لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

Raadyousef_74@yahoo.com                    رعد توما عاشا

 

الكهنوت في الكتاب المقدس

(الجزء الثاني)

الكهنوت في الكتاب المقدس العبري ( العهد القديم)

ملاحظة: لا يغيب عن بال القارئ الكريم، بأن الكتاب المقدس يجب ان يكون تحت اليد.

تعيين الكهنة:

 

لم يكن الكهنوت في اسرائيل "دعوة"، لكن "وظيفة"!! فالنصوص تتكلم عن انسان مدعو أو مختار من الله ليصبح ملكاً أو نبياً، لكنها لاتستخدم هذا التعبير للكاهن

في الحقيقة، في 2أخ 20:24، يهبط روح الله على زكريا (وهو ابن كاهن) ليجعله نبياً وليس للكهنوت. مرة اخرى يخبر التقليد كيف ان يهوه اختار قبيلة لاوي لخدمة مقدسِه، ولكن دون ان يتضمن هذا جاذبية خاصة لاعضاء مميزين في القبيلة. في الحقيقة واستناداً لأقدم الوثائق، كان الكهنة يعينون بواسطة اشخاص ومن دون اي تدخل الهي. ميخا يختار أحد أبناءه (قض 5:17)، وبعد ذلك لاوياً (قض 10:17) لمقدسه الخاص.

الناس في قرية يعاريم يختارون إالعازر لحراسة التابوت (1صم 1:7). كذلك في وقت لاحق يعين داود أولاده ككهنة في المقدس الملكي (2صم 18:8ب). الملوك يعينون ويعزلون الخدم لمقادسهم الرسمية (1مل 27:2، 31:12).

لاحقاً، كان الشخص يصبح مؤهلاً بشكل كاف للكهنوت اذا كان من نسب كهنوتي، مالم يكن يعاني من عجز جسدي ما، يمنعه ويصبح عائقا أمامه (لا21: 16ـ24)

 

 التعبير יְמַלֵּא אֶת-יָדוֹ = يملأ يده:

 

إن النص الاقدم والاكثر وضوحاً بخصوص وظيفة سيتولاها الكاهن هو (قض17: 5ـ12)، والذي يستخدم التعبير "يملأ يده" لتعيينه. نجد العبارة ايضا في خر29:32، 1مل33:13، وثم في عدد من النصوص التي تعود الى P* (خر41:28، 29 فيه اشارات ضمنية في النص، لا33:8، عد3:3). لقد تم في النهاية نسيان المعنى الحرفي للتعبير واصبح يعني في حز26:43 "تدشين المذبح". وكنتيجة، فإن الاسم المشابه (מִּלֻּאִים)، حرفيا "ملء" (اليد)، يعني "منح رتبة" كاهن في خر29: 22ـ34، لا8: 22ـ33. المعنى الاصلي للإسم مجادل فيه

هنالك تفسير موجود في لا8: 27ـ28، خر29: 24ـ25: يضع موسى في يد هارون وبنيه قسم من الذبائح التي ستوضع على المذبح. يعمل حركة التقدمة امامهم، ثم ياخذ التقدمات من ايديهم ويحرقها على المذبح: إنها قربان ملء (מִּלֻּאִים). بهكذا عَمَلٍ (للمرة الاولى)، وبالحركات الطقسية لخدمة المذبح، مُنِح الشخص سلطة كهنوتية.

لسوء الحظ ، هذه نصوص متأخرة تحاول ان تعطي تفسيراً للعبارة التي تم نسيان معناها الاصلي.

هنالك عدة اقتراحات من قِبل العلماء: فالبعض تمسّك بأن العبارة بالاصل كانت تشير الى المرتّب (الأجر) الذي كان يتقاضاه الكاهن، وكان يُعطى القسط الاول في بداية خدمته. هذه الفرضية تستند الى قض10:17، 4:18. حيث يستأجر ميخا احد اللاويين "يملأ يده" و "يستأجره" بعشرة شواقل فضة في السنة، بالإضافة الى الطعام والثياب.

البعض الآخر اقترح بأن العبارة لها علاقة مع التعبير الاكدي "أن يملأ يد شخص ما"، والتي تعني: "أن يجعل الشخص مسؤولاً عن شئ ما"، "أن يعطيه واجباً لينجزه"

أخيرا،ً سجلات من ماري قدمت نصوصاً من وقت حمورابي بما يتعلق بتوزيع الغنيمة، كجزء تم خصيصه بحق فئات معينة من الموظفين، وتدعى هذه: "ملئ اليد"

ربما يكون هذا اقرب معنى مشابه. هكذا فالتعبير العبري قد يعني بأن الكاهن كان يُعطى هذا الحق في الحصول على جزء من العائدات (مصادر الدخل) التي تعود على المقدِس، وكحصة له في التقدمات المعمولة هناك.

قد يكون هذا هو "حق الكاهن" المذكور في اصم 13:2، والذي تم تحديده في وقت لاحق بتفاصيل اكثر عن طريق القوانين الكهنوتية. لكن هذا التعبير القديم فقد معناه الاصلي عندما بدأ اسرائيل باستعماله

وفقاً لطقوس ما بعد المنفى، فإن الكاهن الأعلى كان يُمسَح (خر7:29، لا12:8...الخ). لكن يبدو بصورة اكيدة بان هذا الطقس لم يوجد قبل المنفى، ولكنه في الحقيقة كان انتقالا للامتياز الملكي الى الكاهن الاعلى، نظراً لكونه رأس الجماعة الجديدة.

بناءاً على ذلك، فان الكهنة في اسرائيل القديم لم يكونوا "مرسومين" أي معينين. فلقد بدؤا عملهم بدون اي طقس ديني يمنحهم نعمة أو سلطات خاصة. أما الآن فقد اصبح الكاهن مقدساً ومكرساً بفضل عمله!!!!!

-------------------------------

أو الوثيقة الكهنوتية: وهي احدى الوثائق الاربعة للفرضية الوثائقية للبنتاتوخ.P *

 ملاحظة: سيتم ذكر اسماء المصادر عند نهاية المقالة.

 

للمقالة تتمة))

.............................................................

 

سلام سلام، ولا سلام

 

"وتكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمي. ولكن الذي يصبر الى المنتهى فهذا يخلُصُ" مرقس13:13

 

كل كلمة سأكتبها هي (معنية)، وكل تعبير هو (مقصود). لكنني أودّ أن أعزي اولاً وبقلب جريح عائلة الشهيد (رديف) وذويه، وأهلهل وأبتهج بسلامة بناتنا وابنائنا، أخواتنا واخوتنا، ورداتنا وورودنا الإعزاء.. سلامتكم والف سلامة

لقد بات كل شئ واضحاً، أي: عبثاً نحاول أن نفتش عن الخراف بين الذئاب!! نعم، قد تجدوننا بين الذئاب، ولكن للأسف، بين أسنانها، أنيابها، طواحنها ومخالبها. لا ولن يهدأ لهم بال بعد الآن. فهم يتربصون بنا كل حين، وطلبتنا الأبرياء هم خير شاهد على ذلك، ومع الأسف الشديد، فإنه لم يعد بإمكاننا أن تثق بهم. فما هي الفائدة من الشجب والاستنكارات والشعارات، إذا لم يكن بإمكانهم حماية البرئ والمجرد من السلاح، الشيخ والأرملة، الطفل والمعوق، الطالب والطالبة؟؟؟ من المخجل ان يقوم عشرات الأشخاص بحماية ما يسمى: "عسكري أو مسؤول"، ويكونون في خدمته، ولا يمكنهم حماية وخدمة طلبة أبرياء، او أناس عزّل!!!!! انت يامن تسمي نفسك (مسؤول)، أن مسؤول عن حياة الإخرين وليس عن حياتك

يقولون: "سلامٌ سلامٌ"، ولا سلام (إرميا11:8). إن الذي يدّعي السلام ويعلن السلام، عليه ان يبينه اولاً من خلال اعماله، وإلا فليخرس كلُ من يدّعي شيئا ويعمل عكسه تماماً، لا بل ويشوه معناه. إنني أقولها بكل وضوح: إن المسيحي الذي يؤمن بالسلام وبإله السلام ويعمل السلام، فهو يضع جمرة نار على صدور هؤلاء الذين يدعون السلام وهم ينتهكون ارواح الناس الأبرياء

سنبقى نؤمن بإلهنا، سنبقى نؤمن بيسوع، سنبقى نؤمن بسلام يسوع الحقيقي، سيبقى كل مؤمنٍ حقيقي برسالة يسوع وردة سلامٍ تعطّر تراب الأرض التي تطأها أقدامه، وسيبقى طالباتنا وطلبتنا الاعزاء وروداً تعطر أرض بخديدا، كرمليس، برطلة، بطنايا، القوش وكل ارض العراق الجريح

 

 ............................................................

 

الكهنوت في الكتاب المقدس

 

(الجزء الأول)

الكهنوت في الكتاب المقدس العبري ( العهد القديم)

 

ملاحظة: لا يغيب عن بال القارئ الكريم، بأن الكتاب المقدس يجب أن يكون تحت اليد.

 

مقدمة:

الوظيفة والدعوة في العهد القديم:

كل التاريخ الانساني ممتلئ من أمثلةٍ حول التوتر ما بين التقليد والإلهام، الانعكاسي والتلقائي، وكذلك بين المؤسسات والعمل المباشر، التقليدي والابتكار الخلاّق. هنالك خطرٌ من كِلا الجانبين كلما أظهر احدهم نفسه مسيطراً. من جانب التقليد هنالك خطر العجز والركود وفقدان الحيوية، ومن جانب الإلهام هنالك خطر عدم الاستقرار، والانزلاق نحو الوهمي والخيالي.

ففي تاريخ الجماعات الدينية على وجه الخصوص، نجد هذا التعايش والتضاد المتزامن ما بين الأمر المقدس وخبرة الله المباشرة، في الواجب الكنسي والدعوة المباشرة. هذه العلاقة المعقدة لعبت دورها في تاريخ المسيحية، وخاصة في الأيام المبكرة للكنيسة. كذلك هي موجودة  في العهد القديم.

العهد القديم، هو مثل عالم المشرق القديم أي هنالك حيث نشأ، لم يكن لديه فكرة محددة واضحة عن "الوظيفة". فليس هنالك كلمة مفردة في اللغات المعنية لتعني بالضبط ما نفهمه نحن أنفسنا من هذه الكلمة.

