لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

الأب جبرائيل شمامي

عيدُكم مبارك وكل عام وأنتم بالف خير

عيد الميلاد " ولد لكم مخلص"

قبل ألفي سنة وُلد المسيح وبولادته غيَّرَ تأريخ  العالم كله. هذا الطفل المولود في مغارة من أُمٍّ إسمها مريم مجهولة بين الناس، وتحت رعاية نجَّار بسيط مسكين غير معروف، أصبح اليوم رائداً يتبعُه الملايين، وأضحى عيدُ ميلاده ذكرى طيِّبة تبعث الفرح والسلام والمحبة في النفوس في العالم كله.

ينتظر الكثير من الناس كلَّ سنة عيد الميلاد بفارغ الصبر، إذ فيه تجيش دواخلهم بكل المشاعر والعواطف الرقيقة كالدفىء والحًب والحنان ، ويزداد تقواهم تجاه الطفل الإلهي، وقد حوى في طفولته عظمة الله ومجده، والجالس على العرش ملك الملوك يضجع على كومة قشٍّ، وهو الطفل المعجزة، كل الشعوب تقف منذهلة أمام هذا السر العجيب: كيف يتجسَّد الإله حبّاً ليصبح إنساناً، ليجعل من الإنسان إلهاً؟ حقا عجيبة الطريقة التي إبتدعها ليخلِّصنا، غنياً أصبح فقيراً لنغتني بفَقره. وهكذا أمام هذا السر العظيم  يرقى ويسمو إيمان وتقوى كل الذين تتلمذوا له إلى أعلى درجاته.

إذا كان الإيمان مسيرة طويلة وسباقاً بلا توقُّف يُصبح الميلاد محطة يستريح فيها المؤمن ويتأمل في خلاصه، ويعيد نشاط إيمانه فيجدِّد ولادته الروحية مع ذكرى ولادة الطفل الإلهي. فيفتح أبواب قلبه ليدخل ويسكن ملك المجد ويضيىء عَتمات نفسه الدفينة .

هكذا يولد المسيح في قلبه ليبدأ من جديد مسيرته الإيمانية ويفهم أن الميلاد ليس عطلة رسمية ولا لبس ثياب فاخرة جديدة ولا أكل ما طاب ولذّ ولا في نصب أعلى شجرة مضاءة ولا التمادي في شرب الكحول والمسكرات ،ولا في توزيع الهدايا و تبادل الزيارات؛ بل عليه أنْ يفهم أنَّ:

الميلاد الحقيقي هو أن يسقي العطشان كأسَ ماءٍ باردة،

وأن يكسي العريان ثوبَ حبٍّ

ويُطعم الجائع لقمةً هنيئة،

وأن يُخرج الحقد  والبغض من قلبه إلى الأبد

ويملأه بالحب لكلِّ الناس .

وأن يتعامل مع الجميع بلطف ومحبة

وأن يعمل للناس ما يُريد أن يعمله الناس له

وأن يُحِب قريبه كنفسه،

وأن يُحب الأطفال لأن لأمثالهم ملكوت السماوات،

وأن يبتسم في آلامه وصعوباته وأن يُبعد الأنانية من قلبه،

ويدرك أيضاً أن الميلاد هو:

عندما يركع ويصلي بخشوع أمام طفل المغارة

ويسمع وهو يقول له:

يا بُنَي

"يا بُنَي: منذ ألفَي سنة بدأت سلسلة المحبة الأبدية وها أنا أوكِل لك أنْ تُكمل الطريق وتصبح إحدى حبَّات تلك السلسلة. رسالتي ستنتشر بواسطة المئات من أصدقائي وتلاميذي أمثالك .

فكِّر واجعل الآخرين يفكِّرون في معنى العطاء والمحبة؛

لأنَّ بالعطاء والمحبة تُكسَب السعادة. لا يمكن أن تحب دون أن تعطي إذ لا وجود للمحبة الحقيقية دون تضحية، هذا ما علمتُك إياه يوم  مولدي : العطاء المحبة المشاركة.

أعطِ من ذاتك ومن قلبك ومن روحك كما فعلتُ أنا. أُريد أن تلمس روح محبتي حياتك وحياة كل إنسان. كنت بحاجة لأهبك محبتي وأحصل بالمقابل على محبتك ."

من المؤكد أنك تفكر أن تهدي أحباءك هدية العيد، هل فكَّرت أن تهدي ليسوع هديةً يوم ميلاده؟ لا يريد منك مالاً بل يريد قلبك وحبك ليكونا مغارة له يشعر بالدفىء فيه. يريد إيمانك وتقواك وصلاتك وشكرك، يريد إخلاصك له وعيشك لكلمته، يريد سعادتك الروحية  لتُسعِد الآخرين من حولك. يريد هدية الغفران لأعدائك لمَن أساء إليك وجرَحك، يريد أن تُحب كنيستك وتخدمها على قدر إستطاعتك، يريد أن تربِّي أولادك على حبِّ الله والإنسان. وإذا أردت أنْ تصلي فهكذا صَلِّ:

"يا طفلَ المغارة يا شوقَ أشواقنا:

تعالَ واسكُن عالمَنا وضعِ السلامَ في وطننا؛ تعال واملُك على أرضنا ليستتبَّ الأمن بيننا، تعالَ أوقف الحروب بين الشعوب،

تعالَ رسِّخ مبادىء إنجيلك في قلوبنا،

تعالَ لنَجدة مَن هُم في ضيقٍ أو مرضٍ أو عَوَق،

تعالَ ضَعِ العدلَ والمساواة بين البشر،

تعالَ أسعِدِ ورفِّهْ كلَّ مَن يسعى ليجد لقمة عيشِه؛ آمين