BakhdidaToday   بغديدا هذا اليوم

نشرة أخبارية يومية منوعة تصدر عن اللجنة الثقافية في دار مار بولس: 12 ايار 2007م 

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

القراءات الروحية اليومية: بحسب طقس الكنيسة السريانية الانطاكية (للمتابعة الروحية).

الشهر المريمي

عبرانين 7: 23 ـ 28

يوحنا 10: 1 ـ 16

الاخبار

نشاطات في دار مار بولس

لقاء اخوة الشبيبة الاسبوعي، عصرا.

دورة مار افرام للموسيقى ودروس جديدة على الة الكيتار عصرا.

تدريبات الجوق الكلداني.

 

نشاطات مركز السريان للثقافة والفنون

افتتاح معرض الكاريكاتير: افتتح الاب لويس قصاب والسيد قائممقام قضاء الحمدانية عصر اليوم معرض الكاريكاتير الثاني للفنان عماد بدر المقام في مركز السريان للثقافة والفنون (وكان معرضه الاول قد اقامه في دار مار بولس العام المنصرم)، وبعد جولة الحضور في المعرض حضروا محاضرة الفنان لوثر ايشو.

 

محاضرة ثقافية: قدم الفنان التشكيلي لوثر ايشو محاضرة بعنوان "اوراق من دفتر الرسم" على حدائق مركز السريان للثقافة والفنون بعد افتتاح معرض الكاريكاتير. (سنعرض لكم نصها)

 

الاكاليل

اقتبل سر الزواج المقدس عصر اليوم امام مذبح كنيسة الطاهرة الكبرى العروسان:

كريم عطاالله كرومي عجم    و    سهى كامل ججو سقط

نتمنى للعرسين حياة ثرية بالحب والفرح ... مبروك

 

صلاة الدفنة

اقيمت عصر اليوم في كنيسة الطاهرة الكبرى صلاة الدفنة عن نفس المرحومة تقلة ميخا عيسو زوجة السيد نجيب سعيد عرب والتي رقدت على رجاء القيامة يوم امس عن عمر يناهز (68) سنة اثر اصابتها بمرض عضال.

الراحة الابدية اعطها يارب ونورك الدائم فليشرق عليها

 

لقطة اليوم (12 أيار 2007)

موكب العرس بعد صلاة البراخ...

هدية بغديدا لأبنائها (12 أيار 2007)

زيّنا التراثي النسائي بات رمزا للفرح وحضور مبهج.

 

صورة من الذاكرة الباغديدية: صورة اليوم: (12 أيار)

صور من البوم الاب لويس قصاب ملتقطة في بداية الستينات تُظهر مجموعة من اعضاء اخوية قلب يسوع مع الاب لويس قصاب.

 

أجب مع نفسك.. مع عائلتك: سؤال ليومي (12 ـ 13 أيار) نيسان (يطلق لمعرفة "كل شيء عن بغديدا"

سنتعرف على المستلزمات المستخدمة في المهن الباغديدية...

عدد مستلزمات مهنة الحياكة (حياكة البسط والجواجيم ـ بساطات وبرمالي)

اننا ننتظر اجاباتكم المفرحة ونقول للجميع كونوا دائما معنا حول مائدتنا الثقافية الدسمة بجديدها عبر نوافد "بغديدا هذا اليوم"...(الاخبار..لقطة اليوم..هدية بغديدا لأبنائها..سؤال اليوم..صورة من الذاكرة الباغديدية..مثل اليوم)

ارسلوا اجوبتكم  وارائكم على العنوان الالكتروني لموقعكم موقع "بخديدا" التالي:

askbakhdida@yahoo.ca

 

جواب سؤال (10 ـ 11 أيار) عدد مستلزمات مهنة صناعة اللباد (الجبَن ـ كجي) والتي كان يستخدمها الجبان الباغديدي (كججي).

من المستلزمات:

قشتا: (الة الندف اليدوية) وبها يتم ندف الصوف (شذايا دعك)

جكّا: وبه يتم الضرب على وتر الة الندف.

بور: وهوقطعة منسوجة كبيرة للغاية يتم بها لفّ اللباد (كجا).