ففي جماعة العهد القديم، والتي تجاوزت المرحلة البدائية والبسيطة، كانت هنالك بالفعل وظائف خاصة معتنى بها باستمرار عن طريق أناس مختارين شخصياً، إما في خدمة جماعة خاصة، أو في خدمة بعض الاشخاص من ذوي المنزلة الخاصة. في هذه الحالات نحن مؤهلين للتكلم عن "وظائف"، ولكن تبقى بدون تثبيت محدد لمفهوم "وظيفة".

مع ذلك، ففي المشرق الأدنى القديم ـ وهذا صحيح خصوصاً في العهد القديم ـ

لم تكن الأجواء المقدسة والدنيوية، الروحية والدنيوية، الإلهية والإنسانية، مفصولة بعضها عن بعض. فتحديد قوانين منفصلة للمؤسسات "الدنيوية" والوظائف، لم يكن قد وُجِدَ. فإيمان العهد القديم يعترف بأنه لا يوجد ترتيب او احداث على الأرض إلا وقد حدثت من قِبل الله. ففي إيمان العهد القديم، يجب على الواحد أن يكون واعياً بإستمرار لعمل الله المباشر وغير المتوقع.

قد يكون التدخل المباشر من قبل الله متوقعاً قبل كل شئ في تلك الوظيفة، والتي كانت مشغولة على وجه الخصوص بالإتصال ما بين الله والإنسان: وظيفة الكاهن. ولكن حسب تقليد العهد القديم فان هذا الإتصال هو فقط هنا خال تماماً من هذه المباشرية. إن كهنوت العهد القديم هو خال تماماً من عنصر الهبة الإلهية.

في اقدم النصوص لما يدعى آداب ما بعد المنفى، لا يوجد في جميعها كلام كثير عن الكهنة. فعندما يُذكر الكهنة، فأنهم يظهرون ببساطة كأشخاص في اماكن مقدسة معينة ولديهم سلطة ليباشروا نشاطات دينية وليعتنوا ايضا بالأجواء المقدسة وكل ما يرافقها. في الحقيقة كان على الكاهن ان يعمل بالنيابة عن كل شخص ينتمي الى المكان المقدس، سواء كجماعة او كشخص.

في محاولتنا لتتبع التطور التاريخي للكهنوت، فإنه لا يوجد بين الوظائف المقدسة ماله من تاريخ طويل مثل الكهنوت. فمما لاشك فيه بأن هذا التاريخ يعود الى بدايات اليهوهية، وقد انتهى عندما آلَ هيكل هيرودس الى الخراب من قبل جيوش تيطس.

يمكننا الافتراض حالاً بأن تغييرات كثيرة قد طرأت على الكهنوت خلال هذه الفترة الهائلة. من جهة اخرى وبشكل لافت للنظر، لم يتشكل الكهنوت في اسرائيل على شكل هيراركية ¹ ضخمة كما في الأماكن الأخرى من المشرق القديم في المقادس ذات الأهمية الكبرى. بشكل اوضح، فإن الظروف الملائمة لنشاط سياسي اوسع لم تكن متاحة. زد عى ذلك، لم يكن في اسرائيل مكان لتعدد الآلهة، والتى كانت تشكل في اماكن اخرى، الوظيفة الرئيسية للكهنوت (كالكلام عن الفأل، التعاويذ، الوساطة عن طريق الصور والتماثيل... الخ).

رغم الصعوبة الكبيرة في تتبع التاريخ الطويل للكهنوت من المصادر المتوفرة، ألا انه لا يزال بامكاننا تمييز النقاط الثابتة التي تعطي في نفس الوقت بعض الفهم حول النشاطات الكهنوتية وتغيراتها المختلفة.

 

 

الفترة المبكرة: الآباء.

لم يكن هنالك كهنوت رسمي (وظيفي) في وقت الآباء. فأعمال العبادة العلنية (وخاصة الذبيحة، العمل المركزي) كان يقوم بها رئيس العشيرة (تك 22، 54:31، 1:46). فالآباء انفسهم (والذين كانوا بدوا)، كانوا يقدمون ذبائحهم في المقادس التي كانوا يزورونها، وسفر التكوين لايذكر الكهنة ابداً، ماعدا في الإشارة للأمم الأجنبية، والذين لم يكونوا بدواً (الكهنة المصريين مثلاً الذين يشار اليهم في تك 45:41، 22:47، وملكيصادق كاهن ـ ملك شاليم في تك 18:14).

هنالك نصان فقط يشيران ضمنياً الى وجود مَقدِس كان يُخدم بواسطة خدام منتظمين. في تك 22:25 يقول بأن رفقة ذهبت "لإستشارة يهوه" حول التوأمين، عيسو ويعقوب، والتي كانت مزمعة على ولادتهم قريباً. المعنى العادي لهذا التعبير، بأنها ذهبت الى مكان مقدس لتسأل عن (جواب إلهي) من رجل الله. وثانياً، في تك 22:28 يَعِد يعقوب بان يدفع العشور للمَقدِس الذي أسسه في بيت إيل والذي يُلمِّح بأنه كان مقدِساً يدار من قِبل مجموعة من رجال الدين (تك 20:14). ولكن هذا أيضا عمل يُنسب الى مؤسِس المَقدِس  لتبرير عادة من وقت لاحق (قارن عا 4:4). فالكهنوت كما يسمى بالمعنى الضيق للكلمة، لم يظهر إلا بعد تطور النظام الاجتماعى للجماعة بكثير.

بعد ذلك فإن اعضاء معينين من الجماعة كانوا مؤتمنين مع واجبات خاصة للعناية بالمقادس، واداء طقوس اخذت بالتعقد اكثر فاكثر.

 

الإسم:

إن الاسم الوحيد الذي يشير فيه العهد القديم الى كهنة يهوه هو(כהן كوهين).

إنه لمن الظروري ان نتذكر بان هذا المصطلح  يرتبط بالكلمة العربية (كاهن) والذي يعني "نبي" او "رائي". لكن هذه العلاقة اللفظية قد لا تخبرنا الكثير اذا لم نعرف المصطلح الكنعاني (كاهينو) (khn بالاوغاريتية) ² من خلال وثائق من أوغاريت ³. في الاوغاريتية (khn) هي وظيفة دينية في المعابد بالمعنى العام. الإستعمال الكنعاني ـ الاوغاريتي للكلمة (khn) يفترض بانه بإمكاننا اخذ كلمة (כהן) لتكون اسماً مالوفاً للكاهن في كنعان. لذلك نرى بأن كهنة داجون يدعون (כהנים) (1صم 5:5، 2:6)، و"كهنة المرتفعات" الذين يملكون السلطة في البلد يدعون ايضا (כהן) (1مل 32:12 و2مل 9:23). كذلك كهنة الآلهة المصرية (تك 45:41، 22:47)، الفينيقية

(2مل 19:10، 18:11)، الموآبية (إر 7:48)، أو العمونية (إر 3:49). الكلمة لها نفس الشكل في العبرية والفينيقية.

هنالك كلمة عبرية اخرى تستخدم دائماً في صيغة الجمع (כמרים كماريم)، تظهر ثلاث مرات فقط في الكتاب المقدس، وتشير دائما الى كهنة الآلهة الكاذبة (2مل 5:23، هو 5:10، صف 4:1).

هنالك اقتراحات اخرى عن اتصال كلمة (כהן) بالفعل الاكدي (nuka) من الجذر (kʼn)، هكذا فالتعبير (שפל) يعني: (أن ينحني الى الاسفل، أن يعمل تقديراً). لذلك فالاكثر شيوعا ان يُربط مع الجذر (nwk)، والذي يعني (أن يقف منتصباً). عندئذ سيصبح الكاهن هو الشخص الذي يقف امام يهوه كخادم. قارن (تث 8:10). لكن كل هذه التفسيرات تبقى غير مؤكدة.

............................................

 

هيراركية: الهرمية:التسلسل الهرمي. أي تنظيم الكهنوت في مراتب متسلسة.

الأوغاريتية: هي لغة سامية شمالية غربية تم اكتشافها من قبل علماء الآثار الفرنسيين عام 1928م وقد عرفت عن طريق نصوص من القرن 14 الى القرن 12 ق.م.

أوغاريت: حالياً رأس شمرا، تقع قرب اللاذقية من جهة الشمال.

 

 

ملاحظة: سيتم ذكر اسماء المصادر عند نهاية المقالة.

 

للمقالة تتمة))

 

.......................................................................................

 

وداعاً يا أمي..

 

سوف لن احلق ذقني

ولن أصفف شعري

ولن أترك السواد يفارق بدني

ولن أجعل للبسمة مقاما في شفتي

فبرغم كل ألمي

لن تعود إلي أمي

...................................

آه يا أمي..

يتيمة وُلدتي

وحزينة عشتي

وطوال سني حياتك

أعز أحبابك فقدتي

.....................................

إبنة في عمر الورود

ثم ابن ضاع خلف الحدود

ثم شريك حياتك الذي بساطته

فاقت بساطة الوجود

................................

قولي لي ايتها الأرض الباردة

واجبني أيها القبر الحزين

هل من العدل

أن تحبس بين جدرانك

أمي التي كانت تصلي

للغريب والأرملة واليتيم!!

...............................

ودعتنا أمي مثل يوم جميل

رحل آخذاً معه

النفس الطيب والهواء العليل

يا لوداعتك يا أمي

يا لطيبتك ياأمي

فكل ما عملتي من أجلي

هو دين ثقيل ثقيل

وكل ما أوفيه لك

سيظل قليل قليل

..........................

وداعاً يا أمي

وداعاً يا حبيبتي

وداعاً  يا صديقتي

كوني بسلام حيث أنتِ

سأظل أصلي من أجلك

كما من أجلي صليتي

 ....................................

 

[1] ] ποκάλυψις

 

الأبوكالبتية: الإسلوب الكشفي

 

ملاحظة: لا يغيب عن بال القارئ الكريم، بأن الكتاب المقدس يجب أن يكون تحت اليد.

 

نظرة عامة:

لقد إستمر إسرائيل بالتطلع إلى المستقبل والكلام عن الأحداث الإسكاتولوجية [2] وعن كونها قابلة للتحقيق حتى بعد انقطاع النبوة. فقد تعلم كثيراً من الأنبياء، ولقد كان عدد من نبوءاتهم متشربا في اللغة التي تعبر عن رجاءِهِ، كالرجاء بأورشليم جديدة(طوبيا 13)، او الرجاء بمجئ المشيح(مزامير سليمان 17).

