لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

خالد داود يوسف

 

كاهن فلاح

 

 

كان جدي فلاحاً يحرث الارض ويزرعها وعندما اختاره الاسقف ليرسمه كاهنا

قال له جدي:

اني فلاح لا اعرف غير الفلاحة واليوم كنت في ارضي التي في سفح الجبل التقط الحجارة الصغيرة واحضرها لكي ازرعها خضرة الصيف ( بطيخ وترعوز وعباد الشمس)

فقال له الاسقف:

اني اخترتك لترسم كاهنا فلاحا في حقل الرب  كما اختار يسوع المسيح صيادي الاسماك تلاميذاً له وجعلهم صيادين للبشر وقال لهم : " لم تختاروني انتم ، بل انا اخترتكم واقمتكم لتذهبوا فتثمروا ويبقى ثمركم  فيعطيكم الاب كل ما تسألونه باسمي ، ما اوصيكم به هو أحبوا بعضكم بعضاً."

 يو 15 / 16 ـ17  وارسلهم اثنين اثنين وقال لهم ايضاً:

"الحصاد كثير ولكن العملة قليلون... اذهبوا لاتحملوا كيس دراهم ولا مزودا ولا حذاء" .

نعم ياجدي هذا صحيح وقد وقع عليك الاختيار فانت كاهن فلاح  كنت تصلح الارض بالتقاط الحجارة منها وتقلع شوك الخرنوب والحسك وشوك العاقول وتحرثها وتجعل تربتها ناعمة هشة  لتستقبل الرطوبة وتسمح لجذورالنبات بالتجذر في اعماق التربة وتعطيها سمادا قوة لها وتبذر بذاراً نقيا خاليا من الزوان وبذور الادغال هنيئا لك لانك تحب ارضك وهكذا الكاهن فلاح يطيب النفس والجسد ويُصلح الانسان ويجعله انسانا ابنا للكنيسة بعد ان علمه وهذبه ونقاه من الخرافات والافكار الرديئة ونقله من الجهل الى معرفة حقائق الخلاص والوصايا الالهيةوصار يفكر بعقله بهدوء وتروي وهو يرتوي من ينابيع الانجيل واعلان كلمة اللـه فتنمو المحبة فيه وتعطي ثماراً لاخيه الانسان القريب منه ويتعايش بسلام وتكون اعماله صالحة  فيصير معروفا بانه تلميذ يسوع المسيح .

فقال جدي:

عظيمة هي مهمة الكهنة وعظيمة رتبهم فلقد اُعطي لهم ما لم يعط للملائكة ها هم يقيمون الذبيحة وتقديس جسد المسيح على المذبح والملائكة تُسبح وتُمجد فوق رؤوسهم وحياة الكاهن حياة الصليب المتألم انها بحق خدمة واتضاع وحب ومحبة  تؤدي الى الفداء، وهذه الخدمة هي مشاركة يسوع في طريقته كموته وقيامته لان الرب قال :

"بل من اراد ان يكون كبيرا فيكم فليكن خادما ومن اراد ان يكون الاول فيكم فليكن عبدا ، لان ابن الانسان لم يأتِ لم يأتِ ليُخدم بل ليَخدِم ويفدي بنفسه جماعة الناس "  مر 10 / 44

ان غبطتكم يا ابي الاسقف تُحملني ثقلا وتقيدني بقيود مربوطة بوثاق من المسؤوليات واكون متحلياً بجميع الفضائل واعطي للاخرين مثال السيرة الصالحة ويصبح واجبا عليَّ البلوغ الى القداسة وانا اعيش بين شعب ليس كله من  ابنائي واني فلاح واب لاولاد ومتاعبي كثيرة في هذا الزمن الصعب ولكني اطلب مترجيا صلوات امنا العذراء وصلوات القديسين وصلواتكم لكي استطيع ان اسير في هذا الطريق طريق الفداء.