شقلا: قضيب خشبي طويل وسميك بعض الشيء، سمكهُ منتظم، يتمحور اللباد ليتمكن العامل من دحرجته برجلة ذهابا وايابا بفنية رائعة.

اما المواد التي تدخل في صناعة اللباد هي: صوف الخراف ويسمى بالـ "عكّ" له القابلية على التماسك مع بعضه بعد تبلله بالماء وضربه بالارجل. ويكون العك بانواع منها الابيض والاسود ومنه الذي يلون بحسب رغبة العامل.

  

مثل اليوم (السبت  12 أيار 2007م)

"خشلا كثيثا حثيثا " انها مثل الدجاجة النابشة "..يضرب هذا المثل بحق هو مبذر.

 

لساننا (لشانن) (جديد)

يسرنا عبر هذا المحور ان نختار كل يوم مفردة من مفردات لهجتنا الباغديدية والتنويه الى مرادفاتها ان وجدت:

لغة الاطفال في بغديدا

(سندرج يوميا اربع كلمات)

جوجو: الطير

تشو: الحمار

عوعو أو عنّ: السيارة

بيّا: البيت

ملاحظة: ان رغبت في التعرف على اخبار يوم ما ـ  منذ 24 اذار 2005 لغاية اليوم ـ ماعليك الا النقر على ارشيف الاخبار المثبت في الشريط العلوي للصفحة الرئيسة لموقع بخديدا، فيظهر لك جدول الايام، انقر على تاريخ اليوم الذي تبحث عن اخباره...وشكرا.

 

والشكر للرب دائما

 

محاضرة بعنوان:  اوراق من دفتر الرسم

للفنان التشكيلي لوثر ايشو

(أُلقيت على حدائق مركز السريان للثقافة والفنون يوم السبت 12/5/2007 الساعة السابعة مساءً)

ورقة رقم (1)

نحن نحب الرسم ولكن لانفهمه

هذه الجملة يرددها الكثير منا وبشكل مزمن وتوجه آلي على شكل سؤال مفاده كيف السبيل الى فهم أي لوحة او رسم وتفسيره. اية محاولة لتفسير اللوحة وتحويلها الى كلام هي عملية شبيهة بآليات قراءة فنجان القهوة، والفرق طبعاً كبير بين قراءة العمل الفني بهذه الطريقة وبين استقبال العمل بشكل صحيح وواعي. ان أي محاولة لفهم العمل الفني والاصرار على ذلك هو بداية لعدم الفهم وغلق كل طريق نحو العمل الفني وهذه المحاولة تكون عقيمة بالتأكيد  وذلك لأنه لا يجب أن نضع كلمة ( فهم ) في صيغة السؤال وإذا فعلنا نكون قد وضعنا العربة أمام الحصان . ونبدأ في تفكيك الأمر بالقاء الضوء على آليات تذوق نمط أبداعي آخر هو عالم الموسيقى وهذا يقرّبنا من تذوق الرسم حتى بدون فهمه.

- إذا سمعنا عزفاً موسيقياً مثلاً لا نطالب العازف شرح موسيقاه بل نقوم بأفعال لا إرادية تدل على التفاعل فالواحد منا يرقص ويبكي ويصفق أو يحرك قدمه مع إيقاع الموسيقى تأثراً بهذه الموسيقى ، هنا يتحقق التواصل بآلية سماع الصوت دون الحاجة للمرور بآلية اللغة عن طريق الكلام والفهم ، أي أننا لا نحتاج غالباً أن ندقق كثيراً إزاء الموسيقى ونتقبلها على الفور وذلك لأسباب كثيرة أهمها أن الموسيقى عالم نظامه التجريد الرياضي الكامل ، مستقل بذاته أي أنه لغة قائمة بحد ذاتها تقع في أعلى منطقة من مناطق أو مستويات لغة الكائنات ومن ضمنها لغة البشر أي أن الموسيقى كلغة تمتد الى عالم الطيور والحيوانات قاطبةً فما أوسعها من لغة . وكل هذا لا يحصل مع الرسم في أغلب الأحيان . أي عندما يرى المشاهد العمل الفني أو اللوحة يطالبنا كفنانين بتفسير وأحياناً يصل مطلب الجمهور الى حد المطالبة بتحقيق شبيه بمحاضر الشرطة . وكل هذه القطيعة بين العمل والجمهور يحدث ليس بسبب واحد ومع الأخذ بنظر الإعتبار سقوط نظرية السبب الواحد فإن الأسباب كثيرة لحصول هذه القطيعة وتأتي أهمها وأخطرها كالتالي:

