لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف بغديدا هذا اليوم

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

خالد داود يوسف

قُم فاحمل سريرك وامش ...!

 

لقد تكلمت ياجدي في الحوار السابق وايدت كلامك باقوال من الكتاب المقدس بان اللـه ساهر على كلمته ولايزال ساهراً علينا بعناية ابوية هيهات ان تُقاس عنايته بعناية ارق واطيب الاباء باولادهم فهو تعزية لنا في جميع ضيقاتنا وبالاخص عندما يهاجمنا الموت الرهيب ويقتل روحنا ويسلبنا كل خيراتنا فيخرجنا من الارض عُراة كما دخلنا وتباً لنا في ذلك اليوم الذي فيه تُكشف عورتنا امام الاخرين اذا كنا قد خسرنا حلة المجد التي لبسناها بالمعمودية فنكون كاوراق شجر الخريف اليابسة ساقطة بهبة ريح فتصيرتحت اقدام السائرين. طوبى لمن يرقد بالموت رقادا هنيئا بين ذراعي الآب فله الحق ان يثق بكلمة الايقاظ وهي المحبة ذات الرحمة الفائقة فاذا كان الموت هنا في ليل ارضي سيكون هناك الاستيقاظ في النهار السماوي الابدي .

اردت يا جدي ان اسالك عن موقف مؤثر في مسيرة حياتك لاننا نريد ان نتعلم منك حكمة قد تساعدنا في هذه الايام الصعبة التي نعيشها.

جدي

يا ابني ان الحياة طريق قد يكون طريق القداسة او طريق مثوى الاموات وفي هذا الطريق صراع ترى الزهور والاشواك الحر والبرد الجميل والقبيح الظلام والنور الضباب والغيوم الولادة والموت النهار والليل السماء والارض المطر والثلج والشمس والقمر الجوع والعطش واكوام سنابل الحنطة وينابيع المياه الصحراء القاحلة وبساتين الاشجار والكروم وريح هادئة وزوابع واعاصير فتسير سفينة الحياة في بحار هائجة  تهزها الاعاصير مرة وتهادنها مرة وتصدمها مرة اخرى وتسير بهدوء الامواج نحو الميناء البعيد  وانت تسمع في الوقت صوت نغمات وترنيم من السماء في الاذان كصوت الام التي ترنم لطفلها وهو يحلم في نومه مقمطا في المهد ويتأرجح مهده يمنة ويسرة.

ترى الناس يتراكضون الى الغاية والهدف السعيد وكل حسب ما يسعى اهو عاشق محبة اللـه ! او منشغف باصنام الخلائق وما من يحاكيها فالعالم يصير شيخا ثم يعود شبابا ثم يشيخ، وهكذا والانسان لايزال يؤمل تحسن حالته فالامل يُدخله في الحياة حتى في  القبر  يُزرع الامل ايضا ، وان الامل يا ابني ليس وهما فارغا او خيالا بعيدا يهزا بك مولودا من عقول الحمقى والجهلة بل هو في القلب ينادينا دائما لاننا ولدنا للخير في هذه الحياة والفرح مع الخالق وما ابدعه من مخلوقاته وعقلنا وروحنا الباطنية لا تخدع نفسنا التي تعيش شجاعة الامل ، فالبار والصديق يُبارك والخاطئ يعود بالتوبة الى اللـه لان قبر الموت الابدي ليس غاية النفس الطاهرة التي املها ورجائها ذلك الحب الفادي

حفيده

لقد قلت ياجدي ان العالم يسير والناس يتراكضون نحو الهدف والغاية وكل ما يسعى ويعشق أكانت محبة اللـه ام اصنام الخلائق ، تعال ياجدي وانظر حالنا اليوم اتعس واقسى من البارحة وقبلها بكثير ولو ان الانسان يعتبر الامس كان افضل ويتشكى من الحاضر ويتوق الى المستقبل ولكن للعين نظر وللفكر عمق بالتفكير والامعان  فاليوم  كثر الترويج للاهواء عبر الاعلام المتنوع المرئي والمسموع ضمن ابتلاء الانسان بعشق الحرية المطلقة من كل قيد ادبي فالشرير واصحابه قد زادوا من هجماتهم العتيقة والجديدة الزاحفة على الانسان فينصبون الشباك للشباب اشراك اللذات وياخذونه بمصائد الشهوات مفسدين عليه الدين والاداب والاخلاق بتكثير وسائل الاغراء من تمثيل قبيح ورقص خلاعي وكتب مشحونة طعنا في الديانة والتقوى والفضيلة وكذلك ابلاغ الزينة عند الاناث الى غاية الفحش والعري الفاضح الذي يشمأزه النظر النقي وتتقيأؤه النفس الشريفة مما هو عند العقلاء من قبيل ازدراء الانسان بانسانيتة وخفضه من قدر نفسه والى غير ذلك من وسائل الترغيب والتشويق الى المحرمات الشريفة ويُقسي القلوب حتى تصير كالحديد المحمى يحرق البصيرة والارادة ،

كل ذلك يهدد زهرة الايمان بالذبول واليبوسة وذهاب رائحة الفضيلة ذات العطر النقي ،

يا جدي ان هذا الكلام قد يكون مسموعا او قد يُتهم او يوصف بالتخلف والرجعية ولكننا يا جدي نريد ان نتعلم منك بتوضيحك لنا اكثر وتعطينا مثالا او قصة كقصص الاطفال لمن يقرأ او يسمع الكلمة قد تساعدنا على تعلم حكمة لحياتنا او نور يضئ طريقنا.