فقال الاسقف:

لك الحق ياابني الفلاح وانا اقول لك ولكل ابناء الكنيسة  تمسك بالارض تمسك بالارض وتمسك بالارض ولا تتركها للغير لان الرب جعلها لك نصيبا وميراثا ليعيش عليها ابنائك فاذا لايوجد ارض لا يوجد ابناء مؤمنين ولا نستطيع ان نبني الكنيسة ولا يعلو بنيانها وشأنها فالفلاح بدون الارض لا يعيش ومصيره الموت وكذلك الكاهن بدون الارض لا وجود للكنيسة وابنائها ، فالارض حقل الرب فلنحمي نصيبنا وميراثنا في هذا الحقل ونخدمه بكل طاقاتنا ليصير فردوسا ارضيا هبة من خالقنا

واستمر الاسقف بالكلام فقال:

يا ابني الفلاح الرب يناديك كما نادى صموئيل وكانت دعوته نبوية ليصبح قاضيا عظيما في شعبه ، ادخل في حقل الرب فهو يعمل في حياتك وانت تعمل في كنيسته وبمحبته سيمتلئ قلبك ومنها تفيض لابناء الكنيسة وتكون اداة في يد الرب اداة مائتة عن نفسها ونشيطة به ومن اجله وحركتك منه وفي سبيل هدفه كما يقول بولس الرسول لاهل فيليبي:

"فان اللـه هو الذي يعمل فيكم الارادة والعمل في سبيل رضاه فافعلوا كل ما تفعلون من غير تذمر ولا تردد لتكونوا بلا لوم ولا شائبة وابناء اللـه بلا عيب في جيل ضال فاسد تُضيئون فيه ضياء النيرات في الكون متمسكين بكلمة الحياة لأفتخر يوم المسيح ." فيليبي2/13

ويقول ايضا في نفسه بثقة "فما انا احيا بعد ذلك بل المسيح يحيى فيَّ ".

لاتخف من الصعوبات فالرب معك ويتبعك في ذهابك وايابك فانت اليوم تقدم ذاتك ذبيحة على هذه الارض كجدك هابيل الاول الذي كانت تقدمته من ابكار غنمه ومن دهنها فنظر الرب اليها وقبلها ولكن اخيه القاتل قاين وثب عليه في الحقل وقتله ففتحت الارض فاها لتقبل دمائه وصار ضحية وقربان حق للعدل الالهي فصدر الحكم على القاتل ، فكن بارا كجدك هابيل على ارضك وبين ابنائك.

 يا ابني الفلاح انت تحفر قبراً للبذرة وتدفنها لتموت في الارض وتعطيك ثمرها فكن انت ايضا كبذرة تحتضنك ارضك التي تحبها فتموت لتمنح الحياة لغيرك فليكن في حساباتك بانك مستعد لذلك كما سبقنا قوافل الشهداء والاباء الذين قدموا انفسهم و اجسادهم وبذلوا دمائهم قربانا لمجد يسوع المسيح لاننا نؤمن بان في الموت تكون القيامة والحياة.

نعم يا جدي ان التقديس لله يشمل تقدمة الحياة بقدر ما يلزم حياة الانسان وعمله في تمامها وتكريسها بالحق بالهبات الممنوحة" ليس مترجيا مجدا آتيا من الناس بل المجد الآتي من اللـه" يو 12/ 43  فهو يخدم ويتبع سيده كما قال يسوع "من اراد ان يخدمني فليتبعني وحيث اكون انا يكون خادمي ومن خدمني اكرمه ابي "  يو 12/26

اخدم يا جدي كاهنا وامسك محراثك ولاتنظر الى الوراء وازرع ارضك التي ورثتها من ابائك مع ابنائك  وتمسك بها فهي كالام للانسان وليكن منجلك في يدك تنتظر يوم الحصاد لتكونوا مع الحصادين تجمعون الغلال وتتلذذوا بجهودكم وبركة ابوكم السماوي لان اجدادنا زرعوا ونحن حصدنا والان نحن نزرع ليحصدوا .

