في حوار خاص الخور أسقف مارون حيصا لمجلة الإبداع السرياني
حاوره: فراس حيصا E-mail: firashesa@yahoo.com نشر الحوار في مجلة الإبداع السرياني العدد (11) تشرين الأول 2010
- فنزويلا بلد مسيحي، حوالي 90 % من الشعب هو كاثوليكي. في كل شارع توجد كنيسة، شعب مريمي لكثرة محبته لأمنا العذراء مريم، وشفيعة فنزويلا اسمها عذراء كوروموتو. - أهم عمل لي في فنزويلا هو تأسيس رعية مار جاورجيوس الشهيد من الصفر. - ككنيسة علينا أن نوعي الناس، وعلى الكنيسة أن تتخذ قرارات فاعلة ونافذة للحد من تحويل سر الزواج المقدس الى تجارة ولعب بمشاعر الغير. - أتمنى من كل قلبي لأهلنا في بخديدا العيش بسعادة وسلام داخلي وأمان، وهذا لا يأتي إلا بيسوع له المجد الذي يعيش في قلوبنا، فهو الوحيد الذي يستطيع أن يمنحنا السلام. سطور مضيئة من حياته هو سعدي متي توما، ولد ببخديدا / قره قوش في 1 حزيران 1965، من متي توما حيصا وسارة عزيز شندخ، تعلم في مدرسة قره قوش الثالثة، وبعدها في ثانوية قره قوش للبنين، التحق بدير مار يوحنا الحبيب، ثم دير مار بطرس وبولص في بغداد لدراسة الفلسفة واللاهوت، ترك الدير والتحق بخدمة العلم من 1988 إلى 1991، دخل دير الشرفة بلبنان لتكملة الدراسة في جامعة الكسليك، تخرج في سنة 1995، ارتسم شماس إنجيلي في 11 تشرين الأول 1995، واقتبل الرسامة الكهنوتية في 10 تشرين الثاني1995 واتخذ اسم (مارون) تيمناً بالقديس مارون. عمل في بداية دعوته الكهنوتية في مسقط رأسه (بخديدا) لمدة سنة، بعدها سافر إلى ايطاليا ليعيش اختبار الفوكولار، ومنها إلى فرنسا لدراسة اللغة الفرنسية في الجامعة الكاثوليكية في تولوز، عاد إلى الوطن وعمل في الموصل لمدة عامين، بعدها غادر إلى فرنسا للعمل في إحدى رعايا أبرشية ألبي ومنها أرسله غبطة الكاردينال موسى داؤد الأول للعمل في فنزويلا ولحد الآن، رقي إلى درجة الخوراسقفية في فنزويلا/ باركيسيميتوا في 21 تشرين الثاني 2008 بوضع يد سيادة المطران لويس عواد الجزيل الاحترام. يتكلم اللغة العربية والفرنسية والإسبانية والايطالية والسريانية، له كتاب تحت الطبع عن حياة القديس مار جاورجيوس الشهيد باللغة الأسبانية، وله كتاب القداس الإلهي باللغة الإسبانية والعربية. حالياً يعمل خوري رعية مار جاورجيوس الشهيد للجالية العربية، وخوري رعية سان هورهي اللاتينية في نفس المدينة. حاورته مجلتنا خلال زيارته الأخيرة لبخديدا مسقط رأسه فأجاب عن أسئلتها مشكوراً: - هل لك أن تعطي نبذة موجزة عن دولة فنزويلا التي تخدم فيها؟ تعرف فنزويلا بدولة البترول في أمريكا الجنوبية، ومعنى اسمها بالإسبانية (فينسيا الصغرى) وذلك بسبب الأكواخ التي كانت حول بحيرة ماراكايبو عند اكتشافها مع جزر الهند الغربية، واستعمر الأسبان فنزويلا في بداية القرن الميلادي السادس عشر، واستمر استعمارهم لها أكثر من ثلاثة قرون، قامت ضد الحكم الإسباني عدة ثورات بزعامة سيمون دي بوليفار، حتى استقلت البلاد في سنة (1830 م)، وذلك بعد أن انفصلت عن جمهورية كولومبيا الكبرى، والتي تكونت سنة (1821 م) سيمون دي بوليفار قاد حروب الاستقلال في بلاده فنزويلا التي اعترفت