ففي الحقيقة، عوضا ان تكون الأفكار بخصوص الرجاء الذي جُعِلَ الى حد ما هو المعيار، قد أصبح الآن وبالأحرى: رتيباً ومملاً. فبسبب عدم وجود شئ يشبه نظرة الأنبياء الممتلئة والمفعمة بالحيوية للمستقبل، كانت الإسكاتولوجية هنا مختلفة تماما عن تلك التي كانت موجودة عند الأنبياء. فالأفق بإقتراب عمل الله الخلاصي، الجديد، التام هو ليس أطول من الأزمة الجوهرية بين يهوه وإسرائيل.فالتأمل السار لهذا الرجاء يبحث عن زمن حين يقود اسرائيل حياته مطيعاً الوصايا.

إن المقدار الضئيل من الرجاء الإسكاتولوجي والذي كان لا يزال باقياً في اعلان الأنبياء، قد دمج الآن ضمن نموذج التقوى القديم المؤسس على التوراه. ربما اعتبر احدهم هذا كنوع من توقع مختلف، او بطريقة أخرى ظاهرة غريبة على العهد القديم. مع ذلك وبطريقة مذهلة، فقد تم التعبير مرة اخرى عن الرجاء الديني لإسرائيل، وعلى أساس افتراضات مسبقة ومختلفة تماماً هذه المرة، مع رؤية لشمولية غير قابلة للتصور حتى اليوم: بالأبوكالبتية.

 

محاولة تحديد الأبوكالبيتية وعلاقتها بالتقليد الحكمي:

عند الكلام عن الأبوكالبتية، فإنه لمن الظروري بأن نتذكر بأنه لم يتم بعد التوصل الى تعريفٍ مرضٍ لها. لغرض توضيح ذلك فإنه لمن الحكمة تحديد المصطلح" أبوكالبتية" في مكمنه الذي يمكّننا من تحديد الدليل من الداخل. إنها أدبياً، ظاهرة من اليهودية المتأخرة، بحيث يمكن القول، إنها مجموعة الكتب البسوديبيكرافا[3] الابوكالبتية من دانيال الى عزرا الرابع. نجد بعض المساعدة في تحديد خلفية وخصائص الأبوكالبتية اذا اخذنا بنظر الاعتبار الأسماء المتبناة من قِبل المؤلفين الأبوكالبتيين. يمكننا ان نستدل على ذلك بسبب الاشارات الى التقاليد التي تستند اليها الأبوكالبتية. إنه لمن الواضح بأن دانيال كان متمرساً على حياة القصر(دا3:1ﺠ)، وكان يعتبر كإنسان حكيم(دا48:2)، ولو انه إنسان حكيم من الطراز المختلف تماماً عن نظراءه الوثنيين. أخنوخ أيضاً يوصف ﺑ ( الكاتب)، "كاتب البِر" (أخنوخ3:12، 1:15، 1:92)، أنه انسان عالم وحكمته تفوق حكمة كل الناس(أخنوخ 4:37). وأخيرا، عزرا الذي يسمى ﺑ "كاتب معرفة العلي" (4عزرا 5:14).

هكذا ومن خلال هذا الفحص الأولي والنظرة العامة تتبين صورة واضحة تماماً: جذور الأبوكالبتية تبدو وقبل كل شئ في التقليد الحكمي.

 

الأبوكالبتية وعلاقتها بالنبوة والنظرة الى التاريخ:

إذا كانت الأبوكالبتية استمرار للنبوة وبغض النظر عن اي شئ آخر( حتى انها دعيت ابنة النبوة)، فإنه لمن الملف للنظر بأنها لم تتخذ الاسماء الكبيرة المتعلقة بالتقاليد النبوية، بل ذهبت الى أجداد الحكمة الكبار، الى دانيال واخنوخ وعزرا وآخرين. ففي نهاية كتاب دانيال يتبين مقدار التمجيد لمعلم الحكمة (دا 3:12). ولكن تبقى هنالك أُسس مهمة لعدم البحث عن جذور الأبوكالبتية في النبوة. فالعامل الحاسم الوحيد، هوعدم امكانية التوفيق بين نظرتها والنظرة الموجودة عند الأنبياء الى التاريخ.

فالرسالة النبوية متجذرة في تاريخ الخلاص على وجه الخصوص، أي يمكن القول، إنها متجذرة في تقاليد اختيار اسرائيل بصورة لا لبس فيها. فليس هنالك طريق من رسالة الأنبياء الى صورة الأبوكالبتية عن التاريخ أو عن فكرته بكون احداث الزمن النهائي قد حُددت منذ بداية العالم.

فليس هنالك ذكر لتاريخ اسرائيل في رؤى الأحلام في دانيال، ورؤية تمثال الممالك، ورؤية الحيوانات الأربعة. فالله هنا هو لوحده مع الممالك في العالم، حتى ابن الإنسان لا ياتي من اسرائيل بل " مع سحب السماء". يبدو ان هذه الصورة تفتقر الى كل خصيصة عقائدية. فقريباً ستنكشف كل معرفة عن اعمال الله الخلاصية مبنية على تلك الصورة التاريخية.

لقد تعوّد الأنبياء دائماً في نبوءاتهم، أن يفهموا وجهة نظرهم وبصورة متفتحة، في يومهم وفي عصرهم. فانطلاقاً من هذه النقطة رأوا آفاق التاريخ تلتف الى الوراء في الماضي او الى الأمام في المستقبل. فبالنسبة لاسرائيل، كان التاريخ هو المكان الذي اختبر فيه اختياره من قِبَلِ يهوه، وحيث استطاع ان يفهم هويته الخاصة فقط. وعلى خلاف ذلك، فالمؤلف الأبوكالبتي يحجب وجهة نظره الى الزمن.

لقد تمكن العلماء بالعموم من استنتاج ذلك من خلال عدد من الإشارات بدرجة معقولة من الدقة، لكن المؤلف نفسه مهتم بأن يقدم نظرة عامة للتاريخ حيث يدور كل شئ حول الحقيقة بكون فترات تاريخ العالم مقدرة منذ البدء.

فالسؤال يطرح نفسه سواء اكان هكذا مفهموم إشارة لفقدان كبير لحساسية التاريخ، أو ان التاريخ لم يُستثنى من فكرة الفترات التي تم معرفتها وحسابها. على أية حال، فالسؤال عن العلاقة الوجودية من قِبل الأبوكالبتية للتاريخ سواء لم يكن غنوصياّ أو متضارباً، فأنه يصبح ملحاً جداًهنا. إذ انه ينشأ خصوصاً من الاتصال مع مفهوم وحدة تاريخ العالم، والتي وجدت سابقا في صورة دانيال للممالك (دا 31:2)، وفي رؤيا الحيوانات الأربعة (دا 2:7). فممالك العالم لها أصلٌ، وخصيصة وقدر، وما يُكشف عنهم قد قُدر منذ البدء المطلق.

فحركة تاريخ العالم، تُمثَل بطريقة مفعة بالحيوية في هذه الصور الرمزية، مبينة ازدياد الشر. فهذه النظرة للتاريخ، هي متشائمة الى حد بعيد. فالهدف السلبي، يجب ان يمتد الى درجة الشر في تاريخ العالم (دا 23:8). فتاريخ العالم، يقود الى "هاوية"، الى دمار عظيم (أخنوخ 7:83).

هذا الشر المتزايد بوضوح يكمن في طبيعة الإنسان، والممالك التي يؤسسها، ولو انه يُظهر نفسه بطرق مختلفة. برغم ذلك، فالأبوكالبتية تتنازل عن نظرتها لتاريخ الخلاص، لتكون مؤسسة على التفسير المسبق للتاريخ ( كما رأيناـ فالحدث الخلاصي متركز في نهاية الزمان ). فبالطبع ليس التاريخ خارج سيطرة الله تماماً. بل على العكس، كانت لدى المؤلفين الأبوكالبتيين التعزية في حقيقة كون التاريخ تحت سيطرة الله تماماً.

ما كا ن يُهمهم على وجه الخصوص، هو السؤال عن الترتيب الإلهي لسير التاريخ. فإنهم كما نرى، وجدوا الجواب من خلال ادراكهم لقدرية التاريخ الصارمة. فحسب قناعتهم: لا يحدث اي شي جديد: " القدوس حدد الأيام لكل شئ، منذ البدء " (أخنوخ 2:92، قارن كتاب اليوبيلات 21:32).

كم يتكلم الأنبياء بصورة مختلفة عن توجيه يهوه للتاريخ.من وقت الى آخر، ينكشف لهم شئ جديد وغير متوقع. ففي كل الحالات، لانجد اي اثر في كرازتهم لسؤال الإنسان عن معنى واهمية سير التاريخ. إن ما يعمله يهوه نفسه هو "عمل غريب". فصورة إشعيا عن آشور متقلبة،لأن خطط يهوه متقلبة. فقد "يندم" اسرائيل، أو قد "يندم" يهوه عن حكمه.

حسب إرميا، فإن يهوه يقرر أقامة شعبه مرةً، ويقرر تمزيقه في مرة اخرى: "هوذا مَثَلُ الطين في يد الخزّاف مَثَلكم في يدي" (إر 6:18). إنه لشئ مختلف مع تلك النظرة الأبوكالبتية: "(الله) قد قاس الزمن بالمقياس، وعدّ الفصول بالعدد. لا يحرك ولا يثير الاشياء الى ان تكتمل المقاييس المحددة " (4عزرا 37:4).

 

خاتمة:

علينا القول، بأنه مع الأبوكالبتية وعلى أساس الإختلاف اللاهوتي التام المفترض مسبقاً، فإن مفهوم الحكم الإلهي في التاريخ الظاهر على مسرح الأحداث، قد كان مختلفاً تماما كالذي عند الأنبياء، سواء أفُهم هذا المفهوم للتاريخ كموازنة ضرورية وكاختراق لنظرة لاهوتية جديدة، أو هو تشويه مميت للإيمان اليهوهي، فإنه سؤال لايزال متعذرا الإجابة عليه.

هذا لا يعني بالطبع بان ما قد قيل ينفي وجود علاقة بين الأبوكالبتية وتراث النبوة. هذه العلاقة وُجدت بتأثير حقيقة بسيطة، وهي بأن المؤلفين الأبوكالبتيين انفسهم متعلقين بكتب الأنبياء التي ساهمت احياناً بطريقتهم الخاصة لحل مشاكل تفسيرية خاصة. فهكذا دراسة متانية لا يمكن ان تكون بدون نتيجة.

