكرة انانيتنا، ولكن بعد مرور الوقت ـ حصولنا على الوقت الكافي لملءالفراغ ـ النسيان ـ انشغالنا بشخص اخر او اشياء اخرى تكون احزاننا قد تلاشت وخفت، وتكون ينابيع دموعنا قد نشفت وجفت. وهكذا لو ادركنا ومنذ البداية حقيقة هذا الكائن وماهيته اولا،ومن ثم والاهم لو امنا بحتمية الموت،حبة الحنطة، لكي نتحول، كواجب الدخول الى الحياة الابدية، ليس بجسدنا الارضي، ولكن بجسدنا السماوي، لبدا لنا مفهوم الموت مفهوما اخر، وتكون ردود افعالنا مجردة من انانيتنا قدر المستطاع واكثر عقلانية ونضجا ايمانيا. اما عندما ياتي الموت في غير وقته، فعلينا ان نحزن حقا مرتين، الاولى جاء ضد ارادة السماء، والثانية جاء نتيجة اخطاءنا البشرية، كالحروب والقتل وحوادث الطرق، وكل ما هو من عمل الانسان. والاسف الشدبد فان الموت الثاني ـ اذاصحت تسميته وتصنيفه ـ هو الاكثر هذه الايام لان الانسان منشغل في اشـباع انانيته، تاركا اخاه الانسان بعيد من محبته! علينا ان نسمو بارواحنا واجسادنا معاوان ننفض منها غبار الماضي والافكار المريضة والمتعشعشة في بواطن عقولنا وان نحرر ذواتنا وان نستغل الحياة جيدا وكما ينبغي لانها هبة السـماء التي لا تتكرر. علينا ان نتخلص من ادران الماضي والموروث الثقيل، كالاعتقاد بالقضاء والقدر، وبالمكتوب، وهذه خبزته،وان الله اعطى والله اخذ، وغيرها الكثير من المعتقدات ضد العقل وض المنطق لا بل ضد ارادة السماء، هذه الارادة التي ترغب بان يعيش الانسان حرا بامان وسلام مع ذاته اولا ثم مع اخوته البشر، وكون الانسان حرا، فهو المسؤول الوحيد على هذه النعمة. فاما ان يعيش سعيدا فرحا، او مهموما تعيسا، الحرية هي القدرة على الاختيار.
|