الفنان ثابت ميخائيل بتق                      كتابة د. بهنام عطاالله

Museum

متحف

فنانونا السريان

فن

رياضة

أدب

أعلام

أرشيف الاخبار

منتديات السريان

بريد القراء

موارد السريان

السريان

 الفنان ثابت بتق في كنيسة مار كوركيس في بغديدِا

 

ولد الفنان ثابت ميخائيل في بخديدا عام 1963 ، درس في مدارسها الابتدائية والمتوسطة والثانوية ، كان له اهتمامات فنية منذ الطفولة ، وبخاصة في مجال التشكيل والمسرح ، كما كان متابعاً للمعارض المدرسية السنوية التي كانت تقام في بخديدا والمنطقة ، تبلورت اهتماماته الفنية من خلال زياراته المتكررة للآثار الآشورية والتماثيل والمجسمات الكنسية ، فاستفاد من تقنياتها الفنية العالية لتطوير قابلياته  في التشكيل والنحت ، والتي تركت أثرها البارز على مجمل أعماله الفنية فيما بعد . أنجز العديد من اللوحات الفنية المبدعة ، كما نحت الكثير من الأعمال الفنية في العراق . دخل أكاديمية الفنون الجميلة / بغداد ، وحصل منها على شهادة البكالوريوس في النحت . عمل رئيساً لقسم التربية الفنية في معهد إعداد المعلمات / نينوى لمدة خمس سنوات . وهو عضو نقابة الفنانين العراقيين وعضو اللجنة العليا لفعاليات مهرجان الربيع منذ عام 1996. وعضو اللجنة العليا لفعاليات مهرجان الإبداع السرياني في قره قوش عام 2000 . من أهم أعماله النحتية :

 

· تمثال السيدة مريم العذراء في مطرانية الكلدان في الموصل .

· تمثال السيدة العذراء في بعشيقة .

· المشاركة في عمل جداريات آشورية لنصب مدخل مدينة الموصل .

· جدارية للقديسة ريتا في كنيسة السريان الكاثوليك في كركوك .

· تمثال السيدة  العذراء مع سيدة لورد في دير مار كوركيس بالموصل.

· تمثال للسيدة العذراء في دير مار بهنام .

· تمثال نصفي من البرونز للمثلث الرحمة المطران قورلس عما نوئيل بني في مركز مار بولس للخدمات الكنسية في بخديدا /قره قوش .

· تمثال للسيد المسيح (له المجد) مع جدارية القديس بولس في مركز مار بولس للخدمات الكنسية في بخديدا / قره قوش .

· تمثال جبس للسيد المسيح (له المجد) في كنيسة مار يعقوب في بخديدا / قره قوش.

· جداريات لعدد من المواطنيين من بغداد والموصل وكركوك .

· نحت مجسم لمدينة الألعاب / محافظة دهوك .

· كما اخرج فنياً العديد من الكتب الأدبية الصادرة في بخديدا .

 

شارك الفنان ثابت ميخائيل في العديد من المعرض الفنية في بغداد والموصل وبخديدا ، وحصل على شهادات تقديرية من مهرجان بابل الدولي الثاني عشر عام 2000 ، وشكر وتقدير من نقابة الفنانين العراقيين فرع نينوى عام 200 وفي مهرجانات اخرى . كما شارك في العديد من المهرجانات المحلية والقطرية . يعمل حالياً مدرساً لمادة التربية الفنية في بخديدا .

 

 

  جماليات الخطاب التشكيلي وتقنياته في أعمال النحات ثابت ميخائيل       د . بهنام عطاالله

 

تركت المرجعية الثقافية والتجربة الأكاديمية للنحات ثابت ميخائيل أثرهما البارز في مجمل أعماله الفنية المنجزة ، ومن خلالهما انطلق اسلوبه الإبداعي ، وتنامى تعامله مع أبرز الفنانين العراقيين خلال دراستة في أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد ، ومنهم تعلم الأسس الأولى للفن التشكيلي . كما تؤكد بواكيره  التخطيطية والزيتية مدى تعلقه بالمدرسة الواقعية ، خاصة تلك التي تمحورت حول العلاقة الجدلية بين الإنسان والمكان ، كإشارة للدخول إلى عالم التجريد الكوني ، انه يتفاعل بديناميكية مفرطة ، ليعطي لتجربته الفنية بعداً فلسفياً وجمالياً معاً، ضمن ذائقة فنية وثقافية مكنته من الاستمرار في تألقه الفني .

لقد مر الفنان خلال محطاته بعدة مدارس وتجارب فنية ، إلا انه استطاع أن ‘يكونَ لنفسه تجربة مستقلة ، من حيث مكوناتها وتأثيراتها وإيحاءاتها ، إنه بحق فنان مبدع ومتجدد ،  لان اللوحة عنده تعتمد اعتماداً كبيراً على المضمون المتجسد ، على هيئة رسائل بصرية تخلق نوعاً من الجدلية الموضوعية ، التي يمكن اعتبارها إضافة جديدة إلى المشهد الفني التشكيلي المعاصر في العراق .

  إن الكتابة عن النحات ثابت ميخائيل يجب أن تحمل شقين الأول :الفنان والفن التشكيلي، متمثلاً بتخطيطاته ولوحاته . أما الشق الثاني فيتمحور حول أعماله النحتية والتجريدية .

من خلال الشق الأول وفي مجال الرسم نرى أن البنى الشكلية لأغلب أعماله ، تأخذ بعداً للدخول إلى فضاءات تتمظر فيها تباينات الأفكار والرؤى ، انه يحاول التشبث وبإصرار لخلط المرجعيات الأكاديمية والثقافية مع النسق العام لتقنيات اللوحة وهندستها .

