رسل المسيح والقيامة

صفاء جميل بهنان

يعتقد الكثيرون من المسيحيين بأن رسل ربنا(القائم من بين الأموالت)كانوا منذ اللحظة الأولى التي دعاهم فيها يسوع لاتباعه.قديسين!!

وهذه مغالطة كبرى وخطيرة على إيمان المؤمنين.فتجعلنا ننظر بنظر الأعجاب إليهم ونبقى مكتوفي الأيدي وربما نقول أولئك الرسل رأوا وسمعوا يسوع ونجعلها ربما ذريعة للتشبث فيها لكي لا نصل الى مستواهم.

نحن لم نراهم ولم نسمعهم.وعندما نرغب بالتعرف عليهم نرجع الى النصوص الكتابية المتداولة بيننا التي نرتشف منها مناهل الحياة لخبرتنا الإيمانية.وكتبة الإنجيل عارفون بحياة ومواقف اولئك((الرسل العظام))2كو 12/11 وهم يدونوها على ضوء القيامة كان بإمكانهم أن يظهروهم بمظهر القداسة من البداية الى النهاية – لكنهم أرادوا – من خلال ما كتبوه عن مواقفهم المتباينة أن يبينوهم لنا أناس بسطاء – ليس هم خريجي كليات ومعاهد – تبعوا يسوع المعلم حينما دعاهم(إتبعاني أجعلكما صيادي بشر)متى 4/19 وكانت الشكوك تساورهم أحياناً خلال – رحلتهم مع يسوع:وكان يسوع كثيراً ما يطلق عليهم كلمات قاسية – نجدها اليوم صعبة.وذلك لعدم كشفهم لسر يسوع(يا قليلي الإيمان)متى 8/16 أو(يا شيطان)متى 16/23(أيها الجيل غير المؤمن الى متى أبقى معكم والى متى أحتملكم)مرقس 9/19 ومع ذلك بقي الرسل مواكبين ليسوع.وأن تخلو عنه في وقت محنة الآلآم والصلب(فتركوهم كلهم وهربوا)مرقس 14/50 ولكن بقوا أوفياء لفكر سيدهم (وكانوا ينوحون ويبكون)مرقس 16/ وكذلك ما يعكسه لوقا لنا في رواية تلميذي عماوس(وكنا نأمل أن يكون هو الذي يخلص إسرائيل)لوقا 24/21 هكذا كان حالهم متأرجحاً قبل القيامة.ولكنهم بعد القيامة أصبحوا ثابتين وأقوياء بلا منازع زال تأرجحهم ومحيت شكوكهم.إيمانهم بقيامة يسوع حياً جعلهم أول المدافعين والمؤسسين للكنيسة الحية.هذا التحول في حياة الرسل هو الشاهد المنظور على القيامة اللامنظورة.فبعدما كانوا خائفين ومتشككين صاروا بالقيامة شجعانا راسخين لايهمهم التعذيب والسجن والاستشهاد.اذن هدف الكُتاب هو أن يعينوا الانسان كي يؤمن بيسوع ويواصل ايمانه بثبات حتى المنتهى.وبهذا يمكنه ان يدخل في صفوف القديسين كما أصبح الرسل قديسين.فلا تساورنا الشكوك أحياناً عندما نسمع يسوع يصف التلاميذ بالبلادة:فلهؤلاء الناس حالتين قبل القيامة حيث لم يكتشفوا سر يسوع،وبعد القيامة حيث أنارت لهم خلاص الله للبشر بيسوع المخلص.

وفوق كل هذه المفارقات والمفردات البشرية،يبقى فكر يسوع متجاوزاً كل أفكارنا.فازاء الغير أن أخطأ بالقول أو عمل فاحشة قد يصيبنا الاستفزاز واللغو،والا ان يسوع الممتليء بمحبة الله الاب التي يريد نشرها في الناس أجمعين لم يقل لتلاميذه أنتم خذلتموني وتركتوني وحيداً فابتعدوا عني بل(أحبهم منتهى الحب)يوحنا 13/1 وغسل أرجلهم (بدأ يغسل أرجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة التي أتزر بها)يوحنا 13/5 وصلى لأجلهم ولكل من يسمع كلامهم(لاأصلي لأجلهم وحدهم بل أصلي أيضاً لأجل من قبلوا كلامهم فأمنوا بي)يوحنا 17/20 وأخيراً قال لمريم المجدلية ومريم الأخرى(إذهبا وقولا لأخوتي أن يمضوا الى الجليل فهناك يرونني)متى 28/10 وإيماننا اليوم مبني على شهادة أولئك الرسل العظام وكما قال القديس بولس(لانكم صدقتم شهادتنا)2تس 1/10 فاليوم نستطيع التواصل على درب الرسل وكما قال يسوع(هنيئا لمن آمن وما رأني)يوحنا 20/29 لان صلاته ترافقنا وهو معنا الذي قال(من آمن بي يعمل الاعمال التي أعملها بل أعظم منها)يوحنا 14/12 والشكر دائماً لله الذي خلقنا من العدم وجاء بنا الى الوجود لديمومة الزمان.