Museum

متحف

فنانونا السريان

فن

رياضة

أدب

أعلام

أرشيف الاخبار

منتديات السريان

بريد القراء

موارد السريان

السريان

 

نص الكلمة التي ألقاها الأب سيبستيان متي أقليمس في حفل رسامته الكهنوتية بتاريخ 5-11-2005 في كنيسة الطاهرة الكبرى في باخديدا

بسم ألآب والابن والروح القدس الإله الواحد .. آمين

" يارب افتح شفتي ليخبر فمي بتسبيحك "

أصحاب السيادة

حضرات الآباء الأجلاء ..أيها المؤمنون الكرام..

أيتها المدينة العزيزة بخديدا ..

 ماذا أقدّمُ للرب لأعتابِه المقدسة الذي قدّمَني وأَهَّلني مِنْ دونِ استحقاقٍ إلى هذه الرتبة المقدسة التي تسمو عن الملائكة، ويُغبِطُنا فيها الكَروبيمُ والسَروفيمُ وترجوها الطغماتُ السماوية.

فالكهنوتُ مِلئُ الأسرار ومصدرُ المواهب التي يُحَّول بها اللهُ الترابَ صُنعَ يديهِ أنْ يُزَيحَ بيديهِ جَسَدهُ ودَمَهُ الأَقدَسَين وقد زَيَنَهُ بموهبةِ الحلِّ والربطِّ.  تُرى هل كانَ يفكرُ آدمَ بالإضافةِ إلى خلقَتِهِ على شِبْهِ صورةِ الله ومثالِهِ أَنَّ ذَريتَهُ ستتمتعُ بهذهِ المواهبِ التي لا مَثيلَ لها في السماء والأرض.  فشكرا لنَعمِة الربِ الذي رفع جنسَ البشر وجَعَلَهُمْ أسمى مِنَ الملائكةِ أبداً.

أَليومَ أقفُ أمامَ هذا السرّ العَظيمِ، سِرِّ الكَهنوتِ المقدس خاشعاً ومتعهداً بأنْ أَحفظَ الأيمانَ المسيحي الكاثوليكَي المستقَيمً والقويم وأنَْ أسعى جَاهِداً لكي أُتاجرَ بالوزناتِ التي سلَّمَني إياها الربُ الإله والتي أُوليتُ عليها دونَ استحقاقٍ بلْ بالنعمةِ التي تُعطى بسخاء ومجاناً لجنسِ آدمَ الضعيف.

أبتَهلُ إِلى الله أنْ يصَونَ روحي مِنَ الخطيئةُ مُبْعداً عنّي التجاربَ الصَعبة.  كما أَرجو منكُمْ يا مَنْ بمَحبةِ حُضورِكمْ لمشاركتِنا هذه الفرحة الروحية‘ أن تُصلّوا لأجلِ ضَعْفي لكي يُمَنْطِقَني الرَبُّ بتُرْسِ الأيمانِ لأُطفئَ جَميعَ السهامِ الشريرّة الملتهِبةَ، وبخوذةِ الخلاص وسيفِ الروح الذي هَو كلمةُ الله.

أودُّ أَن أَشكُرَ اللهَ وأحْمَدهُ على كلّ نِعَمِهِ عَليَّ وعلى عِنايتهِ التي رافَقَتْني منذُ أَنْ كُوَّنْتُ. أذكرُ بالأخصَّ الرئيسَ العام  للرهبان الفرنسيسكان في العالم (الأب خوسيه ماريا كارباليو) وحارسَ الأراضي المقدسة في الشرق الأوسطِ (الأب بييرباتيستا بتساباللة) وإخوتي الرهبان الفرنسيسكان في الأراضي المقدسة وفي العالم أجمعْ الذين سَاعدوني في إتمام دعوتي هذه.

من هذا المنبر الجليل، أتقدَّمُ بجزيل الشكر والتقدير إلى سيادة المطران مار باسيليوس جرْجسْ القس موسى الجزيل الاحتِرام لتشرُّفِهِ بترؤس هَذا الحفل المقَدَّسْ بِوضَعِ يَديهِ المقدسَتَينِ كي يكَرَّسني كاهناً على رتبةِ ملكيصاداق.