- من أول وأهم تلك الأسباب غياب دور التربية الفنية من حياتنا مبكراً وبشكل متعمد وكامل ، فإن لم تتوفر لي فرصة حضور درس للرسم في المرحلة الإبتدائية ولم تتوفر الفرصة لحضراتكم جميعاً مثل هذه الفرصة وإذا إعترض أحدنا على هذا الأمر وأدعّى بأن فلان أو فلان من معلمي ومدرسي الرسم كان بمستوى تعليم الرسم فأن تجربتي لثمانية وعشرين عاماً في محاولة تعليم الرسم فهناك فشل كامل في هذا المجال ولسبب بسيط هو أن كل معلمي ومدرسي الرسم بمن فيهم أنا لم تتوفر لنا أجواء الدراسة الأكاديمية الصحيحة رغم تخرجنا من معاهد وكليات متخصصة، وقد يكون بعضنا قد تعلّم شيئاً من الرسم على أيدي اساتذة أفاضل ، نعم ولكن هذا ( البعض) نادر ولا يُبنى عليه مجتمع متعافى حسب فهمي المتواضع أي أن هذه الطريقة في تعليم الرسم والفن عموماً قد تصنع جزراً مقطوعة مرةً بإسم فلان و فلان ولكنها لا تشكل سهولاً خضراء يانعة ممتدة .

وهنا لست في وارد أن يكون كل طلابنا فنانيين أو رسامين مجيدين بل الأمنية أن نساعدهم أن يخرجوا الى الدنيا على قدر عالي من التذوق للعمل الفني وكل ذلك يتحقق بخطوات عملية بسيطة نبدأ بعدم وضع درجة (9) و(10) من عشرة في درس الرسم بل نضع ال(صفر) والواحد والاثنان والثلاثة والاربعة الى جانب ال(9) و(10) وبهذا الامر نستقيم ونرتاح ونصل الى مستوى غيرنا من البشر في احترام العمل الفني. وعلى ذكر الامتحانات والتعليم في مجال الرسم والفن تحضرني نادرة ولكنها حقيقة كان الصينيون القدماء يعملون بها وهي انهم كانوا يمتحنون ولي عهدهم في مدى اجادته العزف على اكثر من آلتي موسيقى إجادة تامة وإذا فشل في الامتحان فيمنعوه من تولي العرش لإيمانهم في دور الفن لتشكيله الشخصية الانسانية.

