مواعظ على مدار السنة الطقسية   2007 ـ 2008 

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

    السنة الطقسية  2007-2008    الأحد الثاني بعد القيامة     يوحنا 21 : 1-14

 

الزواج سر ورباط مقدس

     " ليس هما اثنين لكن جسد واحد. فالذي أزوجه الله لا يفرقه الإنسان" (متى19: 6)

الزواج عهد دائم يقطعه اثنان لا غير، هما رجل ومرأة، لبعضهما بكامل حريتهما وعن حب وأمانة. وبه يعطيان ذاتهما الواحد للآخر من أجل بناء عائلة وإيلاد البنين وتربيتهما، متعاونين في الحياة ومتحدين في السراء والضراء. هذا العهد ليس عقداً عاديا كسائر العقود، بل هو عقد مثبت بالسر أبديٌّ. إنه إذن يسمو على كل العقود الأخرى في الدنيا، لكونه يتناول الشخص الإنساني ذاته بكل ما له من حقوق وما عليه من واجبات.

         يتضح لنا من سفر التكوين بأن الزواج ليس من عمل إنسان: " فبعد أن خلق الله آدم وحواء، باركهما قائلا: انموا واكثروا واملآوا الأرض" (تك1: 28). ويضيف خلقهما ذكرا وأنثى : " فما أزوجه الله لا يفرقه الإنسان" . يقول مار بولس. فمن خلال هذه النصوص وغيرها تظهر صفات الزواج الأساسية والأصيلة: فالزواج واحد ودائم يرتقي في أصله إلى الله ذاته. وكرامة المرأة فيه مصانة فهي رفيقة الحياة لا عبدة ولا سلعة ، كما أرادتها بعض الديانات. وما التشبيه الوارد في سفر التكوين بأنها أُخذت من ضلع آدم، إلا ليظهر أنها من قلب الرجل وهي والجزء المكمل الذي بدونه لا تكتمل طبيعة الإنسان. مشيرا بذلك إلى كون الحب زينة الإثنين. وما قول بولس الرسول بأن الرجل هو رأس المرأة إلا ليدل على سر المسيح والكنيسة. فكما أن المسيح الرأس أحب الكنيسة حتى بذل الذات والموت من أجلها. هكذا الرجل الذي هو رأس يفكر ويفكر ليجد الطريقة الفضلى يخدم بها زوجته حتى بذل الذات من أجلها.

          وبالرغم مما طرأ على الزواج من انحرافات أفقدته نقاوته وأصالته،كالطلاق وتعدد الزوجات وغيرها...رغم كل هذا بقي الزواج محاطا بهالة قدسية لدى كل الشعوب وفي كل الأحقاب. فلم يكن يحتفل بزواج دون رتبة دينية. لكنه في كثير من الأحيان كانت تعرقله ظروف قاسية لجهة الديمومة والأمانة ووحدة المرأة. حتى جاء المسيح مصلحا ومكملا الشريعة. فأعاد الزواج إلى كرامته الأصيلة. هو حضر عرس قانا الجليل وفيه صنع أولى أعاجيبه. وردا على سؤال الفريسيين، إذا كان يجوز للرجل أن يطلق امرأته لكل علة، اكتفى يسوع باعلان قداسة الزواج ووحدته وديمومته ( متى19: 3-6). بل ذهب إلى أكثر من ذلك  فرفع الزواج إلى درجة أسمى جاعلا منه سرا من أسرار الكنيسة، يقدس اتحاد الرجل والمرأة، ويمنحهما نعمة خاصة ترافقهما طوال حياتهما، وتعينهما على تحمل الأعباء التي يفرضها عليهما. فصعوبات الحياة ليست قليلة والمشاكل اليومية ليست قليلة. مما يحتاج إلى صبر كبير وتحمل وصلاة ومتابعة. هي نعمة السر التي تساعد المتزوجين على احتمال ذلك بفرح فيتقدس الاثنان معا. وحذار مما يتردد في المجتمعات الحالية من أفكار وآراء إنحلالية حول الزواج والجنس، تنال من كرامة الإنسان وقدسية الزواج وحرمة المرأة. يسوع هو المعلم وفي مدرسته نحن نتعلم وننمو في النعمة والقامة. فلا يغرنا جنون هذا العالم وحريته المزعومة . فالجاهل عند الله أحكم من حكيم هذا الدهر. آمين .  

 

م. ج.

زائر رسولي