مشاركات نسرين عبدالرحمن الخياط

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum

متحف

أرشيف بغديدا هذا اليوم

فنانونا السريان

أعلام

أرشيف الموضوعات

 

 

دير مار متى للسريان الأرثوذكس

 

 

 

 

يا دير متى سقت إطلالك الديم       وانهل فيك على سكانك ألدهم

فما شفى غلتي ماء على ظمأ        كما شفى حرّ قلبي ماؤك الشيم

هذان البيتان من الشعر وجدا مكتوبين على حائط دهليز في دير "مار متى"

لا يعرف من هو صاحبها ولا مكانها بالضبط

دير مار متى صرح إيماني وتاريخي كبير، لا بل هو من أقدم ألاماكن التاريخية والاثارية في العراق ومن المزارات الدينية المقدسة للمسيحيين وكذلك للطوائف الأخرى. يقع على بعد 35كم شمال شرقي الموصل ويرتفع عن مستوى سطح البحر 2100قدم ،

يتوصل إليه بتسلق الجبل بين مرتفعين سيرا على الأقدام أو ركوباً على ظهور الخيل، الطريق مرصوف بالحجارة ويوجد إثنين وثلاثون استدارة يمنه ويسرى تقدر بكيلو متر تقريباً، هذا الطريق يطلق عليه تسمية "طبكي" وهذه كلمة سريانية من "طبويو" أو "طيبوتو" ومعناها المرتقى أو الصعود علواً أو ارتقاء ً.

أما الطريق الأخر والذي شق في الثمانينات من القرن الماضي فهو مخصص للسيارات ويقع شمال الطريق الأول وهو يتلوى كالأفعوان يميناً ويسارا.ً

بوابة الدير تزينها قطعة من حجر الحلان منقوش عليها عبارة "دير مار متى للسريان الأرثوذكس" بالعربية والسريانية أيضا هذه البوابة تعلوها المجرسة والتي صُممت على شكل قبة صغيرة لا تختلف عن غطاء الرأس الذي يستعمله المطارنة السريان الأرثودكس.

يشرف على السهول والأودية ويرى منها الزائر بعض القرى. يتألف الدير من ثلاثة طوابق تشكل مائة غرفة تقريباً.

 

 

تأسيس الدير

أسس الدير القديس مار متى الناسك السرياني في غضون القرن الرابع الميلادي وتعين أول رئيس عليه. وإنضوى إليه بضعة آلاف من الرهبان والمتوحّدين من كورة نينوى وغيرها من بلاد العراق وفارس. وبسبب الغزوات والكوارث التي ألمّت به إنعدمت فيه الآثار الفنية وإندرست النقوش والزخارف. والباقي إلى يومنا هذا من أجزائه الجميلة والأصيلة (1) المذبح وبيت القديسين (وهما جزء من الكنيسة)

(2) قلاية القديس مار متى

 (3) الصهاريج

 (4) بعض الكهوف والصوامع

 

القديس مار متى مؤسس الدير

ولد في ديار بكر في تركيا في الربع الأول من القرن الرابع. ترهّب في ميعة صباه، وتنسّك.

 ولما أثار يوليانس الجاحد قيصر رومية إضطهاده للكنيسة المسيحية عام 361م، غادر مار متى ديار بكر مسقط رأسه إلى المشرق يرافقه أكثر من عشرين راهباً أشهرهم مار زكاي، مار إبراهيم، مار دانيال.

 إنفرد مار متى أولاً في صومعة صخرية في جبل مقلوب لا تزال مائلة إلى اليوم. ثم ترأس الدير الذي شيده بعدئذ. وإشتهر بتقواه وقداسته، وممارسة أعمال التقشف. توفي في أواخر القرن الرابع أو أوائل القرن

 الخامس وهو شيخ طاعن في السن.

 

تاريخ الدير


عاش الدير عهوداً سياسية مختلفة وهي: فارسية، ساسانية، مغولية، تيمورلنك، عثمانية وأخيراً عربية. ولدى دراسة تاريخه بتمعن وتمحص تبين أن شهرة الدير إنحصرت في العهود العربية فقط وهي الفترة التاريخية الطويلة الواقعة ما بين أوائل القرن السابع الميلادي وسقوط الدولة العباسية عام 1258م.

