مواعظ على مدار السنة الطقسية   2006 ـ 2007

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

     إنجيل الأحد         الأحد  بعد الميـلاد        لوقا 2: 39-52

 

ميلاد المسيح ميلاد المسيحية

  

المسيحية ليست طريقة فلسفية ولا مسلكا تصوفيا ولا مدرسة مذهبية ولا دولة دينية. مملكة يسوع ليست مِن هذا العالم . إنها مِن عالم آخر : " إن مملكتي ليست من هذا العالم ... جئت لتكون لهم الحياة " . المسيحية ليست نهجا، بل هي الحياة كلها والحياة بيسوع المسيح . نعم إن المسيحية، كجماعة بشرية ، لها قيمتها الفكرية ومبادئها العقائدية واصولها الأخلاقية ولها قوانينها وأنظمتها تساعد المجتمع على تحسين النهج خدمة للإنسان . لكنها مع هذا كله تبقى في أساسها " روحا وحياة " . لأن المسيح مؤسسها هو كلمة الله الذي بميلاده البشري غيّر وجه الكون. وبدّل جوهر العلاقات القائمة بين الانسان وبين الله، مفتتحا نظاما جديدا هو : حياة المشاركة المستمرة والتفاعل الدائم بين السماء والأرض وبين الله والبشر. هو جاء ليعلم الناس مَن هو الله وما هو لله . ويترك لقيصر ما هو لقيصر.  وهكذا فبالميلاد بدأ تاريخ جديد ومخطط إلهي غايته اسعاد البشر بتقريبهم من الله . وإشراكهم في حياته بالنعمة التي أعطيت بيسوع المسيح. نعمة الولادة الجديدة إلى حياة جديدة هي حياة الله (يوحنا1: 12و14). وهذا يعني تحرير البشر من سلطان الشر . وتحقيق عيش هنيء في هذه الحياة ، بانتظار السعادة الكاملة في السماء حيث يرون الله وجها لوجه.

  

هذا الواقع الجديد أعلنه الملاك للرعاة " أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الناس". كلمات الملاك الموجهة إلى الرعاة كانت إعلانا نبويا عن ولادة المسيحية أيضا. والمسيحية في جوهرها هي حياة نعيشها وليس فقط مبادئ نتعلمها. إنها رسالة تحمل معها الفرح لجميع الناس. إنها دعوة إلى كل الناس لِيُقبِلوا إلى بشرى الإنجيل إقبالهم إلى كنز ثمين. ويدخلوا ملكوت الفرح التي نادى بها الملاك فوق المغارة حيث ظهرت بميلاد يسوع "نعمة الله وطيبه ولطفه لجميع الناس" (تيطس2: 11  و 3: 4).

  

مع الرعاة لنمضِ إلى بيت لحم خاشعين ساجدين للطفل الراقد في مذور حقير وهو الإله خالق الجميع. وهناك نلقي ، عند قدميه، همومنا ومشاكلنا ومعاناتنا ... عنده فقط نجد ما لا تعطينا إياه حياتنا العصرية وعالمنا المشتتت والتائه وراء مختلف الإيديولوجيات والتيارات والمغريات التي لا تشبع جوع الإنسان إلى الفرح الدائم والراحة الحقيقية. إنسان اليوم متعب من هموم زمانه ومتعب من لهوِ زمانه. ولا شيء يريحه حقا إلا ذاك الإله الذي نادى بالسلام والفرح لجميع الناس . شرط أن يكون في الناس إرادة صالحة واستعدادا طيبا للخير. أولئك الذين يقبلون الله في قلبهم وفي أعمالهم وفي تربية أولادهم . أولئك الذين يتحدون بالرب في أفراحهم وفي أحزانهم ويمجدونه في كل الظروف والأحوال. مثل هؤلاء يعطيهم الرب سلطانا وقدرة لأن يكونوا أبناء الله . كونوا سعداء لأن المسيح ولد وجعل من كل واحد منكم ابنا لله. المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام . آمين.

 

       

م. ج.

زائر رسولي