مشاركات نسرين عبدالرحمن الخياط

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum

متحف

أرشيف بغديدا هذا اليوم

فنانونا السريان

أعلام

أرشيف الموضوعات

مغارة بيت آرام / جنوب غرب فرنسا

إعـــــــداد نوئيل عرب

الصور بعدسة نسرين الخياط

 

 

 

 

 

 

 

لأول وهلة يبدو إسم هذه المغارات آراميا، وقد يخال للقارئ أنها تقع في فلسطين أو سوريا أو العراق. لكن لا علاقة لهذه الكهوف لا من قريب ولا من بعيد بالآراميين أو بالشرق. إنها تقع جنوب غرب فرنسا، وتحديدا بمنطقة "بيرينيه" في منتصف المسافة بين مدينتي "بو" و"لورد" ، على بعد حوالى عشرين كيلومترا غرب مدينة "لورد" الشهيرة عالميا بمزار مريم العذراء الذي يستقطب ملايين المؤمنين سنويا من كافة أرجاء العالم. تعني تسمية "بيت آرام" الغصن الجميل باللغة الفرنسية القديمة. وقد أطلق عليها هذا الإسم نظرا لجمال الطبيعة المحيطة بها. إذ تعتبر كهوف بيت آرام من أجمل مغارات العالم وأغربها منظرا لزائريها الذين تتيح لهم أن يكونوا تصورا تقريبيا لمختلف مراحل تكوين المغارات عبر آلاف السنين، وتتوزع هذه المغارات على خمسة طوابق، تكون كل طابق تدريجيا على مر الزمن خلال آلاف السنين.

شيد السكان المحليون سنة 1200 بعد الميلاد  في هذا الموقع  كنيستين لا تزالان حتى اليوم تستقطبان آلاف المؤمنين اللذين يقصدونهما للإعتكاف والتأمل والإختلاء للصلاة وممارسة الرياضة الروحية، وكذلك تكريما للعذراء مريم، حيث أن إحدى الكنيستين مكرسة لها. يطلق سكان المنطقة على هذه الكنيسة إسم سيدة النجمة أو سيدة الصليب أو سيدة بت آرام. وغالبا ما كانت تتردد على هذه الكنيسة القديسة "برناديت سوبيرو" التي ظهرت لها العذراء ثمانية عشرة مرة في مغارة لورد القريبة، ما بين 18 شباط و16 تموز سنة 1858 وكانت في الرابعة عشرة من عمرها.

في القرن التاسع عشر قامت مجموعة من الكهنة بتأسيس رابطة في هذا المكان، أطلقوا عليها جماعة كهنة القلب الأقدس أو كهنة بيت آرام. لهذه الجمعية اليوم أديرة في ثلاث بلدان خارج فرنسا.

سنة 1793 إنهار الصليب العملاق الذي كان يعلو إحدى الكنيستين وتم بناء صليب آخر عوضه سنة 1840 بمبادرة من القديس "ميشيل كاريكوئيتس". تزين هذا الصليب زخارف ونقوش من تصميم الفنان العبقري الكبير "الكسندر رنوار" الذي جعله تحفة فنية عالمية. تمثل تلك النقوش مراحل درب الصليب الخمسة عشر آنذاك : الجتسماني، خيانة يهوذا، يسوع أمام قيافا، الجلد، إكليل الشوك، هوذا الرجل، الحكم بالصلب، يسوع حاملا صليبه ولاقيا أمه العذراء، نساء آورشليم، الصلب، الصلبان الثلاثة، الإنزال من الصليب، سيدة الصليب، الوضع في القبر، القيامة.

تم إكتشاف المغارة الاولى سنة 1810، وما لبث الزوار من سكان المنطقة أن توافدوا للإطلاع عليها نظرا لقربها من الكنيستين الآنفتي الذكر. إعتبارا من سنة 1880 بدأ الموقع يعرف على نطاق أوسع في أوروبا، ولا سيما في بريطانيا، وذلك بفضل تواجد جالية بريطانية كانت تعيش ولا تزال في مدينة "بو" القريبة. وقد قصدها بريطانيو "بو" بعد أن دلهم عليها "لوباتس دي ليستيل بيت ارام" الذي كان يملك مطحنة للقمح هناك.

سنة 1903 عكف الفنان "ليون روس" على إجراء أعمال واسعة النطاق لتجميل الموقع، وكان "روس" من أوائل المصورين في منطقة "بيرينيه". وهكذا تم فتح الموقع للجمهور مجددا في مستهل القرن العشرين قبل الحرب العالمية الاولى، بعد أن جهزها "روس" بمنظومة الإضاءة بالكهرباء.

هذا الموقع السياحي والديني الذائع الصيت مجهز اليوم بكافة الوسائل الحديثة من طرق ممتازة وفنادق مريحة ووسائط نقل متطورة. تبدأ الزيارة من القسم العلوي وتتواصل باتجاه تجويف بعمق ثمانين مترا يؤدي إلى مستوى مجرى الماء السفلي الذي يبلغ طوله مائة وخمسون مترا. يمر هذا المجرى بين شقي الجبل بارتفاع ثمانين مترا. يمكن للزائر أن يلاحظ أثناء المرور بين الشقين أثر مستوى الماء على مر السنين. الجزء الأخير من الجولة يتم بالقطار تحت الأرض بمسافة 700 مترا، وينتهي المشوار بمشاهدة نهر "غاف" الذي ينساب بهدوء وسط الطبيعة الخلابة حتى يخترق مدينة "بو" قبل أن يصب في المحيط الأطلسي. لكن الزيارة الكاملة تشمل جولة تحت الأرض لمسافة ما يقارب ثلاثة كيلومترات، يتم خلالها الإطلاع على ثلاثة طوابق من التجاويف التي تكونت بفعل مرور المياه الجارية عبر الجبال الصخرية. الطابق العلوي هو الأوسع، وهو مكون من عدة فضاءآت متصلة ببعضها تشبه الصالات.

وتعتبر الكهوف الواسعة Betharram الأكثر جمالا في العالم وتعد موطنا لعرض كبيرة ومتنوعة من التكوينات الصخرية التي أنشأتها