مواعظ على مدار السنة الطقسية   2006 ـ 2007

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

     إنجيل الأحد     الأحد السادس من الصوم      مرقس 10: 46 - 5 

 

    ... إله من إله نور من نور ...

العمى عاهة تحرم الإنسان بهجة النظر وروعة النور. ومن حُرم النور حرم معرفة أشياء جوهرية كثيرة. حرم رؤية العالم وعظمة عمل الله في الخلائق وفي الطبيعة، حيث تتجلى قدرة الله " السماوات تخبر بعمل الله ...". لأنه هو خالق السماء والأرض وكل ما يرى وما لا يرى. حرمان البصر شيء أليم يجعل الإنسان عائشا في غير عالمه.غريبا عن كل ما حواليه . غريبا حتى عن ذويه.  لقد عبر الأعمى طيما بن طيما عن هذا الألم عندما صرخ بأعلى صوته :" يا ابن داود ارحمني ... يا رب أريد أن أبصر".

          لم يشأ الله أن تبقى خليقته مبعثرة، فنظمها ونسقها تنسيقا عجيبا. خلق النيرات : الشمس والقمر والكواكب تتألق في السماء وتدور حول نفسها. وحول بعضها البعض  بإحكام ودقة متناهيتين. دون أن تتصادم فتتَحطَّم وتُحطِّم . خلق الأرض وما فيها من خلائق على اختلاف أجناسها وطبقاتها . ثم كلل الله خليقته باعجوبة هي : الإنسان. إذ خلقه على صورته ومثاله. ذا نفس عاقلة خالدة وروح حية أبدية غير قابلة للإنحلال أوللفساد. لكن الإنسان إذ أحسَّ بنفسه عظيما نسي أن عظمته هي من الله لا من ذاته الإنسانية. فاعتبر نفسه وكأنه هو الله. فتجبر وخرج عن الموضع الذي وضعه الله فيه. أي عن حالة النعمة والفهم والنور. فسقط ومعه سقطت ذريته حتى آخر إنسان في الدنيا. ومع فقدانه حالة النعمة التي كان فيها دخلت الخطيئة. ومعها دخل الجهل والمرض والموت.

          فقدَ آدم، وفيما بعد كل من ينحدر منه بالتوالد، فقدَ النعمة فجُرِحَت الطبيعة البشرية البهية جرحا عميقا وتشوهت في الصميم. واختل النظام في قوى الإنسان. فتمرد الجسد على النفس. وقام منذ ذلك الحين صراع بين الإثنين: فالواحد يصبو إلى الخير والآخر ينزع نحو الشر. حتى أرسل الله ابنه الوحيد ليعيد نظام النعمة إلى هذا المخلوق على صورته فيعيده بثمن غال إلى حالته الأولى.

          وبالرغم من الفداء بقيت الطبيعة البشرية ضعيفة وفي صراع مستمر . صراع جعل بولس الرسول يصرخ : " الويل لي أنا الإنسان الشقي، مَن يخلصني من جسد الموت. لأن الشر الذي لا أريده إياه أعمل. فإن كنت أعمل ما لا أريد، فلست أنا الذي يعمل ذلك، بل الخطيئة الساكنة فيَّ " وقد طلب بولس مرارا من الرب أن يأخذه إليه. فكان جواب الرب له : " تكفيك نعمتي" (رومية 7: 19-22).

أجل إخوتي نعمة الرب هي العلاج وهي الدواء . وهذا ما حققه يسوع عندما جاء وأسس لنا ، بموته وقيامته ، الأسرار المقدسة لنغتسل ونتقدس بها. فيسوع يلازمنا كل يوم وكل ساعة. بل وكل لحظة من حياتنا ونعمته تكفينا. لأنها هي التي تعيد إلينا النور فنرى الرب في كل شيء. ونمجده في كل جمال ونشكره على كل حال . فنسير في النور وبنوره نرى النور . أللهم لا تحرمنا من هذا نورك . آمين .

     

م. ج.

زائر رسولي