- والسبب الثاني المهم في القطيعة بيننا وبين الرسم هو تكريسنا عن غير قصد لمحدودية الثقافة البصرية وذلك لعجزنا عن الانتاج المستمر وخلق آليات هذا الانتاج والعكس يحصل عند غيرنا من الشعوب. أي ان كل شعوب الارض لها من الحضارات والعمق الممتد عبر الزمن وبشكل متفاوت ونسبي شرقاً وغرباً ولكي نعلم كيف يقوم الشرق والغرب في التعامل الصحيح مع تراثه هناك امثلة صارخة لهذا التواصل فان مباديء الرسم مثلاً وعاداته الصحيحة المتوارثة يتم التعامل معها بشكل متجدد في الصين واليابان ويتم الحفاظ عليها ونقلها وتجديدها عبر الصفوف الدراسية فمثلاً لايسمح للطالب الياباني ان يرسم او يشرع في الرسم وهو اشعث الشعر او غير مغتسل بشكل جيد تأكيداً على الطهر والنقاء ومثل آخر في تقاليد الرسم انه لايسمح للتلميذ ان يرسم شجرة إبتدأمن الاغصان نزولاً بل عليه البدء في الرسم من الاسفل صعوداً وذلك احتراماً لمجرى الماء والغذاء صعوداً من الجذور الى الاغصان والازهار. وأما تجربة أوربا في هذا المجال كانت مغايرة لقد تم إحياء التراث الروماني والأغريقي عن طريق عصر النهضة ومنجزاته الكبيره وشواهده الكثيرة ممتداً الى القفزة الكبيرة التي حدثت بإنتهاء القرن التاسع عشر وكامل القرن العشرين والفترة الأخيرة هي كل تاريخ الرسم الحديث. في الاستعراض السريع لمسار العمل الفني عبر الزمن عند الشعوب الأخرى نقف لإلقاء ضوء خاطف على ما يخصنا كحضارة قائمة لسبعة آلاف سنة فنجد ان الرسم والنحت بقى مزدهراً لثلاثة آلاف سنة ونصف تقريباً الى ما قبل الأربعمائة والخمسمائة سنة قبل ميلاد ربنا المسيح وذلك بسقوط المدن والعواصم المعروفة بعد هذه التواريخ وجد الرسم طريقه للتواصل عن طريق الطقس الكنسي في جانبه الفني من صوت وخط ولون عبر الأصوات التي رافقت هذه الطقوس وعبر الخط واللون الذي استخدم في ملابس من خدم الكنيسة وما جرى تداوله من طرق الكتابة وتزويق الكتب المقدسة اي ان الرسم وجد له طريقة للبقاء والديمومة معوضاً مافقده في مجال النحت بالوسائل السابقة وبقي الحال على هذا المنوال على مدى الف وسبعمائة عام تقريباً وكانت النقطة المضيئة عند القرن الحادي والثاني عشر الميلادي وللمثال لا الحصر اشارة الى اعمال مبارك البرطلي التي شاهدت نسخاً منها عن طريق الدكتور يوسف الطوني مشكوراً وغي مبارك البرطلي بالتأكيد كثيرون ومنهم باخوس الخديدي الذي رسم نسختين من الانجيل كما تذكر المصادر وبأكثر من تسعين رسماً.

هذا الزمن الابداعي الممتد على قرنين من الوقن الجميل كان ضوءً ساطعاً في التفاعل الحضاري بين السرياني العربي البيزنطي والفارسي.

اما بعد هذه الـ (800) عام ماذا حصل، فذلك في اوراق اخرى.

وعودة الى السؤال الاول بعد المرور على بعض اسباب القطيعة بيننا وبين الرسم، اقترح على الجمهور المحب للتقرب من العمل الفني بان يبدأ بالتعرف على اجزاء الرسم وآلياته والتعرف عليها الواحد بعد الآخر.

يجب ان نبدأ بمعرفة شيء عن التخطيط وشيء عن اللون وشيء عن الكتلة والفراغ وشيء عن الانشاء وشيء عن ملمس السطوح لكي يجمع احدنا هذه المعارف البسيطة عن العناصر الرئيسية الممكنة للعمل الفني في الرسم ونقوم بتفحص العمل الفني على اساس هذه المعارف.

أي عندما اشاهد لوحة ابدأ رؤيتي وتشكيلها من خلال هذه العناصر واصل بذلك الى محطات تقربني من العمل فمثلاً اذا كنت تعلم ان الخط المنكسر يدل على ما يمثله الانكسار عند الانسان كمعادل موضوعي فانك ستتذوق مشاهدة خطوط منكسرة على شاشة جهاز فحص القلب مثلاً، ومايمثله من شرح سريع على مايعنيه.

وهكذا اذا كنت تعلم ولديك معرفة مبسطة ازاء اللون وكثافته ونصوعه وطريقة استخدامه فستدلك هذه المعارف الى الوصول الى نقطة اقرب الى العمل الفني المعروض وهكذا صغر وكبر الكتلة والفراغ في اللوحة واتجاهات عناصرها.

واذا كنت تعلم شيئاً عن التكوين والانشاء فسيكون ذلك عونا لك في ارساء رؤية رصينة ازاء العمل الفني وبذلك تكون مسترخياً في تقبّل العمل وعدم الوقوع في موقع الغير فاهم للعمل او رافضاً له منذ البداية.

