مواعظ على مدار السنة الطقسية   2006 ـ 2007

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

     إنجيل الأحد         الأحد الخامس بعد القيامة          لوقا 9 : 51-62  

الكنيسة موزعة الأسـرار

      الأوامر والتوصيات التي تركها يسوع لتلاميذه : " اذهبوا ...وعلموا...وعمذوا.." (متى28: 20) تُبرز وظيفتين أساسيتين على الكنيسة أن تؤدياها . إحدى هاتين الوظيفتين هي رسالة الوعظ والتعليم. وقد تطرقنا إليها في الأحد الماضي. والوظيفة الثانية موضوع تأملنا اليوم، هي مهمة منح النعم عن طريق توزيع الأسرار المقدسة. فالكنيسة عندما تقيم ذبيحة القداس أو تغفر الخطايا  أو تمنح الكهنوت أو تبارك الزواج ... تعي جيدا أن المسيح وروحَه القدوس يعملان من خلالها وبواسطتها . وأنها تمارس سلطتها وصلاحياتها بتفويض من المسيح الذي له أُعطي كل سلطان في السماء وعلى الأرض. وبأن الروح القدس يحل عن طريق السر المقدس في كل نفس  تقترب أو تنال إحدى أسرار الكنيسة.

هذه الأسرار حاملة النعمة تلد المؤمنين إلى حياة الله. إنها بمثابة رحم روحي فيه يتكون المؤمن ومنه يولد إلى حياة جديدة هي حياة الله . ولكن هذه الأسرار لا يمكن أن ننالها إلا بواسطة الكنيسة. ذلك بأن الكنيسة هي الوحيدة السلطة المخولة من الرب للقيام بمنحا : " إذهبوا ... علموا... عمدوا... من غفرتم له خطاياه غفرت... ما تحلّونه على الأرض يكون محلولا في السماء... وها أنا نعكم حتى انقضاء الدهر... مجانا أخذتم مجانا أعطوا...".

الأسرار المقدسة إذن هي قوة آلام وموت وقيامة يسوع تجرى في حياتنا. ويسوع هو نفسه مَن أسسها. وهكذا فالأسرار المقدسة ليست من اختراع الكنيسة. كما إنها بعيدة كل البعد عن الرتب الدينية  التى اعتادتها طقوس وديانات قديمة أو بدع هذا الزمان الرديئة. الأسرار المقدسة هي حقيقة ثابتة تأخذ منبعها وقوتها من المسيح ذاته الذي شاء إشراك البشر في حياته الإلهية . وهذا الاشتراك هو من جهة يسوع دعوة مجانية وعطاء حبي. وما على الإنسان إذن إلا أن يتجاوب وبحرية ويقبل بإيمان ما يقدمه له المسيح بواسطة كنيسته. فبدون حرية الإنسان وإيمانه لا يعمل السر المقدس مفعوله التقديسي. ذلك بأن السر المقدس ليس عملا سحريا أو تعويذة يلجأ إليها بسطاء الناس وأغبياؤهم. بل هو اتخراط حيوي وجداني روحي بالإله الذي منه كل قوة وكل قداسة وكل الحق . ولهذا فإن السر المقدس لا يؤتي قوته التقديسية إلا على أساس المشاركة الحقة في حياة الله والإيمان الثابت بالسر المقدس وبمفعوله الخلاصي . هذه المشاركة العاقلة والمبنية على ايمان الإنسان هي من خصائص ملكوت الله . وهي ضرورة حياتية لا يمكننا الاستغناء عنها إذا أردنا أن نبني حياة إنسانية مسيحية متكاملة . ففي سيرنا وراء المسيح الذي هو " الطريق والحق والحياة"  نستطيع بنعمة الرب أن نوفق فينا بين متطلبات الله ومتطلبات الإنسان. فنحقق سعادتنا في هذه الحياة والخلود في ملكوت السماء . آمين.

 

م. ج.

زائر رسولي