بالجميل، فكان اسمها الرسمي جمهورية فنزويلا البوليفارية، وأطلقت اسمه على عملتها الرسمية وعلى أهم الشوارع والميادين والجامعات والمدارس والصروح الثقافية والعلمية بمدنها المختلفة، كما نُصِّبت تماثيله في كل مكان، بعد حصولها على الاستقلال عام 1811 بعد حروب التحرير الدامية التي خاضها المحرر سيمون دي بوليفار خلال القرن التاسع عشر. العاصمة كاراكاس، اللغة الرسمية هي الأسبانية، نظام الحكم جمهوري، مساحة فنزويلا حوالي مليون كيلو متر مربع، عدد السكان 27 مليون نسمة، الديانة مسيحية كاثوليكية. - كيف يتابع المؤمنون الكنيسة في فنزويلا ؟ فنزويلا بلد مسيحي، حوالي 90 % من الشعب هو كاثوليكي. في كل شارع توجد كنيسة، شعب مريمي لكثرة محبته لأمنا العذراء مريم، وشفيعة فنزويلا اسمها عذراء كوروموتو، ولكل مدينة شفيعة هي أمنا العذراء بأسماء مختلفة، ففي فنزويلا هناك تقوى كبيرة ومحبة خاصة لأمنا العذراء مريم، فهو بحق شعب مريمي. وفي فنزويلا محبة وتقوى للطوباوي (هوسي كريكوريو) الذي تجرى آلاف العجائب بشفاعته، وله قديسة اسمها (ماريا سان هوسي). في السنوات الأخيرة ولغرض إضعاف الكنيسة الكاثوليكية، دخلت عدة كنائس إنجيلية، وشهود يهوه، وعبدة الشيطان والماسونية، ولكن الأعضاء التابعين لهم لا تتجاوز نسبتهم 10 %، بسبب إيمان شعب فنزويلا الكاثوليكي. - كيف ترى الانتشار المسيحي في فنزويلا ؟ فنزويلا بلد الإيمان، والانتشار المسيحي فيها جيد، في آخر سينودس لأمريكا اللاتينية مع قداسة البابا بندكتس السادس عشر اقر السينودس التبشير المسيحي من بيت الى بيت، ومن باب الى باب، على نفس نمط بدع شهود يهوه، أي نحاربهم بنفس سلاحهم، وهناك في رعيتي أعداد من المجاميع التي تبشر في البيوت. - ما هي أهم النشاطات التي قمت بها هناك خدمة لكلمة الرب؟ أهم عمل لي في فنزويلا هو تأسيس رعية مار جاورجيوس الشهيد، فالمدينة التي قدِمْتُ إليها لم يكن فيها رعية عربية، وكانوا كما يقول سيدنا يسوع المسيح في الإنجيل كخراف بدون راعٍ، مشتتين، ولكن والحمد لله وبقوة الروح القدس وببركة أمنا العذراء مريم، وفقنا في تأسيس رعية هي الآن من أحسن رعايا فنزويلا بشهادة رؤسائي الروحيين، أيضاً أنا خوري رعية في الكنيسة اللاتينية في فنزويلا، لدينا أخوية للشبيبة، وتعليم مسيحي للأطفال، أيضاً لنا ثلاث مجاميع من الجيش المريمي، وثلاث أجواق للتراتيل، فضلاً عن إقامة نشاطات أخرى من رياضات ومحاضرات روحية. - هل هناك ذكر لبخديدا؟ هجرة العوائل المسيحية إلى فنزويلا أكثرها من سوريا وبالذات من حلب الشهباء، ومن لبنان، عدد العوائل العربية المسيحية في رعيتي تقدر بـ 400 عائلة مسيحية عربية اغلبها من حلب، هناك فقط عائلتين عراقيتين من القوش في رعيتي. بخديدا هي في قلبي دائماً ومكتبي الذي اقضي فيه أغلب وقتي، فيه لوحة جدارية عن قنطرة بخديدا (قطرتا دبئينا) وشال خديدي مزركش، لكي أتذكر بخديدا دائماً ولا أنساها. - ما هي البلدان التي زرتها وأيهما اقرب الى قلبك من غيره؟ زرت عدة بلدان، درست في لبنان، وأيضاً عملت اختبار الفوكولار في ايطاليا، ودرست في الجامعة الكاثوليكية في فرنسا تولوز، وعملت لفترة في إحدى رعاياها، وحالياً ومنذ (10) سنوات أعمل في فنزويلا، في مدينة باركيسيميتوا، أكثر بلد أحببته ككاهن هو (فنزويلا)، وشعب فنزويلا الطيب المؤمن، الذي يحب كهنته كثيراً، فللكاهن عزاء كبير بهذا الشعب الذي لم أر مثله في أي مكان آخر . - حاليا أنتَ في بخديدا في بلدتك ووسط اهلك، ما هو رأيك بمظاهر الزواج، ابتداءً من المهر وحفلات الزواج الباذخة واستمرارها لأكثر من يوم. ما هي مقترحاتك في هذا المجال، وماذا يجب أن يكون دور الكنيسة في نظرك من اتخاذ إجراءات فعالة لمعالجة هذه الحالة المتفاقمة؟ الشعب الباخديدي تغير كثيراً، وهو يتغير يوماً بعد يوم وبسرعة، ومع الأسف إن الأمور التي تجري حالياً قد نقلتنا من التواضع الكبير الذي كان يتحلى بها أباؤنا وأجدادنا إلى التكبر والتباهي، وأصبح كل واحد يرى نفسه بما يملك وينظر لغيره أيضاً على هذا الأساس، كما يقال:(عندك فلس تسوى فلس، عندك مئة تسوى مئة) بغض النظر عن القيم والمبادئ والأخلاق، وسر الزواج المقدس هو الضحية الأكبر لهذه العقلية المادية الصرفة، فكم من الآباء لم يقبلوا تزويج ابنتهم بشاب مكافح خلوق لا لشيء إلا لأنه لا يملك ما يكفي من المال، ويفضل أن يزوجها (طبعاً جبراً) أو بالأحرى أن يبيعها للذي يملك أكثر وهذا الزواج من ناحية الحق القانوني هو زواج باطل كنسياً، فإلى متى سيبقى الآباء لا يحترمون مشاعر وأحاسيس بناتهم، وكأن البنت هي ملك صرف للأب يقرر مستقبلها كما يحلو له، ضارباً بعرض الحائط قرارها الشخصي مع من تريد أن ترتبط لتكون زوجة وأماً وتكون عائلة مسيحية، والى متى سيبقى الآباء يفكرون بأن المادة هي أساس السعادة وضمانة للزواج السعيد. من ناحية ثانية، الفقراء أصبحوا ضحية للأغنياء، فالغني يشتري ما يحلو له من ذهب وأشياء أخرى، وعلى الفقير أن يحذو حذو الغني ليكون مقبولاً اجتماعياً. الحل هو معقد، ككنيسة علينا أن نوعي الناس، وان تتخذ الكنيسة قرارات فاعلة ونافذة للحد من تحويل سر الزواج المقدس الى تجارة ولعب بمشاعر هؤلاء الشباب، وعلى البنات أن يكونوا صامدات وأن لا يقبلوا الزواج ممن يقرر لهن، وأن يبوحوا بذلك للكهنة ليحولوا دون هذا الزواج الباطل أصلاً. وعلى الشباب الغير المتمكنين مادياً، أن يحتفلوا بسر الزواج حسب إمكانياتهم المادية المتواضعة، وأن لا يكونوا ضحية التظاهر والتباهي على حساب الديون التي تتراكم عليهم. - كلمة أخيرة تقولها لأهل بخديدا ولقراء مجلة الإبداع السرياني؟ من كل قلبي أتمنى لأهلنا في بخديدا العيش بسعادة وسلام داخلي وأمان، وهذا لا يأتي إلا بيسوع له المجد الذي يعيش في قلوبنا، فهو الوحيد الذي يستطيع أن يمنحنا السلام الذي نبغي والفرح الذي نبحث عنه والأمن الذي نحتاجه، وقطعاً لا تستطيع المادة أن تمنحنا هذه النعم الثلاث: السلام والفرح والأمن، الله يبارك الجميع وأمنا العذراء تحميكم من كل مكروه. واشكر هيئة تحرير مجلة (الإبداع السرياني) على هذا اللقاء. أتمنى لجميع العاملين فيها، والذين بالرغم من الإمكانات المادية المتواضعة فإنهم يبدعون بحق، وإصداراتهم يشار إليها بالبنان، فالله يبارككم جميعاً والى الأمام دائماً.
|