 

ورقة رقم (2)

الواقعية مفهوم متحرك

حدث ايام الحملة الفرنسية على مصر ان رسَمَ فنان مستشرق موديلاً أي رجلاً من اهل صعيد مصر في جلسة رسم بوضعية البروفيل أي رسم الوجه في منظور جانبي، وبعد الانتهاء من الرسم عرض الرسام متباهياً الصورة على الموديل لأبداء الرأي فما كان من الرجل المرسوم الى ان هجم على الرسام مستميتً مستقتلاً للثأثر والدفاع عن شرفه ورجولته المهانة وذلك لسبب واحد فقط وهو انه شاهد نفسه في الصورة او الرسم بفردة واحدة من شاربه وذلك مايظهر فقط للمشاهد من الموديل عادةً. هذه الواقعة تثير عندي الكثير من الشجن وعندها نقف عند قضية مهمة وهي الخواء والفراغ البصري الذي يغلفنا ويحيط بنا رغم هذا الكم والسيل الهائل من الصور التي تبثه وسائل الاتصال المعاصر. ان تقابل المفاهيم البدائية تجاه علاقة الواقع بالفن او العمل الفني من طرف المعادلة الاول وهذا الكم او الطوفان الاعلامي يولد صداماً كبيراً في النفس ويعمل على تشكيل جوانب مضطربة ومظلمة في شخصية المتلقي وخصوصاً عند الاطفال والمراهقين فتنكسر الحدود بين الواقع اليومي والمتخيل عبر وسائل الاعلام بهذه الطريقة.

أي ان عدم اكتمال الوعي بتأخير المفاهيم والمصطلحات وتطور وعصرنة هذه المصطلحات تجعلنا نقع في اكبر المطبات التي يفرزها العصر.

على هامش الخواء البصري المحيط بنا، ماهو بين ان الانتاج العام في مجالات الحياة اليومية لايتناسب مع ماينتجه الرسام في عمله أي ان كل الحِرَف تشتغل بشكل او آخر عدا الرسام لغياب الطرف الثاني وهو المتلقي او المُستقبِل للعمل الفني. واكبر مظهر لهذا الغياب فان بيوتنا ليس فيها مايحيطنا بصرياً ويربي العين عندنا بشكل صحيح وليس هنا فناً خاصاً بنا نقوم بوزن ابصارنا بميزانه.

وتحضرني في كل حقبة زمنية صورة مستنسخة تعلق على الجدران عن اعمال الرسم التجارية تقتل فينا كل ذوق ممكن وكانت اشهر صورة في هذا المجال صورة الطفل الباكي ولحد الآن لا أعلم لماذا كان يبكي طوال تلك السنين ومتى توقف عن ذلك.

وصورة الرجل العجوز السكير، احياناً تُعَلَق نسخٌ رديئة للموناليزا او صوراً تجارية ذات مواضيع مقدسة ومن النوعية الرديئة رسماً وطباعةً.

اما اقتناء الاعمال الفنية المحلية فتلك مسألة تثير الضحك لأنه ليس ثمة فنان ينتج تقريباً ولا مشاهد يقتني وحدثت معي مرة عندما اهديت قريباً لوحا من اعمالي فبادرني معاتباً مازحاً وبخبث وهل تهديني لوحة بدون اطار؟

هذه الفوضى البصرية وتفاقم القطيعة بين الرسام والجمهور كانت واحدة من الاسباب الرئيسية في ثبات بعض المفاهيم الجامدة الجوفاء يتخندق بها جمهور الرسم على مدى كل هذه السنين وابرز المفاهيم السائدة والجامدة هي نظرتنا الى مفهوم الرسم ودوره وصرنا في منطقة نقسِّم وببساطة العالم من حولنا الى واقعي وغير واقعي أي اننا نقسِّم الرسم الى رسم واقعي ورسم غير واقعي.

وغالباً ما نقوم بالإنحياز كمجاميع بشرية باتجاه ما نطلق عليه بالفن الواقعي اعتقادا منا بقربه اكثر من الناس وزادت هذه الفكرة رسوخاً عند ظهور المدارس النقدية الموازية للمدارس الفنية وكانت اكثر المدارس ترسيخاً لهذا المفهوم الضيق لمصطلح الواقعية هي النتاج الكثير للواقعية الاشتراكية والنتاج الفني إبّان سبعين سنة من حركة الواقعية الاشتراكية وبمرور الزمن وصلنا الى فريقين الفريق الاول ينتصر ويتعصب للفن الواقعي كما اسلفنا والفريق الثاني يؤكد وينتصر لكل فن خارج عن المألوف ويعتبره اكثر ابداعاً وتعبيراً عن الاحساس البشري . وتمثل ذلك بنظرية الفن للفن او الفن للمجتمع.

