لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

خالد داود يوسف

هل الوطن بحاجة لمعجزة ؟

 

مرت الاعوام والامل المزروع في القلوب يتوارى تدريجيا ، والسؤال يتردد الى متى يعاني هذا الوطن من الزلزال والاعاصير المهلكة والمدمرة من غزوات وحكم الغير واستعمار بانواعه، سفينة في بحر تلاطمها العواصف والزوابع الشديدة والرياح العاتية ترفعها الى الاعلى وتسقطها ،مرة تفقد جزء من ركابها ومرة تتحطم سارية من سواريها واذا هدأت العاصفة اشتدت عزيمة اهلها فبنوا واصلحوا ما تهدم وشدوا الاحزمة وكأنهم شخص واحد لايفرقهم دين او عرق او لون تراهم كخلية نحل عتيقة في عمق جبل يصعب الوصول اليها.

وطنٌ كثيرة خيراته ولكن مع الاسف آلامه واحزانه اكثر، فنصيب انسانه من الخيرات لاتكفي له ان يعيش يومه ولاتسد عوزه ولكن نصيبه من الالام يوازي نصيب مئات من البشر، واذا اردنا ان نسرد التواريخ لاثبات ذلك لتعبنا اكثر واحتجنا الى مجلدات ومراجع وتواريخ لنسجل كل واردة وشاردة ولكن لو اقتصرنا على الخمسين سنة الاخيرة لكانت الصورة اكثر وضوحا لاكثر من هم في الحياة الان ولاتحتاج الى اثباتات ومراجع.

بعد هدوء في حكم الملكية وبداية اعمار بطيئة وبامكانيات قليلة لوطن كان ممزقا ومتعبا  وشعب يعمه الجهل وتخيم عليه ظلامات كثيرة تأصلت في اجياله بسبب تغليف العقل وتحديد التفكير وفقدان الحرية التي كان يتمتع بها وبواسطتها بنى اول حضارة وسن اولى الشرائع التي لاتزال مفخرة للبشرية.

الشعب الفقير يحلم بالسعادة ومن حقه، واذا زلزال هز البلاد بانقلاب سمي ثورة فجاء البديل وكثر الكلام ها سيتبدل الظلام بالنور بلمحة بصر وبخط قلم وبدأ طريق آخر وتحركت الاطماع الجديدة من الجهات الاربعة للارض.

الشعب الجائع للعلم والحرية وينتظر لقمة دسمة ليسد جوعه ويملأ بطنه  فالاب يريد ان يتعلم ابنه ويحقق مأربه الذي لم يتمكن ان يتعلم كتابة اسمه والمريض يريد علاجا سحريا ليُشفى من مرضه وكل ذلك دفعت عجلة التخبط الغير مدروسة ومبرمجة وما سارت هذه العجلة حتى اصطدمت بتيارات عديدة ابطئت حركتها ان لم نقل اوقفتها فبذلك خسرنا سابقتها في ذلك الحكم البائد التي كانت تسير ببطء وبامكانياتها المحدودة بآمان، فكان انقلاب وراء انقلاب ومظالم يخزى لها الجبين لان الاخ يقتل اخاه وسحل البشر في الشوارع وازداد الجوع بسبب ازدياد السكان وقلة الموارد وحرب شركات النفط ومرت الايام ببطء وقد نقول ابطئ من السلحفاة والعالم يتقدم ويتغير يوما بعد يوم واما الوطن واقف عند نقطة الصفر.

واذا بانقلاب 1968 م وتمنى الشعب ان ينعم بالاستقرار وبزمن جديد ولكن الايام سارت بتحسن في اول الامر وازدادت الواردات النفطية بعد التأميم بكثرة بسبب ارتفاع اسعاره وطلبه المتزايد عالميا، فصار نوع جديد من الاعمار لصرف جزء قليل من هذا المال والباقي خزن لخطة قد تكون مجهولة الا ان وقع الحرب بين العراق وايران وكل قارئ يعرف ما حدث فالكلمات لاتعبر عن اراء الجميع فكل انسان يعبر عن ما يخالج  في نفسه لانه عاش هذه الفترة والمآسي كثيرة.

ان الحرب دمار وخراب لطرفي الحرب كما نعرف وهذا ما حدث  وكذلك توقف لعجلة التقدم في البلد المحارب وكثرت المشاكل المتنوعة بين ابناء الشعب كل ذلك كان بارادة دول كبيرة تريد الخراب للمنطقة بالذات والعراق بالخصوص.

