مواعظ على مدار السنة الطقسية   2007 ـ 2008 

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

 

    السنة الطقسية  2007-2008     الأحد الرابع بعد الدنح    لوقا 14: 12-15

 

التوبة : مثابرة في الحياة الجديدة

          " لقد كنتم من قبلُ ظلمةً، أما الآن فأنتم نورٌ في الرب. فاسلكوا كأبناء النور " (أفسس 5: 8).

          يُقدّم لنا الكتاب المقدس شخصيات عديدة تابَتْ ورجعت إلى الله . ولعلّ أحد هؤلاء واشهرهم هو بولس الرسول. ذاك الذي اشترك مع اليهود في اضطهاد الكنيسة منذ نشأتها. ومعهم تآمر على قتل اسطيفانوس رئيس الشمامسة وأول اشهداء. فبولس هذا حين كان ذاهبا إلى دمشق للفنتك بالمسيحيين، ظهر له الرب كالنور الساطع قائلا له: " شاوول شاوول لماذا تضطهدني؟  ... أنا يسوع الذي أنت تضطهده . صعبٌ عليك أن ترفس المهماز. تغلغل نور المسيح في نفس بولس فتحوَّل هذا من مُضطهِد للمسيح إلى مُضطَهَد من أجل المسيح.

          إن التوبة إخوتي هي تحول جذري في حياتنا. هي تغيير مسار سلوكنا. هي الخروج من الظلمة إلى رحاب النور . هي التحرر من عبودية الخطيئة واقتناء حياة النعمة بيسوع محررنا. حياتنا الجديدة  هي ثمرة نعمة المسيح التي صارت ملكا لنا. وبما أننا، بالرغم من النعمة التي فينا، نبقى ضعفاء لأننا متلبسون بالجسد، يصبح لزاما علينا الجهاد الروحي  بأعمال الصلاح وبأعمال التوبة المتواصلة. كأننا كل يوم نتوب لئلا نستكبر ونضعف.

          الموقف الصحيح للإنسان التائب ليس أن يفتخر بأعمال الناموس، كما يقول مار بولس، ولا أن يفتش عما هو سهل ورخيص، فيتبع من الوصايا أدنى حد. بل هي أن يعرف بأنه مُلزَم بطاعةٍ غير محدودة لله ومحبة بنوية له وبتكميل ثمار الروح الحقيقية التي يعدّدها مار بولس بالـ: " المحبة والفرح والسلام وطول الأناة واللطف والصلاح والأمانة والوداعة والعفاف" (غلاطية 5: 22). وأن يبقى التائب في سعي مستمر إلى تحقيق ما هو مرضي لدى الرب. لأنه لم يعد يعيش  بحسب الجسد بل بحسب الروح.

          يسوع ينادي كل واحد منا وهو في طريقه إلى السقوط ويقول له يا فلان إلى أين أنت ذاهب. عُد إلى كنيستك إلى كاهنك إلى مرشدك، فإني أريد أن أصنع منك رسولا لي وقديسا يعمل في بناء الملكوت لا في هدمه. فهل نحن من الرهافة والحساسية ما يجعلنا نسمع هذا الصوت؟ أم قد سَدَّت أباطيلُ الدنيا وشهواتها آذاننات عن سماع صوت المسيح ؟  كثيرة هي الإيحاْات التي يمنحنا إياها الرب بالروح الساكن فينا. كثيرة هي الأحداث التي بوسعنا أن نكتشف من خلالها اصبعَ الله يدعونا إلى إدراك ما هو جوهري في حياتنا.

          " لقد كنتم من قبل ظلمة . أما الآن فأنتم نور في الرب. فاسلكوا كأبناء النور" . نحن أيها الإخوة بحاجة ماسة إلى التغيير في حياتنا وفي علاقتنا مع أبينا السماوي. ففي حين تُعرقل الخطيئة حياتَنا ومسيرتنا نحو الله تكون توبتنا والحالة هذه كفاحا مستمرا من أجل البقاء على الأمانة. لذا " لا تتشبهوا بهذا الدهر، بل تحولوا إلى صورة أخرى بتجديد عقلكم، لكي تميزوا ما هي إردة الله الصالحة المرضية الكاملة "(رومية 12: 2). آمين.

 

م. ج.

زائر رسولي