نرى كيف ان الأبوكالبتية وبدرجة عالية استعملت الأساليب النبوية (قصص الرؤى، خطب من قبل الله... الخ). ولكن التنبؤ بالمستقبل لم يكن احتكارا للأنبياء. فمن الصعوبة ان نراهم دائماً   مهتمين بفن تفسير الأحلام الذي كان ميزة الناس الحكماء في كل مكان من المشرق القديم والذي تم ممارسته على نطاق واسع في الأبوكالبتية. من ناحية أخرى، فانه لمن الواضح بأن المؤلفين الأبوكالبتيين يستخدمون الأساليب النبوية في قصص الرؤى لديهم، وإن تبني هذه الأساليب يظهر بقوة في (رؤيا باروخ السرياني) نحو سنة 100م.   

 

والكنيسة اليوم؟؟

 وكنيسة العراق بالخصوص...هل هي كنيسة " أبوكالبتية "، أم كنيسة " نبوية "؟؟؟ هل نظرتها تحت الظروف القاسية الحالية هي نظرة متشاءمة، قدرية تنظر بسلبية لا متناهية الى ازدياد الشر؟؟ ام هي نظرة مؤسسة على تاريخ الخلاص، نظرة مفعمة بالأمل، واثقة من إلهها الذي لم يخذلها ولن يخذلها مهما طالت وقست الظروف؟؟ تبقى الإجابة مرتبطة بقيام أو سقوط إيماننا.

إن رجاءنا قد تعرض لصعوبات قاسية، وقد نشأ في وسط الظروف المميتة، وتحمّل كثيراً، لكن روح الله المنعش والمعزي، كان كفيلاً في كل مرة وبصورة مذهلة بأن يجدد هذا الرجاء ويثبّت كنيسة الله... جماعة الله... شعب الله، كما في الصورة المدهشة ﻟ " العظام اليابسة " في

( حزقيال )37: "... هاهم قائلون: قد يبست عظامنا وهلك رجاؤنا وقضي علينا..... لذلك تنبأ وقل لهم: هكذا قال السيد الربّ: هاءنذا أفتح قبوركم.. وأجعل روحي فيكم فتحيون.. فتعلمون أني انا الربّ تكلمت وصنعت، يقول الرب ".

_________________________

[1] من اليونانية وتعني: " رفع الحجاب"، أو " كشف الستار".

[2] أخيرية.

[3] من اليونانية وتعني: " الكتب المزيفة"، أو " الكتب التي تحمل أسماء مستعارة ".

  

المصادر:

 

1-    Gerhard von Rad, The Message of the Prophets. 1967. pp 271-274.

 

2-    Gerhard von Rad, Old Testament Theology Volume 2. 1965. pp 301- 308.

 

...................................................

 

تطور رجاء القيامة في الكتاب المقدس العبري (العهد القديم)، وقيامة يسوع

 

ملاحظة: لا يغيب عن بال القارئ الكريم، بأن الكتاب المقدس يجب أن يكون تحت اليد.

 

مقدمة

إن زمن الإنسان هو زمنٌ محدود. وهو فرصته ليحيا ما بين الولادة والموت. إذ تأملنا في ديمومة الحياة وما هو الجواب الذي يجده الإنسان لسؤالهِ: إنه وجود فانٍ، مجرد"نَفَسِ، تنفس، نفخة" مز5:39ـ11:" إنما نفخة كل إنسانٍ قد جُعل... إنما كل إنسانٍ نفخةٌ"

إن التمييز بين (النفس والجسد) هو شئ دخيل وغريب على العقلية العبرانية، وعليه فإن الموت لم يعتبر انفصالا بين هذين العنصرين!!

فالإنسان الحي هو "نفس" حية (נפש) "نِفِش"، والإنسان الميت هو "نفس" ميتة أي (נפש) ميتة، لا1:21، عد6:6.

في الواقع، لم يكن هنالك رجاء لحياة مابعد الموت في العهد القديم. فالإنسان الإسرائيلي يحيا في أولاده الذين يحملون اسمه وفي شعب إسرائيل الذي هو عضو فيه

 

الحياة، الموت، القيامة

 

1ـ أهمية الحياة

بما أن كل حياة تعتمد على يهوه، وتأتي منه، وتقف تحت إمرتِهِ، فإن الحياة الحقيقية هي فقط بالشِركة معه. هذه الشِركة تُفهم فقط بلغة كذا حياة هي هكذا: دنيوية وأرضية

الكلمة المستخدمة للحياة في العهد القديم هي:(חיים) "حييم"، وهي بصيغة الجمع المؤكد، الشديد. وهي تشير بذلك على أن الحياة الأرضية يُنظر إليها بأنها الحياة المهمة الحقيقية، لا بل في الواقع: الحياة ذات الأهمية القصوى

"الحياة" الفعلية والواقعية لإنسان العهد القديم هي أن يكون متمتعاً بالصحة، طويل الأيام مز4:21، شبعان، معافى إش9:38ـ20. وكلمة "חיה" (أن يحيا)، تساوي المعنى: أن يكون بصحته، أن يكون قويا من جديد.

حسب تث15:30ـ20 (لا5:18)، فإن الحياة على اتصال قريب مع كلمة يهوه من جهة تث3:8، 47:32، والعمل بوصاياه من جهة أخرى، مع البركة

 

2ـ الموت

عندما يمرض أناس العهد القديم فهذا يدل بالنسبة لهم بأنهم منذ الآن وفي الواقع ضمن مجال الموت. وحسب شهادة العهد القديم، فأن الموت ليس فقط إشارة زمنية للرحيل، ولكنه المجال والقدرة الذي يصل إلى الحياة

إن (שאול) "شيؤل" توازي الموت حسب إش15:28، 18 وبطريقة مماثلة فهي ليست مكاناً فقط، بل قوة تهدد بالتهام الناس إش14:5، وتصل ﺒ "يدها" إلى حياة الإنسان مز16:49، 49.89

إذا ضعف الناس وتمرضوا فإنهم منذ الآن في سلطة "شيؤل". وإذا أصبحوا أصحاء ثانية، فهم "أحياء" من جديد. هكذا بإمكانهم القول بأن يهوه قد أنقذهم من سلطة الموت   أي من "شيؤل"، مز4:30، 20:71، 8:116

هذه النصوص لا تشير إلى القيامة من الموت، ولكن بالأحرى إلى "الحماية" من حتمية الموت، "لخلاص من حياة مهددة بموت فاجع".

إن كون الموت هو مجازاة بسبب الخطيئة، أو كون فناء الإنسان هو عقوبة من الله، إدانة غير موجودة في إيمان العهد القديم بحسب النص المقدّم في تك4:2ب ـ 24:3 عن كون الناس في الفردوس خالدين في ذلك الحين تك 22:3. ما أصبح معروفا لديهم لاحقا كان بالحقيقة بأنهم "يجب" أن يموتوا، ليس فقط بأنهم "سوف" أو "قد" يموتوا. وهذا يعني بأن فنائهم "ضرورة"

حتى مع هذه النظرة، فانه لمن الملفت للنظر بأن حقيقة الموت أو المعاناة منه لم يكن      ينظر إليها كمشكلة كبيرة أو حالة مروعة من القلق في العهد القديم. هذا الموقف كان ظاهراً حتى برغم أنه كانت هنالك نسبة وفيات كبيرة ما بين الأصغر سناً. كان الموت يعتبر سلبياً في حالة الموت المفاجئ فقط، أو خصوصاً حينما يموت الشخص موتاً سابقاً لأوانه إش 10:38، مز25:102. حسب (قوهلت): الموت خصم للإنسان لايمكن التنبؤ به جا 19:3، 13:5. لذلك يتواصل الناس في الحياة من خلال سلالتهم را 10:4، 2صم 7:14

 

3ـ القيامة

ما قلناه أعلاه حول طول الأيام، واستمرار الانفصال من سيطرة الموت منذ الإيمان اليهوهي، هو أيضا صحيح بالنسبة للرجاء ﺒ "القيامة". إن هذا يختلف عن إقامة إيليا وإيليشع لأناس من الموت لبيان شرعيتهم بأنهم كانوا رجال الله 1مل 17:17ـ24، 2مل 31:4ـ37، 20:13، لأن القيامة غير متبوعة بموت جديد

لم تفهم القيامة كموت وعودة إلى الحياة المائتة في العالم، لكن بالأحرى كحل لمشكلة الشر واشتراك الإنسانية في خلاص ملكوت الله الآتي. فعلياً يجب أن تفهم القيامة كخلق جديد، وكقيامة للوجود الإنساني كلياً، طالما أن انثروبولوجية العهد القديم لا تعرف شيئا عن خلود الإنسان. لهذا السبب فإن هذه النظرة حول طبيعة الإنسان، لا يمكنها أن توّحد الخلود مع قيامة الإنسان

هنالك نصوص في العهد القديم تجعلنا نميز كيف تطوَر رجاء إسرائيل تدريجيا ﺒ "القيامة". على الرغم من أن البداية نحو التطور كانت في شكلها البدائي في العهد القديم، إلا أن الرجاء بالقيامة لم يظهر بصورة واضحة في اليهودية المبكرة

بالنسبة ليهوه "أن تشرق الشمس بعد المطر"، ليس أمرا أوتوماتيكياً هو1:6ـ3. حز1:37ـ14 يشير إلى قدرة يهوه وروحه المحي على الشعب. وعندما يسأل يهوه النبي ما إذا كانت هذه العظام (والتي تصف الشعب في المنفى) "ستحيا" من جديد، فلا يقدر حزقيال إلا أن يرجع السؤال إلى يهوه

على الرغم من عدم إمكانية الناس على الاعتقاد بهكذا شئ، مع ذلك، فإن يهوه قادر على إقامة أولئك اليائسين. هكذا، ربما يكون حزقيال 37 قد أشار إلى الرجاء بالقيامة، وربما يكون قد أعد على مدى الطريق لهذا الرجاء الذي سيبلغ مرحلته النهائية لاحقاً. ربما يكون حزقيال 37 إشارة فقط إلى إحياء الشعب من الموت وقبر المنفى بواسطة روح يهوه