كثر الايتام والارامل وما اعظم من آلم فقدان الشاب العزيز عليك وانت تحلم السنين به ان يكون عونا لك في الكبر وبذلت كل ماهو مستطاع من اجله،

ثمان سنوات اكلت الاخضر واليابس ولو صرفت تلك الاموال على البناء والعمران لاصبح العراق جنة الاحلام وفردوس الانعام، وما ان وضعت الحرب اوزارها حتى بدأنا بحرب اخرى مخطط لها من جهة ما، آه والى متى؟ وكان ماكان من السيناريوات وحدث ما يعجز القلم عن وصفه ، ثم ثلاثة عشر عاما من الحصار القاتل والظالم مات الطفل البرئ وتألم العجوز بمرضه ولا علاج ولا دواء، الشباب يساقون الى جندية منهكة بميزانيتها وباداراتها تسودها الرشوة والمظالم ، كل ذلك مهد السبيل للمخطط للدخول الا هي قوة عالمية، بالاسم عظيمة ،ولكنها ضعيفة بالحق والعدل ، هدف تحقق بالاستيلاء على مهد الحضارات لتمحو وجوده من الخارطة

وتدمر باهوائها وتنهب وتسلب ما هو ليس لها وهذا ليس اتهاما بل حقيقة اصبحت واضحة للمنصف العادل للحق ، ها ان القاتل يتقدم الجنازة وعملائه يسيرون وراء الجنازة ويهتفون بد يمقراطية القتل، خمس سنوات من الامتحان ولم يتحقق شئ بل كل يوم نخسر شيئا جديدا حتى بدأ يتمنى بعض الناس تلك الايام بالرغم من سوءها وكثرة مظالمها.

شعب مُتعب من سنين الحرب والحصار بحاجة الى الامان كحاجته للهواء شعب عطشان للسلام كعطش السمك للماء شعب يريد الحرية والعيش كباقي شعوب الارض مستغلا امكانياته البشرية وموارده الطبيعية ويثبت للعالم انه ذلك الشعب الذي يحكي عنه التاريخ والقطع الفخارية كتب اجداده ونصب مسلاته بانجازاته وشرائعه. واذا الوضع يزداد سوءا بداية منذ خمس سنوات وحتى الان ازدادت المنافسة للغلبة والثأر وتهميش الاخر والسعي نحو شطب اسمه من السجلات  وسلب حقوقه في وطن عاش اجداده منذ عشرة الاف سنة وتهجيره الى المجهول وكأننا في ايام تيمورلنك الظالم وغيره من القتلة اعداء الانسانية،  وما الفرق اليوم عن الامس؟

حالة حتى هو اسوأ مما يروج له عتاة المتشائمين فالابواب مفتوحة ومشرعة للمغامرين والمقامرين على الانفجارات والانتحارين الحالمين بالجنة، كما ان رائحة التفكك والاضطرابات يسيرها عوامل عديدة كالعمالة والمذهب والتحزب وغيرها وكل جهة تريد ان تأخذ اكثر مما تستحق على حساب غيرها، اين هم قادة السفينة في هذه البحار الهائجة وامواجها العاتية لقد طال امدها وما بال الضمير العالمي اهو في اجازة نوم  طويلة كنوم اهل الكهف ولماذا العراق وحده اهو من دون المنطقة ضحية! ولمن؟ والى متى تبقى الحكمة والعدل بعيدة عن ادارة البلاد وابعاد الشخص المناسب من مكانه واحلال شخص اخر لايعلم ما هو مطلب الوطن منه في هذا المكان لكي ينجزه ويصلح الخراب السابق لا ان يزيده خرابا، لست ادري اهو ذنب هذا الشعب المسكين العاشق للحرية والتحرر ام ذنب الغازي الجديد الذي كان من واجبه منذ البداية ان يثبت الامن والاستقرار اولا لبلد احتله وسيطر على كل صغيرة وكبيرة فيه ولا يترك مطحنة الموت تعمل لتسحق ما تبقى من شعب صارع الظلم والحروب والحصار.

اننتظر اكثر مما انتظرنا ونبقى نحلم بآمل وطن متحرر وملك لجميع ابنائه لاتميز لاي سبب كان ام ننتظر معجزة لذلك ونحن مكتوفي الايدي ومعصوبي الاعين وفكرنا في دوامة الجهل والتخلف والعالم يسير بعيدا عنا في حضارته وتقدمه وانجازاته لست ادري انما الايام القادمة ستشهد لذلك ولناظره قريب .

 

 

 

28 / 9 / 2008