جدي

 

ابتسم جدي ونظر اليَّ وهو ممتلئ عجبا لعدم فهمي كلامه مع انه سهل ويسير المعنى ثم قال:

يا ابني في احد الايام زرت مريضا من ابناء الرعية وكان قد اصابه شلل وصار مقعدا في الدار  لا يستطيع الانتقال والحركة فطلب مني ان اصلي عليه فصليت وطلبت من الرب ان يشفيه ويساعده لكي يستمر في رعاية عائلته افضل فقال لي "بابا قس" اي ابتي الكاهن اني احتاج معجزة من معجزات الرب  يسوع  لكي أُشفى كذلك المقعد الذي قال له قُم  احمل سريرك...

فقلت له ان معجزة شفاء المقعد في كفرناحوم وردت في انجيل متى 9/ 2 ـ 7 وكذلك في انجيل مرقس 2/1 ـ 12 وفي انجيل لوقا 5 / 17 ـ 26 ولكن نقرأ الان لك انجيل مرقس ونفسر ذلك على قدر ما ينير لنا الروح القدس " وعادَ بعد بضعة أيام الى كفرناحوم فسمع الناس  انه في البيت. فاجتمع منهم عدد كثير ولم يبق موضع خاليا عند الباب ، فألقى اليهم كلمة اللـه ، فأتوه بمُقعد يحمله اربعة رجال ، فلم يستطيعوا الوصول به اليه لكثرة الزحام. فنبشوا عن السقف فوق المكان الذي هو فيه ونقبوه . ثم دلوا الفراش الذي كان عليه المقعد. فلما راى يسوع إيمانهم، قال للمقعد ياابني غُفرت لك خطاياك. وكان بين الحاضرين هناك بعض الكتبة فقالوا في قلوبهم وما بال هذا الرجل يتكلم بذلك  انه ليجدف فمن يقدر ان يغفر الخطايا الا اللـه وحده . فعلم يسوع عندئذ في سره انهم يقولون ذلك في انفسهم فسالهم لماذا تقولون هذا في قلوبكم؟ فايما ايسر ان يقال للمقعد غُفرت لك خطاياك ام ان يقال قم فاحمل سريرك وامش ؟ فلكي  تعلموا ان ابن الانسان له سلطان يغفر الخطايا في الارض ثم قال للمقعد اقول لك قُم فاحمل فراشك واذهب الى بيتك  فقام وحمل فراشه لوقته وخرج بمرآى من جميع الناس  حتى دهشوا جميعا ومجدوا اللـه وقالوا ما رأينا مثل هذا قط ."܀

لقد حمل المقعد اربعة اشخاص انه رمز للانجيلين الاربعة ليشهدوا لكلمة الحياة ويبشروا بها في الجهات الاربعة من المسكونة فينشروا الخبر الى اقاصي المعمورة ويبشروا بالكلمة جيل بعد جيل الى انقضاء الدهور ثم يقول الانجيل نبشوا عن السقف فوق المكان ونقبوه ثم دلوا الفراش الذي كان عليه المقعد . انهم فتحوا باب السماء بمفتاح الايمان "الايمان هو الحياة" ليطرحوا مرض البشرية الخاطئة المشلولة بالاثام امام ينبوع الغفران الرب  يسوع المتجسد الساكن بيننا على هذه الارض ليفجر مجرى الغفران ويطهر البشرية ، الكل ينظر ليمد يده ويضعها عليه ليتشافى هذا المقعد ولكنه قال له  يا ابني غُفرت لك خطاياك  اي شفيت من امراض الروح وصرت نقيا وقويا لانه المسيح جاء ليخلص البشرية من امراض الروح

اما المعجزة الثانية هي عند البركة في بيت ذاتا  انفرد بها الانجيلي يوحنا  5/1 ـ 18  فنقرأ ذلك : 

