مواعظ على مدار السنة الطقسية   2006 ـ 2007

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

     إنجيل الأحد         الأحد بعد الصعود       يوحنا 13 : 31-36   

 ونؤمن بالروح القدس

       في بدء الخليقة كان روح الله " يرفّ على وجه المياه " (تكوين1: 2) . وكلمة  "روح " آرامية الأصل تعني النَفَس ( التنفس) أو الريح أو الهواء ... وهذه المعاني المأخوذة من الطبيعة  استُعملَت في الكتاب المقدس كمجازات للتعبير عن طبيعة روح الله في الكون على شكل قوة فاعلة " تجدد وجه الأرض" (مز 104: 30). هناك تعبير آخر يساعدنا على فهمٍ أبعد. ويقرب إلينا جوهر الروح القدس وطبيعة دوره. فنحن عندما نقول: روح الشيء الفلاني، روح الإنسان ... نعني العنصر الأساسي للشيء أو للإنسان. أي ما يعادل وجوده أو حياته. إلى درجة أنه لو فُقِد هذا الروح انعدم الوجود وزالت الحياة.  فالانسان، لما يلفظ روحه أو أنفاسه،  يموت. أي يفقد عنصر حياته.

      وحين نتكلم عن روح الله، أو نقول أن الله روح (يوحنا4: 24) وأن المسيح الرب هو روح (2قورنثية3:17) ، نعني أن الروح القدس هو عنصر  الوجود والحياة  للآب والأبن. وأنه معادل في الوجود والحياة لهما. وبهذا المعنى نؤمن بأنه ينبثق من الآب والإبن وأنه معهما تكمل طبيعة الله الواحد في ثلاثة أقانيم ومعهما يسجد له ويمجد. وهكذا كان من الطبيعي أن يرسل المسيح بعد صعوده إلى السماء، روحه المساوي له في كل شيء، ليأتي ويثبت تلاميذه ويلهمهم ما ينطقوا به ليواصلوا بأمانة رسالة الإبن. ويبقى معهم قوة ودليلا وسندا ونورا وعزاء وبكلمة فارقليطا " وأنا سأسأل الآب، فيهب لكم مؤيدا (فارقليطا) آخرَ يكون معكم للأبد. روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يتلقاه لأنه لا يراه ولا يعرفه. أما أنتم فتعلمون أنه يفيم عندكم ويكون معكم." (يوحنا 14: 16-17).

      الروح القدس، اخوتي، يدعونا في كل لحطة من لحظات حياتنا ويلهمنا، بشتى الطرق والمواهب والإيماءات، إلى النظر إلى دواخلنا لنطهرها. والانتباه إلى مَن هم حولنا ومعنا لنجدد فيهم وفي مجتمعهم مفاهيم المحبة والإيمان والألفة. لنخلق فيهم، بالتعاون مع الروح القدس، نفوسا جديدة . ومعهم نكوّن مجتمعا جديدا، ابتداء من عائلتنا وفي كل موقع ومكان حللنا فيه . فأينما كما نحن أبناء الروح القدس ومرسلون من قبله.

      إن دعوتنا المسيحية تقضي بألا نعيشَ على هامش مجتمعنا غير مبالين لما يجري فيه من تحولات. بل أن نتغلغل فيه. ونكتشف حاجات كل زمان ومكان وكل حقبة من أي تغيير او تطور اجتماعي، كي نساهم في توجيه هذه الحركة وهذا السلوك  نحو أهداف أكثر انسانية وأخلص أمانة وطهرا واحتراما. وكما الرسل في بدء المسيحية كذلك نحن اليوم مرسلون والروح ينطق فينا وهو قوتنا. فلا نخف من الانطلاق في رسالتنا و لا نتردد. فالروح القدس وهو الرب المحيي ، هو يعمل فينا ومعنا وبواسطتنا حتى يتجدد وجه الأرض. آمين.

م. ج.

زائر رسولي