قد أُكمل الفداء
لنتقدم بكل إَتضاع الى الجلجثة ولننظر بخشوع الى المصلوب فنرى ما لم يخطر على بال: لقد عصب أعداؤه رأسه بأَكليل الشوك، ولكن ما أرهب الجلال الذي على جبينه: علقوه على الصليب ، فكان الصليب رايةً لإعلان مجده الأدبي والروحي. وصرخوا للحاكم قائلين "أصلبه" أما هو فصرخ الى الله قائلاً " أغفر لهم ". يا لها من كلمة! إنها كلمة محبة في ضوضاء، وكلمة هدوء في أعاصير الألم، وكلمة الصلاح في أروع مظاهر الفجور وكلمة الثقة لأن المسيح لم يمت بيد أعدائه بل مات عنهم. لأنه قال " يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ". لقد رُفع الصليب كمذبح وعلق عليه المسيح كذبيحة. نحو الساعة التاسعة صرخ رب المجد بصوت عظيم قائلاً " إيلي إيلي لِما شبقتني ؟" أي إلهي إلهي لماذا تركتني؟" أسدلت الظلمة ستارها الكثيف فصمتت الألسنة وهدأت الأصوات وسكنت الحركات ثلاث ساعات، وكان رب المجد الميسح يسوع يعاني آلاماً نفسية مبرحة، غير ما كان يعلنه من ألَم الصلب وعاره. وآلاماً سرية من يد الآب لايدركها عقل ولا ينطق بها لسان، وجاءت الظلمة الدامسة تعم الأرض كلها لتعلن ثوب الحداد. أن سيد العالم الفادي العظيم يكابد آلام الموت الكفاري. ويعاني وحده قصاص الخطيئة كنائب عن البشر. في اللحظة الخطيرة التي فرغت فيها جعبة أعداء المسيح له كل المجد من سهامهم وتلقى منهم كل براهين حقدهم بلغت الكفارة كمالها ومن ثم انجز الرب الوعود وأتم العهود. فقد أكمل المشيئة الإلهية ونفذ قضاءها المحتوم وهتف بصوت عضيم " قد أُكْمِلَ ". نعم قد أكمل الفداء ، والفداء من حيث حصولنا عليه هو ماضٍ وحاضر ومستقبل . فبالنسبة للماضي ننال غفران كل ما فات، أما في الحاضر فنحصل على التجديد والتقديس والسلام. أما في المستقبل فنحصل على قيامة الأجساد وحياة الدهر الآتي.
الشماس الرسائلي بنيامين القس أوكلند (نيوزيلندا) أيلول 2006.
|