ان هذه الاشكالية التي يقف عليها الذوق السائد للناس كانت واحدة من اهم الاسباب التي باعدت بين الرسام وجمهوره وفي هذا الصدد لدي مداخلة قد تفيد في هذا الصدد ومفادها ان العالم المستريح او المتواصل حضارياً بوتيرة أعلى اذا جاز التعبير هذه العوالم شرقييها وغربييها قد غادرت هذا التقسيم مع منتصف القرن الماضي بفعل ثورات فكرية فنية اجتماعية معروفة وأخذ مفهوم الواقعية ينزاح عن مكانه بكل الاتجاهات والتفسيرات عن طريق فلاسفة ونقّاد فن فمثلاً عندما تقرأ كتاب روجيه كارودي في منتصف القرن الماضي وكتابه (واقعية بلا ضفاف) وفيه تناول بالدراسة وبمنهج ابداعي نقدي حديث وقتها ثلاثة من كبار رجال الابداع في القرن العشرين وهم كافكا وسان جون بيرس وبيكاسو أي روائي وشاعر ورسام، في هذه الدراسة توصل الى افكار اصيلة جديدة تفضي بنا الى توسيع مفهوم الواقعية في الفن الى اقصى مدى ممكن أي الى الحد الذي نصل فيه الى التروي في اطلاق كلمة عمل واقعي على أي انتاج فني بسهولة ويصل بي الامر الى حد عدم الايمان بوجود عمل فني واقعي مطلقاً وكذلك العكس انا على قناعة تامة بعدم وجود عمل غير واقعي على الاطلاق مادام من يقوم بالابداع هو الانسان وليس كائناً خارقاً من كوكب آخر وهذا التداخل هو نقطة التقاء وحل لهذه الاشكالية عندما نصل برؤية تسمح لنا بتأمل عمل فني ما بشروط العمل نفسه وليس بشروط الخارج عنه أي العمل الفني.

 

ورقة رقم (3)

الشال

ان الشال عندي لا يعني متراً مربعاً من القماش زاهي اللون تلبسه النساء تجملاً بل يُشَكِل لدي مغلفاً يحتوي على عدد هائل من الرسائل والقيم والشفرات الواضحة منها والسرية المغرقة بسريتها أحياناً ومدعمة تحمل في طياتها اشارات قد تبدو ملغزة اكثر مما يجب ولكنها تحمل الوضوح حد الصدمة احياناً وانها معاصرة في الى حد الدهشة. وان مجموع هذه الرسائل والشفرات التي يبثها الشال هي مايشترك فيه الشال مع آليات الاشارة المعاصرة بإعتبار ان اول وآخر لغة مختصرة للتواصل الانساني. ان الرسائل التي يبثها الشال هي اشارات بصرية من احد معلوم وهي المرأة التي تحيك الشال وتلبسه الى الآخر الذي هو العائلة أولاً ومن ثم عموم المجتمع والعالم بعد ذلك، هذه الرسائل يمكن ببحث معمق الوصول الى فك رموزها وتصنيفها وهي رسائل لونية محتفلة وفرحة بالحياة والطبيعة نبات، حيوان، انسان صعوداً الى اختزال تجريدي متمثل بالايمان اليومي وصولاً الى اعمق الاشارات الايمانية وانها رسالة متكاملة حتى في طريقة التصميم والاخراج الفني من خلال تسطير الاشكال والرموز يميناً ويساراً صعوداً ونزولاً عبر نص الشال وهذا ببساطة يؤدي الوضيفة المشّفرة والتي يتواصل الناس في غياب الكتابة وآلياتها.

فعندما لم تجد المرأة الخديدية مثلاً من يعلمّها القراءة والكتابة اخترعت احرفها ورموزها بطريقة خاصة بها وجعلتنا نقرأ والى ابد الأبدين من خلال هذا الفعل الخلاّق. ودائماً عندما تغيب وتعجز اللغة تحضر الصورة ويحضر الرسم ليعبِّر عن أجمل ما في الانسان من خير وطيبة.

