لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

إسقف شهيد ليس بجديد

زيد ميشو

Zaidmisho@gmail.com

 

التاريخ يعيد نفسه ، والشر يكبر والخير يقل ، والقليل هو الباقي. أما الشر فسيزول لامحال .

 

مسيحيُّون يُضطَهدون وكهنة يُخطَفون وأساقفة يستشهدون ، فهذا ليس بجديد ، فالشرُّ قديم قِدَم الخليقة ، أما

 

الخير فقبلها: فالخير أوجد الإنسان والإنسان أوجد الشر! الإنسان فاني لذا فإن الشر فاني والخير كان منذ

 

الأزل وسيبقى إلى الأبد . الخير صُنع الكنيسة والكنيسة باقية لكنَّها معرَّضة منذ بداياتها لمشاكسات الأشرار

 

 

إن كنيستنا لم تُستقبَل عند إنتشارها على سجاد أحمر ، ولم يفِد لها المؤمنون لأجل إغراءات ماديَّة ، ولم

 

يذكر التاريخ عن وجود شخص واحد إستمسَحَ خوفاً من بطش أحدهم . فما كان من لونٍ أحمر هو دماء

 

الشهداء التي روَت وطهَّرت الأرض المراقة بها ، وهذه الدماء كانت البذار الأولى للكنيسة . وهناك الكثير

 

الكثير من الذين إنتموا لها تركوا كلَّ شيء بعد أن كانوا أغنياء ، ووزَّعوا أملاكهم على الفقراء وخلعوا عنهم

 

كل جاه ليُصبحوا جندَ المسيح الذين لا حِراب لهم ولا سيف بل متسلحون بالإيمان والحُب؛ هذا الحُب جعلهم

 

جنوداً من نوع آخر مختلف ، جندٌ لايحملون أي أداة جارحة ولا سجون لها ، بل لا قانون يتملكها سوى

 

وصيَّة المسيح

 

" أحبّوا بعضَكم بعضاً بهذا يعرف الناس إنكم تلاميذي "،

 

وجيش الحب هذا لايستمع لأوامر هذا أو ذاك ، بل يتبع خطى شخص مات وقام وبه خلاصهم ، وعندما

 

رأت البشرية هذا النوع من الجند توسلت للإنضمام إلى عائلة الكنيسة دون خوف أو تمليق ، توسلت ليكونوا

 

جنداً أيضاً ليزرعوا الحب والسلام والخير والفرح .

 

وكما في فجر الكنيسة كذلك في مسيرتها التي ستُكمل الألف الثاني بعد سنين قليلة وخصوصاً في ما يُذكَر

 

عن تاريخها في الشرق. هذا الشرق الذي لم ترَ فيه سلاماً إلا فيما ندر أو يكاد لايُذكر ، وقبل أن تُكمِل ألفها

 

الثاني نراها في إضطهادٍ مهول تقشعرُّ له الأبدان وليس في دولة واحدة فقط بل الشرق أجمع من محيطه إلى

 

خليجه، وكذلك في بلاد فارس وإفغانستان والباكستان . فبعد أن هجر من بقيَ من المسيحيين من دول

 

المغرب والخليج ، تُشَن في مصر والسودان حملات إضطهاد مكثَّفة على مسيحييهم ، وكذلك الحال في لبنان

 

التي أحيكت المؤامرات ضده وجريمة هذه الدولة الجميلة  تتمثَّل بوجود مسيحيين  صنعوا لبنان ولم تصنعهم

 

 ومسيحيّو العراق حدِّث ولا حرج ، إذ إن الإضطهاد الذي يَمارَس ضدّهم ليس محليّاً فقط بل عربي وعالمي

 

، عراقيون ينفذون وعرب يدعمون والعالم ينظر ويسمع وجلّ مايفعله يتأسف . وكنيستنا تواجه مصيرها

 

بنفسها وهي غير قادرة بقوتها لكن رجاءها بمصدر قوتها "المسيح المخلِّص" .

 

وكما هو معلوم فإن لكن إضطهاد أبطالاً أشداء ، وأسماء شهدائنا في كنيسة المشرق قائمتها طويلة خُتمت

 

إلى الآن، والمستقبل ينذر بالمزيد بإسقف الموصل الحدباء فرج رحو والذي كانت أخر كلماته المسموعة في

 

الإتصال الهاتفي هو

 

" لاتبعثوا للخاطفين الفدية حتى وإن ذهبت شهيداً "

 

وهذا ماحصل ، إذ إستشهد الإسقف الذي لم يقبل على نفسه أن يكون ثمن حريَّته أموال يُشترى فيها سلاح

 

لقتل إخوته العراقيين أو لدعم المليشيات الإرهابية . ولم يفضِّل حياته على حياة من أستشهد من قبله من

 

المؤمنين الذين رافقوه .

 

وبسبب هذا الموقف المسيحي الشريف الذي خدم فيه العراق أولاً قبل المسيحيين كان

 

نهاية حياته على الأرض ليبدأ بلحظتها حياة أبدية في حاضرة الله ومصاف قديسيه الأبرار ، حيث الحب

 

والحب فقط .

 

فجلّ مانقوله عن حياة الأبدية هذه هو وعد السيد المسيح لمؤمنيه

 

"مالم تسمع به أذن ولم تراه عين هكذا أعدَّ الله لمحبِّيه " ،

 

لهذا لايمكن لأي مسيحي أن يعطي أي برهان عن كيفية الحياة في الخلود الأبدي سوى وعد المخلص هذا ،

 

وأيضاً ما موجود في متى الفصل 22

 

" 29  فاجاب يسوع وقال لهم تضلّون اذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله . 30 لانهم في القيامة لا

 

يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء . 31 واما من جهة قيامة الاموات أفما قرأتم

 

ما قيل لكم من قِبَل الله القائل 32 أنا إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب .ليس الله إله أموات بل إله

 

إحياء "

 

وكما هي الحال في السماء إختار الأسقف الشهيد أن تكون حياته على الأرض فقرر التبتُّل بعد أن عرف

 

إختيار الرب له مكرِّساً نفسه لخدمة البشرية وقد تكللت خدمته هذه بإكليل المجد الخاص بالأبرار .

 

فهنيئاً لك إكليل الشهادة ، وإن كان لنا رجاء فنحن لانطلب من الله أن يمنحك الحياة الأبدية كونك قد حصلتَ

 

عليها لحظة لفظ أنفاسك البريئة  ، وإنما نطلب من الله أنْ يجعلك شفيعاً لكنيستك ورعيتك  مُصلياً في أبديته

 

من أجل العراق والشرق كيما ينشر في هذه البلدان روح التسامح والحب بدل الحقد والكراهية . وكلِّي ثقة

 

من إنك أول شيء فعلته في بداية حياتك الأبدية هو مسامحة الذين إغتصبوا حقك في الحياة التي ودَّعتها

 

منتصراً .