إن المسائل المتعلقة بعدالة الله فيما يخص الظلم والألم في العالم، والتي تحاول أن تظهر في هذه النصوص التي تبشر بالقيامة، هي في الواقع نفسها التي قادت نهائياَ إلى الرجاء الفعلي بالقيامة نفسها. هذه المسائل نفسها قد ظهرت في نصوص أبوكالبتية لاحقة من بعد المنفى مشكلة توقعاَ للنهاية من خلال: حالة الاضطهاد والاستشهاد. لم يأت إسرائيل إلى الأيمان بالقيامة بصورة طبيعية وبديهية، لكنه بالأحرى كافح بصورة شديدة وقاسية معه

عندما أصبح الشر الإسكاتولوجي قوياً جدا خلال فترة الاضطهاد في وقت أنطيوخوس الرابع (166ـ 165 ق.م)، عندها لم يعد بإمكان الواحد أن يسلّم طويلاً لهؤلاء الذين سببوا هذا الشر، ويفر ببساطة من الموت

هنالك قيامة "لكثيرين" إش 11:53 ومن ضمنهم "البار" الذي مات بالإضافة إلى الشهداء الذين قُتِلوا. هؤلاء سيقومون إلى الحياة الأبدية، بينما الأشرار وعلى سبيل المغايرة سيقومون إلى الخزي والعار الأبدي دا 2:12

لقد تطور الرجاء بالقيامة لكل الأموات في الفترة ما بين العهدين، ومن ثم فإن "القيامة"، هي رجاء جسور في أُفُق الأبوكالبتية الإسكاتولوجية لفهمٍ مؤسسٍ على يهوه كإله لديه طريقته وأسلوبه، والذي لم يتخلى عن خاصته. هذا الرجاء هو نتيجة الإيمان اليهوهي بإله لا يزال يأتي إلى خاصته في الجانب الآخر للموت، ويساعد عباده ليأخذوا عدلهم

بالإضافة لذلك، فإن القيامة تخدم التجديد الإسكاتولوجي لشعب العهد وهي كنتيجة للإيمان باختيار إله إسرائيل الذي يثبّت سيادته ضد الموت

 

قيامة يسوع

لقد اعتبرت الكنيسة البادئة قيامة يسوع تصديقا من قبل الله على رسالته. إن الله نفسه قد تدخلّ بيده الكلية القدرة في الحياة المتمردة والمؤذية للعالم، وانتزع يسوع الناصري هذا من سلطة الخطيئة والموت التي قامت ضده، ونصبه رباً للعالم

هكذا وحسب تفسير الكنيسة البادئة فإن القيامة هي وفوق أي شئ آخر: اعتراف الله بيسوع هذا الذي رفض العالم الاعتراف به، والذي خانه حتى تلاميذه. إنها في نفس الوقت، تدخل عالم الله الجديد في هذا العالم القديم الموسوم بالخطيئة والموت، إنها تنصيب وبداية ملكوته. حدثٌ في هذا الزمن وهذا العالم، وأيضا وفي نفس الوقت، حدثٌ وضع نهاية وحدا لهذا الزمن وهذا العالم

من دون ريب فإن الأيمان وحده فقط يمكنه أن يختبر هذا أع 40:10ـ41، لأنه حدث لا يمكن أن يُرى أو يظهر كأي حدث آخر في الزمان والمكان. وهو أيضا يهم هذا العالم كعمل الخلاص والدينونة الذي يجب أن يُعلن إلى أقاصي الأرض

والآن فإن رسالة يسوع حول اقتراب ملكوت الله قد سُمعت مرة أخرى وبشكل جديد، والآن وهو بنفسه فقط، مع موته وقيامته قد دخل إلى هذه الرسالة وأصبح هو قلبها وجوهرها

 

خاتمة

إنه لمن المهم أن تعيد الكنيسة النظر في إيمانها وجذوره ومفاهيمها في كل وقت، والعودة بهذا الإيمان إلى جذوره وكيف نما وتطور وكيف عاشته جماعته. إذا تمكنا من رؤية إيماننا بعيون إسرائيل، بعيون الكنيسة البادئة، فإن إيماننا، رجاءنا، تعليمنا، كرازتنا، تبشيرنا بيسوع القائم سيصل إلى أقاصي الأرض

 

المصادر

 

1.    HANS WALTER WAOLF, Anthropology of the Old Testament.1974. pp 99.

2.    Roland De Vaux, Ancient Israel volume 1: Social Institutions. 1965. pp 56.

3.    Gerhard Von Rad, The Problem of the Hexateuch and the Other Essays. 1965. pp 253- 254.

4.    John L. McKenzie, The New Jerome Biblical Commentary. 1993. Pp1313. (168).

5.    HORST DIETRICH PREUSS, Old Testament Theology volume 2.1996. pp 147- 153.

6.    Joachim Jeremias, New Testament Theology: The Proclamation of Jesus. 1971. pp 300.

7.    GUNTHER BORNKAM, Jesus of Nazareth.1995. pp 183-184.

 ............................................

غَضَب الله في الكتاب المقدس

 

ملاحظة: لا يغيب عن بال القارئ الكريم، بأن الكتاب المقدس يجب ان يكون تحت اليد.

                        

في عالمنا المعاصر، ربما لم يعد الناس يهتمون كثيراً بالله، وبالتالي لا يهمهم ما إذا كان يغضب ام لا. هذا طبيعي لأننا جعلنا من الله فكرة، أومجرد عقائد نظرية ثابتة، جاهزة وموجودة تحت اليد في كل وقت. لقد   جعلنا منه إلهاً لا يتغير ولايتأثر بأفعال البشر وإهمالهم المتكرر. لم يعد "يهوه" إله المفجآت، بل اصبح إلهاً منطقياً في تعامله مع الناس، الى درجة صرنا نغضّ النظر عن النصوص الكتابية التي تتكلم بكل جسارة وجدية عن "غضب الله"، "دينونة الله"، وحتى "إنتقام الله". لقد تحول الله، الأله الذي قطع عهداً مع شعبه وطالَبَهُ الإلتزام به، إلى إلهٍ محبٍ فقط، غارقٍ في حبه لشعبه وللناس( جميعاً ) !!! لدرجة أنه صار يغضّ النظر عن الظلم والخطيئة ويبررهما بكل سذاجة وبساطة، ثم نعلّق على ذلك قائلين: " إنها نعمة   الله ". وهي ما سماها الراعي واللاهوتي الالماني ديتريش بونهوفر (1906ـ1945): " النعمة الرخيصة"، والتي هي  " العدو المميت لكنائسنا". هي رخيصة لأنها: "تبررالخطيئة من دون تبرير الخاطئ".

 

غضب "الآلهة" في المشرق القديم، وغضب"يهوه" في إيمان إسرائيل:

 

من بين جميع المشاعر الأنسانية التي تطبّق على الله، فأن الغضب هو اصعب ما يمكن فهمه. مع ذلك فإن الغضب هو أقوى إنفعال إنساني مثل الحب، وكلاهما طريقة ولغة إنسانية للتكلم عن الله. الصعوبة التي لدينا في تصوُر غضب الله، لم تكن موجودة عند مؤلفي النصوص الكتابية، بل على العكس فأن غضب يهوه مذكور وبصورة مكررة أكثر من الغضب الإنساني!!

على نفس النطاق فإن مفهوم الغضب الإلهي كان جزءاً من الإرث الحضاري لإسرائيل من المشرق الأدنى القديم، حيث كانت الطبيعة تُفهَم إسطورياً كمجال لشخصيات مختلفة ومتضاربة. الكارثة الطبيعية كانت تُفهم ببساطة كنتيجة للغضب الألهي. أُناس ما بين النهرين القدماء لم يكونوا قادرين على تصور الغضب الإلهي بدون عُنصر "النزوة". في الواقع، كان الغضب الإلهي يعتبر في الغالب غير معقولٍ، وبدون باعث أو سبب. في ملحمة ( أطراحاسيس ) البابلية (1646ـ1626 ق.م)،تحاول الآلهة بقيادة الأله    " أنليل" إبادة الجنس البشري في سلسلة من ثلاثة أوبئة . أخيراً تغضب الآلهة وتقرر مجتمعة في غضبها إبادة الجنس البشري بالطوفان، وهذا بسبب أن  اصوات ضوضاء البشر من خلال أعمالهم اليومية أخذت تزعجها فتقررالآلهة إبادتهم.

هذه الفكرة حول الغضب الإلهي كانت مرفوضة في إيمان إسرائيل. غضب يهوه مرافق دائماً لبرهِ، عدلِهِ، قداستِهِ وعهدِهِ. لقد واجَهَ إسرائيل الإله الحقيقي في تاريخِهِ، وسرعان ما إكتشف بأن إرادة هذا الإله لا تتطابق مع إرادة الإنسان. إرادة هذا الإله مختلفة كلياً. إنها ضد مخططات، وأفكار ومقاصد الأنسان إنها: إرادة غريبة!! فمن خلال تاريخهِ قاتَلَ إسرائيل ضد إرادة إلهه، وكان يقاوم دائماً تلك الإرادة. في قصة الطوفان الكتابية، ظلم الإنسان هو الذي يجلب طوفان الله.

 

سبب الغضب الإلهي:

 

إذا سأل أحدٌ: ما هو الدافع لغضب الله؟ أحياناً هنالك مواقف موصوفة في الكتاب المقدس حول أعمال لله يتعذر تفسيرها تماماً. مثلاً قصة مصارعة إنسان (الله؟) ليعقوب في تك22:32ـ32، وقصة محاولة يهوه قتل موسى في خر24:4. فالله هنا يعمل بدافع يتعذر تفسيرهُ. مع ذلك فإن غضب الله في أغلب الحالات يحصل بسبب أفعال البشر.

هكذا فإن غضب الله يجب أن يُفهم إنطلاقاً من علاقة العهد (بينه وبين شعبهِ). الله يبين عن رغبتهِ في الخلاص من خلال وعودهِ، ومن خلال قيادته (التاريخية) لشعبهِ، فلذلك هو يطلب منهم: الطاعة والثقة. عملية العهد تُهئ الشعب، مع إمكانية رد فعل إلهي ذو حدين يتوقف على ما إذا كان الشعب سيحفظ العهد ام لا خر5:20.

إذا أتى الغضب الإلهي على إسرائيل (جملة، أو على شخص كعضو في شعب الله) كحكم، فإن السبب هو ان الشعب لم يؤدِ مسؤوليته العهدية تث27:29، يش16:23، قض20:2 ونصوص أُخرى تبيّن بوضوح بأن سبب غضب يهوه هو بأن شعبه قد كسر العهد. غضب يهوه يتقّد خصوصاً عندما يلتفت شعبه للآلهة الأخرى ( خر32، عد25، تث15:2 ). في إسرائيل، فإن يهوه يغضب شخصياً عند كسر العهد، ولا يرد على ذلك من خلال قدرته وسلطته فقط ، بل من خلال ثوران شخصي ضد المذنب. هذا جزء من إيمان إسرائيل بالإله الحي ضد الذين يتعمدون الخطيئة. فلو لم يكن يهوه يغضب من الخطيئة لما اخذها بصورة جدية. إن غضب يهوه لا يخضع للحسابات الإنسانية. إنه ليس ظالماً، ولكن يصعب فهمه أحياناً.

