مواعظ على مدار السنة الطقسية   2006 ـ 2007

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

     إنجيل الأحد        الأحد الثاني من الصوم         لوقا 5 : 12-17 

 

نؤمن بإله واحد
 
          لقد توصل العقل البشري، بالبرهان المنطقي وبالاستنتاج، أن قوة فائقة أعطتِ الوجودَ لهذا الكون. وهي تسيّره وفق نظام دقيق وعناية فائقة. الشعوب الوثنية نفسها كان لديها فكرة الكائن الأعلى الذي منه تصدر كل الخيور. وبعض هذه الشعوب آمن بوجود إله واحد رغم التشويه الذي كان يحيط أحيانا بهذه الفكرة.       

في الكتاب المقدس  توضحت وتحددت معالم الإيمان بالإله الواحد الذي كلم موسى والأنبياء قائلا: " اسمع يا إسرائيل إن الرب الهنا رب واحد" (تثنية6: 4). " إني أنا الرب الهك لا يكن لك إله آخر أمامي" (خروج 20: 2-3).  " لا تتخذوا لكم معي آلهة من فضة ولا تتخذوا لكم آلهة من ذهب" (خروج20: 23).  بهذه الأقوال وبمثلها في مواضيع كثيرة في الكتاب المقدس بلّغ الله شعبه بأنه هو الأول والأخير وهو الألف والياء ولا إله آخر سواه.   وعندما جرب إبليس ُ يسوعَ  وأراه ممالك العالم ومجدها قال له: أعطيك هذه كلها إن خررت لي ساجدا. كان جواب يسوع : " إذهب عني يا شيطان، لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وله وحده تعبد" (متى4: 8-10).

          كم نحن اليوم محضوضون لأننا ولدنا في عهد هيأه لنا الأنبياء والرسل. وختمه يسوع المسيح الذي كشف لنا كل شيء. وهو باق معنا حتى منتهى الدهر. فالوثنية والجهل وعهود الظلام ولّت. والخوف والغموض في العهد القديم انتهى ليترك الساحة للنور الذي جاء وأنار العالم بالمعرفة. فلم يعد لنا الحق بأن نذهب إلى آخر عندما يكون يسوع قد كشف لنا حقيقة والده وروحه القدوس وجعل منا أبناء البيت.

          ولكننا في هذا العالم نصادف آلهة جديدة تنبع لنا من كل صوب. وهذه الإلهة ليست غريبة عنا بل تجد منفذا من خلال حاجاتنا الطبيعية لكي تتحول إلى جلاد رهيب.  فإن نحن ألهنا حاجاتنا الزمنية وقعنا من جديد في عبادة اصنام جديدة. نحن في هذا الصوم مجربون مثل المسيح. غرور العالم شهوة المال محبة الذات روح الحقد والأنانية والانتقام. هذه كلها آلهة طاغية تبعدنا عن الإله الحقيقي الذي هو محبة وتواصع وغفران ومصالحة وتجرد.  الأمور المادية ليست بحد ذاتها شرا . فهي قد خُلقت لنا لنستعملها ضمن حدود الخدمة لحياتنا الأرضية. ولكن إذا تجاوزنا حدود الاستعمال، نكون قد بدأنا باستعباد أنفسنا للأمور المادية فنقع في وثنية جديدة . ما أدهاها وثنية في عصر التحديث والاختراع والدعاية وتأليه الشهوة.

          المسيح حذرنا من هذا الإله الباطل الذي ينافس الإله الحقيقي في حياتنا. فقال " لا يستطيع أحد أن يعبد ربين. لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر. لا تقدرون أن تعبدوا الله والمال" (لوقا16: 13). فلا تجعلوا اخوتي ما خلقه الله لخدمتكم أن يتحول إلى رب يتسلط عليكم ويأخذ في حياتكم مكان الإله الحقيقي. فالعبادة لا تحق إلا لإلهٍ واحد. حفظكم الله . آمين.

     

م. ج.

زائر رسولي