كلي أمل ان نحتفظ بهذه الرسائل من أمهاتنا وبناتنا واخواتنا ويا لها من رسائل هائلة. لايجب ان نتعامل مع اللوحات التي رُسِمَتْ على الشال كما نتعامل مع رسائل عشقنا الاول ونركنها في اقدم صناديقنا المقفلة ولا ان ننشرها على الملأ بسذاجة. انها نصوص تحمل الألم والفرح وتسجل  أنقى ما تنتجه حواس الانسان.

*اذا مات فينا هذا العشق الاول النقي فنكون آنذاك أمواتاً مع سبق الاصرار والترصد.

*هناك افكار منتجة طرحها قبلي كثيرون وانا قمت بذلك ولأكثر من مناسبة وفي جميع المحافل المهتمة بالتراث والفن السرياني وكانت واحدة من هذه الافكار تأسيس أرشيف لهذه الاعمال الجديدة القديمة وكذلك فكرة تأسيس ورشة أو معهد متخصص بشكل حديث معاصر وليس تحت عناوين الحرف اليدوية والاعمال التراثية او الصيغ المتعفنة السطحية بل على مستوى مركز بحوث ووثائق فيها من الانتاج النظري والعملي لهذه الفنون.

ان هذه الاعمال امانة على شكل نصوص بصرية حملتها النساء كنوزاً وأوصلنها الى اليوم كما حملتنا امهاتنا وانتقلت بنا من مكان الى آخر عبر تاريخ طويل رمادي رصاصي الصبغة. كل ماتقدم لم يلق أذناً واحدة تصغي وإن وجدت لم توعز الى يد تفعل في تحريك وتأسيس ماقلناه وتركنا الامر جانباً وأعود اليوم لأطرح في نفس الاطار فكرة جديدة قد تجد أذناً ويداً تحقق مانرجوه باتجاه هذا التراث وتتأتى هذه الفكرة والتي ترمي حصراً الى شيئين أولاً الحفاظ على ماتبقى من الشال والثانية كيفية اعادة إحيائه وإنتاجه من جديد؟

*ونبدأ الامر اولاً بمنع عرض اعمال ونماذج الشال على هامش المعارض الخاصة بالرسم كحرف يدوية ساذجة.

*وبعدها يقوم من تلقى عنده الفكرة صدىً أكان فرداً أم عائلة او مؤسسة او مشروعاً تجارياً بتخصيص نظام جائزة سنوية متكامل وفق كل ما نعرفه من جوائز ابداعية أي عدم الاكتفاء برصد مبلغ رمزي من المال يعطى للشال الفائز. بل تخصيص ثلاث جوائز مالية على أعلى قدر ممكن من القيمة المادية وتأسيس آليات للتحضير والعمل خلال سنة كاملة بمجموعة متخصصة لا تقل عن عشرة أفراد وأقول عشرة وليس أقل لأني أعلم تفاصيل ما سوف يتابعون ويشتغلون عليه وليس بالضروره أن يكونوا متفرغين لهذا العمل . ثم يصار الى تشكيل لجنة تحكيم على مستوى رفيع من المعرفة الفنية والتاريخية والحرفية ويعين يوم ثابت سنوي يتناغم مع حياتنا الاجتماعية ليعلن فيه الفائزون او الفائزات في معرض شامل وقبل ذلك تقوم اللجنة التحضيرية باختيار اسم الجائزة ولتكن على اسم احد اعلام الفن في التراث السرياني او على اسم علم من اعلام قره قوش يقوم ورثته بتخصيص الجائزة إحياءً لذكراه مثلاً ان وجد ان المشروع في تنفيذ هذه الفكرة على بساطتها للوهلة الاولى سنقوم بتحقيق هدفين كما اسلفت اولا الحفاظ على ما تبقى من اعمال الشال القديمة ومنع تسريبها الى الخارج بحفنة قليلة من الدولارات وثانياً خلق دفع لأنتاج واستمرار هذه الاعمال ويكون العمل رصيناً ومتكاملاً اذا دُرِسَ وطُبِخَ على نار هادئة ورافق ذلك نشر كتاب او كتيب سنوي يتضمن كل الاعمال المشاركة وصور المشاركين مع تقديم دراسة تعريفية بالأعمال. وبهذا نوجِد لأنفسنا فسحة جديدة للفرح والحياة والتوافق مع الفن والجمال.

