مواعظ على مدار السنة الطقسية   2007 ـ 2008 

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

    السنة الطقسية  2007-2008    الأحد الثالث بعد القيامة   مرقس 2: 13-22

 

الزواج مدرسة الحيـاة

           " المحبة تتأنى وترفق..  المحبة تصدّق كل شيء وتصبر على كل شيء " (1قور 13: 4و7)

   الزواج مشروعُ حياة جديدة يعيشها الرجل والمرأة وكأنهما شخص واحد . إنه حدثٌ هام في حياة الإنسان لأنه يغيّر مجرى حياة بكاملها نحو الأكمل. ففي العهد الزوجي يجد الإنسان ذاتَه ويجدها في زوجه وفي أولاده، حتى أنه يبدأ يتذوق السعادة في غمرة أتعابه وانشغالاته. لقد رأى الله ضرورة هذا العيش وهذا التناسق في الحياة حتى أنه لا يمكن للواحد أن يعيش دون الآخر. أو بالآحرى هو خلق الانسان هكذا من رجل وإمرأة.  ولذا قال الرب في بدء الخليقة : " لايحسن أن يكون الإنسان وحده فلنصنعنَّ له عونا يناسبه" (تك2:18). لقد سبق الله فرأى تعاسة الإنسان إذا ما عاش بنصفه دون نصفه الآخر المكمّل لبطيعته البشرية. فخلقه ذكرا وانثى. هذا على المستوى الطبع البشري. أما على مستوى السعادة والراحة الروحية والفكرية والاجتماعية . فهذه، يؤتيها أيضا مجهود الإنسان اليومي، الذي يتطلب بطولة  في بعض الأحيان. ليس في الكون سعادة مجانية. لأن السعادة ليست حالة، بل هي ثمرة جهد يحققه الإنسان. أنتم تحسون جيدا بقدر السعادة التي تتكلفون مشقة كسبها. قد تبدو الحياة جميلة في أول عهد الزواج. وبعد أن تُظهر الممارسةُ حقيقةَ كل واحد، عند ذاك يبرز التباين وتطفو الاختلافات في الطبع والعقلية. هذه الأمور طبيعية ولكن إذا لم يتفهمها الزوجان ستؤدي بهما إلى مماحكات ومخاصمات. ويبدأ كل واحد يرى أنه أساء الاختيار. وأن السعادة التي كان يحلم بها تبقى بعيدة المنال. ولكن انتبهوا لا تستعجلوا فالحياة مدرسة. ولا أحد يأتي إلى هذه المدرسة متعلما. بل يأتي ليتعلم . إن هذه الصعوبات هي دروس أولى يجب أن نستوعبها ونتعلم منها ونتدرب على تطويرها .

السعادة أثمن ما في الحياة. وكسبها يكون بأثمن ما لدينا.  وهكذا ستبدو لنا الأمور التافهة والاختلافات دروسا يتمرس فيها الطرفان على الانسجام التام. فتصقل طباع الزوجين وتكشف الواحد للآخر وتعلّم الواحد من الآخر . وتُطلع كِلا الطرفين إلى الأساليب الناجعة التي يجب اتخاذها لتفهم شريك حياته . الحب الصحيح الذي يبدأ في الزواج لايكتمل إلا وسط المحن التي تزيده صفاء وتجلوه من شوائبة. كما يجلو النار الذهب وسائر المعادن.  فإلى جانب أفراح الجسد والقلب، وأفراح الأبوة والأمومة، وأفراح الأولاد، هناك صلبان تتباين ثقلا. مثل صليب العمل اليومي . صليب الواجب المنزلي. صليب الحمل والولادة. صليب العفة والأمانة الزوجية. صليب المرض والشدائد وما إلى ذلك. هو الحب الذي يساعدنا على تجاوزها. لأنه قمة البذل والعطاء تماما كما فعل يسوع فذهب به حبه حتى الموت. " ما من حب أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبائه" (يوحنا 15: 13). إذن أحبائي لا تخافوا الشدة  بل احتملوا بعضكم بعضا وسترون ما أطيب الحياة بعد البذل والجهاد. آمين

 

م. ج.

زائر رسولي