مواعظ على مدار السنة الطقسية   2007 ـ 2008 

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

 

    السنة الطقسية  2007-2008   أحد الموتى المؤمنين      لوقا 12: 32-40

 

سر مسحة المرضى : آلامنا اشتراك في آلام المسيح

يقول بولس الرسول : "  نحمل في أجسادنا كل حين موتَ المسيح لتظهر في أجسادنا حياة المسيح أيضا" (2قور: 11). هو طبيعي أن يكون، كل متلبس بالمادة، خاضعا للزيادة وللنقصان ومتأثر بتقلبات الطبيعة. وهكذا أيضا الإنسان الذي بالرغم من أنه على صورة الله نفسا وروحا وعقلا وإرادة، ولكن هذه الصورة موجودة في جسد . والإنسان كائن من نفس وجسد . يجمع في ذاته الروح والمادة . الله والخليقة . إنه أعظم خليقة أوجدها الرب. على صورته ومثاله خلقه.

ومع هذا كله يبقى الانسان، ككل مخلوق، خاضعا للألم والمرض والضعف والموت. وقد حاول كثير من المفكرين والفلاسفة وأصحاب المذاهب والديانات، إعطاء  تفسير للألم والموت فلم يفلحوا. واحد فقط أعطى للألم والموت معناهما الحقيقي. فهو بالألم وبالموت حقق الخلاص للبشر . هو لم يمحو الألم ولا أزال الموت بل  قهرهما وكسر شوكتهما وحولهما إلى أداة تكفير وتطهير وفداء. وهكذا سما بهما وجعل لهما قيمة جديدة لم يكن العالم يعرفها. وهذه القيمة هي تقديس الإنسان بواسطة الألم والموت. "أين شوكتك يا موت وأين غلبتكَ يا جحيم"

          بسر مسحة المرضى يتّحد المريض المتألم بيسوع المسيح وبآلامه الخلاصية. بحيث تصبح آلامه مكملة لآلام المسيح كما يقول بولس الرسول: " يسرني الآن ما أعاني لأجلكم فأتّمَ في جسدي ما نقص من شدائد المسيح في سبيل جسده الذي هو الكنيسة " (كول 1: 24). ففي غمرة الألم والوجع البشريين تظهر بجلاء قوة المسيح في زيت المسحة، وتسند المريض، وتهيئه ليقدم بفرح وهدوء آلامه ضحية مع ذبيحة المسيح، تكفيرا عن خطاياه وخطايا اخوته البشر المحتاجين. وهكذا عندما نتألم متحدين بيسوع ينطبق علينا قول مار بولس : " نحمل في جسدنا كل حين، موت يسوع، لتظهر حياة يسوع أيضا في جسدنا" . وكما مُسِح المسيح بدمه في ذبيحة الصليب، ومُسحَ بالدهن قبل دفنه، فقدس العالم بألمه وموته. كذلك عندما يمشح المريض بزيت المسحة المقدس، يتقدس بكليته وتصبح آلامه قربانا مقبولا لدى الرب. وإذا اشتد عليه المرض فهو مسلَّح بالنعمة فلا يخاف من شيء. لأنه قد استعد جيدا حتى ، إذا اقتضى الأمر، لاجتياز المرحلة الحاسمة من حياته الأرضية. إذ يشعر مع قوة السر المقدس بأن السكنى عند الرب أبقى وأسلم  من السكنى على هذه الأرض المحفوفة بالمخاطر. فتزول عنه قسوة هذه القفزة العصيبة من حياته التي تقوده من الحياة الفانية التعيسة إلى الحياة الخالدة السعيدة . بولس الرسول وهو بقوته ونشاطه كان يشتاق أن يتحرر من هذا الجسد الفاني قائلا: إننا نشتاق ونؤثر أن نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب" (2 قور 5: 8). إذن أحبائي لا تحرموا مرضاكم من تعزية مسحة المرضى. لا تخافوا إنها مسحة المرضى وهي سر مقدس . والسر يعطى للأحياء والمحتاجين لا للموتى . خفف الرب الأوجاع عن كل مريض لاسيما مرضانا ومرضى اخوتنا في هذا البلد وفي بلدان منشأنا. ومنحنا جميعا القوة والشجاعة في آلامنا آمين.

 

م. ج.

زائر رسولي