وتتلخص شهرة الدير في ثلاث نقاط رئيسية وهي:


أولا: روحياً

 أ‌-  نشر الإنجيل
اهتم القديس مار متى وبعض خلفائه بنشر الإنجيل بين الشعوب الوثنية واليهودية ما بين عام 380م - 550م من جملة ذلك تنصير مار بهنام وأخته سارة ورفقائه ثم والديه سنحاريب وزوجته وعدد كثير من ولاية آثور.
ب‌-  الرهبنة
يعتبر القديس مار متى من أبطال النسك والتقشف في المشرق، جمع إليه عدداً كبيراً من الرهبان ونظم حياتهم. قيل أن عدد الرهبان في عصور الدير الذهبية بلغ سبعة آلاف، وذكر ياقوت الحموي أنه كان في الدير عند زيارته إياه في القرن الثالث عشر مائة راهب، ثم تضعضعت أحوال الرهبنة فيه بعد القرن الرابع عشر، فأخذ عدد الرهبان بالهبوط، ولم يسكن فيه منذ القرن السابع عشر وإلى هذا اليوم أكثر من ستة أو سبعة منهم وقد ينقص عددهم إلى إثنين أو ثلاثة.
ج - المزار
يعتبر دير مار متي من المزارات المهمة في شمال العراق، وبفضل قداسة الرهبان واعتبارها مكان  مقدسة، حيث يؤمها المؤمنون إلتماساً للشفاء وتبرّكاً، وسماعاً لصوت كلمة الله. ودير مار متي أصبح مزاراً منذ القرن الرابع الميلادي وحتى يومنا هذا لإحتوائه رفات القديس مار متى ورفقائه وبعض القديسين، وكذلك وجود ضريح العلامة الذائع الصيت المفريان غريغوريوس إبن العبري 1286م

ثانيا: كنسياً

1‌-  إعتبار الدير كرسياً أسقفياً ثم مطرانياً في الربع الأخير من المئة الخامسة، وقد إحتل مطرانه مقاماً رفيعاً في كنيسة المشرق إذ أصبح فيها صاحب النفوذ الأول، وإستمر كذلك حتى القرن التاسع الميلادي.
2-  اُعتبر مقراً لإقامة بعض مفارنة الشرق منذ القرن الثاني عشر وما بعده منهم العلامة إبن العبري 1286م الذي أقام فيه سبع سنين.
3-  اُتخذ مركزا ومكانا ًلعقد بضعة مجامع كنسية هامة.
4-  نشأ فيه ثلاثة بطاركة، وسبعة مفارنة، وعدد كبير من المطارنة.

ثالثا: علمياً
أ- المكتبة

وجدت في الدير مكتبة وفيها عدد من المصاحف الجليلة والنفيسة والتي تعود الى القرن الخامس الميلادي كانت تعد في طليعة خزائن الكتب السريانية. ثم إندثرت وبعدها أخذت تبرز إلى عالم الوجود ثانية في القرن السابع الميلادي، وذاع أمرها وإنتشر خبر مخطوطاته تقريبا سنة 800م.
عاشت في المناخ العربي بقوة وعنفوان وظلت في نمو وإزدهار حتى عام 1171م حيث هجم الأكراد على الدير، مما إضطر الرهبان أن يحملوا الكتب ويغادروا إلى الموصل. وبعد عام 1241م نقلت كتب العلامة مار سويريوس يعقوب البرطلي برمتها بعد وفاته إلى خزانة والي الموصل بدر الدين لؤلؤ. وفي عام 1369م سطا الأعداء على الدير ونهبوه ومكتبته الثمينة ثم ظهرت فيه آثارها في المئة السادسة عشرة.

