قصة للاعماق

للاعماق

الصخر والرمل

نجوى داود ـ بغداد


يحكى أن صديقين كانا يسيران معـاً فى الصحراء، و حدث أن المناقشة احتدت بينهما، بل تحولت إلى مشاجرة، صفع الاول وجه صديقه صفعة قويـة.
لقد أحدثت الصفعة جرحاً شديداً فى مشاعر الصديق الآخر، لكنه وبدلاً من أن ينطق بكلمة جارحة، أنحنى على الأرض وكتب على الرمل: "اليوم صفعنى أعز أصدقائى صفعة قوية على وجهى".

واصلا السير معا عبر الصحراء فوصلا إلى واحة جميلة استراحا عندها ثم اخذا يسبحان فى البحيرة، وبينما هما يسبحان، سحبت دوامة مائية الصديق الآخرالمصفوع وأصبح على وشك الغرق. فأسرع اليه صديقه (الصافع) وتمكن من ان أنقذه في اخر لحظة بأعجوبة شديدة.

 بعد أن تعافى الصديق الاخر الذى كان على وشك الغرق، قام وأتجه ناحية صخرة كبيرة وأمسك بحجر حاد  وحفر هذه الكلمات "اليوم أنقذنى أعز أصدقائى من موت محقق بعد أن كنت أغرق". استغرب الصديق الأول من هذا التصرف وسأله فى فضول: "ترى لماذا حينما صفعتك على وجهك، كتبتَ حماقتى على الرمال، وحينما أنقذتك الان من الغرق، حفرت معروفي علي الصخرة ؟".

فأجاب الصديق  وقال: "عندما يخطئ صديقي فى حقى بطريقة  تجرح مشاعرى، فأنا أكتب ما فعله على الرمال، فمتى ماهبت الرياح محت كل ما كتبتُ، ولكن حينما يصنع معى معروفاً، أحفره  معروفه على الصخر، لكى لا تستطيع اية قوة فى الطبيعة من أن تمحوه بل تظل تذكاراً إلى الأبد".

ثم تعانق الصديقان طويلاً، وتعمقت الصداقة بينهما لسنوات العمر كله.