نعم اننا من حصادي الازمنة المتاخرة الذين يحصدون مازرع غيرهم وكلفهم اتعابا وآلاما بداية بالانبياء ويسوع المسيح  والرسل والشهداء والاباء  وقد ارسلك الرب الى الحقل في الساعة الخامسة بعد الظهر من النهار لتعمل متعاونا ومكملا لمن سبقك لتنال اجرتك معهم ومثلهم لا زيادة ولا نقصان في نهاية ساعات المساء كما يقول الرب

"ولما جاء المساء قال صاحب الكرم لوكيله : أُدع العملة وادفع لهم الاجرة، مُبتدئاً بالاخرين مُنتهيا بالاولين" متى 20/6

وهنا تمتلئ عجبا من محبة اللـه ورأفته وكرمه الذي لاحدود له ، فافرح لانك اخترت وصرت من المدعويين للعمل في كرم اللـه ولا تدع الذئاب والضباع والثعالب ان تدخل الى الكرم وتمزق خرافه وتصطاد حمامة السلام  والشرير يحرق اشجاره والاشواك تنبت في اطرافه وثم تمد اياديها قليلا قليلا  لتخنق الزرع  المرتوي بماء الحياة واخيرا تُسلب الارض ليلعب فيها البوم وصوت نعيقه يعلو لتجتمع الغربان ويصير لون البستان اسود كليل حالك بظلامه.

هذا الكاهن الفلاح ارضه جنته وبستانه يعلوها الكنيسة وابنائها ومَلِكَه الرب يسوع المسيح منحه قوة واعطاه مهمة عظيمة

هذا الكاهن الفلاح قوته الصليب فهو الارض والمحراث والمنجل والجرجر والمذراة والغربال

هذا الكاهن الفلاح قوته الانجيل فهو غذاء الارض البشارة قدرة اللـه لخلاص كل مؤمن بها وتجعله كاملا بالمسيح

هذا الكاهن الفلاح قوته المعمودية فهي ندى صباح ايام الربيع هي الولادة الجديدة من الماء والروح

هذا الكاهن الفلاح قوته الميرون مسحة الملوك شفاء الجسد والروح وثبات في الكنيسة كثبات النبتة في ارض البستان

هذا الكاهن الفلاح قوته القربان الخبز النازل من السماء يشبع الجياع للقداسة ويروي العطاش للبر

هذا الكاهن الفلاح يدعو للتوبة والغفران فهو معزقة للادران يقلع الزوان والادغال من روح الانسان

هذا الكاهن الفلاح  قوته تكلل العرسان لينموا ويكثروا بنو الايمان ليخدموا اللـه والكنيسة ويفلحوا الارض

هذا الكاهن الفلاح قوته المحبة  لان أللــه محبة يحب الجميع ويشفق على اعدائه  ويدعوهم للسلام

هذا الكاهن الفلاح قوته التواضع والتضحية يفتش عن هولائك الصغار والضعفاء في كل مكان ليسندهم ويخدمهم

هذا الكاهن الفلاح قوته الايمان والرجاء والمحبة لينشر نور الحق والحقيقة ويطرد الظلام ليرى النور بني البشرويعيشون اخوة وابناءً لله .

يا كاهنا فلاحا وانت امام مذبح الرب ، الصليب امامك والصليب على ظهرك ارفع عينيك الى السماء ولتكن نظرتك نحو الاب لتمجده ونحونا لكي نخلص ولامواتنا الراحة ونحو نفسك لتُضحي بها وتصير شريكا في جميع الخيرات وتنال الطوبى التي ذكرها الرب في انجيله المقدس.

"طوبى لأولئك الخدم الذين اذا جاء سيدهم وجدهم ساهرين الحق اقول لكم انه يشد وسطه ويجلسهم للطعام ويدور عليهم يخدمهم واذا جاء في الهزيع الثاني او الثالث ووجدهم على هذه الحال فطوبى لهم "  لو 12 / 37

وكا يقول احد الاباء السريان في هذا القول :

طوبى للعبيد الصالحين حينما يأتي سيدهم فيجدهم مستيقظين وفي كرمه مجتهدين فيشد وسطه ويخدمهم، لانهم تعبوا من الصباح حتى المساء ، فالاب يُتكي خدامه والابن يخدمهم والروح القدس المعزي يجدل أكاليلهم  هاليلويا ويضعها على رؤوسهم ܀

 22 / 9/ 2009

 

اكبس هنا للانتقال الى الصفحة الرئيسية للاستاذ خالد