سنة 1846م فما بعدها جمع فيها زهاء ستين مصحفاً. وهنالك عدد وفير من مخطوطات هذه المكتبة في خزائن المتحف البريطاني كامبردج، برلين، الفاتيكان، الموصل، دير الشرفة في لبنان، من ذلك على سبيل المثال: المصحف السرياني الثمين للإنجيل المقدس الذي أنجزه الراهب مبارك البرطلي سنة 1220م بالقلم الإسطرنجيلي البديع وزينه بأربع وخمسين صورة جميلة ملونة في غاية التأنق والإتقان وأوقفه على مذبح دير مار متى بجبل الفاف. ثم إنتقل إلى كنيسة السريان في قره قوش ثم صار في حوزة مطرانية السريان الكاثوليك في الموصل وأخيراً نقل إلى روما عام 1938م وأودع في متحف الفاتيكان وتحت إشراف مُشدّد .

[ويقال ان انجيل قرةقوش (بغـديدا) النفيس الذي أهداه المثلث الرحمة المطران جرجيس دلال سنة 1938م الى الحبر الاعظم بيوس الحادي عشر وهو اليوم محفوظ في المكتبة الفاتيكانية

وقد كتبه "مبارك بن صليبا البرطلي سنة 1531يونانية 1220م".

هو من مخطوطات مكتبة دير مار بهنام المندثرة انتقل اليه من دير مار متي ومنه الى قرةقوش]

(الخوري أسقف أفرام عبدال "اللؤلؤ النضيد ج1")

 

لقد حظي الأب خالد كسكو (من بغديدا) بأن يتصفح هذا المخطوط والارث النفيس

اثناء اقامته في روما سنة 1996م وذلك عندما كان يكمل تخصصه في دراسة العلوم الكتابية

في جامعة البيبليكوم الحبرية في روما، حيث قدم طلب للإطلاع على المخطوط عن طريق عمادة الكلية

الى المتحف الفاتيكاني وحوّل الطلب الى قسم المكتبة، وبعد فترة استلم الجواب بالموافقة،

وفعلا تصفح المخطوط (انجيل بغديدا) وبمرافقة مسؤول المكتبة.

 

ومن مخطوطات مكتبة الدير المحفوظة في خزانته اليوم، العهد الجديد بعمودين الأول سرياني بالقلم الغربي والثاني نقله إلى العربي بالحرف العربي نسخ عام 1177. وإنجيل كنسي سرياني بالقلم الغربي وبحسب النقل الفيلوكسيني والحرقلي نسخ عام 1222م. بعض أسفار ا لعهد الجديد بالقلم الإسطرنجيلي على الرق في أوائل القرن الثالث عشر. وهنالك أكثر من عشرين مخطوطة أخرى نسخت ما بين القرن الثالث عشر والسابع عشر.
ب- المدرسة
 
إزدهرت خاصة في المئتين السابعة والثامنة. ومن أشهر تلامذتها مار ماروثا التكريتي، وراميشوع وجبرائيل ولديْ اللغوي الكبير الربان سبروي وجدْ الملفان الربان داود بن فولوس آل بيت ربان.
وقد أسهم أساتذة هذه المدرسة وتلامذتها بالحركة العلمية في العصر العباسي، وتابعت سيرها حتى إنقضاء القرن الثالث عشر ومن جملة أساتذتها في الفترة الأخيرة، مطران الدير مار سويريوس يعقوب البرطلي 1241م والمفريان العلامة إبن العبري 1286م.


كنائس الدير

في الدير حالياً كنيستان، تعرف إحداهما بإسم القديس مار متى، والأخرى بإسم السيدة العذراء.

أولاً: كنيسة القديس مار متى

شيدت على الطراز المأ لوف في إنشاء كنائس المشرق وتشتمل على، المذبح، ومدفن الآباء القديسين، والهيكل، ومدفن الرهبان.
أ‌-  المذبح