هنالك عنصر آخر والذي يلعب دورا في تهدئة خوف إسرائيل من غضب يهوه، وهو الإعتقاد بأن هذا الغضب ليس موقفاً مألوفا ليهوه. فعادة يميل يهوه الى إظهار حبه العهدي ، بينما غضبه هو ثَوَرانٌ إستثنائي :" لأن غضبه يبقى لحظة، أما رضاه فيدوم إلى الأبد " (مز5:30).

 

" وسمع يهوه فَحَميَ غَضَبُهُ ": عدد (1:11ـ3 ).

 

قبل أن أشرح معنى النص، أريد توضيح معنى هاتين الكلمتين: "غضبَ" و "حمي غضبه".

غضبَ: الغضب بالعبرية هو(אפ) من (אנף)، الانف، أو المنخر(ثقب الأنف)، إذن: الوجه. وأحياناً: شخص، وأيضاً (التنفس السريع عند الغضب). والجذر الأولي: أن يتنفس بشدة. أي أن يسخط، أن يكون غاضباً.

حمي غَضَبُهُ: التعبير العبري الأعتيادي يستعمل الفعل (חרה) ويعني: أن يكون حاراً، أن يشتعل، أن يتقّد. الفاعل هو (אףו) ويعني: غَضَبُهُ، أو حرفياً: " أنفُهُ ". التعبير من هذه الصورة الإنسانية هو : أن يشتعل غضبهُ. التأكيد هو على صيغة التفضيل العليا: إشتعل غضبه.

شرح عدد 1:11ـ3:

 النص ربما يعود الى E . يتذمر الشعب بدون شك من ضيق معين موصوف في بداية القصة، والذي هو غير موجود هنا. نار يهوه تندلع فيما بينهم، ومع تضرّع موسى، تكفّ النار عن الشعب لتبرير تسمية المكان: תבערה (تبعيرة) أي: مشتعل، وهو العنصر الواقعي الوحيد في محتوى القصة القصير.                                                                                                                   قصة التذمر في تبعيرة تكشف بوضوح البناء البسيط لقصص السخط المبكرة كما تظهر في سفر العدد:

1ـ السخط 2ـ الإجراء الإلهي الحازم 3ـ التضرّع 4ـ الإمتناع الإلهي. وهي العناصر الأربعة الرئيسية.

سخطٌ وتذمُر: الراوي غير قادر على إعطاء سبب معين لهذا السخط والتذمر.

نار يهوه: هنا نار يهوه إشتعلت (النار حدثت بإعجوبة من يهوه)، وهذا نشأمن حجم عقوبة من فترة كان الموضع في البرية له معنى لإسرائيل بعد الخروج من مصر. ربما كان سبب العقوبة خطيئة كبيرة في إسرائيل في ذلك الوقت.

النار المرسلة من يهوه في غضبه العادل، تلمس فقط طرف المحلة (إسرائيل جملة بقي حياً بعد هذه الدينونة). ثم رجعت النار بتضرع صلاة موسى. مع ذلك إسم المكان الذي نحن بصدده، دعي من الآن فصاعداً بسبب هذه الظاهرة (תבערה) والذي معناه الإصلي غير أكيد، والذي يشتق من الجذر (בער):

أن ينقل، أن يزيل، او ربما أيضاً : أن يرعى الماشية. المعنى المُفترض في المقطع المُقدَم: مكان الإشتعال.

إنه من الممكن بصورة ثانوية، ولكنه يشكل الأساس الكلي للمقطع.

نص قصير (3 آيات فقط)!! نتيجة لتذمر الشعب يحمي غضب يهوه وتشتعل ناره فيهم ولكن، دون أن تمسّ أي واحدٍ منهم بل: أحرقت في طرف المحلة!! وحالاً بتضرع موسى : خمَدَت النار. ليس يهوه الهاً منتقاً، حقوداً، غاضباً على الدوام ومن دون مبرر. إنه إله لشعب متذمّر، ساخط، متشكي على طول الوقت.

ومع أن إلهه معه، فهو مع ذلك: " شعب صُلبُ الرّقبة " تث6:9. مع أنه يطلب من موسى بأن يفنيهم:

" فالآن إتركني ليحمي غضبي عليهم وأفنيهم " خر10:32، إلا أنه يندم: " فندِم يهوه على الشر الذي قال إنه يفعله بشعبهِ " خر14:32. هذا هو إلهنا الذي لا يمكنه أن ينسى عهده مع شعبه.

 

الكتابات الرسولية:

 

لا تختلف الكتابات الرسولية عن موسى والأنبياء في التكلم عن غضب الله ، بل على العكس ربما تبدو أكثر شدة. يوحنا المعمدان في البرية يكرز بدينونة الله، ويعلن غضبه في مت7:3= لو7:3: " يا أولاد

الأفاعي، من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي؟ ". مع ان يسوع يختلف عن يوحنا في كرازته التي تعلن إقتراب الخلاص لا الدينونة إلا انه يكرز بالدينونة للذين يرفضون قبول ملكوت الله. يسوع المتاوي لديه نبرة خشنة وشديدة موجهة ضد رؤوساءاليهود في مثل الوليمة (مت 7:22): " فلما سمع الملك غضِبَ، وأرسل جنوده وأهلك أُولئك القاتلين وأحرق مدينتهم ". ملاحظة بخصوص هذه الآية والتي هي حسب العلماء إضافة الى المثل الأصلي بعد سنة 70م، أي بعد تدمير اورشليم على يد الرومان.لا تهمنا الآن هذه الملاحظة، ولكن ما يهمنا هي الصيغة الشديدة للآية التي يضعها متى على لسان يسوع، والتي تبيّن غضب الملك من أولئك الذين رفضوا وليمته ومعاقبته لهم، أي بصيغة أخرى، دينونة الله الشديدة للذين رفضوا لطفه. يضع متى هذا المثل بعدما ترك يسوع الجليل ودخل أورشليم . ولكن هذا لا يعني مطلقاً بأن يسوع بعدما نجح تبشيره في الجليل، لاقى الفشل في أورشليم، لا. هنالك علماء يعتقدون بأن الأزمة كان موجودة منذ بداية تبشيره(مر1:3ـ6، 1:6ـ6 و لو14:4ـ30). لكن الإمور قد وصلت الى ذروتها في أورشليم، عندما واجه يسوع السلطات الدينية، يعلن عندئذ غضب الله ودينونته:" فماذا يفعل صاحب الكرم؟ يأتي ويُهلك الكرّامين، ويعطي الكرم الى آخرين" (مر9:12). وكما أشرنا أعلاه لا يأتي غضب الله بدون سبب، أو نتيجة نزوة، لا في موسى والأنبياء ولا في الكتابات الرسولية. فعلى طول تاريخ شعب الله يأتي غضب الله على كل الذين يكسرون عهده ويخونون إلتزامهم به. مثلا في سفر الرؤيا (16)، يسكب الملائكة كؤوس غضب الله على الذين يسجدون لصورة الوحش، ويسفكون دم القديسين والأنبياء، والذين يجدفون على إسم الله، أي كل الذين كسروا عهد الله معهم.

 

وجماعة الله اليوم....

هل نحن جماعة ملتزمة بعهد الله معنا؟ هل نحن شعب لايجلب غضب الله عليه؟ ما قرأناه أعلاه يتعلق بنا، بحياتنا، بمسؤوليتنا تجاه الله وتجاه الآخرين. عندما يتكلم الكتاب المقدس عن هذه الخبرات والمواقف، فهذا يعني: أنا، أنتَ، أنتِ، نحن كلنا جميعاً كجماعة الله، جماعة يسوع الناصري، أخونا البكر، معلمنا وربّنا، الذي حتى آخر لحظة من حياته لم ينسَ، ولم يخُن عهد الله معه. يبقى وجها الخلاص والدينونة مترافقين معاً، ويبقى قلب الله يتقلب علينا من حبه لنا، منتظراً منا اعمالاً إيجابية على طول حياتنا، لنسمع منه هذا الجواب الممتلئ رحمة:                                                                                                  ".... قلبي يتقلّب عليّ. اضطرمت مراحمي جميعاً. لا أجري حمو غضبي. لا أعود أُخرب أفرايم، لأني الله لا إنسان، القدوس في وسطكَ فلا آتي بسَخطٍ " (هوشع 8:11ـ9).

  

 

المصادر

              

1.    Dietrich Bonhoeffer, The Cost of Discipleship (London: SCM Press Ltd.), pp. 35-47.

2.    Günther Bornkamm, Jesus of Nazareth. First Fortress Press Edition, 1995.pp 153.

3.    John L. McKenzie,The New Jerome Biblical Commentary, Aspects Of Old Testament Thought. Great Britain 1989. pp1301-1302(99-102).

4.    Gerhard Lohfink, Jesus and Community. Fortress Press Philadelphia 1984. pp7.

5.    Floyd V. Filson,The Gospel According To St. Matthew 1971. pp233.

6.    Richard J. Clifford, S. J, The New Jerome Biblical Commentary, The Flood And Renewed Blessing. Great Britain 1989. pp15(12).

7.    G. Johannes Botterweck, Helmer Ringgren , Theological Dictionary Of The Old Testament, 1974. pp357.

8.    James D. G Dunn, John Willa Rogerson, Eerdmans Commentary On The Bible, 2003. pp141.

9.    Martin Noth, Numbers: A commentary, 1968.pp 84.

10.KJV Bible, Strong`s Hebrew Dictionary. pp 4601.

11. The Elohist (E) is one of four sources of the Torah described by the Documentary Hypothesis.

...........................

 

الرّفع الى السماء، ورفع يسوع إلى السماء

 ملاحظة: لا يغيب عن بال القارئ الكريم بأن الكتاب المقدس يجب أن يكون تحت اليد.

 يبدو العنوان غريباً، إذ نحن متعودون على التكلم عن رفع يسوع الى السماء. لكن للموضوع خلفية وجذور من المهم جداً التعرف عليها، ليس فقط في النصوص الكتابية ولكن في النصوص البابلية ، والنصوص غير القانونية( الأبوكريفا) والآداب الرابينية.

