(( الكتاب المقدس ))

صفاء جميل ال جميل

هو كلام الله ، كتبه لنا أشخاص مؤمنين . كافة صيغ الكتابة موجودة فيه : أدب ، تاريخ ، سلوك ، أمثال ، أناشيد ، قصص ، غزل ، حكم ، . يحتوي  على ( 73 ) سفراً . إنه مكتبة  . تفصلنا عنه عدة آلاف سنة ، قأفكاره وحضارته وثقافته مختلفة عن أفكارنا وحضاتنا وثقافتنا ، ولكن النتيجة هي العلاقة الصميمية التي تربطنا به الى الأبد . واجبنا أن ندخل الى باطن الكتاب لنكشف معانيه ، لأنه بحر ليس له نهاية . وهو يحير فعلاً لما يحتويه من أحداث قد لا نستطيع قراءتها في محفل مختلط من الجنسين ، أو ربما لا نريد التعامل معها لأننا نراها منافية لأخلاقنا . وهنا يكون حكمنا ظاهرياً  إذا أخذنا النصوص على حرفيتها ، والقديس بولس منعنا من ذلك  بقوله : ( الحرف يميت والروح يحي ) 2كو 3/6 .

لاشك ولا جدل في قدسية كتابنا هذا بناءً على قول يسوع : أنتم في ضلال لأنكم تجهلون الكتب المفدسة ( مت 22/29 .) واليهود أيضاً يؤمنون بقدسية الكتب بدليل قولهم ليسوع : كيف يعرف الكتب المقدسة وما تعلم ( يو7/15) .

هذا فإن الأحداث التي يتضمنها الكتاب المقدس ، لها معاني خاصة ربما نجهلها أو إنهم كانو يفهمونها مباشرةً بهذا الإسلوب ، أو قد تعني أن الله يعمل في الإنسان الخاطيء كما في غيره . ولنتجرء على القول بدون تردد : يوجد في الكتاب المقدس روايات ليست واقعية ولكنها صحيحة 100% ، نظراً لما تحتويه من معان عميقة أراد الكاتب أن يبلغها الينا ، كما هو الحال في قصة النبي يوناثان مع الملك داؤد في الخطيئة المزدوجة التي قام بها الأخير وهو القتل والزنا ، وقد غقرت له كما بين يوناثان لأن النبي هو الناطق بإسم الله ( 2صم12/1 – 10 )وللتأكيد أذكر بمراجعة النص الوارد في ( 2صم 14/1-23 ) حيث أختلقت القصة لغرض إعادة الأبن الى أبيه وفي العهد الجديد إقتصر على ثلاث تصوص بهذا الشأن ، وهي :

1-     فقال له يسوع ( دع الموتى يدفنون موتاهم ) لو 9/59-60 ، فهل من المعقول أن الميت يستطيع دفن ميت آخر ؟!.

2-     ( أما الأرملة التي استيلمت للملذات فهي ميتة وإن تكن حية  ) 1تيم 5/6 ، كيف تتمتع بالملذات وهي مية ؟!.

3-     ( أنا أعرف أعمالك ، أنت حي بالإسم مع أنك ميت . إسهر وانعش مابقى لك من الحياة قبل  أن يعالجه الموت ) رؤ 3/1 -2 ، هل يمكنه إنعاش حياته وهو ميت ؟!.

لماذا هذه المطالب الصعبة أو المستحيلة من يسوع وبولس ؟ !. أستطيع القول وبدون شك أو قلق إن المقصود بكلمة ( ميت ) هو البعيد عن الله وكلمته . فالذي لايعمل بكلمة الله يكون جوهره كالميت بجسده والذي إنتهت حياته وجدواه في هذه الدنيا . ولدعم هذا الرأي يمكننا الرجوع الى مثل الإبن الضال أو بالأحرى الأب المحب ( لو15/24 و32 ).

وهكذا يتبين لنا أن الأخذ بحرفية النصوص أو الكلمات ، يقودنا الى ضلال الطريق وإن اكتشافنا المعنى بقوة إيماننا ، نكون أبصرنا الطريق واهتدينا الى الحقيقة بكاملها في حياتنا الحاضرة يومياً .

إذا إدعينا بأن البحث والإكتشاف منافيان للدين !! أو إنهما ليسا من إختصاصنا أو من واجباتنا اليومية ، فالنقبل بعجزنا ونعترف بأن عقولنا لا تستوعب وآذاننا لا تسمع الكلمة التي تريد التفاعل معنا وفينا .وعندها بأتي قول يسوع مدوياً : ( لهم عيون ولا يبصرون ، ولهم آذان ولا يسمعون ) مت 13/15 ، مر 4/12 ، لو 8/10 ، أش6/9 .

أي إننا ننظر بعيوننا ولكن لانرى ولانبصر ما ننظر اليه ، ونسمع بآذاننا ولكن لانفهم مانسمعه .

قد يحلو للبعض أن لا نناقش مثل هذه الأمور ، لأنهم يظنون إنهم وضعو في قالب لايتغير ولايتحرك لا مع الزمن ولا مع الحياة وظروفها المتبدلة . نعم ، إن الله وحده لايتغير قط . وربما يؤلم مثل هؤلاء الناس أن يتذكرو قول يسوع لليهود المعاندين المتقولبين : ( وهكذا أبطلتم كلام الله من أجل تقاليدكم ) مت 15/6 .إن التمسك بقوالب جاهزة ومعدة للأبد ، هو مناقض للإيمان والعيش بجفاء وجفاء مع النفس ومع الله ومع الغير في كل زمكان وزمان .

ونحن المسيحيين لنا حرية البحث والكشف عن كنوز الله والمسيح في ذواتنا وفي الآخريين وفي كل شيء في هذه الحياة . وبعد إكتشافها نتمسك بها بعد تمحص وإختبار مصداقيتها ونفوذها في الحياة اليومية لنا . وحريّ بنا أن نتذكر قول رسول الأمم ( إمتحنو كل شيء وتمسكو بالحسن ) أتس 5/21 .

والشكر لله دائماً لأنه خلقنا من العدم لديمومة الزمان والوجود .