"وبعد ذلك كان احد اعياد اليهود فصعد يسوع الى اورشليم. وفي اورشليم بركة عند باب الغنم يُقال لها بالعبرية بيت ذاتا ولها خمسة أروقة يضجع فيها جمهور من المرضى بين عميان وعُرج وكُسحان وكان هناك رجل عليل منذ ثمانٍ وثلاثين سنة ، فرآه يسوع مُضجعا فعلم ان له مدة طويلة على هذه الحال فقال له : أتريد ان تُشفى؟ اجابه العليل : يارب ليس لي من يَغطني في البركة عند فوران الماء فينما انا ذاهب اليها ينزل قبلي آخر . فقال له يسوع : " قُم فاحمل فراشك وامش" . فشفيَ الرجل لوقته فحمل فراشه ومشى وكان ذلك يوم السبت فقال اليهود للذي شُفيَ هذا يوم السبت فلا يحل لك ان تحمل فراشك فأجابهم ان الذي شفاني قال لي :" احمل فراشك وامش" فسألوه من الرجل الذي قال لك : احمل فراشك وامشِ وكان الذي شُفيَ لا يعرف من هو لان يسوع انصرف عن الجمع الذي في المكان ولقيه يسوع بعد ذلك في الهيكل فقال له ها انك قد تعافيت ، فلا تَعُد الى الخطيئة لئلا تُصاب بأسوا ܀

ان هذا المقعد كان ينتظر فوران الماء ليُشفى كالبشرية من قديم لبثت سقيمة ولم يتم شفائها  كانت تنتظر مجئ المسيح المخلص الطبيب والشافي الازلي الذي يشفي مجانا  ليخلصها من اللعنة الاصلية التي اقترفها آدم وحواء الجدين الاولين  ويبرر البشر بفداء نفسه  فالمقعد كالبشرية ينتظر ان يغسل مرض الشهوة المتوغلة في الفجور بماء البركة الفائر ويبرأ ينقي سريره الوسخ والنتن بقروح الخطيئة وسيلانها فرائحته كريهة يشمأز منها حتى الحيوان  ولكن بمجئ يسوع المسيح وهبنا الولادة الثانية بالمعمودية التي تغسلنا  وننال النقاوة والشفاء بحلول الروح القدس فنصير ابناء اللـه .

  لننظر مدى ايمان هذا المقعد وهو ينتظر ثمان وثلاثين سنة لكي يُشفى وجوابه ليسوع بانه عاجز جسديا وليس معين ليرميه  ويغط في البركة ليتطهر ويشفى من مرضه وقت فوران الماء كما انه قال له يارب عندما التقى بيسوع خالق المياه والنقاوة كأنه يقول له مع داود النبي مز 50 / 2 ،9

 "  يا رب زدني غُسلا من اثمي ومن خطيئتي طهرني .

 نقني بالزوفى فأطهر إغسلني فابيض افضل من الثلج"

 فغسله بالزوفى ونقاه فتتطهر من ادناس الاثام فمحيت خطاياه ، فقال له احمل سريرك وامش لان عمل يسوع لا يقتصر على شفاء الجسد  فعلى الانسان بعد ان يتعافى ان يحيا بحسب العطية التي نالها وقد اكد عليه " ان لايعود الى الخطيئة لئلا يصاب باسوأ " كذلك نحن علينا ان نحافظ على موهبة الروح القدس التي نلناها في المعمودية ونبتعد عن الخطيئة وشرورها   

حفيده

يا جدي ان الايمان هو الذي يهب الشفاء  الايمان يُقيم الاموات الايمان ينقل الجبال الايمان يُشفي كل الامراض الجسدية والروحية وهو الذي  وحده يهتدى الى معنى كل المعجزات  وبها يتم تمجيد اللـه.

 كذلك نقرأ في سفر اعمال الرسل ان بطرس رئيس الرسل قد شفى مقعد في باب الهيكل المعروف بالباب الحسن عندما قال له بطرس" لا فضة عندي ولا ذهب ولكني اعطيك ما عندي : باسم يسوع المسيح الناصري امشِ ܀"  . اعمال   3/1 ـ17

بطرس يشفي مُقعدا في اللد اسمه أبيناس  اعمال 9 /32 ـ 35

كذلك بولس يشفي مقعدا كسيح من بطن امه  في لسترة اعمال 14 / 8 ـ11

قُم يا خاطئ واغسل نفسك بالتوبة

قُم من مستنقع الشر و رائحته الكريهة

قُم واحمل صليبك بعد طهارتك وشفائك

قُم وسر بعيدا متسلقا الجلجلة

قُم واصعد كالنسر نحو الاعالي

قُم واذهب الى بيتك الازلي

قُم الى التهليل على انغام السماويين

قُم وقلبك مفعم بشجاعة الايمان

قُم الى اللقاء مع الاب الحقيقي

اسمع النداء فهو يريد ان يلقاك

تعالوا إليَّ جميعا ايها المرهقون المثقلون وانا اريحكم.

احملوا نيري وتتلمذوا لي فإني وديع متواضع القلب.

تجدوا الراحة لنفوسكم إن نيري لطيف وحملي خفيف. ܀ متى 11/ 28 ـ 30

طوبى لمن يسمع كلمة اللـه ويحفظها  ܀  لو 11/ 28

ها قد وصلت الى دارك عبرطريق القداسة ... اميــــــن ܀

خالد داود يوسف 11/ 11 / 2009

 

اكبس هنا للانتقال الى الصفحة الرئيسية للاستاذ خالد