 1. النصوص البابلية: تخبر الاساطير البابلية عن (كسيسوثروس)، بأنه قد رُفِع الى السماء، لأنه قد وجد حظوة في عين الله، وفي (إيتاناـ كلكامش)، الركوب على نسرٍ الى السماء " الذي تظهر منه الأرض كتلِ والبحر كحوضٍ".

2. النصوص الكتابية: في الأدب الكتابي ليس لدينا نصوص كثيرة حول الرفع الى السماء. لدينا اشخاص احياء يُرفعون. أخنوخ يُدعى أنه (أًخِذ) الى الله. يُوصَف كأول شخص" تمشى مع الله، ولم يوجد لأن الله أخذَهُ" تك24:5. إيليا يوصف رفعه الى السماء بوضوح بواسطة "مركبة من نار وخيلٍ من نار"2مل11:2.

   3. الأبوكريفا والآداب الرابينية: الآداب اليهودية تصف نزول وصعود ملائكة، وأشخاص إنسانيين يصعدون ويبقون في السماء. الملاك رافائيل يصعد الى السماء في حضور طوبيث وإبنه طوبيا طو20:12. 4عزرا يشير الى أناس رُفِعوا الى السماء ولم يختبروا الموت 4عز26:4. 2باروخ يوحي بصعود شخص باروخ عندما كان يعلّم بأنه سيُحفَظ الى "نهاية الأزمنة" 2با1:25،3:13. وثيقة موسى تعلّم بأن موسى صعد الى السماء بعد موته، ولكن المقطع 10:12 من الوثيقة مشكوك فيه. النصوص الصوفية ل(1ـ3) أخنوخ مبنية على تك 24:5، لوصف صعود اخنوخ الى السماء وتمجيده النهائي كالملاك (ميتاترون). تحول أخنوخ الى ملاك ربما يكون مستنداً الى دا 3:12. رؤيا ووثيقة إبراهيم تصف كيف صعد إبراهيم الى السماء تحت قيادة ملائكية وتعلّمَ الأسرار السماوية ورأى عرش الله رؤ.إبراهيم 1:18. هنالك نص واحد يشير إلى صعودٍ الى السماء ما بعد القيامة. وثيقة ايوب تفترض قيامة اولاد ايوب وتعلّم حول صعودهم إلى السماء وتمجيدهم وث.أيوب 11:38ـ 3:40. في نهاية قصة أيوب، يموت أيوب وتصعد روحه الى السماء في مركبة 10:52. صعود الروح ما بعد الموت في وثيقة أيوب، وجدت أيضاً في ( وثيقة إبراهيم 20: 9ـ12، ووثيقة إسحق 1:7).

 4. الكتابات الرسولية: إن صعود يسوع هو ابرز حدث في الكتاب المقدس، ويشير الى الرحيل النهائي ليسوع القائم عن اتباعه. يوصف هذا الحدث في اعمال الرسل كرفع الى السماء مابعد قيامة يسوع من بين الأموات أع9:1ـ11. إنجيل لوقا يحتوي على وصف لرفع يسوع، لكن النصوص مشكوك فيها لو50:24ـ53 وسنشرحها بالتفصيل. لوقا يشير الى ارتفاع يسوع كعلامة جغرافية في روايته اثناء خدمة يسوع لو 51:9. اعمال الرسل يصف صعود يسوع على السحاب اع9:1 والذي يلمح الى دا13:7"... وإذا مع سحب السماء مثل إبن إنسانٍ اتى وجاء الى القديم الأيام ..". اعمال الرسل يقدم رفع يسوع الى حد ما كتمجيد عن يمين الله أع33:2 وفيه تلميح الى مز1:110 وهو كعمل تفويضي ، يقوم بواسطته يسوع بتوزيع الروح ويُعتَرَف به "رباً ومسيحاً" أع38،33:2. هذه الصورة باقية من التقليد المسيحي المبكر بأن يسوع سيجلس عن يمين الله مر62:14. رفع يسوع وتمجيده في أع34:2ـ35 وهو ترجمة مشيحية للمزمور 110، وهو مشابه لتقليد صعود أخنوخ ، وتمجيد موسى في (حزقيال التراجيدي) من القرن 2 ق.م. يطهر التمجيد كذلك في 491Q4 وإعتقاد رابي عقيبة 50ـ135ب.م بتمجيد المشيح. 

 شرح لوقا 50:24ـ53: يختتم لوقا كتابه مع ثلاثة ظهورات ليسوع لتلاميذه. خلال هذه الظهورات في اورشليم ، يفسّر يسوع من موسى والأنبياء معنى موته وقيامته. بعد ذلك يكلّف تلاميذه أن يكونوا شهوداً له" أمام كل الأمم وبقوة الروح القدس"، ثم يباركهم ويختفي

 50: وأخرجهم خارجاً... لوقا يلعب على الكلمات ويشير إلى موضوع الخروج ويستعمل الفعل اليوناني(إيكسيكايين)، الذي يُستخدم في السبعينية لوصف قيادة الله لشعبه من عبودية مصر في حدث الخروج. ورفع يديه وباركهم... ربما إشارة إلى سي20:50ـ24. هذه هي المرة الوحيدة التي يشير فيها لوقا الى مباركة يسوع للناس. يسوع في نهاية حياته يبارك تلاميذه

 51: ورُفع الى السماء... الكلمة اليونانية(ذياستي) هي بصيغة (الأورست) أي الماضي غير التام، وتترجم ب: ترك، ذهب، واصلَ، مضى، رحل. كلمة نادرة مع معنى غير واضح.  بعض المخطوطات تحذف الفقرة. هنالك جدالات حول وجود هذا الفقرة في بعض المخطوطات وعدم وجودها في مخطوطات أخرى. بعض العلماء يقولون انها حُذفت لمعالجة التناقض ما بين لوقا وأعمال الرسل. البعض الآخر يقولون بأنها أُضيفت عندما فُصل لوقا عن أعمال الرسل . إذا كانت الفقرة قد أُضيفت، وهو مايبدو محتملاً ، فإن ما موجود لدينا هو ترائي القيامة الذي ينتهي برحيل يسوع عن تلاميذه. هذا ينفع كنهاية للإنجيل، مع وجود الرفع الموصوف في الفصل الأول من أعمال الرسل. وفيما هو يباركهم رحل عنهم أو..... ورحل عنهم مباركاً.

 52: وسجدوا له.... غير موجودة في أغلب المخطوطات، وخصوصاً المخطوطة الغربية D، وهو آخر شئ رئيسي محذوف في هذا الأنجيل. الكلمة تحمل دائما الشعور بالأحترام وتعني... إبداء الإحترام، الإجلال، التقوى... إلخ. ورجعوا إلى أورشليم.... الكتاب يبتدئ وينتهي بإورشليم، لكن ما حدث في الوسط هو لكي يغير القراء أفكارهم عن معنى هذه المدينة. بفرح عظيم... راجع ما جاء في رسالة الملاك في لو10:2، وهو الموضوع الرئيسي في إنجيل لوقا، راجع 14:1 و 10:2 و13:8 و 17:10 و7:15 ،10 و41:24. بعمله هذا الشئ ، يبين بوضوح بأن الوعد في البداية قد تُمم في النهاية، علاوة على ذلك بأن هذه الحياة التامة تجلب فرح الوجود اٌلإنساني العظيم.

 53: الهيكل... الكتاب يبتدئ وينتهي بالهيكل، والذي، بالنسبة للوقا، هو رباط الأستمرارية بين العهدين. الجماعة المبكرة في أعمال الرسل وُجدت تتعبد في الهيكل (أع3). يبدو اننا هنا امام صورة مبالغ فيها.

هذا هو الجواب الذي يتأمله لوقا من قراءه، الذين يتشجعون لروايته الكرازية ويعترفون بإيمان راسخ عميق، بأن الله قد عمل هذه الأشياء في يسوع من أجلنا، ومن أجل خلاصنا. ومن ثم علينا ان نكون في كل حين مستعدين لمعايرة مفاهيمنا حول إيماننا.

  

المصادر:

 

1.     The New Jerome Biblical Commentary. Robert J. Karris O.F.M. THE GOSPEL ACCORDING TO LUKE.198 p271.

2.     Robert J. Miller, Editor. THE COMPLETE GOSPELS. THE GOSPEL OF LUKE. P174.

3.     Parallel Greek New Testament. KATA LOUKAN. The Gospel According to St. Luke.

4.     Next Bible. Study Dictionary. LUKE.

5.     Jewish Encyclopedia. Ascension. Kaufmann Kohler, Louis Ginzberg.

  1. tn For the translation of ἀνεφέρετο (anefereto) as “was taken up” see BDAG 75 s.v. ἀναφέρω 1.
  2. tn Grk “And it happened that while.” The introductory phrase ἐγένετο (egeneto, “it happened that”), common in Luke (69 times) and Acts (54times), is redundant in contemporary English and has not been translated.
  3. "Who Is Comparable to Me in My Glory?" 4Q491 Fragment 11 (4Q491C). This thesis has turned up from Cave Four at Qumran. This speaks of a man who was exalted to heaven to receive an incomparable name. J.C. O'NEILL. Novum Testamentum, Vol. 42, Fasc. 1 (Jan., 2000), pp. 24-38   (article consists of 15 pages) Published by: BRILL.
  4.  tc The reference to worship is lacking in the Western ms D, its last major omission in this Gospel.

