جبو بهنام بابا

 

 الشعراء من اليمين: نمرود قاشا ود بهنام عطاالله وجبو بهنام بابا

 

بنوية النص الشعري السرياني في

(ميسرتا كملتا) للشاعر كوثر نجيب عبد الأحد

صدى السريان : العدد (4) آب  2004

 

إن اللغة السريانية لغة عظيمة وجميلة على مر العصور، وهي اللغة التي نطق بها السيد المسيح  له المجد . وما زالت هذه اللغة في دور التطور والنمو. بعد أن حاول كثير من المخلـصين جادين في جعل هذه اللغة المسلك الوحيد للسريان ، للنطق بها في طقوسهم الدينية وجعلها من أساسيات الحياة ، وخصوصاً في المناهج والدراسات وأدبيات الشعراء وما إلى ذلك.

لقد كتب الشاعر السرياني (كوثر نجيب عبد الأحد) بلغته ألام مجموعته الشعرية (ميسرتا كملتا) الصادرة عن دار أدي شير للنشر والإعلام/ أربيل  2002. متمثلاً بتلك اللغة البديعة الألفاظ ، وتلك الحقيقة التي تقول: بواسطة اللغة يستطيع الإنسان أن يكوّن الحياة ، حيث يذكر الأب (لويس قصاب) في كتابه تاريخ الأدب السرياني :(إن فائدة الآداب السريانية إنما هي من الوجهة التاريخية. إن تواريخها تحتوي على آثار ذات شأَن عظيم. كذلك أن الفخر في إتقان الشعر السرياني يعود إلى الملفان مار افرام الذي ابتدع الشعر من مداريش وميامر وقد سمي عصره بالعصر الذهبي.

تتضمن مجموعة الشاعر (26) قصيدة ، إنها قصائد مطرزة بالهم الكبير ، الذي يلحق بالإنسان منذ الولادة وحتى الوفاة ، استطاع من خلالها الوصول إلى غاية أسمى ، ألا وهي ان الحقيقة دائماً هي النجاح : (أي كره هو ذلك الذي ينهي الحب/ تزينها بالجواهر ويختبئ بقلب مغلق) ص21

إن القصيدة لدى الشاعر ، مؤطرة بوعي رؤيوي ، من خلال نصوصه التي تبحث بين خيال وحقيقة ، متداركاً افتراضه إن للفراق أبعاداً زمنية دخلت في عمق شرايينه وفي فراغاته ، التي كونتها القصائد : (أتى الربيع/ مصور ماهر/ دعوة مرة/ قبل النوم) ، إنها عمق للفراغ الزمني المتجذر فيه بحب صادق لا يعتريه الذهول ، حتى يبقى مباركاً هذا الحب الجميل :(هذا هو ورد حبنا اقدم لك/ لتكون رؤيتي تذكار لفكرك/ بيوبيلك الذهبي يزيدك قوة/ ويذكرك بذلك اليوم الذي أردت) ص7.

إنه يعترف بالحقيقة ويشهد أمام مرأى الكون مأسوراً في نفسه ، مقاوماً لكل الافتراضات حتى يصبح ذبيحة كالندى الطيب ، يبعث برائحته للبساتين التي اعتراها الذبول ، فهو يبذل ذاته لحبيبته ، يذوب في حبها ويسكب كل ما يملك لبناء عالم تراجيدي من خلال بركة ليصمم منها سوراً قوياً وحصناً منيعاً : (خذي لك مقياس/ أعطى ثمار/ لها عملت ذبيحة كاملة/ وهي كالندى الطيب/ لتبقى مختومة بوجهك المضيء) ص 58.

إن وعي الشاعر وإدراكه لواقعه وامتداد بصره ، يجعله يعشق الحياة الذي بنى عليها أماله ، واجداً من خلال بحثه عن الذات الإنسانية بكل حنان رغم ما يعتريه من يوتوبيات ملتوية يدخل من خلالها في ارخبيلات تاريخه الكبير وحبه لمدينته الحبيبة (عينكاوة) المدينة الجميلة تراثاً وأمة : (هذه هي قصتي/ أنا أمة البركة/ قد تركني عزيزي/ وحيدة بدون بشر/ دعوت بصوتٍ مرير/ ولم يسمعني أي إنسان/ أنا عينكاوة الحلوة/ أم لكل كل المناطق) ص 22.

إن نصوص الشاعر: (دعوة مرة/ يكفي الافتخار/ الخروف الضال/ خيال الشاعر/ كان حلماً/ انا عطشان/ لا يوجد من يسمع/ لست كاذباً) ، هي نصوص يمتزج فيها غبار المحنة والتيه. فهو يجعل الإنسان دائماً في محنة مع ذاته مصوراً بذلك تلك الثيمات البنيوية  لماهيته الإنسانية وأحلامه التي لا تنتهي برؤية ضبابية غير مستقرة.

إن المشاعر والأحاسيس التي يمتلكها الشاعر (كوثر نجيب عبد الأحد) تحتوي على صور مفعمة بهالات حب ، تطرز لغة القصائد، متداخلة فيها فضاءات رؤيوية ليُكتشف في قصائده انها قصائد معبرة وحقيقية ، ذات نكهة لغوية سريانية جدلية بين الإنسان وحياته وواقعه الذي يتنفس منه مصاغة بنسق جمالي مضيء.

 

الأقمار تغتسل في المغيب
للشاعر جبو بهنام بابا صدرت مجموعته الشعرية (الأقمار تغتسل في المغيب) 2004 احتوت على (16) قصيدة استهلت بنص يقول : (من قناديل الرغبة / تطل علينا/ فرحة الرب/ تمخر عباب القلب/ إن الحياة قد ارتوت / من نبعك الخفي) ، لقد صيغت القصائد باسلوب شفاف وواقعي .صمم غلاف المجموعة الفنان ثابت ميخائيل . وللشاعر مخطوطات ستصدر قريباً منها: دراسات في الشعر العراقي المعاصر و مجموعة شعرية باللغة السريانية بعنوان ( بخديدا وردة بريخا) والشاعر من شعراء بخديدا الذين واكبوا الأدب منذ منتصف السبعينات ونشر قصائده ومقالاته في اغلب الصحف العراقية .