شكري العميق لجميعِ الذواتِ الذين تَجَشَّموا عَناءَ السفر لمشاركتي هذه الفرحة الكبرى فَرَحاً مع الفرحين متقاسمين سعادتي ومعي أهلي وأبناء بلدتي وعشيرتي وكنيستي العريقة.

كما أَذكرُ ومن كلَّ قلبي أعزّاءَ ساعدوني لكي أصلَ إلى هذه الرَّتبةِ وأخصّ بالذكر منهم الأَب العزيز لويس قصاب الذي تأثرتُ منذُ صغري بعظاتهِ الغنية بنقلِ كلمةِ الله الحيَّة التي تجدُ عندَ الأطفال سعادة وعِند الشبابِ عتاباً وعند الكبار حِكْمَةً.  أَذكرُ أَيضاً جميعَ الآباء الكهنة في بخديدا الذين عَرَفوني وأنا في مقتبل العُمْر إلى يومِنا هذا،  وأَخصُّ بالذكر منهم خالي العزيز الخورأسقف فرنسيس جحولا والأب شربيل عيسو والخورأسقف بطرس موشي و بقية الكهنة الذين عَرَفتُهم في مسيرة حياتي. كما يطيبُ لي ذكرُ الأخ العزيز الأب جورج بهنام جحولا الذي لم  يتسنى له حضورُ هذه المناسبة، وكنّا قد سِرْنا معاً في بدءِ مشوارِ رسالتِنا جنباً إلى جَنبْ طيلةَ سبعِ سنواتٍ ونيّفٍ، لنقدّمَ أَنغاماً تنشدُ وتسبَّحُ اللهَ في الاحتفالاتِ الدينية مِنْ خلالِ تأسيسِ جوقةِ أصدقاءَ يسوعَ التي ما يزالُ صَداها يَختلجُ في قلبي وفي فكْري إلى هَذا اليوم.

  أذكرُ أيضاً أصدقاءَ الصَّبا الذينَ رافقوني في الدِراسَة فهم كثِيرون لا حصرَ لَهُمْ وأيضاً الأساتذة والمربّينَ الذينَ علّمونا كيفَ نَسلكُ سُلوكاً يليقُ بِنا كَمَسيحيّينَ حقيقيينْ. وأَرجو المَعْذِرةَ إذا قَصَّرْتُ بذكر الاخرين .

إخوتي الأعزاء، أخواتي العزيزات ...

لقد ذكرتُ الأحياء وشكرتُهمْ، لكنَّ الواجبَ يُحتّمُ عَليَّ أيضاً ذكرَ أشخاصٍ غَيَّبتهُم يدُ الأقدارِ السماويّة. هؤلاء ما تزالُ ذاكرتُهُم تُدغدِغُ قلوبَ أحبّائِهم في كلِّ مناسبةٍ عزيزة لأنهم في قياساتِنا الإيمانيّة الحقيقيّة ليسوا محسوبينَ في عالم الأمواتِ بَل قد انتقلوا إلى عالمِ الأحياءِ ليعيشوا مِلئَ السعادة في الأبديةِ في حضرةِ العنايةِ الإلهية. ولعلَّ مِن بينِ هؤلاء مَنْ كانَ لَه الدورُ الفاعلُ  في إكمالِ دعوتي هذهِ. وفي هذا الصَّدَد أذكرُ المثلثَ الرحمة المطران مار قورلّس عمانوئيل بنّي طيبَّ الله ثراهُ،  الذي ساعَدَني في بدايةِ حياتي التكوينيّة والرَّهبانية.

 كما أنّي إنْ نسيتُ فلن أنسى ذكرَ والدي الراحل فرنسيس متي إقليمس الذي كمْ كانَ يتمنى أَنْ يُبصرَ بأُمِّ عينيهِ هذا اليومَ الكبير، يومَ سيامتي الكهنوتية ليشهدني وأَنا واقفٌ على مذبح الرَّبِ وهو الذي أحبَّهُ وتقرَّبَ مِن خدمتهِ طيلةَ حياتهِ حاملاً شرفَ رئاسة أخويّة قلبِ يسوعَ الأقدس لسنواتٍ طويلة.  وها هي أمنيتُهُ اليومَ تتحّققُ مشاركاً إيّانا فَرحتَنا مِنْ عَلياءِ السماءِ حاضراً بينَنا. كما لا أنسَ  أيضاً ذكرى كاهنٍ فاضلٍ رحلَ عنّا هو الآخر منذُ زمنٍ، لكنَّ ذكراهُ تظلُّ تَعبقُ في سماءِ بخديدا، إنه الأب الراحل يوسف ككي الذي أنجَبَته هذه المدينة الفاضلة.

