لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

خضر زكّو

 

الحب يأتي مرة واحدة

 

الصباح هنا ليس كالصباحات الإعتيادية وجوه تملأها الشراسة تملأها القسوة تقاسيم تداخلت مع بعضها في الغربة والحنين والأنين.. جنود يبحثون عن الخضر لإشعال الحطب لتحضير وجبة الفطور.. ينكسر ضوء الشمس تصعد أشراخاً. تتداخل الإنكسارات مع أصوات المدافع الثقيلة وراجمات الصواريخ.. كلّ هذا تمنحني الصباحات هنايا "ج" بدبقٍ دافئٍ بمعاطف الحب.. أليس كذلك؟ هذا الصوت الشهي الذي يحمل كل عذابات الحب ومملكة الفراق يداخل في مسامات الجو، يصبر تقذفه الريح كما تشاء. إنّها تتحكّم به حقاً إنّها تتحكّم بلحظات من العذاب الجميل. ما هذا الجراح يا "ج" أصوات تتداخل مع بعضها سرفة المدرّعات التي لا تشفّ عباب الليل المنفض الليل الساكن ما بوحشة "رشقة مدافع ترمي بإتجاه العدو"  مشاعل التنوير تطلع، تختفي عن كتب عيون تدخل في مقلها حواجب ضوئية .. أشباح .. أفق مختفي لكنّه قريب قلوب مزدحمة بهموم الحب، بالذكريات بالحزن – بالدماء – بالسلام – الرماد. خلايا توّاقة إلى الخمور.. لا جدوى يا "ج" هذا التمزّق التافه، كراسي فارغة موائد محتاجة إلى مناديل.. أبواق محتاجة إلى مزامير.. أتعرفين أنّ داخلي يبحث عن داخلي.. سكائري تبحث عن علب السكائر وعلب السكائر تبحث عن خيوط الدخان.. كل هذا قادم من الريح التي تحمل أنفاسك.. من يبحث هنا عن الخمرة يبحث عن الممنوع.. من واحدة يبحث عن زمن فيه الضياع والتشرّد ... فما هذه القسوة في العذاب.. لو كان لي قلبان!! لتركت واحداً يعذب في هواك والآخر قسمته نصفين!! نصف لعذاباتي والآخر لي..

17

كان الليل على أشدّ دماسه.. كالبرق صليات الرشش تضيء دوائراً في الأرض.. في كلّ الرصاصات أبحث عن لوحة مرسوم فيها وجهك.. أتدرين يا حبيبتي إنّي أبصر إسمك مرسوماً بالرصاص تحضنه أرض الحرام.. ما هذا يا حبيبة؟؟ أعذريني يا حبيبة فعمري العشرين قد مزقته الغربة والمسافات الطويلة. أعذريني يا حبيبة القلب.. أتدرين أن الفاصلات وشارات العشق تحجبها شقوق الأرض، أنها تدخل جوفي نخاعي تثور كل حواسي المعقولة واللامعقولة تنبش في خشب ذاكرتي مرايا تنكسر عبر مقعّراتها ألوان العشق، هجرتها بطاقات الحب الأبدي. جدائل مرخية على كتفي الزمن صوت أم كلثوم تحضنه سواتر الجبهة مصدرة قصر اللواد بعيد عنك حياتي عذاب.. حبيبتي.. يبقى الحبّ فينا وفياً.. دافئاً.. هاطلاً كالندى في الصباحات الربيعية.. فأعذريني عن مسافاتي المنسية.

 

>>>>>>>>><<<<<<<<<

أحلام بهيئة النرجس والبيبون

 

كيف يبدأ،هل يفتح باباً للجنون؟ أم يلملم صحوة المذهب في هذا الجنون، هل يرجع خلف رأسه ويدير الذاكرة؟، يومياته، صدقه وإعترافه لا يدري؟

أيَّ سر هذا منحته له الطعنة.. إنّه جيل إختار فيه الصومعة كي يتأمّل العالم والكون والإنسان والشعر، إنّه سر إسطوري مقدّس، يا للقدّيسين والقديسات من عالم مقدّس..

في اليوم الشتائي الذي وطأت قدماه دار العدالة كان طريقاً مفروشاً أمامه بالحنّاء البيبون، إنّه يشاكس ذلك اليوم المبتل بالمطر والدفء رغم أنّه أبصر الصحراء تمدّ بأضلاعها من أجل كبح جموحه وحنانه الصادق المهذّب الأبدي، لا يريد أن يعرف الإزدواجية والمثالية، إنّه يخرج من هذا العالم المؤثث بالمرايا والصالونات والسيارات الفارهة، إنّه مؤثّث ومهذّب يحس الحياة تجيء بالون البلّوري والأيّام يعبر عليها جسراً من بنفسج، لا يريد أن يتحدّث عن نفسه بل أعلن حرباً عليها، يريدها أن تتحدّث عنه، إنه تهذيب نفسي خاص له طعم المطر المغسول وطعم الأنثى والماء والمرمر فالإنسان حين يهذّب نفسه يحس بتزاوج الغيوم وولادة المطر، المطر (المملحة) هكذا يحسّ أنَّ البحر ضعيف أمامه ثمَّ يحتفلّ بالماء والنرجس وقلب الحبيبة المقدّس، البحر الحيوان الإسطوري الهائل، الوعل المجنون، الصاخب، الهادىء، الأليف، المتجانس، كل الأشكال الرهبة التي يمثلها، إنّه ضعيف أمامه،  هكذا عاشر البحر وعرفه لكنّه يتألّم ويرجع باكياً يحمل شموعه ويحتفل بعيني الحبيبة الساحرتين، إنّه أمام مائدة كبيرة من الأسئلة له ولها، قال إنّك تشكّلين مساحة خاصة في قلبي وهذه المساحة زيّنتها بابل، ما أجمل القلب حين تشوّهه البثور، ما أجمل الجدري اللاصق في القلب، إنّه يؤمن بالخراب الجميل، لأنّه قاده إلى المعرفة والتهذيب.. يعرف نفسه تقوده إلى عدّة أسئلة منذ ذلك اليوم الشتائي وحتّى هذا اليوم، ماذا دهاه ذلك المعسول / المهموم / الراكض أبداً – خلف الشعر.. آه الشاعر (القديس) إنّه يحبّ الشعر كما يحبّ المرأة التي تسكن تحت جلده. هكذا تقوده نفسه ويقول ماذا دهاها سكن المرأة التي تبحث في بطون الكتب من أبطال الروايات الأبطال المغامرين في قصص الحب، بل إنّه يؤكّد لنفسه إنّها كانت أو ربّما تبحث عن بطل لروايتها المؤجلة.. أليس كذلك بالله عليك، لا يدري كيف قلبك؟ هل زال مليّاً بالخراب الجميل.. لا يدري كيف عينيك؟ هل لا زالتا تسحر الشعر أم ذيلت من الإنتظار الطويل، أمنيته أن يخرج من قلبك ويضعه بين يديه ثمّ يقرأ حرفاً حرفاً...،

يقترب منه مقتلاً ويدعوه للنطق، يريد أن يخلق منه قدّيساً كالقدّيسين عدا يهوذا الإسخريوطي.. يا يهوذا الإسخريوطي أتدري ماذا فعلت؟

شكراً للمطر، شكراً لعينيك، شكراً للبحر، شكراً للعدالة، شكراً للكتابة وشكراً للشعر الذي يقوده نحو الترميم شكراً للمرأة ولكلّ عاشق صادق وعاشقة صادقة شكراً للشكر..،