يتميز بقدمْ بناؤه وبقُبته الشاهقة البالغة إرتفاعها عشرة أمتار. ويوجد فيه مذبحان أحدهما كبير يقع في صدره، والثاني صغير يقع في أقصى الجهة الجنوبية. ووراءه في الجهة الشرقية مذبح  ثالث وجبٌّ بجانبه. وإلى شمال المذبح الثالث، ومذبح رابع (سْري) كانت تقدم عليه الذبيحة الإلهية في الظروف القاهرة.
ب‌-  مدفن الآباء القديسين  
هو المعروف ببيت القديسين، وهو القسم الشمالي من المذبح، تعلوه قبة يبلغ إرتفاعها سبعة أمتار وتشبه ريازتها ريازة قبة المذبح المشار إليه، ويشمل على عدة أضرحة منها ضريح القديس مار متى مؤسس الدير وضريح العلامة إبن العبري المتوفي عام 1286م.
ج‌-  الهيكل
وهو جديد أنشىء عام 1858م وهنالك كتابة سريانية في واجهة المذبح تنطق بتاريخ بنائه. بيد أن جداره الشمالي وضع على أساس قديم. يتألف من ثلاثة أنابيب إسطوانية، الجنوبي والأوسط متساويان،

 أما الشمالي فصغير.

د-  مدفن الرهبان
مغارة صخرية كبيرة تحت هيكل القديس مار متى كانت قد إختفت مدة طويلة حتى إكتشفت عند وفاة أحد الرهبان عام 1910م.
ثانياً: كنيسة السيدة العذراء
وهي كنيسة قديمة جُددت عام 1762م وهي بسيطة في شكلها، تحتوي على مذبح صغير، تعلوه قبة صغيرة وبسيطة. وهيكل مستطيل صغير.
ملحق الكنيسة ويحتوي على:

أ‌-  مدفن الآباء الخارجي
سمي بالخارجي لوجوده خارج سور الدير وقديماً كان ضمن الدير، وهو مغارة صخرية كبيرة أنشئت على جانبيها الشرقي والغربي عشرة أضرحة، يتقدمه إيوان صغير

ب‌-  الصوامع
 
منها صومعة القديس مار متى تقع جنوبي شرقي الدير، كانت منسكاً للقديس مار متى قبل إنشاء ديره ولا تزال بحالة جيدة. نقرت فيها مائدة للتقديس. وأنشئت إلى جانبها صومعة صغيرة حيث كان يتعبد القديس، وصهريج. وصومعة إبن العبري واقعة شمال شرقي الدير نقرت عام 1195م كما تنطق الكتابة السريانية بالقلم الإسطرنجيلي. ثم عرفت بإسم إبن العبري لتردده الكثير إليها إنصرافاً إلى الكتابة والمطالعة. وقد نقرت مائدة للتقديس في شماليها وأريكة في غربيها وشيد إلى جانبها صهريج صغير.

 



 

 

ملحقات الدير أيضا

أ-  رواق الملاك
هو رواق صخري نقر في عصور موغلة في القدم في قعر واد سحيق في الجهة الشمالية من جبل المقلوب. وقد سوده رعاة الغنم بدخان نيرانهم أبان الشتاء. وفي صدره رسم بارز لملاك متجه نحو الشرق، وبيده إكليل قد رفعه ليضعه على هامة مجاهد. وإلى جانب الملاك البارز رسم صليب. ويقابل هذا الرواق، فوق صخرة شاهقة،صومعة صخرية فيها أربع أرائك صخرية كذلك وثقوب صغيرة في جدرانها لوضع السراج فيها.

ب‌-  الصهاريج

في الدير عدة صهاريج نحتت في بدء تأسيسه لخزن مياه الأمطار المنحدرة من الجبل.

ولا يزال أربعة صهاريج ماثلة يبلغ سعة أكبرها  2420متراً مكعباً.

ج-  كهف الناقوط

أكبر الكهوف، وأكثرها سحراً وجمالاً، يقع غرب الدير على مسافة 200م. وهو قسمان القسم الخارجي ومساحته 10 × 15م رُصف بالحجر المعروف بالبازي تتوسطه بركة ماء.

والقسم الداخلي مساحته 6 × 4م يتقطّر ماء طوال السنة، تتجمّع المياه في حوض صغيرفي الداخل وتنساب إلى القسم الخارجي حيث تصب في البركة، ويقضي الزائرون فيه وقتاً ممتعاً في فصل الصيف.

 


 

 

اُلتقطت الصور بالعدسة الخاصة

 

 

نُقل بتصرف من ايميل استلمته قبل فترة من محبي المراسلة