مواعظ على مدار السنة الطقسية   2006 ـ 2007

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

     إنجيل الأحد       أحد بيان يوسف        متى 1 : 18-25

  

أبن الله وابن البشر

 

الأزمة الشديدة، التي عاشها يوسف بصمت وألم، دلت على احترامه لمريم بالرغم من اختناقه القاتل أمام واقعٍ غريبٍ عجيب لا يمكن شرحه ولا معالجته إلا بهرب سري وصامت. لقد كانت مشكلة يعجز أمامها كل عقل. وقد سمح بها الله ليشير بذلك إلى أصل المسيح الحقيقي: أي أن الله هو الأب الحقيقي ليسوع المخلص الذي وجدت مريم حبلى به من الروح القدس. ومع هذا كان أيضا لابد من رجل يقبل فيحتضن يسوع ويربيه ويكون له أبا أمام الناس. ويضفي على وجوده البشري صفة الشرعية. سرٌّ كبير لم تكن ليوسف القوة الكافية لتحمله لولا نجدة السماء التي هدأته وأفهمته أن عليه أن يتجاوب مع الله . ويضحّي ويقبل بوضع كهذا مبنيّ على ازدواجية الأبوة في المسيح.

 ازدواجية الأبوة هذه كانت أيضا في الأساس من أزمة بقي اليهود يبحثون عن حل لغزها فلم يستطيعوا . لذا لم يكونوا يصدقوه حين كان يعلن أمامهم أنه المسيح ابن الله. هم كانوا يعرفون أباه وأمه وأنه هو ابن يوسف النجار (يوحنا 6: 42). ومع ذلك كله فإن اجتماع هذين الأصلين في شخص المسيح أي أصله السماوي الإلهي وأصله الأرضي البشري، جاء تكميلا لوعد الله بالخلاص. وتحقيقا للمصالحة الجذرية الشاملة بين السماء والأرض وبين الله والبشر . بدأت باتحاد الطبيعتين بالمسيح لتمتد إلى الكون كله  وتجعله خليقة جديدة تفوق الأولى رونقا وجمالا .

  ما هو موقفنا نحن ازاء المحن ؟..  ليس إنسان على وجه الدنيا إلا وله متاعب ومحن وصعوبات تزوره حينا وتغادره أحيانا. هذه هي حالة كل بشر ، مؤمنا كان أم كافرا . المؤمن مثاله يوسف الذي بصبره وإيمانه أنقذ مريم من الرجم. واستحق أن يكون أبا ليسوع ومربيا لمن يخلق ويربي الأجنة في الأرحام. أما الكافر أو غير المؤمن أو ذاك الذي فقد صبره ومحبته . فهذا لا يرى في المحنة والتجربة سوى شرا وانتقاما. وإذن فالتذمر والتشكي والكفر يبقى سلاحه الوحيد لمحاربة كل من يظن فيه أنه هو السبب. هكذا يكثر الشر وتتسمم العلاقات بين الإنسان وربه وبين الإنسان وأخيه الإنسان. 

   يوسف استطاع، بإيمانه أن يتجاوز المحنة القاسية التي كادت تهد كيانه. ويتجاوب مع نعمة الرب ونوره . علينا نحن أيضا أن نكون مستعدين لقبول كل ما يرسله الرب لنا من محن . ونحن نعرف أن الله لا يريد لنا شرا ولا ضررا . لكنه يعطينا النعمة لنتجاوز الصعوبات التي تأتينا من كوننا بشر غير كاملين ومعرضين لكل الأخطار. إنه الأب الحاضر ليكمل كل نقص ويعفو عن كل زلة ويداوي كل مرض . فلننبذ إذن كل تردد وقلق ، متكلين على نعمة الله وعلى جهدنا المجبول بنعمة الرب وبركته فنستطيع مقارعة كل صعوبة . جاعلين منها سبيلا للارتقاء إلى الله وبنيان القريب . آمين

 

       

م. ج.

زائر رسولي