وتأسيساً على ذلك فان اللوحة عنده : ( كالكائن الحي جهاز له كيانه الذاتي ومطلبه ، تحكمه قوانين خاصة به لدرجة إن ما هو جيد في إحداها يمكن أن يكون رديئاً جداً إن نحن نقلناه إلى غيرها . أما العناصر الأخرى التي تتكون منها اللوحة متضامنة فيما بينها ، فيعتمد بعضها على الآخر اعتمادا متبادلاً كالمجموعة الرياضية ، إذا حذفتَ أو أضفتَ رقماً واحداً عليها ، أصبحت المجموعة الرياضية خاطئة) ، إنها تؤثث مهيمنات جديدة ، بالرغم من أنها قد توحي إلى وجود علائق تموجية تشفيرية مرمزة ، تغدو الصورة عنده وكأنها صعبة الإدراك ، لكنها غالباً ما تؤكد على وجود فيوضات ومرايا متعددة ، متداخلة مع بعضها ، تعكس صخبه المثير للجدل ، ما يلبث المتلقي أن يدرك مفهومها الحسي والجمالي لاحقاً .

والفنان يركز في بعض لوحاته على موضوعة الجسد ، كأساس جمالي لاثارة اهتمام المتلقي، من خلال تقنيات غنية بمواصفات خاصة يبتكرها الفنان ، معتمداً في ذلك على اختزال الشكل لاثارة الأسئلة المتتالية وابراز نبض الجسد وقوته ، كما أن المغزى العام لغياب بعض أجزاء الجسد كالرأس مثلاً ، فضلاً عن إقحامه الخطوط والحروف ، يأتي بغية دعم الفكرة داخل إطار اللوحة ، ويسهم في اغنائها من حيث الإيحاء والتأويل وتعزيز فكرة التواصل . 

وفي موضوعة اللون ومن خلال تحليقنا في تكوينات لوحاته ، نراه يؤسس في مدياتها  بانوراما بصرية ادراكية واعية ، يؤكد فيها على مخيلة عالية بغية إثارة الجدل ، ضمن تعبير روائي ملحمي ، يتجه غالباً نحو الأصالة ، يستعير من خلاله ملامح حضارة العراق بمؤثراتها الاسطورية والرمزية والتجريدية ، فضلاً عن سياقاتها البصرية Visual Gontext. وبالرغم من تعامله مع الألوان الباردة ، إلا انه يستخدم معها تقنية تظهر براعته في تأثيث اللوحة وتموسق فضاءاتها  .

إن هذا الاستخدام الذكي والواعي ، ما هو إلا دعوة مفتوحة من اجل التأمل الذاتي ، في مساحة لوحاته وخلفياتها   Back Ground  ، التي تتسم عادة بالإيهام البصري ، مما يبعث فيها انفعالات متتالية ، ‘تظهر الأحاسيس التي تبين مدى ثراء فكره وتأسيساته اللاحقة ، المتكونة من نبض الحركة وحداثة التشكيل .. انه يمزج بين الرؤية التشفيرية والرؤية البصرية المدركة ، منطلقاً في ذلك من افتراضات خيالية وتأملية ، تعكس مكنوناته ورغباته اللامتناهية . فمدار الفنان الكوني ، يعمل على وفق منطلق رؤيوي تبرز فيه القيم الفنية داخل اللوحة ، مما يعطي للمتلقي الحرية الكاملة لاقتناص الحدث وتحليله بروية وتأن.

وفي مجمل أعماله النحتية - التي تتسم اغلبها بتوكيد الإرث التاريخي لحضارة وادي الرافدين والميثولوجيا العراقية نستنتج بأن المتلقي ينظر إليها على أنها لغة للتعبير المرئي ، تهدف إلى صياغة مفاهيم فنية جديدة ، تتألف من علاقات بارزة بين العمل النحتي والفكرة العامة ، حيث تنطلق الفكرة داخل الذاكرة الحية والتي نستطيع تسميتها بـ (الحقيقة الداخلية) على شكل حركات وإيماءات وكتل مجسمة ، وفي هذا الصدد يعتبر النحات الفرنسي رودان : الحقيقة الداخلية التي تظهر تحت شفافية الشكل وهي التي يسميها الخاصية ، إن كل حياة تظهر فجأة من مركز ، حيث أنها تتولد وتنضج من الداخل إلى الخارج ، وهكذا في التمثال الجميل تجدنا نتنبأ دائماً بدفع داخلي قوي . ولها فان نقل النموذج ، لا يساوي شيئاً إن لم يكن يعطي شعوراً بهذا الدفع ، وان لم يكن يظهر كحقيقة داخلية تترجمها حقيقة من الخارج .

إن دراسة أولية لأعماله النحتية تجعلنا نتأنى في إطلاق الآراء ، ذلك لأنه يمزج بين الحسي والتجريدي وموروثات التاريخ العراقي القديم :(السومرية والبابلية والآشورية) ، والتأثيرات والتقنيات الفنية الحديثة .

وتأسيساً على ذلك جاءت أعماله النحتية عموماً متدفقة بقوة الحركة ، متوثبة نحو الشموخ الدائم ، مندفعة باتجاه أفكار ورؤى قلقة ، تهدر من خلالها تداعياته المؤطرة بالصراع مع الحياة والتواصل معها ، انه يعكس من خلال ذلك كله ..عراقة التاريخ وكونية الأشياء .

        

· نشرت في جريدة (بهرا) العدد (229) الصادر يوم الأحد 28 ك1 20