مواعظ على مدار السنة الطقسية   2007 ـ 2008 

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

    السنة الطقسية  2007-2008   الأحد الخامس بعد القيامة   لوقا 9 : 51-62

 

سر الكهنوت

 " اتبعاني فأجعلكما صيادَي الناس "  (متى 18: 22)

    المسيح هو كاهنٌ للأبد على رتبة ملكيصاداق. أي أنه الكاهن الأبدي الذي يقدم ذاته ذبيحة عن خطايا البشر. " لأنك لم تشأ بذبائح الحيوانات فقلتُ : ها أنذا آت لأعمل بمسرتك يا الله" . وبعد أن حقق الخلاص ، كان لا بد للمسيح من أن يصعد إلى أبيه. ولكنه قبل صعوده ، زرع في شعبه الذي هو كنيسته ، روحه وقدرته. وترك فيها أسراره الإلهية لتواصل هي عمله عبر الزمان والمكان وهو فيها حتى منتهى الدهر. رسالة المسيح الكهنوتية هذه رسالة تقضي دعوة أشخاص يختارهم هو كي يشاركوه في أدائها. من هنا كانت دعوته الرسل وهم يصطادون السمك ليصيروا صيادي الناس. مواصلين عمل الفداء وإمداد شعب الله بالحياة.

          وهو ما يزال يدعو ويرسل فعلة إلى كرمه. هؤلاء هم الكهنة. ولكن كيف يدعو المسيح نفسا مسيحية إلى الكهنوت؟  أحبائي  الدعوة نداء يوجهه الله إلى الإنسان، بعد أن يختاره من بين الكثيرين، يعلن له فيها أنه يريده ليجعل منه صيادا للناس تماما كما فعل من قبل مع بطرس والرسل.. وهذه الدعوة هي إلهية ومجانية. وليس للمدعو فيها فضل أو استحقاق " لستم أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم... ومهما فعلتم فقولوا نحن عبيد بطالون". الدعوة إلى الكهنوت لا تظهر بصورة فجائية، إنما هي شعور داخلي يبدأ في نفس الانسان وقلبه. وهذا الشعور يتأتي من دعوة خفية وإيماءة سرية يزرعها الله في ضمير الإنسان. ثم ينمو هذا الشعور الداخلي بقدر ما تساعده البيئة العائلية والتربية الدينية والاجتماعية. والدعوة متشعبة في مضامينها وأهدافها وأساليبها. فمنها الكهنوتية والرهبانيية والعلمانية. ومنها الروحية البحته أو الرعائية أو الإنسانية. أول عمل يقوم به المدعو يجب أن يكون الصلاة. لأن الدعوة الكهنوتية أوغيرها هي نعمة مجانية من الله،  " لا أحد يستطيع أن يأتي إليَّ ما لم يجتذبه الآب" (يوحنا 6: 44). " اطلبوا إلى رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده" (متى9: 38).

          وهنانذكر الأهل والمربين بأن واجبهم يقوم في هذه الحالة على تشجيع الشاب أو الشابة الذين يكتشفون ميلهم نحو الكهنوت أو نحو الحياة الرهبانية. وعليهم أن يفرحوا لذلك ويبذلوا المساعدة لتنمية الدعوة في قلب المدعو. لأن وجود كاهن أو راهب أو راهبة في العائلة ما هو إلا بركة ونعمة كبيرة من الله..

          ولا ننسى ، أيها الإخوة، أن الكنيسة هي اليوم بحاجة إلى كهة ورهبان وراهبات ورسل علمانيين في مختلف الحقول والمجالات. سيما وأن عالمنا تجتاحه موجات من التفكير المادي والنفعي، ما يدفع بعض الأهل إلى خنق الدعوة لدى أولادهم الموهوبين الأذكياء، خوفا  في ظنهم ، أن يخسروا ولدهم إن هم لبوا الدعوة. إياكم أن تفعلوا هذا فتخنقوات صوت الله في نفوس أولادكم.

          فلنرفع الدعاء إلى رب الحصاد كي يرسل فعلة صالحين غيارى إلى حصاده من أفراد عائلاتنا. لأن تقديس المجتمع متوقف على هؤلاء العمال الصالحين الذين يرسلهم رب العمل إلى حقله. آمين.

 

م. ج.

زائر رسولي