مواعظ على مدار السنة الطقسية   2007 ـ 2008 

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

 

    السنة الطقسية  2007-2008  الأحد الثاني  بعد الدنح    يوحنا 1 : 43-51

 

أهمية التوبة في حياتنا المسيحية

  " اعترفوا إذن بعضكم لبعض بزلاتكم، وصلّوا بعضكم لأجل بعض حتى تبرؤا " (يعقوب 3: 16) .

     شعورا منه بضعفه مارس الإنسان، على مر الأجيال، اللجوء إلى القدرة غير المنظورة لتنشله من ضعفه وتغفر له ذنوبه وتعيد إليه راحة ضميره. ففي العهد القديم كانت التوبة من ضروريات الدين. وكان لها ممارسات مختلفة باختلاف نوعية الخطايا : خطايا جماعية  أو فردية. خطايا إرادية أو لا إرادية سهوا ونسيانا. أما ممارسة الغفران فكان إما الإقرار الشفهي أو بتقديم ذبائح  أو برتب تكفيرية.  في العهد الجديد صار التمييز أكثر وضوحا بين خطايا الجهل والسهو والضعف وبين الخطايا التي ترتكب عن وعي كامل وعن عَمَد . ويذهب الإنجيل إلى أعماق الانسان مشيرا إلى الوجهة الباطنية والفكرية للخطايا. "من نظر إلى امرأة واشتهاها في قلبه فقد زنى" . وهذا ما لا يلحظه لا العهد القديم ولا الأديان الأخرى. لكن المسيح الذي طالب الإنسان بالكثير، داخلا إلى أعماق النوايا والمشاعر السرية، عاد فأعطى الإنسان ما لم يعطه أي دين لا قديما ولا حاضرا.  أعطاه مغفرة الخطايا ومحوَها وإعادة الانسان إلى بنوته الإلهية. بل أعطاه، وما يزال، القوة والعون للجهاد ضد الذات المائلة إلى الضعف والخطيئة. فالتوبة في الدين المسيحي سرٌّ وليس ممارسة طقسية كالغسل وتقديم ذبائح حيوانية.  والسر يعني القوة الإلهية ذاتها الكامنة في الممارسة. أي أن الله نفسه يحقق ما يفعله الكاهن عندما يقول للتائب : أنا أحلك من خطاياك. والانجيل يؤكد أن الله هو الذي يغفر لنا وأن ليسوع سلطان في السماء وعلى الأرض لمغفرة الخطايا. هذا السلطان منحه يسوع لكنيسته عندما قال للرسل: "مَن غفرتم لهم خطاياهم غفرت. ومن أمسكتموها عليهم أمسِكت"(يوحنا 20:24).  يشدد المسيح أيضا على الطابع الجماعي للتوبة بقوله: " إذا خطئ أخوك فاذهب إليه ولمُه بينك وبينه. وإن لم يسمع فخذ معك واحدا أو إثنين.(متى18: 15). ذلك يعني أننا أعضاء لجسد واحد رأسه المسيح: " فأنتم جسد المسيح وأعضاء كل بمقدار" (1قور 12: 26-27 ) .

          في الأجيال الأولى للمسيحية ركزت الكنيسة على الطابع الجماعي والعلني للتوبة. لاسيما في الخطايا الجسيمة . لأن الخطيئة التي كان يقوم بها فرد واحد من الجماعة المسيحية كانت معتبرة خطيئة الجميع بما أن هذا الواحد هو عضو في جسم الجماعة الواحد. " وإن تألم عضو تألم معه سائر الأعضاء" . وبعد أن ينال الخاطئ قصاصه الخاص ، كان من ثم على الجماعة كلها أن تقوم بالتكفير. لكن لما ازداد عدد المؤمنين لا سيما بعد القرن الثالث وانتشار الرهبانيات تحولت التوبة الجماعية إلى توبة فردية. فدخلت عادة الإقرار بالخطايا فرديا للكاهن في منبر الاعتراف. وبالاعتراف والندامة والحلة ووفاء القانون يكمل سر التوبة وينال التائب نعمة البرارة " وليقدسكم إله السلام نفسه تقديسا كاملا. وليحفظ كل ما فيكم: أرواحَكم ونفوسكم وأجسادكم. بغير لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح" (1تسالونيقي 5: 23). ممارسة سر التوبة يمكن أن يتخذ أساليب مختلفة لكن الندامة والتوبة تبقى هي الأساس. الندامة والتوبة هي حقا عودة إلى بيت الآب" .   آمين .

 

م. ج.

زائر رسولي