مواعظ على مدار السنة الطقسية  2005 ـ 2006 المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

 

إنجيل الأحد       أحد مولد يوحنا المعمدان     لوقا 1 : 57-80

يحدث أن يتدخل الله في تاريخ الانسان أو في مجرى حياة شخص معين حتى قبل ولادته. ويوجهه بواسطة الروح القدس، حسبما يشاء، تتميما لإرادته المقدسة . هكذا كان مثلا مع ارميا النبي الذي " أفرزه الله وهو في بطن أمه" . كذلك الأمر بالنسبة إلى يوحنا المعمدان الذي اختاره الله، وهو في بطن أمه، ليؤدي رسالة معينة. ورسم له نمط حياة خاص  واسما : يوحنا أي "  الله  تحنن ".

          عظمة يوحنا هي أن الرب وضعه على مفترق طرق، على الخط الفاصل بين عهدين: العهد القديم الذي بدأ ينتهي والعهد الجديد الذي بدأ يأتي . يوحنا إذن يحمل الماضي ويبشر بالمستقبل. إنه رسول العهدين يؤدي رسالته  بتواضع وفقر ولكن بحماس وطهر . فهو سيعيش في البراري وينادي بالتوبة  ويقوم بوجه الظلم والشر . هو يوبخ حتى هيرودس على سلوكه المشكك.  ولكنه يعرف مع ذلك أن يتوارى متى حضر المسيح : " سيأتي بعدي من هو أقوى منى وأنا لا استحق أن أحل سيور حذائه".

          يوحنا هو وجه مشرق سيشهد له المسيح بأنه : " لم يقم في مواليد النساء أعظم من يوحنا". وقول المسيح : " غير أن الذي هو الأصغر في ملكوت السماوات أعظم منه" لا يعني تنقيصا من قيمة يوحنا، بل أراد المسيح بذلك أن يقارن العهدين القديم الذي ينتمي إليه يوحنا ، والجديد الذي ينتمي إليه كل مؤمن باسم المسيح. وبالمفاضلة يكون العهد القديم أقل كمالا من العهد الجديد.

           نحن أبناء العهد الجديد، عهد الملكوت والنعمة . فهل نعي هذا الامتياز الذي خصنا به الله ?

          إن كل واحد منا، مهما صغر شأنه وضعف حاله هو كبير في ملكوت الله. ذلك بأن عظمة الإنسان في ملكوت الله هي غنى قلبه وروحه  وليس ماله أو جاهه . العظمة الحقيقية لا تكون إلا بالله ومع يسوع المسيح، تماما كما كان شأن مريم " صنع بي عظائم " وكما كان شأن يوحنا " لم يقم في مواليد النساء أعظم من يوحنا". وكما كان شأن الرسل والأبرار الصديقين الذين تفخر بهم الكنيسة وتقدس ذكراهم وتكرم ذخائرهم .

          على مثال يوحنا علينا نحن المعمدين باسم يسوع أن ننادي به ونكون جديرين بحمله فنهيء قلوب الناس ، بأعمالنا الصالحة وبخدماتنا ، لمجيئ يسوع . لأننا كلنا مرسلون أمام وجه المسيح على وجه هذه الأرض، مثلما كان يوحنا المعمدان . كلنا سعاة المسيح نهيئ له النفوس والقلوب. حتى إذا جاء وقرع تنفتح أمامه جميع القلوب . آمين

م. ج.

زائر رسولي