مواعظ على مدار السنة الطقسية   2006 ـ 2007

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

     إنجيل الأحد    الأحد الخامس من الصوم       لوقا 7 : 11- 18

 

  الرب الخالق يعيل الكل ويدبرهم

بما أن الله خالق كما تأملنا الأحد الماضي، فهو لم يترك الكونَ لوحده بعد أن خلقه. بل تابع باهتمام معتنيا بخلائقه كلها. وهو يرعاها ويسوسها بجميل عنايته وجزيل حكمته . ويحفظها بشرائعه الأزلية ليضمن لها سيرها المعتاد بنوع دقيق وعجيب.دون  فوضى ولا اضطراب. وهذا ما يؤكده سفر الحكمة إذ يقول: " إن حكمة الله تبلغ من غاية إلى غاية بالقوة وتدبر كل شيء برفق... وعنايته تعم الجميع" (الحكمة 6: 8 و8: 1)..    مما لا شك فيه أن الله عليم بكل الأمور الباطنة والظاهرة، الجلية والخفية. فهي كلها بالنسبة إليه واضحة وضوح الشمس. وهو الذي ينظم ويدبر كل ظروف حياتنا وفرصها . ويقودنا في مسالك أحيانا غريبة وصعبة لا نفهمها. لكنه يقودها حتما، حتى في الطرق الأليمة، إلى خيرنا الحقيقي.

          وإذا كنا نظن أنه لا يستجيب إلى طلباتنا أحيانا ، فما ذلك إلا لأنه  يرى لنا ما هو أفضل مما نريد. وإذا كان يسمح أحيانا أخرى بأن تعترينا مصائب فما ذلك إلا لأنه يرى لنا فيها خيرا نجنيه بتحملنا وصبرنا. إنه أدرى منا بمصالحنا. فلا يمكنه أن يريد لنا سوى الخير . ولكي لا نخور في طريقنا مما قد يصيبنا من صعوبة أو هم ، يعود فيفهمنا بأمثال وتعاليم  موقفه منا . فيكلمنا بتشابيه من الطبيعة ليرسخ فينا الثقة بعنايته بنا فيقول : " لا تهتموا لأنفسكم بما تأكلون ولا لأجسادكم بما تلبسون، أليست النفس أفضل من المأكل والجسد أفضل من اللباس؟ . " أنظروا طيور السماء، فإنها لا تزرع ولا تحصد ولا تخزن في الأهراء وأبوكم السماوي يقيتها. أفلستم أنتم بالحري أفضل منها يا قليلي الإيمان ؟ " . " فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل أو ماذا نشرب أو ماذا نلبس... فأبوكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذا كله. فاطلبوا ملكوت الله وبرَّه وهذا كله يزاد لكم" (متى 6: 25-34). ولعل أقوى حجة يقدمها هي قوله: " إذا كنتم أنتم الأشرار تحسنون العاطايا الصالحة لأبنائكم فكم بالحري أبوكم الذي في السماوات.. ". هو يسوع ذاته الذي نطق بهذا كله. أفنخشى من بعد هذا على حياتنا من العوز والضيقة . وحتى في حال حصول هذه أو تلك، أفننسى أن لنا أبا ينظر إلينا من السماء ويرى حاجاتنا.

          بعد تأكيدات يسوع هذه علينا إذن إخوتي أن نضع كل ثقتنا ورجاءنا بعنايته الأبوية وتدبيره الحكيم وقدرته على كل شيء. خاصة عندما تكتنفنا المصائب وتحيط بنا النوائب.  فعندما نبتلى بالأمراض والضيقات. عندما تتعسر أمورنا وتتقلب ظروف حياتنا وتظلم الدنيا في وجهنا علينا أن نصرخ إليه مع المزمّر : " الله ملجأي وقوتي وعوني في الضيقات، لذلك لا أخشى إذا تزعزعت الأرض وانقلبت الجبال إلى قلب البحار" " الرب نوري وخلاصي فممن أخاف . الرب حصن حياتي فممن أفزع" .

          والاتكال على الله لا يعني الاسترسال في الكسل. لا بل علينا أن نعمل فيعمل الله معنا. أي أن الله يكمل معنا ويسند عملنا ويسند ضعفنا ويبارك جهدنا. ويكمل نقصنا. فالاتكال على الله يعني التقدم إلى العمل بثقة مؤمنين بأن الله يعمل معنا. فمنا الحركة ومنه البركة . آمين .

     

م. ج.

زائر رسولي