 

ورقة رقم(4)

ثنائية الشكل والمضمون في رسومي

ومفهوم القديم والجديد في اعمالي

احاول جاهدا ومنذ وقت  ان لاأقع فريسة موضوع لكي ارسمه عن طريق شكل هزيل وبالعكس احاول جاهدا ان لا اقع ضحية شكل فارع خاوي لا يختزن  همّاً او علّة .

لم اتوصل الى هذه القناعة صدفة او انتقاء ومغايرة ولكن عبر آليات في السفر والمشاهدة والدراسة الميدانية اليومية في الرسم خاصة والعمل الابداعي عامة شعر قصة رواية سينما مسرح وادب اطفال وكاركتير وقبلها تامل فلسفة ألفن العراقي القديم وعقائده وخلاصة نظريتي وطريقة عملي في هذا الباب هي ان بالامكان اخذ أي موضوع مهما صغر والانطلاق به  بواسطة شكل متفوق ابداعيا الى أمكِنة متجانسه ومعبرة بشكل صادق عن الفنان وكذلك توصلت الى قناعة وامكانية ان نرسم همّا كبيرا او موضوعا انسانيا ضخما بابسط الاشكال واكثرها نقاء وبهذا لن نحتاج :

الى اعادة انتاج نظرية الشكل المتفوق مع الموضوع الكبير ولا نقع في مطب ايهما اهم الشكل او المضمون فالاثنان في ترابط مقدس يصغر الاول ويكبر الثاني والعكس صحيح انهما كالمجنون والعاقل او المعقد والاعمى احدهما يفسح للاخر للمرور والاستمرار .

  واما في باب القديم والجديد في عملي فان لي راي تكون ايضا عبر الايام مفاده ان لا فن عندي جديد او قديم فكل شي عندي جديد وقديم  لان عنصر الزمن لايدخل في تاشير حداثة وقِدَم أي عمل انتجه او ينتجه غيري ومن هذا المنطلق  لا اهتم كثيرا في كتابة تاريخ انجاز العمل على الكثير من اعمالي وجاءتني هذه القناعة وتاكدت لدي لسبيين احدهما فني بحت وهو ان كل اعمال الفن العراقي القديم ابتداء بالفن السومري هي اعمال جديدة وحديثة اذا مارفعنا عنها سقف الزمن وهي فاعلة ومتجددة اذ نعجز في بعض الاحيان على الاتيان بابداع موازي لها ونكون بذلك مشدوهين ازائها في اكثر الاحيان كما وقف بيكاسو امام رسوم كهوف التاميرا  وقوله العبارة الشهيرة بعد تامل هذه الاعمال حيث قال بالنص ( اننا لم نتعلم شيء) وهو الذي شكل كامل القرن العشرين بثوراته الفنية المعاصرة .والسبب الثاني أن مفهوم القديم والجديد في الفن مدعومأ بافكار ونظريات الفيزياء يؤدي الى عدم اعتبار او اخذ الخطوط المستقيمة كمعيار للتقدم والتأخر ولتبسيط الامر اكثر فان الاطلاع عن ايجاز الزمن في احد كتب الفيزيائي الانكليزي المعاصر(كونغ) توصل بنا مكونات ومسارات لولبية داخل الخط المستقيم دخولا وخروجا تقدما وتاخرا وهذا مايدعم رؤيتي للعمل الفني وبهذا ليس لدي وقت مثالي او انتظر وقتا مثاليا لارسم المعجزات بل ان كل وقت هو مناسب لانتاج العمل الفني اما قيمته فليست خاضعة لمعاير الزمن.وان جازت عليه فسيكون عملا من اعمال الانتيكه وليس عملا فنيا حيا متواصلا مع كامل الجهد الانساني عبر كل زمان . وانطلاقا من هذه المفاهيم وغيرها لم ادقق كثيرا في ما سأعرضه عليكم من مصورات لاعمالي ومن أي مرحلة فانها تفترش اكثر من عشرين عاما من الزمن ولكنها كلها لي وليس فيها ماهو جيد لقدمه او حداثة موضوعه او شكله بل بطريقه اشتغاله وكم من الصدق والنقاء حمل هذا العمل لحظة ولادته والعكس ايضا صحيح وشكرا.