 

<<<<<<<<<<<<<<<     >>>>>>>>>>>>>>

 

قيامة يسوع حسب انجيل مرقس

ملاحظة: لايغيب عن بال القارئ الكريم بأن الكتاب المقدس يجب ان يكون تحت اليد

النص: مرقس1:16-8

عند الصليب يُعطى القارئ إشارة الى الوراء الى (الجليل) في وصف النسوة "اللّواتي ايضا تبعنه و خدمنه حين كان في الجليل"41:15. في القبر الفارغ تُعطى النساء والقارئ إشارة بالتوجه الى الجليل حيث يتقدم يسوع و"هناك ترونه كما قال لكم". بداية مرقس تكشف النهاية ونهايته تكشف وتشير الى بدايته ، ليس فقط مكانياً بل لاهوتياً. في الرجوع الأول الى الجليل،"يجئ يسوع ليكرز ببشارة ملكوت الله" 14:1. في الرجوع الأخير الى الجليل تبين أن مرقس يجئ ليكرز ب"بشارة يسوع ، المسيح، إبن الله" 1:1. وهكذا في مرقس تبتدئ القصة في الجليل ، وتنتهي مع الماضي ونظرة مستقبلية الى الجليل. قصة القيامة لدى مرقس هي بنفس الاسلوب الذي يتبعه في كل كتابه .الأطار الخارجي والجوهر في المركز. هكذا لدينا الآيات من 1-5 والآية 8 حول مجئ النسوة الى القبر وهربهن كإطار والآيات 6-7 بإعلان الشاب إقامة يسوع في المركز. الآية 1 يقول مرقس بأن السبت قد انقضى وبأن مريم المجدلية ، ومريم أم يعقوب (التي اشار اليها مرقس سابقاً ك"مريم أم يعقوب الصغير ويوسي"40:15 والتي ربما تكون او ربما لاتكون مريم أم يسوع!!!! إنظر 3:6) وسالومي التي ذُكرت في 40:15 جئن ليدهّن جسد يسوع. الآية 2 في أول الإسبوع: حسب الروزنامة اليهودية كان الأحد هو اليوم الأول من الإسبوع. الآية3-4 غريبة جداً. لماذا فكرن النساء بمشكلة الحجر الكبير فقط وهن في الطريق الى القبر ؟ لماذا لم يفكرن بهذه المشكلة قبل مجيئهن الى القبر؟ ثم هذا يدل حسب مرقس بأن النسوة لم يتوقعن ان يجدن يسوع المُقام بل يسوع الميت!!!!! ثم وجدن بأن الحجر: قد دُحرج!! في الآية 5 رأينَ شاباً. الكلمة اليونانية للشاب هي (نيانيسكوس) وهي نفس الكلمة التي يستخدمها مرقس في إشارته الى الشاب(نيانيسكوس) الذي كان يتبع يسوع والذي يهرب عارياً في 51:14-52 . من يكون هذا الشاب ؟ في الآيتين اعلاه : الشاب يهرب عارياً. وفي القبر وجدن النسوة: شاباً ... لابساً كتاناً أبيض. في الآية 52 الشاب الهارب يشير الى التلاميذ الذين هربوا وتركوا يسوع "فتركه الجميع وهربوا"50 . الأيتان 6-7 الشاب يعلن القيامة. هذا هو: على تلميذ يسوع ان يعلن قيامته لا أن يهرب ويتركه. إعلان الشاب: يسوع الناصري قد أُقيمَ!! يستخدم مرقس صيغة الفعل المبني للمجهول في كلا مه عن إقامة يسوع . الفاعل هو: الله. الله اقام يسوع الناصري المصلوب. إنه يتقدمكم في الجليل. ترجمة حرف الجر اليوناني (في) بدلا من (إلى) يعود إلى انا اللغة اليونانية المستخدمة في وقت يسوع كانت اللغة اليونانية المحلية والتي تدعى(كويني) وهي نفسها لغة العهد الجديد ولم تعد تميز في استخدام هذه الحروف مثل اليونانية الكلاسيكية كلغة إفلاطون مثلاً. بهذا الخصوص راجع مر9:1. فالجليل حسب مرقس هي منطقة لاهوتية أكثر من كونها منطقة جغرافية. في الجليل يا قارئ ، يا تلميذ، حيث أكرز يسوع ببشارة الملكوت، حيث شفى الأبرص، حيث علّم في المجامع، حيث إتكأ مع العشارين والخطأة، حيث أشبع الجموع الجائعة, حيث دخل في شركة مع الوثنيين : هناك تجدونه يتقدمكم. إذا أردتم أن تروا يسوع القائم : إذهبوا الى الجليل حيث فعل كل هذه الأشياء وإفعلوا مثله. فهو هناك يتقدمكم. هذا هو الجليل عند مرقس. الآية 8 هي اكبر مشكلة في قصة القيامة وفي نهاية إنجيل مرقس. وهي تعتبر مشكلة تقليدية في نقد نصوص العهد الجديد . يُجمع العلماء بأن مرقس بالأصل ينتهي مع التوقف المفاجئ والحاد في 8:16 ، والذي ينتهي بهرب النساء من القبر والأغرب من ذلك: " ولم يقلنَ لأحد شيئاً لأنهن كُن خائفات". إذاً كيف وصلت إلينا البشارة إذا لم يقلن لأحد شيئاً؟ أم ان مرقس أراد ان ينهي إنجيله هنا؟ هناك الآيات الباقية من نهاية إنجيل مرقس والتى تقصدنا عدم الأشارة إليها حتى الآن . الآيات 9-20 هي  مشكلة ولكن أغلبية العلماء متفقون على أنها إضافة لا حقة. الأدلة المبكرة من آباء الكنيسة (كليمنضوس من روما، أوريجانوس، أوسيبيوس وإيرونيموس ) لا تعطي أي إشارة في أي نص إلى أي شئ ما وراء 8:16. مع ذلك هنالك مخطوطات تجعل مرقس يمتد إلى ما بعد 8:16. هذه النهايات الإنتقائية (الإختيارية) هي محاولات لتلطيف وتنعيم الحدية في النهاية المقطوعة بصورة مفاجئة من 8:16 ولتوفيق مرقس مع النهايات في بقية الأناجيل. إنه من المحتمل جداً أنه ظهرت في القرن الثاني قصص مؤسسة قبل كل شئ على لوقا 24، متى28 ويوحنا 20. إن افضل وأقدم المخطوطات لإنجيل مرقس تنتهي مع 8:16. السينائة والفاتيكانية لا تظهران الآيات 9-20. رغم ذلك هنالك أسباب أدبية ولاهوتية قوية للتمسك والإعتقاد بأن الإنجيل إنتهى مع 8:16. بعد هذا الشرح التفصيلي لقصة القيامة عند مرقس تتوضح عدة نقاط يشير إليها مرقس: ما يحاول مرس توضيحه لقراءه منذ بداية الكتاب هو عدم سوء فهم : من هو يسوع؟ إنه السؤال الكبير في إنجيل مرقس . فالنساء (1) إشترين حنوطاً ليدهنه ،مع العلم أنه في 3:14-9 قد سبقت المرأة في بيت سمعان الأبرص ودهنت يسوع: إذاً النسوة متأخرات!! والنساء(2) جئن القبر باكراً جداً.... وقد طلعت الشمس: إنهن متأخرات أيضاً!!!! والنساء(3) كن يقلن : من يدحرج لنا الحجر.... وأن الحجر قد دحرج: متأخرات أيضاً في كل مرة. لقد سبق الله النسوة وفعل فعله بيسوع: أقامه من بين الأموات. وحتى بعد إعلان القيامة من الشاب الجالس عن اليمين........ خرجن سريعاً وهربن من القبر، تماماً مثلما هرب التلاميذ وتركوه كلهم. في إنجيل مرقس ولا واحد يفهم يسوع إلى نهاية حياته وحتى بعد قيامته. مرقس يطلب منا أن نكون تلاميذاً ليسوع الى النهاية ولو طاردونا، ولو إضطهدونا ، ولو قتلونا ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يُخَلّص. مرقس يكتب لجماعته المتألمة، المطاردة من أجل الشهادة ليسوع . ألا يمكننا أن نكون اليوم جماعة مرقس المتألمة، المطاردة على مثال معلمها؟؟     

.المصادر

1-The New Jerome Biblical Commentary. Daniel J. Harrihrton, S.J. (The Gospel According TO Mark) p628-629.

 

2- The Complete Gospels. Robert J. Miller, Editor. (The Gospel Of Mark) p52,453-455.

 

3- Illustrerad Familje BIBEL. Stockholm 1933. Ordförklaringar Och Sakupplysningar. p XII.

 

4- A lenten Journey Through The Gospel Of Mark. Mark: Alisteners Guide. Elizabeth Struthers Malbon. Mark. Session4. Suffering.

 

5- The Interpretation Of Mark. William R. Telford. p260.

 

>>>>>>>>>>>>>

رسالة الى صديق

كتبت هذه القصيدة في الليلة التي سمعت فيها خبر وفاة صديقي وحبيبي الغالي عزت البوتاني

 

وداعاً يا حبيب قلبي

وداعاً يا رفيق دَربي

أتذكُر كم مشينا سوية على عكازات الزمن؟   

أتذكُرأنا وأنت كم تجاوزنا المحن؟

أتذكُر كيف فرّقتنا غربتنا، بعد أن كان يجمعنا الوطن؟؟

أتذكُر كم ترافقنا في طريق المحبة والفرح؟

أتذكُر كيف كنا كألوان القوس قزح؟

يا من أنت لحمي وعظمي

وأقرب لي من جسمي ودمي

أنت اغلى عندي ممّن رضع من ثديي أُمي

بل أنت حلو في فمي

كقطع السُكَر وحبّات البلح

..................................................

عندما إلتقينا أولَ مرةٍ وأصبحنا أصدقاء

في كنيسة تملأُها القبور، كان هناك لقاء

كان هناك معاق.... ورفاق.... وصلاة.... ومرح

كان هناك آكوب..... وعزت..... وفرح

لقد زرعنا وردة جميلة

فأزهرت اوراقها

وأضحت قصصاً طويلة

تعيش من روح الإبتسامة

وأنفاس الأركيلة

....................................................

والآن......؟

كيف تعيشين من دوننا يا بغداد؟

كيف تنامين وفي زواياك يُضغَط على الزناد؟

لقد تركتي في قلبنا حسرة

وصارت شعلتنا كومة من رماد

دموعي طيور مهاجرة

تسأل عن حبيبي الذي رحل عنكِ

أسرع من أمهرِ جواد

....................................................

لقد قالوا لي أن في قلبكَ لهيب

وألمٌ وجرحٌ وصمتٌ عجيب

كيف لم تفتحوا الطريق ليَمُرَ حبيبي؟

ألا تعلمون بأنه بحاجة إلى الطبيبِ؟

أيا قلب صديقي تماسَك

أيا قلب رفيقي تشجع

ولا تستسلم للقدر الرهيبِ

فهذا طريقٌ لارجعة فيه

وصديقٌ لا مُتَكَلَ عليه

ومسافرٌ يسأل ولا يجيب

آهٍ... آهٍ... آهٍ

الويل لي إني أفقِد صديقي

الويل لي إني أخسَررفيقي

فيا موت إجعل طريقهُ طريقي

إجعل طريقه طريقي

 

رعد توما عاشا

جماعة المحبة والفرح

إخوة أم الأحزان