مواعظ على مدار السنة الطقسية   2006 ـ 2007

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

     إنجيل الأحد    الأحد الرابع من الصوم       لوقا 7 : 1-10

خالق السماء والأرض

          الله هو الكمال وهو الصلاح المطلق وهو الخير غير المحدود. ومن صفات الكمال والصلاح والخير أن يثمر ويشع ويعطي. وهذا يعني أن كمال الله ينتشر في الكون وسخاءَه يشمل كل شيء . وأن إحدى نتائج هذا السخاء هو أنه يخلق آخرين ليشاركوه سعادته . وأهم خليقة أوجدها الله هو الإنسان. كيف لا وقد خلقه على صورته ومثاله. وسلطه على جميع خلائقه. منعما عليه بالعقل ليتمتع بمعرفة الله.

          عرفنا الله عن طريق مخلوقاته التي هي كتاب مفتوح يحكي لنا عن عظمة الخالق وأعماله وجمالاته .ثم عرفناه بشكل أوضح عندما تدخل في التاريخ. وبدأ منذ أيام آدم يكلم البشر عندما وعد حواء بالرغم من خطيئتها أن نسلها سيسحق يوما رأس الحية. وبقي الخالق مرافقا خليقته ومرشدا الإنسان إلى طريق الصلاح مخاطبا إياه وواعدا بمخلص . فكلّم إبراهيم واسحق ويعقوب. وكلم موسى في العوسجة الملتهبة وعلى جبل سيناء. كلم آباءنا منذ القديم بأشباه كثيرة وطرق شتى .. حتى جاء وقت فكلمّنا بابنه الوحيد، على حد قول بولس الرسول: " وفي هذه الأيام الأخيرة كلّمنا بابنه الذي جعله وارثا لكل شيء وبه خلق العالمين. وهو ضياء مجده وصورة جوهره وحامل كلّ الأشياء بكلمة قوته" (عبرانيين1:2-3). ويضيف يوحنا في إنجيله: " والكلمة صار جسدا وحلّ فينا ورأينا مجده مجدا مثلما للوحيد من الآب" (يوحنا 1: 14).

          الفلاسفة قديما توصلوا بمنطقهم البشري وعقلهم الثاقب إلى معرفة السبب الأول لكل ما في الكون وما في الطبيعة من جمال وفن وعظمة. ولكن هؤلاء الفلاسفة لم يعرفوا هذا السبب الأول المسبب لكل شيء ، كما عرفناه نحن بيسوع المسيح. الفلاسفة كانوا قليلين ومعرفة البعض منهم كان يشوبها غموض وتردد. أما بيسوع المسيح فقد عرفَ العالمُ كله أن الله هو خالق الجميع . عرفوه موجودا واحدا خالقا صالحا . ونحن المؤمنين عرفناه أكثر من الكل لأنه كلمنا بابنه الوحيد. نحن عرفنا الله مباشرة. عرفناه ليس فقط موجودا وواحدا وخالقا. ولكن عرفناه أيضا بأسراره وحياته الخفيه عن كل عقل وإدراك. عرفناه أبا حنونا ومحبا وعادلا وصالحا وفاديا وقدوسا و سخيا حتى بابنه الوحيد من أجل خلاصنا وسعادتنا.

          فعلاقتنا بالله الخالق تختلف عن علاقة أولئك الذين عرفوه من قبل، لأن النور الذي جاءنا به يسوع كشف لنا الله دون نقص أو تشويه أو تردد. حتى أصبحنا نرى الله في كل شيء ونتحسس حبه ورحمته وغفرانه بيسوع المسيح. كما أن المخلوقات صارت لنا حروف كتاب سطره الله لنقرأ فيه جماله، لا حواجز تلهينا عن جماله كما كانت للشعوب الوثنية فعبدوا  المخلوقات دون الخالق.

     

م. ج.

زائر رسولي