كما أذكرُ أيضاُ أعزّاءَ آخرينَ غابوا عنّا جميعاً، ومِن هؤلاءِ شمامسةٌ أجلاّءَ  تركوا بصماتِهم في ذاكرةِِ كنائسِ قرقوش فكانوا حقّاً أعمدَتَها ومنهم تعلَّمتُ الكثيرَ. و لعلَّ مِنهُمْ مَن كانَ يتمنى حقاً أنْ يشهد هذا اليومَ الرائع ليُنشدوا مع إخوتهم  ومع الملائكة هذه التراتيلَ الطقسيةَ الجميلة الخاصةَ بهذا الاحتفالِ المَهِيبْ وأخصّ بالذكر منهمْ عمّي العزيز المرحوم الشماس رفو عطاالله وخالي العزيز الشماس المرحوم بهنام جحولا والشماس المرحوم بهنام حبش، تلك المدرسة السريانية والموسوعة الطقسية التي افتقدناها جميعاً، رحمهُ الله.

وأخيراً وليس آخراً... إذ يَحار لساني بأية كلماتٍ أُعبِّر عن امتناني لِمَنْ وَرثْتُ الإيمانَ منهُم ونشأتُ بالصَلاحِ وتوجَّهتُ إلى هذا السلكِ المقدّس بتشجيعٍ مِنهُمْ وتَربَّيتُ تربيةً مسيحيّةً حقّة، أعني أهلي وأخوتي وأخواتي وأبناء عمومتي من آل إقليميس وآلْ عطالله وآلْ عَجمْ وآلْ جحولا إلى جانب أقاربي وأصدقائي.

 وأقول لأمّي الحاضرة هاهنا، هنيئاً لكِ هذا العرسُ الجميل، فلَقد إجتازَ إبنُكِ كُلَّ المصاعبِ والمتاعبِ كي يصلَ الى ما كان يَتَمْنّى وتتمنّون بعد انتظار طويل، راجياً أنْ يُنعمَ عليها الربّ بطول العُمر .

كما لا يسعُني إلاّ أن أشكرَ الرهبنة التي ربّتني وآوتْني: رهبنةَ الفرنسيسكان التي أعتزُّ بانتمائي إلى سلكِها الرهبانيّ ومعي كافةُ إخوتي الرهبان الذين يشاركونني الفرحةَ في هذا اليومِ المبارك ويصلّون من أجلي.

أشكرُ جميعَ الأخوة الحاضرين في هذه الكنيسة الكبرى، كنيسةِ الطاهرة التي اكتست حلَّتها القشيبة بجهودِ كلِّ الخيّرينَ. لَقَدْ كانَ لها دوماً ذكرى حيّة في حياتي كما في حياة أبنائها.

وأخيراً أتمنى أن يُنعمَ اللهُ دائماً بحسناتهِ وبركاتهِ على مدينةِ بخديدا وعلى شعبِها والقائمينَ والساهرينَ على سعادتِها وأَمنِها واستقرارِها مِنْ ذواتٍ كنسيّينَ ومؤمنينَ ومسؤولينَ مدنيّينَ وعسكريينَ، لكي يعيشَ الجميعُ بالتالي في هذا الوطنِ الجريح في سلامٍ دائمٍ في ظلِّ عراقٍ موحَّدٍ واحدٍ فيهِ تُحتَرَمُ الحرّياتُ والأديانُ والأعراقُ على قاعدةٍ متلازمةٍ مِنَ المحبة والعدلِ والحريةِ والمساواة.

شكراً لكم جميعاً... 

وَبَركةُ الرّبِ تَحِلُ على جميعِكم. آمين

صور من القداس الاول  للاب  سيبستيان

 مع الشكر لمركز الوسيم للإنترنت والاتصالات