سيروا في النور

 

بينما كنت جالساً أُطالع كتاب، وإنقطع عني النور, عندها قلتُ في نفسي إن النور الذي يضيء غرفتي إختفى بينما لو تأملنا في كلام يسوع المسيح الذي قال: "أنا نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلام بل تكون له نور الحياة", (يوحنا 8: 12- 13).

يجب أن نعرف أن هناكَ نوعين من النور:

1-      النور الزمني  

2-      النور الحقيقي

فالأول لا يتعدى أن يكون مساراً للنظر من خلالهِ. وهو ليس دائمياً, حيث إن أي عطل يَحدث في داخله (أجهزته) يؤدي إلى توقف إنبعاثه أو صدوره, وإذا حدث أن إنقطع عّنا الضوء أو النور, فإننا نشعر بالخوف من هذا الظلام المزعج, فنسرع إلى إشعال شمعة أو ماشابه ذلك لأننا لا يمكننا العيش في الظلام لأن ذلكَ قد يسبب لنا مشاكل كالأصطدام بالكراسي أو أثاث البيت الأخرى, وعند إشعالنا الشمعة نشعر بالإرتياح لأننا نرى كل شيء من حولنا. كالربان الذي يقود السفينة فإنه في الليل يعتمد على منار الميناء الذي ينير البحر فيتعرف على الطريق ويدخل الميناء ويتخلص من مخاطر البحر فإذا حدث أي عطل في هذا المنار فإنه لن يتمكن من معرفة طريقه.

أما النوع الثاني فهو النور الحقيقي الذي نراه بصورة أُخرى. أي في الرب يسوع المسيح حين يقول: "أنا نور العالم من يتبعني لا يمشي في الظلام بل تكون له الحياة"، (يوحنا 8: 12- 13). وهو نور يعطيه إيانا المسيح وهو النور المهم لحياتنا, إن المسيح هو النور الحقيقي وليس فيه ظلمة ولا يمكن أن يُحجبَ نوره لذلك نراه بكل وضوح وهذا النور ينوّر الطريق الذي نسير فيه لكي نصل إلى يسوع المسيح لنبقى أصدقاء حقيقين له. فإنه يسلط نوره الألهي علينا ويدعونا إلى الإقتراب إليه أكثر فأكثر, وهذا النور يكون في داخلنا وروحنا أي (في قلبنا) حيث هناك هو النور الحقيقي (نور المسيح) وهذا النور لا ينطفئ أبداً لأن مصدره المسيح الرب. فلماذا نخاف مادام المسيح معنا, وهو يسير أمامنا وينور طريقنا لكي لانتعثر أبدا,ً ولكن كيف؟

فالمسيح يُريد منّا أن نسلك في حياتنا اليومية في هذا الطريق على ضوئهِ, فإننا إن سرنا في هذا الطريق سوف تغفر كل خطايانا وسوف نتمتع بغفران الرب يسوع المسيح الدائم والمتجدد كل يوم. لأن الذي يتشبه بالرب يسوع المسيح لا يخطئ, لأنه يتبع خطواته, والروح القدس الذي فينا يرشدنا إلى طريق الحق والحياة وينير أمامنا طريق النجاة. وكلما عشنا بالقرب من يسوع وسلكنا في نوره وتأملنا به في حياتنا يظهر فينا نور الله وهذا ما نحتاجه اليوم وما نسعى إليه دوماً.

فعلينا أن نحب أخانا أي كل شخص حتى (عدونا) كما يؤكد الرسول يوحنا هذه الوصية في رسالته حيث يقول: "من قال إنه في النور وهو يبغض أخاه فهو إلى الآن في الظلمة, من يحب أخاه يثبت في النور وليس فيه عثرة". (رسالة يوحنا الأولى 2: 9-10). حيث ليس من السهل أن نحب الغرباء والأعداء, وخاصة الأعداء فلماذا؟ أ ليس المسيح قد أحب أعداءه حتى الذين صلبوه؟!

فالآية السابقة في رسالة يوحنا تتكلم عن المحبة فلنحب لكي نسلك في طريق النور وأما أن نبغض (الكبرياء، الأنانية) فسوف نعيش في الظلام, ومن يسير في الظلمة يعثر ويسقط. ولِما لا نسير في طريق النور الطريق المليء بالأضواء والمحبة هي الطريق التي نراه مليئاً بأنواع الأضواء والألوان.

إذن لنطلب من الرب يسوع النور الحقيقي أن ينور قلوبنا لكي نسير في طريقه ونصبح منوّرين لأنه هو القائل: "النور معكم زماناً قليلاً, فسيروا مادام لكم النور لئلا يدرككم الظلام والذي يسير في الظلام لا يعلم إلى أين يذهب. مادام لكم النور آمنوا بالنور لتصيروا أبناء النور", (يوحنا 12: 35و 36). فلنكن نحن ذلكَ الأعمى الذي شفاه

الأخ يوسف يونو عجم الراهب

الرهبنة الأنطونيّة الهرمزديّة الكلدانيّة