غسان سالم شعبو

على شرفات المستقبل

جريدة (صوت بخديدا) العدد الثاني- ايلول 2003

 

تعالى أفق بخديدا زهواً

فأينعت ربوعها القاً وسلاماً

حملني الشوق للقياها

 إلى مقاعد الدراسة

لأكتب بالطبشور شعراً

وانشد للربيع الحاناً بكل الألوان

*  *        *

هاأنذا أقف بين صفوف البشر

أرنم أناشيد الأمل

حيث الوطن مملوء بالقناديل

فوداعاً لمرارة الأيام الثكلى

ومرحى للصباحات الخديدية

وهي تفترش شعرها الربيعي

بين الأزقة القديمة .. تبتسم للضياء البهيج

انها تبدو صافية كدجلة والفرات

زاهية كوادي الرافدين

كرونق العذارى والصبايا

وهن يفترشن مساحات الفرح

على الأبواب والسطوح و( مقرتايا )

اليوم نعود كالأطفال نغني ..

نداعب تخوم البراءة

ونبتسم للنهارات البهية

على شرفة المستقبل الجديد

 

 

نص ..  حكاية من لوح سومري

غسان سالم شعبو

عزمت على الرحيل في غابة التاريخ سائحاً بين الحكايات ، انحدرت نحو كهف مغلق .. لمست جداره المؤثث ببيانات مسمارية وتفاصيل عنقودية منقوشة ببراعة ، اخترقت الجدار كمن يريد ان يدخل التاريخ خلسة ، وبين دفتيه شهب جمعتها من قصص العرافين وأساطير الأزمنة الغابرة ، لمحت قيثارة تتربع على منصة ملوكية ، وفي لحظة دوى صدى السنين بلحن الشعوب المنسية حاولت الصعود نحو المملكة والتعرف على أزقتها ومعابدها والنيل من حكاياتها . اخترقت أناملي أوتار القيثارة ، وبلحظة سحرية كنت في سومر احاكي الزقورة .. أتصفح سفر انكيدو وكلكامش وهما سائحان في الغابة ، يتصارعان وسط الطريق ، يجالسان العشب والطير تحت الشمس .. يقتسمان أشعتها المرمرية بعد عناء المسير.

نداء بعيد يشرق في المكان يعكس معنى اللقاء ، تتلظى مرايا الخلود في الأفئدة العطشى ، يتمطيان خمبابا .. يصرعاه .. يجتازان ممرات الذاكرة ، يلاحقان الحلم البعيد .. كتب كلكامش لوحاً يوحي بالنداءات المختلجة في غابة الأرز .. نفخ انكيدو بقرن ثور فاشاح بوجهه للموت .. زعق نسراً محلقاً ..هاجم حمامة بلهاء .. وقف كلكامش مشدوهاً أمام ثمرة الخلود مجنوناً بها تلقفتها الأفعى في غفلة من الزمن ، هضمتها امتصت كل الزمن فركب عقله هائماً .. دقت طبول الرحيل .. مات انكيدو وضحكت الأفعى من جوفها وبإيماءة تسمرت في واجهة البوابة إلى الأبد .. ظل كلكامش مستغرقاً ساخراً من فطنته وتأهب ملتحفاً رداء العودة .. فانشق الحجاب الرخامي ، واخترقت السحب جزر الضياع .. واخيراً سمعت نداء الآلهة فاندفع الدخان نحو السماء ووثب بقيثارته الأزلية يعزف لحن الوداع .. انتهت حكايتي ولم اصل غايتي بعد ..